الخميس، 26 مارس 2015

إلى اللانهائية .. وما بعدها



كام مرة هنعدي من جنب حد هنموت ونتكلم معاه بس نبص في الأرض أو في الموبايل ونعمل نفسنا مش واخدين بالنا علشان مش هنقدر نتكلم وكل الكلام اللي في الدنيا هننساه، حتى هننسى إن إجابة سؤال "إزيك" بتبقى "الحمد لله" .. أو الرد على "شكرًا" بيبقى "العفو" .. ؟
كام مرة هنبُص بحسرة للحاجات اللي مش في حياتنا ونقول معلش فترة وهتعدي، دي حاجة مؤقتة كده بس هنصبَّر نفسنا بيها دلوقتي لحد ما نبدأ حياتنا اللي بنحلم بيها بقى .. وتعدي الأيام والأسابيع والشهور والسنين ونلاقينا عيشنا الحياة كلها زي بالظبط ما كنا كارهينها -من غير ما ناخد بالنا- علشان كنا معتبرين إن الوضع ده مؤقت وإن دي مش حياتنا .. ؟

كام مرة هنغلِّب رأي الناس فينا على رأينا في نفسنا؟ وهنبني رأينا في نفسنا على رأي الناس فينا؟ كام مرة هنحاول نبهر الناس وخلاص؟ كام مرة هنظلم نفسنا بإننا نيجي عليها ونغيَّر فيها بتني الدراع علشان تبقى شبه حد تاني الناس يحبوه أكتر مننا، وتضيع نفسنا مننا وسط الزحمة ولا نعرف نرجعلها ولا نعرف نفضل على الوضع اللي جبرنا نفسنا عليه، فنفضل متشعلقين في النُص مش عارفين إحنا مين؟

كام مرة هنقعد في زاوية كادر المشهد علشان ملناش مكان في الصورة؟ كام مرة هنمشي نكلِّم نفسنا في الشارع علشان مفيش حد تاني نكلِّمه؟ كام مرة هنسيب الحاجات اللي نفسنا نعملها علشان مش لاقيين حد يعملها معانا ويحبها زينا، وهنعمل حاجات مش عايزين نعملها علشان لاقيين ناس بيعملوها ومنتبسطش بيها، بل ونتضايق إننا متبسطناش؟

كام مرة هنوجع روحنا علشان مش عارفين نيجي على حد؟ كام مرة هنوجع ناس بيحبونا علشان مش قادرين نيجي على نفسنا؟ كام مرة هنوعد نفسنا بحاجات مبتحصلش وعارفين إنها مبتحصلش بس علشان نواسي نفسنا؟


كام مرة هنقول لنفسنا "ده مُجرَّد يوم وحش، مش حياة وحشة"؟
أو "إحنا ممكن نبقى مبسوطين من غير الحاجة دي"؟
كام مرة هتصعب علينا نفسنا، ويصعب علينا الناس، ومنعرفش نعمل حاجة لحد فيهم؟

كام مرة هنتساب وننسى؟ كام مرة هنسيب ونقسى؟ كام مرة هنشيل كلام في قلوبنا يجرح علشان ميجرحش غيرنا؟
كام مرة هنفكر نلاقي نفسنا صغيرين أوي .. ومش عارفين نشوف نفسنا .. ونتكسف من اللي ملناش يد فيه .. "ما بأيدينا خُلقِنا تُعساء .."؟


كام مرة هنقاوم قبل ما نقع في حفرة الإكتئاب للأبد؟
كام يوم هنعديه علشان نوصل للي بعديه؟ كام سنة هنعديهم يمكن نرتاح علشان نفهم في الآخر إن مفيش راحة هنا؟

هنعيش كام مرة؟

الأحد، 22 مارس 2015

حوار مع صديقي الحزين


أحيانًا كل ما تحتاج إليه هو أن تقف قليلًا .. تتمهل .. تتنهد .. ثم تمضي في طريقك من جديد.
هذه أحدى محاولاتي المُستمرة -الغير مكتملة- لذلك.

...

مبنعرفش نتكلم عن نفسنا بصيغة المتكلم، بنتكلم بصيغة الجمع، أو بضمير الغائب ..
فيه أسطورة بتقول إن الكلام بالـ"أنا" بيوحي بالأنانية والغرور، بالرغم من إنه معروف بديهيًا إن "كلنا يتحدث عن نفسه" .. القاعدة الغير مُعلنة الأشهر في التدوين.

المفروض لما تكون حاجة مضايقانا في حياتنا نقدر نسامح نفسنا عليها، بمنتهى البساطة بإنها مش غلطتنا.
لو الحاجة دي فيه إمكانية تغييرها يبقى تمام، ولو مغيرناهاش فيه حد أقصى من جلد الذات هتستحيل الحياة بعده.
أما إذا كانت الحاجة دي م الأول لينا يد فيها، فإحنا بشر وطبيعي بنعك في حياتنا، وإحنا ع الأرض مش في الجنة، فممكن نبطل نبص لغلطاتنا بميكروسكوب؟
في الآخر الفرص اللي ضيعتها وكانت في إيديك وسيبتها تمشي مش هترجع، غلطاتك الكارثية مش هتتصلح. ولا أنت هتتعلم برضه. سامح نفسك واقفل الموضوع.

في الآخر برضه، قدرتك على شوف الغلط وتمييزه من الصح كفاية جدًا، حتى لو مش هتعمل بالشوف ده حاجة دلوقتي.
...

كانت الفتاة تخفي إبتسامتها بأناملها ولكنها كانت أنحف من أن تستطيع إخفاء كل تلك الإبتسامة العريضة التي تعلو وجهها، وباليد الأخرى تحمل وردة حمراء ..
يحتمل المشهد ألفي قصة وقصة.


...

في وقت ما كل اللي بنبقى محتاجينه هو إننا نقعد نتكلم مع حد طول الليل ونحكيله كل حاجة في الدنيا وبعدين ننام ونصحى ناسيين كل حاجة.
في وقت ما كل اللي بنبقى محتاجينه هو وجود الحد ده في حياتنا أصلًا، حتى لو مش هنتكلم معاه.
ده بيطرح تساؤل عميق: وهل إحنا هنستحمل وجود الشخص ده؟
والسؤال اللي بيطرح نفسه بعده: أنهي الأصعب؛ نستحمل وجوده ولا نستحمل عدم وجوده؟ تلك هي المشكلة.
كيف تخبر شخصًا ما بإنك محتاج مساحة شخصية كبيرة جدًا حوالي عشر شهور علشان تقدر ترجع تحبه تاني؟ وجايز مترجعش.

...

حلمت برضوى عاشور -الله يرحمها- .. كان حفل توقيع في مكتبة صغيرة، وكنا عدد قليل، ومكنتش ناوية أجيبلها كتاب لكن فجأة خطفت كتاب من على رف (وكان اسمه غريب مش من كتبها) ورحت خليتها توقعهولي، أول ما فتحته كان مكتوب فيه إهداء منها لرضوى طارق، فاستنتجت إن هو ده الكتاب اللي كان ضايع من رضوى (في الحلم كان فيه حاجة كده)، ورضوى عاشور وقعتلي الكتاب برضه! بعدين أخدتني واتمشينا بره المكتبة، وريتني حاجات غريبة أوي وبصمود عجيب ورجعنا .. فضلت أنا مش فاهمة هي عملت كده ليه.
بس اتأكدت إن أحلامي مكانتش منطقية يومها لما حلمت إن فيه نعامة فوق سطح البيت اللي قدامنا...

...

يا صديقي الحزين، الخائف من الحزن والحزين من الخوف، ربما كانت الأمور صعبة بالفعل، وربما كانت سيئة، وربما تسوء أكثر، ولا يوجد ضمانات لحياة مليئة بالطمأنينة والسلام النفسي، لا يوجد صكوك لما يمكنك أن تناله منها.. كل مخاوفك ربما تكون في محلها، ولكن الحزن والخوف، كلاهما، كثير ..
وصدقًا، الحياة لا تستحق أحدهما.

...

يا حبيبي .. شو نفع البكي؟

الاثنين، 9 مارس 2015

جرح متعوِّد عليه*





عند مرحلة مُعينة من كل حاجة، بتاخد قصاد كل حاجة خسرتها شوية حكمة .. مبتاخدش بالك منها إلا لما تعدي من نفس الحتة تاني، وتلاقي نفسك بتعدل النضارة وبتسكت بُرهة من الزمن وبتطلع منك بصوت رخيم حكمة وجودية عميقة.


عند مرحلة مُعينة من الخسارة بتلاقي نفسك مُتقبِل اللي بيحصل جدًا وعارف إن فيه أبعاد تانية للموضوع غير اللي إنت شايفها حالًا بعينك الإتنين -اللي هياكلهم الدود- وبتبقى عارف كمان إن عينك هياكلها الدود. بتبقى متقبل كل الحقايق السيئة في العالم، بتبقى مستعد للحاجات الوحشة اللي هتحصل قبل ما تحصل، وده مش علشان إنت بني آدم متشائم ولا حاجة، ده علشان إنت فاهم.


تقبُّل الحقايق ده بقى شامل كل حاجة، تقبُّل للماضي الزبالة بذكرياته الزبالة، تقبلك لشكلك في المراية من غير ما تتف عليها قبل ما تمشي، تقبُّل إنك بتتساب لوحدَك .. مبتعرفش تعيط .. مبتعرفش تحس باللي بتقوله .. مبتعرفش تقول اللي بتحسه .. إنك خايف .. إنك مش أشطر حد في حاجة .. إنك معندكش حاجات كتير .. إنك أنت.


كُتر الوقوع يعلِّم المشي. محدش قال إنك مش هتمشي متعوَّر في كل حتة من آثار الوقوع دي، وجايز يكون فيه مُضاعفات أكتر من مُجرد تعاوير مالية كل جسمك كمان، بس إحنا هنا ركزنا على الحقيقة الأهم والأدعى للذكر، وهي إنك -في النهاية- هتمشي.


عند مرحلة مُعينة تانية خالص، حقيقة إنك أصلًا هتمشي، وبعدين هتمشي خالص، بتكون قدام عينيك -اللي هياكلهم الدود زي ما قُلنا- طول الوقت. فإنت بتعمل إيه أصلًا وزعلان على إيه يا منيِّل؟


"
دايمًا يحكيلي وبأصدَّق قلبي .."


الناس اللي بيحبوا الحاجات أكتر مننا فيحسسونا قد إيه إحنا منستحقش نحبها. الناس اللي بيسبقونا دايمًا بخطوة واتنين. الناس اللي بيلاقوا في طريقهم بالصُدفة من غير ما يتعبوا الحاجات اللي إحنا بندوَّر عليها وبتطلع عينينا علشانها ومبنلاقيهاش. الناس اللي عينيهم بتلمع. الناس اللي بيعرفوا يعملوا كل حاجة بشطارة. الناس اللي عندهم طاقة حب في قلوبهم مبتخلصش. الناس اللي بيقدروا يكملوا للآخر. الناس اللي بيسألونا دايمًا عن تفاصيل سخيفة في حياتنا بسؤال بيبدأ بـ"ليه؟". الناس اللي بيسألونا أسئلة "ليه؟" أصلًا.

vs.

الناس اللي بيبصوا في المراية الصُبح على عينيهم فيشوفوا روحهم الهلكانة. الناس اللي محدش بياخد باله من شكلهم. الناس اللي كل طلباتهم في الحياة حاجات عند غيره أساسيات في حياتهم مبياخدوش بالهم منها. الناس اللي بيقفوا على جنب الطريق من التعب مش قادرين يتحرَّكوا. الناس اللي مبيلاقوش حد يحكوله، ويفهمهم.


---
*
"
نِشبه لإيــه؟
نِشبه لأى اتنين يحبّوا و ما يقولوش
نِشبه لإيه؟
للى خايفين يحلموا فـ ما بيعيشوش
و مالقوش طريق يتقابلوا فيه
نِشبه لإيه؟
نِشبه حكايات عِشتها
أو حِلم ناقص وانتهى
نِشبه حاجات مش وقتها أو جرح متعود عليه
نشبه لإيه؟"



مصطفى ابراهيم