الأربعاء، 22 أكتوبر 2014

الخوف من التوهة


احنا بنكتب علشان نعيش، ولا بنعيش علشان نكتب؟
...
عزيزي الغريب جدًا/أنت متعرفنيش إطلاقًا، يعني إحنا الإتنين سواء في الموضوع ده -كوننا إحنا الإتنين منعرفش حاجة عني- .. فبالتالي أنا لا هأعرف أعرَّفك على نفسي .. ولا أنت محتاج تعرف عني حاجة أصلًا.

الطبيعي إن الحاجات اللي بتحصل تستدعيني أكتب عنها، لكن الواقع إن أنا اللي بأستدعي أحداث بالكتابة، يمكن تكون محصلتش أصلًا.
مش عارفة ليه مثلًا سيبت العزيمة والإرادة على باب الأسبوع قبل ما أدخله، أو ليه مبقدرش أكمِّل يوم واحد كويسة من غير ما أكون متضايقة لخمسة وستين سبب ملهومش أي أهمية .. بس لأ .. إزاي .. لازم أتضايق طبعًا وأركز على الحاجات الحلوة المنمنمة اللي بتحصل في حياة كل الناس إلايا.
مثلًا تاني؛ أنا ليه معنديش قطة؟ بغض النظر عن إن مفيش حد ياخد باله منها، او إني أصلًا مبحبش القُطط، بس أنا ليه معنديش حاجة حلوة صُغيرة باعثة للبهجة والدفء وتنونو كل ما تشوفني؟
زائد بقى الكلام المتكرر في مية وواحد تدوينة فاتوا عن الوجع واللامبالاة والخوف والقلق .. إلخ.
مثلًا كمان مرة؛ إني مبعرفش أكتب، وإني مبعرفش أعتمد على نفسي في أي حاجة ومحتاجة دايمًا لـ حد ياخد باله مني، وإني بأخاف أعرَّف أي حد أنا مين، وإني مُعقدة ومحتاجة سايكاتريست من أربع سنين ومتجاهلة الموضوع تمامًا.
أنا الأول كنت بأكتبلي، دلوقتي بقيت بأكتب للناس .. وكأن آخر حد كان مُهتم بيا وبيكلمني -اللي هو أنا الحد ده- سابني وراح للناس التانيين برضه.
كل الحاجات اللي  حبيتها مبقيتش بتعنيلي شيء إطلاقًا، حتى أكتر حاجات حبيتها واتعرفت بحبها. كل اللي شايفاه دلوقتي هو حد بأحاول أتعرَّف عليه من أول وجديد -ده اللي هو أنا-، وبأخوض معاه كل التجارب الأولية في كل حاجة، من أول بنحب ناكل إيه ولـ حد إحنا جايين هنا نعمل إيه.
حاسة بالظبط زي ما أكون اتولدت جديد وورثت كل حاجة كانت عندي قبل ما أموت، والمفروض أشيل الإرث ده بكل تعقيداته وغلطاته وكوارثه وأتعامل معاها، حتى الحاجات اللي بيحبها والحاجات اللي بيكرهها، مضطرة آخدها كلها كـ package كده وأتعامل معاها كأمر واقع... بس لأ .. أنا مش دي.
أنا حتى مش عارفة هل طبيعي في المرحلة دي أكون تايهة كده ولا لأ، من غير ولا نقطة بداية أبدأ من عندها علشان أكمَّل، فعلًا مستنية يوم هأصحى فيه فاهمة كل حاجة وقادرة أواجه العالم، بس ده مبيحصلش ولا هيحصل طول ما أنا بأنام بأفكار امبارح وأصحى بيها النهارده.
خايفة أكون شخصية سلبية بتخترع مشاكل وهمية علشان متبقاش كويسة.
خايفة تكون هي دي الـ comfort zone بتاعتي، إني أحس إني دايمًا فيه أزمة في حياتي، وإن الدنيا مش تمام وإني كان ممكن أكون أحسن من كده بس I'm not doing my best.. إني أعلَّق كل الحاجات اللي مش ماشية زي ما أنا عايزة بإن القدر بيعاندني وإن قصتي كلها معاكسات والطبيعي إنها متمشيش كويسة أكتر من chapter واحد.

صعب إن الحياة تستمر من غير حد يكون جدير بإنه يكون وتد يثبتك في الأرض ومش كل شوية هوا يطيروك في حتة لحد ما تتوه ومتبقاش عارفلك أرض، مش سهل إنك تصطنع شغف بحاجات متعنيكش في شيء إلا إنها في نظرك أشياء جميلة تستدعي الشغف.
صعب برضه إن الحياة تتطلب منك أحاسيس مُعينة إنت مش قادر تحسها، زي مثلًا كونك مش قادر تتعاطف في موقف محتاج تعاطُف، أو حتى تضحك في موقف محتاج ضحك.
صعب برضه إنك تكون مبتعنيش حاجة لـ حد، تحديدًا حاجة كبيرة لـ حد بيعنيلك حاجة كبيرة.
صعب إنك تبقى مُطالب إنك تصلَّح كل حاجة بوظتها على مدار عُمرك، وتعالج تشوهات نفسية طلعت بيها من مُجتمع غير سوي وبيت عبارة عن مصح نفسي من غير دكاترة، وتقف في مواجهة العاصفة لوحدك، من غير ما تلاقي حتى كلمتين مواساة لما ضهرك يتكسر.
لأن إعادة البُنى أصعب من البُنى من أول وجديد.
*"مرض (النيوراستينا) أو الإعياء النفسي والإحساس بالتعب والإرهاق الجسدي والنفسي. يشكوا المريض التعب لأقل جهد أو أقل تركيز وعادة مايؤول ذلك إلي فقر الدم أو كسل في الكبد أو نقص المناعة..إلخ. ولكنه مرض نفسي يتميز بهذه الأعراض يتصور من يعانون من أوهام المرض أن الأمراض تساعدهم كميكانيزم أو كأسلوب هروبي لتخفيف حدة القلق المتولد عن إحباطاتهم الشخصية، وعندما تتحسن أو تتعدل تنتظم حياة هؤلاء وتُحل مشاكلهم الخاصة."

كلهم بيمشوا في الآخر، من غير ما أبقى متأكدة هم زهقوا ولا أنا اللي طردتهم .. بس أنا مكانش قصدي إن أخلي أقرب مسافة بيني وبين حد عشرة كيلومتر، ولا أقصد دلوقتي إني ندمانة لأني عارفة إني مرتاحة -نسبيًا- كده.


تصدق إني فعلًا عمري ما كنت مبسوطة..

لا الألم اللازم للتغيير موجود، ولا الدافع اللي يشد للناحية التانية موجود، هنتغيَّر إزاي بس؟


...
عزيزي الغريب، أنا غريبة أيضًا .. غريبة من الغرابة وغريبة من الغُربة، ومحتاجة دليل.

"
وبأقولك إيه، تجيش نعيش؟"


هناك تعليقان (2):

  1. جميل قوي بقى يا هبة!
    وبيني وبينك كده عشان ما تعتبريش إني بجاملك مثلاً، ولو إنه عادي ممكن برضو أجاملك، لاسيما إنك بادئة التدوينة بكلامك عن "الغريب"، الغريب جدًا :)
    ولكن أكتر الحاجات اللي بتعجبنا عمومًا اللي بنلاقي نفسنا فيها، من كام يوم كنت بقرا حاجة فيها إحساس شديد بالتوهان، حد قال لي إنها شبهي !
    مش عارفة دي حاجة تفرح ولا تزعل، بس على الأقل خالص دي حاجة واقعية جدًا .. واقعية وخلاص..
    أوقات بحس الكتابة عاملة زي "قطتنا المدللة" .. أنا برضو ما بحبش الحيوانات عمومًا بس براقب بشغف الأصدقاء اللي بيربوهم وبيتكلموا عنهم بحب!! أنا مش متخيِّل لغاية دلوقتي تربية الكلاب مثلاً .. أو إن صديقة عزيزة تبقى متصورة جنب كلب :) بس الكتابة زي قطتنا المدللة (التعبير عجبني على فكرة) اللي ممكن تفتح لنا طاقة نور مش واخدين بالنا منها، أو تخلي حد يعدي هنا مثلاً فيترك أثر ما .. يعني أي حاجة كده بقى وخلااص !!
    بس أنا عجبتني التدوينة دي، وهقراها تاني كده .. حاسس فيها حاجات كتير شبهي :)

    كلهم بيمشوا في الآخر!

    .
    أيتها الغريبة من الغُريبة :)

    ردحذف
  2. يا إبراهيم ..
    أنت الجميل هُنا :)

    ايه أحسن أصلًا من المشاركة الوجدانية اللي بتحسس الواحد إنه مش لوحده؟
    الواقعية مش وحشة .. مش وحشة خالص..
    التعبير عجبني أنا كمان ;) أنا ممكن أتنازل -شوية صغيرين يعني- عن قُطة، وأهتم بالقطة المدللة بتاعتنا شويتين ..

    بس أنا عجبني التعليق أكتر، وقريته بتاع عشر مرات ورا بعض مثلًا

    كلهم .. دي حقيقة مُطلقة يا إبراهيم، فيروز قالتها "دايماً بالآخر في آخر .. في وقت فراق."

    ردحذف