(1)
نظرت للسمَاء وكأنها أول مرة ترى عيناها فيها اللون السماوي، فكرت أن لون كهذا لابد وأن يكون لون سماء الجنة، فهو يُشبه الملائكة إلى حدٍ كبيرٍ -في تصورها الطُفولي عَن الملائكة-، وأن الله لابُد وأنـه حِين خلق الأرض ترك فيها أثراً مِن الجنة .. فكـانت السماء.
(2)
تمتلئ الحياة
بالألوان، ربما لا تُلاحظ دائمًا، لكن يمكنك التأكد من وجودها يقينًا في
لحظات الفرح القليلة التي يمتدح فيها الشعراء ألوان الطبيعة وكأنها وجدت للتو. الحقيقة هي إنها فعلاً قد وجدت للتو وقتهـا في أعينهم. الفرح يفجّر الكون بالألوان، التي لا تعرف لها اسماً.
(3)
كـان لديها معتقد لا تدري من أين نبع بأن الله يحب اللون الأزرق على وجه
الخصوص. ولم لا؟ كل جميل في الدنيا لونـه أزرق. السمـاء والبحـر لونهـما
أزرق. لا جميـل في الكـون غيرهمـا على كـُلِ حال.
(4)
لطالمـا
تخيلـت قلبهـا ورقـة بيضاء بحجم الكون ذات زخارف زرقاء اللون. ورقـة كـُتب
عليها أبيات شعرِ وأسمـاء بشر تلـمع بلون الفضـة وتفوح برائـحة، لم تـكن
متـأكدة إن كانت فانيليـا أم كراميـل. وكان لديهـا يقينًا بأنها تستطيع
تمزيق تلك الورقـة في أى وقت لتبدأ بواحدة جديدة خاليـة تمامـاً من أى شىء
.. عد الزخـارف الزرقـاء.
(5)
للألوان معاني أخرى غير تلك
التي يراها مصممـي الديكـور والعلماء أصحاب قاعدة أن الألوان جميعها
إنعكاسات لأطوال موجـات مُختلفة ومحددة، وأن كلهـا ذات منبع واحد وهو
الأبيض الصـامت .. الكئيب.
(6)
الأسود سيد الألوان .. صاحب
الحكمة والوقار والإحتشام والفلسفة. وهو بعيد كل البعد عن شائعـة الكآبة
التي تـُلصق به. هو فقط صديق مُخلص للمحزونيـن، يلائـم تمامـاً شخص فقـد
للتو عزيزاً عليه -أكـان شيئاً أو شخصاً-، لـون يحتضـن القلوب، يملؤها دفءً
ويهون عليـها. لـون حبٌ هو، لا كـآبة. على عكـس الأبيض السخيـف الذي
يلائم تمـاماً مراسم العـزاء. الأبيض هو لون الكـآبة حقـاً.
(7)
ألا ترى معـي أن الأسود والأزرق لا يمكن أن يجتمـعان؟ ولو حـاولت الجمـع
بينهمـا لصرخ المزيج ألمـاً .. وبشـاعة؟ ولطغـى أحدهـما على الآخـر وصرعـه
ليعلن عن وجـوده؟ذلك لأن كل منهـما سيـدٌ، ولا يُمـكن أن يٌعلـن سيـدان في مكـانِ واحدِ.
لهذا أعشقهمـا.
سر جمـال كل ألوان الكون يكـمن في وجودهمـا بشكل أو بآخر، وفي غيـابهمـا من منظور مختلـف، بعيداً عن ما يمـكن أن تراه العيـن.
وكمـا لا يُمكن ان توصف الموسيـقي بكلمـات، ولا الأصـوات، كذلك الألوان .. جمـالٌ متفـردُ لا يقـدر على وصفـه شىء.
29-12-2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق