الأحد، 23 نوفمبر 2014

لما الشتا يدق البيبان



كانت نار العصبية زايدة حبة عن المعتاد لأني فشلت إني أفتكر حاجة مُهمة، إحساسي بإني مليش حيلة وكل اللي بأعمله واللي بأشوفه وبأمر بيه بأنساه .. كان المطر نازل على إستحياء، بعد كده شَّد .. وأنا مش قادرة أقف أشِم ريحة الهوا  وأشوف الناس وهي بتجري مغطيَّة راسها بالكُتب والشُنط، علشان لازم أدخل المُحاضرة في الدَفا.. لو اتسألت بعد كده عن الأوقات اللي الدَفا فيها مبيكونش حنيِّن، بالعكس بيكون أبرد ما يكون .. هأقول كان الوقت ده، لو افتكرت.

يمكن تكون حالة مَرَضية زي فقدان الإحساس بالألم CIPA مثلًا، حالات نادرة اتولدوا معندهمش القدرة على إنهم يحسوا بالوجع -مش عارفة ده يتضمن الوجع النفسي ولا لأ-، مُمكن تفتكرها نعمة وهي في الحقيقة عذاب، فكرة إنك متحسش بالخطر اللي على جسمك، متسمعش جرس الإنذار اللي بيقولك فيه حريقة هنا، إجري، إطلب المطافي.


...

"There's no time limit, stop whenever you want. You can change or stay the same, there are no rules to this thing. We can make the best or the worst of it. I hope you make the best of it. And I hope you see things that startle you. I hope you feel things you never felt before. I hope you meet people with a different point of view. I hope you live a life you're proud of. If you find that you're not, I hope you have the strength to start all over again".


...

لما حسبت الوقت اللي فاضل فجأة اكتشفت إن الأيام جريت، وبرغم إني إكتشفت ده حوالي عشرين مرة قبل كده، إلا إن كل مرة بتكون كأنها أول مرة أعرف إن الدنيا بتخلص، المرة دي حسيت إن "الدنيا دي بتخُم على فكرة".. الأيام بتخلص ورا بعض من غير أي فُرصة إنك تقف تفكر في النُص .. وكل ده بيتحسب من عُمرك. والسنين بتتسرسب من بين إيدينا علشان نلاقينا نطينا من العشرينات للأربعينات إذ فجأةً كده. هييجي يوم من وراك وتلاقي نفسك بقيت أكبر من إنك تقدر تعمل الحاجات اللي أجلتها طول السنين اللي فاتت. ولما ييجي مش هيكون واضح بالطريقة اللي أنت هتبقى مستنيه بيها.
بقيت بأفكَّر نفسي من وقت للتاني بإن اللي بأعمله دلوقتي هو حياتي، اللي بيحصل حالًا هو أحداث الفيلم بتاعي مش مُجرد إعلانات قبليه، مفيش حد هنا هيقول أكشن وتبدأ حياتك اللي مستني تبدأ تعيشها، الكلمة دي اتقالت من زمان، من وقت ما أخدت أول نفس ليك ع الأرض، ومفاضلش كتير قبل آخر نفس.

بيتهيألي كمان لو اتعلمت إزاي أبُص ع الحاجات الكويسة (بس) وأعمل عبيطة عند الحاجات اللي مش كويسة، هأبقى كويسة.
يعني لو كل المخاوف والعفاريت اللي عايشة جوايا طلعت على أرض الواقع أكيد هيبقى فيه جانب إيجابي في الموضوع.
ب
س من بينهم كلهم نفسي أعرف العفريت بتاع كل ما حد يقرَّب مننا نجري نستخبى في أبعد حتة ده. إيه اللي يخوِّف في العلاقات الإنسانية يعني غير إنها مُحبِطة ومتطلبة وخنيقة؟ أيوة يعني إيه المُفزِع في إنها كومِتمِنت سخيف ومتكلِّفة وبتاخد من روحك حتة كل شوية؟
وطبعًا طول ما أنا بأكلِّمني كده عُمري ما هأعرف أبقى بني آدمة طبيعية لزجة بتكلم الناس على إنهم لُطاف في حين إنهم كلهم مُمثلين وكدّابين ومبيعرفوش يمثلوا كويِّس كمان.
ده ميمنعش إني حقيقي نفسي أبقى واحدة عادية بتتعامل بسطحية مع الناس من غير ما تفكَّر في نهاية العلاقات المأساوية والضرر -اللي مبيتنسيش زيه زي كل الحاجات- اللي بتسببه. نفسي أمتلك الجرأة اللي تخليني أحكي عن تفاصيل حياتي التافهة وأعدِّد إنجازاتي الوهمية لأي غريب أقابله في عيادة دكتور أو حد سألته على الطريق في الشارع. نفسي أكون بسيطة كفاية لإني اتكلم من غير وقفات وأرد من غير تفكير وأرغي من غير حسابات لتأثير كلامي على كل فرد موجود في المحيط اللي يسمحله يسمعني ومراجعة حياته في الفترة الأخيرة، ومراجعة إحتمالات تأويل الكلام اللي هأقوله ولأي درجة ممكن يتفهم غلط. أكون بسيطة كفاية لإني أتكلم من قلبي مش من دماغي.
نفسي أبقى رحيمة شوية بنفسي وأشوفها تستحق تتكلم مهما كان اللي عندها مش هيدي أي إضافة للموضوع، تتكلم علشان تعبَّر عن نفسها قبل ما تنساها مع باقي الحاجات.


...

صحيح الشتا مليان بهجات صُغيَّرة كده زي مج الهوت تشوكليت والبطانية وحرارة اللابتوب والدفايَّة والبرتقان وريحة المطر، بس مليان بَرد.


لكني بأحتاجلك ساعات، لما الشتـا يدق البيبان.

---

*الصورة والـ quote من فيلم The curious case of Benjamin Button

الأربعاء، 12 نوفمبر 2014

الكوميديا المأساوية



مُفتتح:
لا أمتلك الآن في مواجهة هذا العالم سوى أن أنفجر بالضحك في وجهه بينما هو يَبُخ السُمَّ في وجهي.
لست وحدي.
كُلنا نفعل ذلك بين الحين والآخر.. كُلنا.
---

"القمر من فرحنا هينوَّر أكتر .. والنجوم هتبان لنا أجمل وأكبر."

الست كانت بتعمل حفلتها كل شهر، علشان الأغاني التقيلة اللي من النوع ده مينفعش تتسمع عمَّال على بطال، بالإضافة لإنها كانت بتعيد في الكوبليهات علشان ترسِّب الأغنية جوه ودان الناس، بحيث يادوب شهر يكونوا ابتدوا يتعافوا من أثرها علشان يسمعوا واحدة كمان.

الأمر الواقع يا ولاد، الأمر الواقع.

أم كلثوم في حفلة سويت نوفمبر كانت بتقوله "أعطني حريتي أطلق يديا" .. وبعدها رجعت في كلامها وقالت "أنساك؟ ده كلام؟ أنساك .. يا سلام؟" .. ووقت ما كنت أنا بأقول "الله عليكي يا ست" .. كان شروق بتقول "الله يرحمك يا ست".

---


كم يلزمك من الليالي الطويلة التي تبحث فيها عن بوابة للإنتقال من العالم المادي إلى الذي يخلقه عقلك الباطن، فلا تجده، لتكتشف أنك بحاجة إلى إعادة ترتيب أدراج عقلك، واتخاذ بعض القرارات المصيرية، أو الأسوأ، الكتابة؟

فيما سبق، كان العالم هو سبب إحباطاتي المُتكررة. تمنيت شيئًا ولم يحدث، انتظرته طويلًا و"رجعت قفايا يقمَّر عيش". أما الآن، فأنا ناضجة بما يكفي لأعرف أن العالم فيه من العدل ما يجعل سبب إحباطي الوحيد هو أنا. لم أقم بواجبي كما ينبغي، لم أحاول بالقدر الكافي، لم أكن على مستوى المسئولية المطلوب، أو لم أفعل شيئًا لأنتظر نتيجة مُبهجة ما.
ربما كانت هذه هي أكثر الحقائق إحباطًا التي اصطدمت بها في حياتي.

تبدو الآن كل المصطلحات التي تملأ قواميس الطالب المثالي، وأوراق الإجابة النموذجية، ليست صحيحة تمامًا. إدارة الوقت، ترتيب الأولويات، الإلتزام، إتقان العمل، "بلا بلا بلا .. ". لا، الحياة خادعة أكثر من ذلك بكثير.

أو كما قال عُمر طاهر على لسان بِرما "يا صديقي الحياة بسيطة جدًا، هي صعبة فقط لأنك لا تصدق ذلك".
وأنا أحاول أن أصدِّق، ولكن الأمر ليس بالسهولة التي يبدو عليها، كما أن محاولة إقناع عقلي بإراحة مفصلي فكي لأستطيع النوم دون مضاعفات من نوعية صُداع أو تشنُّج ليس بالسهولة التي يبدو عليها. عقلي يؤمن بأن الحياة صعبة ومُعقدة جدًا، وبأنه عليه أن يقبض على فكي وكأنني أجُّز على أسناني، دون أن آمره أنا بذلك. إذًا معدتي أكثر طيبة مما ظننت، فهي لا تتمرد على قوانين الطب على الأقل.

والعالم أكثر عدلًا مما ظننت، فـ"الحياة فيها عدل كفاية يخليها تجهزك طول الوقت لحاجات هتقابلها، فلما تقابلها تكون مُستعد لها من غير ما تعرف". ولو أنك تخطيت مشكلة أو أزمة مررت بها سابقًا وتخيلت لو أن الأمور سارت دون أن تتعثر بها، لوجدت بأن الوضع غالبًا كان سيصير إلى الأسوأ، على عكس توقعاتك.

...

أنا مكبرتش لأ، أنا لسه طفلة .. بتستنى حد يقولها تعمل إيه بالظبط، تلبس إيه النهارده، تنام امتى وتصحى امتى، يجيب لها أكل ويخرَّجها ويديها مصروف. طفلة بتحلم أكتر ما بتعيش، وبتعترض على قوانين الطبيعة اللي منها إن اليوم 24 ساعة، ودول ميكفوش كل التو دو ليست بتاعتها.

لازم أعترف إن صوت شخص ما بيوحشني أحيانًا، لدرجة بتخليني أندم إني مسجلتلهمش أيام ما كانوا موجودين زي ما بأسجل دروس الباثولوجي والمايكروبايولوجي كده.
عرفت إني بقالي كتير مسمعتش حد، كنت محتاجة اسمعهم بس
أنا مش قادرة أكتب، مُرهقة، بأسهر على غير المُعتاد وبأكسر قوانين كتير الأيام دي وبأستاء لـ كده، بأخلص مصروف الشهر في أول أسبوع من غير أي خطة لـ "هأقضي بقية الشهر إزاي؟" .. وبأتناسى الأزمة مع أول إقتراح لخروجة أو لما بأعدي على بتاع الكتب.
مش قادرة أحدد موقفي هل أفرح ولا أكمِّل عادي، هل أتبسط ولا أتضايق؟
أنا عارفة إني مش مش كويسة، بس مش كويسة. أنا إن بيتوين.

لازم أعترف بإن في الوقت اللي بأفتكر فيه إن الأمور تحت سيطرتي تمامًا، الأيام بتثبتلي عكس ده. وإني مينفعش أتطمن وأريَّح وأسيب الأمور تمشي كويسة لوحدها.


*أنا مُمتنة ولازم أسجِّل إمتناني، من غير تفاصيل.*

...

الحقيقة: الكلام ده كان مكتوب على 3 تدوينات مُختلفة، في أسابيع مُختلفة، وطلع مش مختلف كتير عن بعضه.

---

تذييل:
لكنك يجب أن تُظهر إمتنانك، وإن كانت كلمات الشُكر قد تجاوزنا مراحلها بكثير، فُان الإمتنان واجب، والتقدير يجب أن يتم ذِكره بأي حال، حتى وإن كان بنفيه.

الأربعاء، 5 نوفمبر 2014

ليل خارجي



I usually don't talk to strangers، بس في نُص ساعة واحدة فيه اتنين قرروا يتكلموا معايا بكل حميمية كأننا أصحاب من عشر سنين.

الأولى كانت بنت ملامحها هادية جدًا، مقدرتش أخمِّن سنها بالظبط، بس كانت راكبة مع بنت تانية تعرفها وقاعدين كل واحدة في حتة، ولسبب ما مش عارفاه سابولي مكان أقعد أنا في النُص، عرفت إنهم مع بعض لأنهم كانوا هم الإتنين بيشربوا ميرندا برتقان ودي مش مُمكن تكون صُدفة كونية أبدًا، كان باين من طريقة لبسها كمان إنها بسيطة ومش مُعقدة في أي حتة من حياتها، الحقيقة بعد ما اتكلمت معايا اكتشفت إن العالم هو اللي مُعقد أوي عليها. كان الحوار كالتالى:
- دي بتجيبها منين بقى؟
= نعم؟
- بتقري ايه .. ده على النت؟
= آه .. لأ .. دي رواية.
- إزاي؟
= بتنزليها وبتقريها على الموبايل.
- هه؟
= دي رواية، بيصوروها وينزلوها على النت وممكن تنزليها وتقريها كده.
- مين اللي بيصوروها؟
= إممم .. مش عارفة
- طيب ولو عايزة أدخل على النت أعمل إيه؟
= بُصي، الموبايل فيه chrome ده ممكن تدخلي منه على النت، بس محتاجة تعملي باقة مثلًا، تكلمي خدمة العُملا وتسأليهم على العروض وتشتركي إزاي وهكذا، ثواني .. رقمهم 333 ..
- وممكن أعمل بيه إيه بقى؟
= أي حاجة إنتي عايزاها، بس ممكن تحتاجي تنزلي applications مُعينة، Facebook, twitter، ألعاب .. أو حتى كُتب. بس هتحتاجي wifi.
- إزاي؟
= مُمكن تكلمي TEData، أو LinkDSL أو تجيبي وصلة من حد قُريب من البيت، الموبايل هتستخدميه غالبًا بره البيت، مش هيفيدك لو معندكش نت في البيت.
- معلش أزعجتك ..
= لأ أبدًا
- هو الواحد بيعرف فالحاجات دي من الكلام مع الناس برضه ..
= أكيد
- طب لو ممكن رقم موبايل علشان أعرف لو محتاجة معلومة.
= إنتي مش محتاجة أكتر من رقم خدمة العُملا، ممكن تكلميهم تسأليهم عن أي حاجة.

بعد ما مشيت، كنت عارفة إن هبة، لو بنت هادية وملامحها مُريحة أول مرة تشوفها طلبت رقم موبايلها في ميكروباص، هتديهالها بكُل ترحاب، وممكن تبعتلها مسجات في الأعياد كمان. بس علشان الصح بيقول إنك مينفعش تدي رقمك لحد غريب متعرفيهوش، هبة معملتش كده. يعني اختارت الصح على اللي هي هتحب تعمله.
تنازلت عن كونها هبة في مُقابل الـ" مفروض".

التانية، على آخر الشارع -القُصيَّر أصلًا- وقفت قُدَّام بتاع الكتب كالعادة، بأشوف الكتب الجديدة اللي زادت عن امبارح، فتتكلم بنت معرفهش تمامًا معايا بكل أريحية وعشم وتسألني:
- بتحبي تقرأي حاجة مُعينة؟
= لأ .. يعني .. مش عارفة.
- أنا بأحب أقرا جدًا، إنتي مبتحبيش نوع مُعيَّن من الروايات؟
= لأ الحقيقة، يعني أي حاجة معنديش مُشكلة.
- طب أرشحلك الجزار و -تشير إلى الروايات اللي جنبها "مخطوطة بن اسحاق"- ودول، بجد تحفة.
= آه ..
-أنا قرأت دول -تُعيد نفس الإشارة على الروايات السابق ذكرها- والممسوس، حلوين أوي ..
= أنا أصـ..
- دي بتحكي عن راجل قتل مراته و .. - ذكرت تفاصيل كتير جدًا أنا الحقيقة مكنتش مُهتمة بيها طلاقًا، علشان كده محفظتش منها غير معلومة إنها كانت بتحكيلي قصة الرواية، وثبتت ملامح وشي على إبتسامة وهز راس وخلاص-.
= طيب بما إنك بتحبي الرُعب وكده، أرشحلك بشدة يعني صانع الظلام، لأنها تحفة، هتعجبك أنا واثقة، وهتيجي بنفسك تجيبي الجزء التاني بتاعها.
- مش عارفة، رواية الجزار بقى بتحكي عن .. - أوبس، مزيد من التفاصيل الغير مُهمة اللي هتستعدي نفس التعبير السابق-.
= اكتبي اسم رواية "صانع الظلام عندك علشان تضيفيها لليست بتاعتك.
وآه، لازم تقرأي لد. احمد خالد توفيق، لازم.

الحوار مستمرش أكتر من كده كتير، لكن في النُص كانت بتتكلم بنفس الوِد ويمكن أكتر مع بتاع الكُتب، اللي تقريبًا حفظ شكلي لأني كل يوم بآجي أتنح قُدَّام الكتب بتاعته. كان بيقول إنها شاطرة وبتخلَّص الكتب بُسرعة، وهي كانت بتحاول تقوله إنها شاطرة أيوة بس مشغولة، وكانت محتارة تختار بين رواية تانية لمحمد عصمت مش فاكرة اسمها، ورواية نصف ميت لحسن الجندي علشان تبقى قرأت أعماله كلها تقريبًا. وأنا كنت مشغولة بعد الكُتب اللي لو ورثت هأشتريهم. هي قاطعتني عند الرقم 15 ومعرفتش أكمِّل عد لأني كنت نسيت أنا حسبت إيه ومحسبتش إيه. بس أنا كنت واخدة قرار إني مش هأشتري حاجة تاني .. على الأقل الأسبوع ده.
في وسط ما احنا بنتناقش في الأعمال الأدبية العظيمة دي، كان فيه ست صُغيَّرة بتسأل "فيه كُتب هنا؟" .. البنت الودودة بزيادة قالتلها إن "فيه روايات.." .. أنا حاولت أفيدها " فيه كتابين هنا، ومذكرات كذا .. " .. الحقيقة الست الصُغيَّرة منتبهتش لكلامي إطلاقًا ومشيت بكُل أسى وهي بتقول " كله روايات طبعًا، أنا كنت عايزة حاجة عن اليهودية .." معرفتش أسمع باقي الجملة لأنها كانت مشيت بالفعل.

المُهم إن أنا عرفت إن فيه أيام بأنسى طاقية الإخفا بتاعتي في البيت، وبالتالي الناس الغُربا بيبدأوا يشوفوني ويتعاملو معايا، وبالصُدفة البحتة الايام دي هي اللي بأكون فيها مُهتمة -لحد ما- بشكلي أكتر من الأيام التانية.
الدرس المُستفاد هنا: إن العالم مش مُستعد يتعامل معاك إلا لو كان شكلك حلو، في الواقع هو هيتجاهلك تمامًا إلا لو شكلك إبن ناس.
عالم بتاعت مظاهر صحيح.
مع إن ريم كان عندها حق جدًا وهي بتقول إن "العالم مش محتاج إني أقعد أستعد ساعة كل يوم علشان أواجهه." لكن برضه، في المُقابل، العالم معندوش وقت يتعامل معاك، إلا لو كنت إنت على مستوى يستحق المُعاملة.

المُهم أكتر، إن إيديا بدأت تلمس حيطان في عتمة التوهة، ورجليا بدأت تعرف خطواتها أكتر من الأول.
هبة الله، طِب بشري، بأكتب، وبأحب المزيكا والحواديت والشخبطة والأكل والوّنس، مصطفى علِّمني إن القراية مش هواية، وأنا عارفة من زمان إن الكتابة مش أكتر من طريقتي الخاصة في الكلام والتواصل الإنساني. باالتاي أنا مليش هوايات بالمعنى الحرفي، بس بأعرف أضيَّع وقتي كويِّس.
عارفة إني بألاقي نفسي وسط عمل الحاجات المُهمة اللي ليها فايدة، واللي بتتقاس بمقياس خاص مُختلف عن مقاييس العالم.

عارفة إني فعلًا بدأت أحب الطِب والتطييب، مش بسبب دكتور هاوس بس، إنما علشان بدأت أبعد شوية وأشوف الصورة من بعيد.

بأتبسط جدًا وبأرضى عن العالم لما أقابل دكاترة مُحترمين في الكُلية يمسحوا آثار كُرهها بأستيكة، زي د.أحمد عبد الرحمن، اللي علشان تعبان صحيًا وأخرنا أربع تيام واحنا لسه في شهر نوفمبر ونبعد عن الإمتحانات ييجي ست شهور، اعتذر إنه يكمل معانا السنة علشان بس ميأخرناش أكتر من كده وميشلش ذنبنا. علشان هو إنسان بكل ما تحمله الكلمة من معنى، إكراهًا من الكلية اللي منعته ينزل دعم للطُلاب في محاضرات، قرر إنه يدي كورسات بشرط إنه ميجبرش طالب يدفع الفيز وهو مش قادر/ مش عايز يدفعها. وبيطلب من طلبة إنها تصوَّر وتسجِّل محاضراته علشان اللي مبيحضرش يستفيد، وبيكتب رسالة إعتذار طويلة -في عز مرضه- يقول للطلبة فيها إنه آسف وإنه بيتوجع إنه مش قادر يكمِّل معانا.
دكتور أحمد عبد الرحمن آسف إنه تعبان. آسف إنه أخرَّنا أقل من أسبوع.
دكتور أحمد عبد الرحمن هو أحسن طبيب شُفته في حياتي، طبيب من الطِب، ومن الطِيبة.

...

على العموم، اكتر حاجة الدنيا بتصمم تقولهالي كل شوية في وشي: "مينفعش تاخدي كل حاجة."
لكني بأضطر أبقى مُمتنة للحاجات اللي أخدتها بالفعل.