الأربعاء، 29 أبريل 2015

رفاهية الإكتئاب


مين المخوَّل بالحُكم على مدى جودة سير الأمور وقدرتنا على التحكم فيها، وعنده القدرة على تقييم الأشياء والتنبوء بما سوف تؤول إليه؟
مين اللي المفروض يقول إن كُنا كويسين ولا لأ، لما منبقاش عارفين.
ممكن يكون كوننا مش عارفين إن كُنا كويسين ولا لأ ده في حد ذاته معنا إننا مش كويسين.
طيب بلاش دي.
ليه الدنيا بتكون ماشية كويس -أو هكذا يهيأ لنا- وبعدين مبتمشيش كويس -أو هكذا يهيأ لنا برضه- ؟
إيه المعايير؟ طيب نتحكم في فيها إزاي؟

...

المرحلة دي من حياتي بأعدي بيها كل شوية، كل شوية ألف وأرجعلها، حاجة أكبر مني بتتحكم في مزاجي وبتخليني ساخطة على كل شيء في الدنيا، نفسي كل الحاجات الوحشة تحصل لي، مش عايزة أغير أي حاجة وبأسوق نفسي للتهلكة.
المرحلة دي خطر، خطر جدًا، وكل شوية بترجع وبتعدي بستر ربنا ولسه متعلمتش إزاي أقدر أعديها بأقل خساير مُمكنة، إزاي أقدر أبقى أقوى منها، أغلِبها؟

...

عزيزي السيد ميم،
كنت ناوية أكتبلك جوابات وبعدين اكتشفت قد إيه ده فعل يدعو للشفقة. الحقيقة إني أدركت ده بعد ما معرفتش أكتبلك إيه.

...


26/4

حينما أريد الكتابة، لا أكتب.
حينما لا أريد الكتابة، أكتب.

يومًا جميلًا كالأمس كان يستحق الإلتفات إليه والتوقف عنده والتدوين عنه، لكننا أكثر كسلًا من أن نحتفظ لأنفسنا بتفاصيل سعيدة تبقينا على قيد الحياة ربما فقط لدقائق أكثر من المُقدَّرة لنا.
أما كان لنا أن نصنع بأنفسنا أيامًا مشابهة للأمس؟ لكننا -كما ذكرت- أكثر كسلًا من ذلك أيضًا.

...

26/4

الكادر الأول
واخد الصورة من ورا ضهري، ماشية بخطوات واسعة بطيئة، وعلى وشي تكشيرة مُعتبرة الصورة مش جايباها. على مد البصر بنشوف أمل جاية بإبتسامة واسعة وحاضنة كتبها.

الكادر التاني
واخد الصورة من جنبي الشمال، ظاهر شباك العربية ومن وراه شوارع مصر الجديدة، بيردد محمد محيي بإلحاح مناسب لموقفه "مظلووووووم ..".
فلاش باك سريع لفقرة من كتاب قديم بيجيب فيها عمر طاهر سيرة الأغنية.

الكادر التالت
جايب الصورة من غيري. اتنين بيتكلموا عن حاجات مش فاهماها لأن ده مش الفيلم بتاعي، بس أنا سامعاهم من عندي.
بييجي اسمه. قلبي بيتقبض قبضة عارفاها كويس، وبأخاف منها.

الكادر الرابع
نازلة سلم القسم على وشي إبتسامة عريضة ملهاش مُبرر، بيقابل إبتسامتي وش مش المفترض يشوفها، الإبتسامة مبتعرفش تتراجع بسهولة وبيظهر المشهد وكأنها نتيجة. بيتكرر المشهد بإختلاف الأماكن تلات مرات كمان على الأقل، بس بأخلي بالي كويس إني مكونش مُبتسمة لما بيتكرر.

الكادر الخامس
لقطة من فوق، نازلة على عنيا المغمضة وأنا نايمة، وبيدخل كارد الحلم اللي أنا شايفاه، ظاهر فيه طيفك في منامي.

الكادر السادس
شايف المشهد بعنيا زي ما أنا شايفاه. خمسة واقفين قدامي معرفش منهم ولا واحد. مبعرفش أرد على سؤال حد، فيرد التاني "هتفتكر مين يعني غير ..؟" ..

...


الكادر الأخير
الصورة مجابتش غير نظره، أنا مكنتش في الصورة.


...

28/4

شيماء،
عارفة إحساس إنك بتدوري على حاجة عارفة إنها مبتتلاقاش بالتدوير وبرضه عمالة تعافري في السكك الغلط؟
طيب عارفة إحساس إنك مش معززة نفسك، وإنك شايفاها أقل من أي حاجة حلوة ممكن تحصل؟
إزاي بتتجنبي تشوفيها في المراية .. حرفيا ومجازيا..
عارفة البعد عن ربنا .. لما الدنيا تضلم أوي ومفيش شعلة نور واحدة توريكي الطريق منين، لما متعرفيش إن كنتي عايزة تقربي اصلا ولا لأ.. فتقربي 2 سنتي وتبعدي مترين؟
عارفة إحساس الفشل؟ طب عارفة إحساس الفشل من قبل حتى ما تحاولي؟ عارفة إحساس الفشل في إنك تحاولي؟
حد حكالك قبل كده عن النبذ؟ عن إنك مختلفة .. فملكيش مكان وسط أي حاجة .. نشاز .. بطة سودا .. بيقولوا في الحواديت إن البطة السودا بتكتشف في يوم من الأيام إنها بجعة، وبتلاقي البجع أهلها وبتعيش معاهم .. بس هي النهايات السعيدة دي موجودة؟ طب حتى لو النهايات السعيدة دي موجودة هل هتبقى كفاية؟
يعني اعيش حدوتة طولها متين وخمسين صفحة علشان نهاية صفحة ونص؟ لأ يفتح الله.
انا مستاءة.
مستاءة للغاية.
الدنيا مش فيير بالنسبة لي.
ومس شايفة إني عرفت آخد منها حاجة.
جايز خيابة مني.
بس اللي متأكدة منه إني حزينة، وبائسة، ومفيش حاجة ممكن تفرحني.
مفيش حاجة ممكن اتمناها تحصل علشان الوضع يتغير إلى الأحسن.
وده لو تعلمين شيء بائس للغاية يا عزيزتي.
ده من اكثر الأشياء بؤسا على الأرض.

...

مش عارفة أكتب ..
مش عارفة أعرف إيه اللي بأفكر فيه، تفكيري مشلول، مش عايزة أفكر، أو خايفة، أو جايز مش عارفة وخلاص.
مش قادرة أفهم أنا حاسة بإيه، وعندي مشكلة، ومش عارفة إيه هي.

مين طفى النور؟

السبت، 11 أبريل 2015

العد التنازلي للعد التنازلي



في غرفتي مائة شيء على الأقل لا أحتاج إليه.
أرى أحيانًا كثيرة انني لا أملك شيئًا.
..

عندما أخاف، أطمئن بأنني على الطريق الصحيحعندما لا أبالي، أعرف بأنني قد ضللت الطريق.

..

في أحلامي، لا منطقية على الإطلاق.
من يملكون العالم قد قرروا أن يبيدوه تمامًا ونحن نحاول الهرب، يقودنا "د. هاوس".
جهاز يمكنك من الرؤية بوضوح فور أن تضعه في عينيك ويخرج عندما تأمره بالخروج، ولكنها مؤامرة لإفساد عينيك.
كوبري صغير يربط بين جامعتك في القاهرة وبين الإسكندرية، وهناك عدة أبواب هناك، كلٌ منهم يتيح لك الإنتقال إلى العصر الذي تريده.
أحيانًا تبدو أحلامي أكثر منطقية من الواقع، على الأقل هناك أشياء تحدث.

..

 
الأيام الكثيرة التي تصطف في نتيجة الحائط خاوية، بيضاء بشريطة مائلة زرقاء تعلن الحداد عليها.
أصنع قائمة طويلة، أحسب عدد الأيام بين كل إمتحان، متى يبدأ شهر رمضان؟ متى العيد؟ متى الأجازة؟
لماذا يجب أن أعرف على كل حال؟ لا أعرف، يجب أن أعرف وكفى.
أدعو الله أن أجمع شتات نفسي، وأن أ-survive حتى النهاية.

..

من نافذة الغرفة الصغيرة أستطيع رؤية إنعكاس آشعة الغروب على البناية المُقابلة، وعلى يمينها السماء وقد اكتظت بالسُحب التي تنتظر كل منها إحتكاك بأخرى لتبدأ بالبكاء، وبينما أنتقل بنظري بين شاشة "اللابتوب" والمنظر، يشدو صوت مُحبب إلى نفسي "كِبر البحر وبعد السما .. بحبك يا حبيبي .. بحبك"

..

يوشك العام الدراسي على الإنتهاء .. لست مُندهشة، اعتدت أن تمر الأعوام دون أن أنتبه، فصار الإندهاش أمرًا إعتياديًا لا ضرورة منه. لم أعد أتسائل عن كيفية مرورها أو فيم أفنيتها .. فـ "الدنيا ريشة في هوا، طايرة بغير جناحين." كما تعلم.
 "
مبقيتش بأسأل نفسي ليه الحاجات الوحشة بتحصل، بقيت أسأل لما مبتحصلش، إزاي محصلتش؟"

..

أدعي أنني لا أهتم لرأي الناس، وعندما أسمع آرائهم أجد في نفسي رغبة شديدة في الرد عليهم، ألست لا أهتم لهم بالأساس؟
لماذا أكلِّف نفسي عناء الرد إذًا؟

..

نحن نخشى قضاء أوقات سعيدة لأننا ندرك وقتها كم نحن بؤساء في العادة.
لا نحتمل أن نخوض تجارب ممتلئة بالحياة حتى لا نعلم كم أننا موتى.
نبتعد قدر المُستطاع عن الممكن لأننا نأمل في المستحيل، ولأننا نوقن بأنه مستحيل، لا نرضى حتى بالمُمكن.
ننتظر الأشياء أن تحدث لنا، ولا نسعى نحن إليها.
وكأن القدر سيبعث إلينا بأمانينا لمجرد أننا تمنيناها.
ننتظر أن تكتمل الأشياء ونحصل على كل شيء في النهاية السعيدة.
ولكن النهايات السعيدة هي قصص لم تنته بعد.

..
How miserable we are.
How lifeless we are.



الأربعاء، 8 أبريل 2015

عن النبذ وأشياء أخرى





صباح الخير أيها العالم الدنيء.

صباح محاولات التحايل على النفس، وإقناعها إن كل حاجة بقت كويسة أهي .. أهي. حتى لو مفيش حاجة كويسة خالص. بس إحنا هنعمل زي بتوع التنمية البشرية ما بيقولوا وهنركز على نُص الكوباية المليان، حتى ولو كانت مش دي الكوباية اللي إحنا عايزينها تتملي، وحتى ولو كنا عايزينها تتملي بحاجة تانية، والحاجات اللي جت خدت مساحة نُص الكوباية ومليتها أخدت المكان اللي كانت المفروض الحاجات اللي إحنا عايزينها تيجي تملاه، وبالتالي: مبقاش فيه مكان كفاية للحاجات اللي إحنا أصلًا عايزينها. بس برضه؛ هنبُص على نُص الكوباية المليان ومش هنفكر إنه يا ريته ما اتملى .. خالص.

بالرغم من كمية السعادة الغير مُبررة اللي قررت تغمر اليوم إمبارح على غير العادة، أول ما حطيت دماغي على المخدة وفيه إبتسامة عريضة على وشي، قلبي اتقبض فجأة، واتمرد على الريتم بتاعه وقرر يدق في وداني بسرعة وبقوة( وده بيحصل لما بأكون متضايقة، مش العكس) كأنه بيقولي: اتنيلي على عينيك وبطلي تتجاهلي الحاجات اللي مضايقاكي، لحد ما بقيتي مش عارفة إيه هي الحاجات اللي مضايقاكي. الحقيقة إني فعلًا قمت وقعدت أسأل نفسي: إيه هي الحاجات اللي ممكن تكون مضايقاني؟ وعرفت أعمل ليست طويلة مُحبِطة قد الدنيا
ميكانيزم الدفاع بتاع "يلا ننسى كل الحاجات اللي بتضايقنا فور ما بتحصل" ده أحيانًا بيكون مُفيد، بس اللي بقى بيحصل مؤخرًا إني بانسى الحاجات اللي بتضايقني، وبأفضل متضايقة من غير ما أعرف السبب. ميكانيزم فيه عيوب صناعة مُضرة بالصحة.

إحنا بقينا بنتمنى الحاجات الحلوة اللي بتحصل في حياة الناس يحصلنا زيها، مع إنني مش عايزينها أصلًا، ولو حصلتلنا مش هتفرحنا ولا هتفرق معانا بحاجة. تعريف الحاجات الحلوة بالنسبة لنا اتضرب في الخلاط مع المُقارنة المُستمرة لنفسنا بالناس، وشوية عدم فِهم لنفسنا، مع خوف من الخروج عن القطيع .. وطلعلنا كوكتيل مشوَّه عن طموحاتنا في الحياة.

 
المُهم، بيتهيألي لما ربنا عملنا ونزلنا على الأرض كل الناس لقيوا ناس يعيشوا معاهم، وفِضِل شوية ناس مش لاقيين ناس يعيشوا معاهم فلموا بعضهم وعاشوا مع بعض، بس فِضِل إحساس النبذ ملازمهم ومعرفوش يعيشوا حياتهم بطبيعية من غير ما يحسوا إن الناس الأولانيين أحسن منهم. وجيل بعد جيل فضل الإحساس موجود حتى من غير ما يعرفوا السبب.
بيتهيألي أنا من الناس التانيين دول.

مفهوم "شحاتة الثقة" اللي اتكلمت عنه ريهام سعيد ده طلع حاجة حقيقية جدًا. طول الوقت بنحتاج حد يقولنا إن اللي بنعمله ده كويس وإننا كويسين والحياة مش هتمشي من غيرنا .. بنحتاج حد يجاملنا ويقولنا إن شُغلِنا حلو حتى لو ده مش حقيقي، وبنحتاج حد يقولنا إننا حلوين علشان نصدَّق ده.
الحقيقة إننا طول الوقت بنغلط، ومش حلوين زي ما بنتمنى، والدنيا هتمشي من غيرنا عادي ومش هتاخد بالها إننا مش موجودين في الصورة أصلًا، وإحنا محتاجين نعرف ده ونبقى متصالحين مع الفكرة وقادرين نعرف حجمنا الحقيقي ومنتكسفش منه. علشان إحنا مش هنعرف نعيش حياة القلم الرصاص اللي عاش طول عُمره يحلم إنه يبقى طيَّارة.

وأخيرًا وليس آخرًا، بالنسبة للصُدف اللي بنستناها تحصِل، عُمرنا ما هنتكعبل في حاجة حلوة في السِكة وإحنا ماشيين واخدين بالنا أوي وبندوَّر على حاجة نتكعبل فيها.