الخميس، 18 مايو 2023

أين أنا؟

في كل مرة مررت بضائقة أو حدث جلل في حياتي، لم أجد العون الكافي.
ظننت هذا انتهى.
الحياة كان لها رأي آخر.

..

أترجم معنى الاهتمام في الأسئلة الصغيرة العادية الغير منقطعة؛ وصلتِ؟
أكلتِ؟
نمتِ كويس؟
أخدتِ الدوا؟
بقيتِ أحسن؟
..

كان أكثر ما أحب في علاقتنا أنني صديقتك الوحيدة في العالم.
ولم أعد.

..

على أعتاب الثلاثين، أفتقد انطلاق لم أحظ بكفايتي منه، وآمال لم تتحقق ولم يعد لها مجال، وأصدقاء تبعثروا في البلاد والظروف ولم أستطع مجاراة الوقت بمهارة كافية لنبقى على اتصال.
ولكنني ممتنة لوجود الصغير في حياتي.
يبدو أن وجودي له معنى صغير على كل حال.

 ..


الأربعاء، 15 مارس 2023

٨٪

توشك بطارية هاتفي على النفاذ
ولا أملك ما يكفي من القوة لأنهض وأبحث عن الشاحن 
كذلك أنا
أشعر بضغط الاختيارات
توشك طاقتي على النفاذ
أشعر بضغط الاختيارات
تبدو سهلة وقابلة للتنفيذ، إلا أنها ليست كذلك
لم أشعر حتى بلمحة من السعادة للوصول لما كنت أسعى إليه من عشرة أشهر
أظن المدة وطولها سبب 
وأظن أنني لم أرغب بها حقا
أذكر نفسي بأنه الحمد لله
أقول لنفسي: يا صاحبة القرارات السيئة
وستر الله المستمر
والنعم الكثيرة
يريكي الله فضله طوال الوقت
وتصرين على رؤية النواقص
يا ناقصة الإيمان
كفى طمع 

يا رب كملها بالستر.

أما أنت يا عزيزي آدم،
يا قطعة من روحي
آسفة يا حبيبي أنك بتشوف أيام وحشة معايا
وأنك مش واخد الاهتمام اللي تستحقه
أنا لسه مش فاهماك
.


الأحد، 5 مارس 2023

هل أعود؟

 أتذكر المدونة في ليلة أيقظني فيها الصغير لأنه يريد أن يستيقظ، لا لأنه جائع أو يريد تغيير الحفاضة، بل لأنه يريد أن يلعب قليلا، حسنًا يا صغيري أنا لا أتذمر بالرغم من أنني أرفع رأسي بأعجوبة .. لكنك تستحق ويمكنك أن تفعل ما يحلو لك، الحمد لله أن السهر والتعب في صحة وليس في مرض، أذكر نفسي بهذا دائما بعدما قضينا عدة ليالي سيئة.


أتذكر المدونة، أقرأ سطور قليلة .. يا ربي كم أفتقد التدوين والحكي!

أين ذهبت هبة؟

مازالت الأفكار تتناثر في عقلي وتحدث الفوضى طوال الوقت، ولكن الآن لا مخرج.

ليس هناك وقت كافي لأحكيها، ولا لأكتبها.

فأفكر في العودة، وأقول الآن، في الثانية والنصف بعد منتصف الليل، أفضل من لاحقًا، الذي ربما لا يأتي، لانشغالي في قصة الحضور يوميا في عمل لا أعمل فيه شيئا فقط لأستلم العمل الذي اريده، ولكي أتمكن من بدأ أجازة رعاية الطفل التي تبدو مستحيلة. مع دخول شهر جديد ومتطلبات جديدة للصغير. مع توتر الامتحان الذي نبدأ في التعافي منه. 


ماذا لو عدنا؟ 

هل ننشر ونشارك أم نحتفظ بالحكي في المسودة؟

أريد أن أكتب كثيرا للصغير لكنني لست متأكدة من انني أريد أن أشاركه كل تخبطي السابق هنا.


لطالما وددت أن أطبع تلك المدونة واحتفظ بها، كانت فترة صعبة لكنها مرت بسلام يستحق الاحتفاء. كذلك تلك الفترة، تصبح أصعب فأصعب، لكنها تمر حمدًا لله.


الآن بعدما نام الصغير، وبدأ مفعول الكافيين الذي شربته لأستطيع السهر معه، أجد نفسي في مواجهة الكثير من الأسئلة.


لم يكن الكافيين فكرة جيدة.

وربما أعود بسببه.

الاثنين، 4 مارس 2019

وكيف تصبر على ما لم تحط به خُبرا

تنتهي أغلب مسببات الأذى والضغط النفسي، تبدو الحياة وكأنها من الممكن أن تكون أسهل.
قلبي ليس بخير.
أشعر بالخوف.

ـــــــ

امبارح اللي عدى:

أحيانًا حياتي بتكون زي فيلم سينما مش عايشة أحداثه وبتفرج على نفسي من بره وبأتفاجيء من البطلة وتصرفاتها وبأستنكرها وبأستغربها وبأتضايق منها وبأفرحلها (من غير هي ما تحس لنفسها بكل ده).

تلك هي أول تدوينة أكتبها كطبيبة، أو دعنا نقول كصاحبة بكالوريوس طب، ليس له أي أهمية سوى أنني أفنيت من عمري سبع سنوات من أجل أن أحصل عليه، والآن لا أعرف ما الذي يجب علي فعله.
أعتذر لنفسي، في الماضي، التي جعلتها أن تختار أطول الطرق وأكثرها شقاءً. نعم أنا أكرهك بالفعل، لذلك فعلت بك هذا.
أعتذر لكل من لا أستطيع الكتابة له بعد الآن. أصبحت أسمائكم تحمل معاني سيئة بالنسبة لي.

يبدأ يومي متأخرًا عن المعتاد، أشعر بالذنب.
أترك بيتي لأرى بعض الأصدقاء، أشعر بالذنب.
أشاهد فيلمًا، أشعر بالذنب.
أصبح الذنب صديقي الجديد رغم انقضاء الداعي له.

أكرر السؤال كلما يُفتح باب النقاش، بأن الخير لابد قادم، بأن العوض في النهاية، والكنز في الرحلة، وأشياء جميلة في جمل توحي بحل سحري.
أكذب.
ــــــــ

اليوم كمان:

يخبرني بها صراحةً؛ تنبشين أنقاض الماضي لأنك أفلستي.
لا داعي لمعرفة السبب.
أشعر بأنني قد خُلقت الآن فقط، لا أفهم ما انقضى، ولا أريد ما هو آت.
أريد أن أستريح فقط.
عندك الراحة يا رب؟
لا أصدق أنني سأبدأ أبدًا. تبدو كل الأمور سهلة إلا أموري.

مش عارفة الحد الفاصل بين التسليم والإستسلام
بأسأل كتير أوي، أكتر من اللازم، ومبسمعش الإجابات
وكأن السؤال هو الغاية، وكأن أي حاجة تانية مش فارقة

مبعرفش وشي في المراية.

السبت، 23 ديسمبر 2017

في معنى أن أحيا


"الخوف لا يمنع من الموت، الخوف يمنع من الحياة."

أفكر بإستمرار في مفهوم الحياة، كما تقول "كليمنتاين" في فيلم "إشراقة أبدية لعقل نظيف" -بترجمة رديئة تؤكد أن لكل كلمة جمالها الخاص في لغتها فقط-، أنها قلقة دومًا من ألا تعيش حياتها على أكمل وجه.
أقلق أنا أيضًا طوال الوقت من أن أستمر في حالة اللاحياة-لاموت. أن أسير على وتيرة واحدة، كخط رسم القلب الساكن بالأساس، ولكن الجسد يستمر بالحياة بفضل المجازة القلبية الرئوية -بفعل الترجمة الرديئة مجددًا-.
Drama is my own bypass.

يقول أطباء علم النفس أن مريض الإكتئاب ذو الأفكار الإنتحارية أكثر عرضة لإرتكاب فعل الإنتحار نفسه مع بداية التحسن بالعلاج. بمعنى أن الأفكار تدخل إلى حيز التنفيذ مع تراجع سيطرة المرض، فيصبح أكثر قدرة على القيام بما يلزم لأخذ حياته بنفسه، بعد أن يصبح أيضًا أكثر دراية بسوء الوضع. ربما لوضوح الرؤية بعد انقشاع الغيمة، أو لأن العقل يعود إلى دفة القيادة بالتدريج بعيدًا عن المشاعر.

أستيقظ أحيانًا لا أرغب في أن أحيا ذاك اليوم.
حين أفكر في الموت، أشعر أنني مُحاصرة تمامًا، غير قادرة على إيجاد مخرج الطواريء، لأنه ببساطة ليس ثمة شيء هنا كذاك.
وعلى النقيض، لا يستطيع أحد أن يحيا بصورة سليمة بينما يرى ما يستمر بفقدانه بإستمرار.
أرى كل ما لم يكن يومًا لي، هو خسارة فعلية. وأرتكب الحماقات دون الإلتفات أبدًا إلى تبعياتها، وكأنه يمكن أن ينفصل الحدث عن الزمن ولا يترتب عليه شيء.

أنسى/ أتناسى ما يحدث بإستمرار. كأنني أمحي وجودي أول بأول. أجد صعوبة في تذكر الأشخاص والأماكن والأسماء. لا أعرف إن كنت الشخص الطيب أم الشرير في الرواية. أتصرف طوال الوقت تبعًا للحظة الراهنة ومعطياتها، تبعًا لردود فعل الأخرين.
"blessed are the forgetful: for they get the better even of their blunders."

أتخيل سيناريوهات الأحداث المختلفة المتوازية طول الوقت. أحيا في عقلي عشر حيوات مختلفة. لا أتمكن أحيانًا من التمييز بينهم.
لا أتمكن من تحديد أيهما أسوأ، الكثير من الإختيارات، أم لا اختيارات على الإطلاق.

أتمنى لو أن كل شيء يبطأ قليلًا لأكون أكثر قدرة على استيعابه.
عندما أفقد السيطرة قليلًا، أفقد الأمل تمامًا. لا يعد شيء يهم. إذا لم يكن كل شيء على ما يرام، إذًا لا داعي لأن أعمل على إبقاء بعض الأشياء على ما يرام. لتكن كل الأشياء أو لا شيء. وإذا لم أستطع أن أكون أفضل شخص، لأكن لا أحد.

الإيمان بقوة أعظم، بحكمة خفية وراء كل ما يحدث، بتبعيات كل من الأعمال الخيرة والسيئة، يجعل مرارة الحياة أكثر تحملًا. الإيمان فعل قوة في حد ذاته. والإيمان بوجود ربنا في كل شيء وكل وقت، خصوصًا بداخلنا.
قد يختلف ربنا الذي بداخلك عن ربنا الذي بداخلي، عرفته أم لم تعرفه، في النهاية سنقف أمامه حقًا. هو.

الأحد، 29 أكتوبر 2017

ما تبحث عنه لا يبحث عنك


أشعر بالخزي لأنني وحيدة. يبدو أنه يجب علي أن أشعر بذلك..

.....

في لحظة هبة عبد المجيد كانت معدية من جنبي ومتعصبة، فبألف وأقولها "إهدي بس أهم حاجة صحتك" بهزار، في وسط كل العيانين اللي على كراسي عجل، وفي وش راجل عجوز ماشي بعجاز طالع من قسم الآشعة، ليه الأحاسيس المرهفة دي مبتظهرش قبل ما الكلمة تطلع من لساني؟ السؤال ده بسأله لنفسي كل ما أفتكر موقف ثانوي لما كنت في جيم صاحبته ابنها تاه وهو عنده سنتين، وقررت فجأة أبقى ظريفة ودمي خفيف وبأقول نكتة لصاحبتي بصوت عالي، وبمنتهى الثقة، وبدون ذرة تفكير: "مرة واحد ابنها كان تاية ورجع قالتله إيه؟ قليتله بيضة ها ها ها".
أنا بأنسى كل حاجة وبتفضل المواقف دي منقوشة فوق قلبي كده.

مستر ابراهيم بدوي كان بيحكيلنا في مرة في درس نصوص على الفرق بين الروائي والإنسان العادي، كان ماشي مع صاحبه، فبنت صغيرة بضفيرتين بصت من شباك الأتوبيس وعملتلهم باي باي. الموقف انتهى عنده بإنه ابتسم، بينما تطور عند صاحبه إنه رجع البيت كتب رواية مبنية على قصة البنت دي. بأفتكر الجملتين دول كل مرة بأقرا فيها لحد بحب كتابته وألاقيه بيسرد تفاصيل بتعدي على عينيا من غير ما آخد بالي منها، أو من اللي وراها، ويعبر عن إزاي أثرت فيه أو وصلتله مشاعر معينة، في الوقت اللي بأشوف فيه حكايات ومآسي يومية ومبقدرش أوصل منها حاجة. وبتفضل حكاياتي فقرات منفصلة من غير معنى.

...

نصف كيلو من اللحم، ربع من الليمون، حزم لا أستطيع تمييز عددها من الأوراق الخضراء التي لا أستطيع تمييزها، كيلو من القلقاس أبيض القلب، وفاكهة، أي فاكهة. أؤمن أن الثلاجة التي تحتوي على فاكهة هي ثلاجة سعيدة، ,ولا بيت سعيد دون ثلاجة سعيدة. لم أحب يومًا الفاكهة التي يحضرونها في المنزل. كانت دائمة "مستوية زيادة". أشعر دائمًا أنه قد فاتني موعد نضوجها والآن لا طعم لها، تمامًا ككل تلك الأشياء التي فاتتني ولا طعم لها إن أتت الآن. أؤمن أن الحب بالنسبة إلي قد أصبح كالموز الناضج

أؤمن أن البيت يحتاج إلى دفء الطبيخ، بخار الشوربة المتصاعد الذي ينتشر في كل ركن فيقول أن هناك بشرًا هنا. نقطع القلقاس إلى قطع صغيرة، نضعه مع شوربة اللحم على نار متوسطة، نفصل سيقان الخضرة عن أوراقها، وبعد الضرب في الخلاط نصفيها ونحمرها مع قليل من السمن الذي أكرهه، والثوم الذي أحب القليل منه. الآن تنتشر رائحة مبهجة في أرجاء البيت، بعد أن تصبح مكعبات القلقاس طرية يمكن هرسها، نضع عليها الخضرة.

...

أشعر بالخزي لأنني وحيدة. يبدو أنه يجب علي أن أشعر بذلك..
لكنني أكره الناس، أو لنقل أغلبهم، لأنهم سواء حدثوني عن جمال حياتهم، أو سوءها، سأشعر بالحسرة في كلتا الحالتين.
في سيناريو الحياة الجميلة، أنا حمقاء لا تجيد فعل أي شيء في العالم.
وفي سيناريو الحياة السيئة، أنا حمقاء لا تجيد أن تعبر عن مأساتها، وربما لا تدرك ماهيتها بالأساس.
كلما اقتربت من التصالح مع نفسي، واحتضانها، مجازيًا وحرفيًا، يأتي من يطلق الرصاص على منتصف تصالحي بالضبط، المصيبة أنه لا يموت، وأظل أسير أنا بتصالُح مثقوب ينزف طوال الوقت.

...

ابحث عني
أنا في مكان ما... أناديك وأنتظر مجيئك

الجمعة، 29 سبتمبر 2017

إن سيكنيس آند إن هيلث



بشكل ما، أصبحت تلك الخطوات الثقيلة من الماضي. أستطيع الآن أن أنظر إلى الوراء، لأجد آثار أقدامي فوق الأرض، وقد مرَّت بكل تلك الذي لم أحسب يومًا أنني أستطيع اجتيازه، وحدي.
كل ما كنت أخشاه، كل ما بكيت من أجله، كل ما أرَّق نومي وأجهد جسدي وأرهق عقلي وآلم روحي، مررت به تمامًا كما كنت أعد ألا أمر به. في لحظاتِ -أكاد أقسم بالواحد الأحد أنها كانت لحظات بالفعل- مضت، لست أقول الأيام أو الشهور، بل السنوات، لأجد نفسي بين عشية وضحاها في المكان الذي لطالما كنت أنظر بإعجاب إلى كل من وصل إليه، أيًا ما كان حاله فيه، ها أنا ذا، أنظر بإشفاقِ لتلك المسكينة متخبطة الخطى ومتلعثمة الحديث، وأتمنى لو أستطيع أن أكتب لها رسالةَ، أخبرها بأن كل شيء يمضي، كل شيء يمر، وفي النهاية ما يهم فعلًا هو كيف عِشنا. من يغفل عن أمر الساعة لن تغفل عنه هي. الحياة طويلة جدًا حد الشيب وقصيرة جدًا كالعطسة.كل ذاك الألم يتضاءل حتى يختفي، ولا يتبقى منه ذكرى تذكر، كل ما يتبقى هو كيفما شعرنا تجاه العمر الذي مضى إلى غير رجعة.
كل ما تخافي منه الآن يا فتاتي، ستطويه الأيام، وستصبح لديكِ مخاوف أكبر، تطويها الأيام أيضًا، فلو أننا كل ما نخشاه نتجاوزه في النهاية، بأي شكل، فما الداعي لأن نستنزف أنفسنا من البداية؟
تنفلت من بين أصابعي حكاياتي التي لا أرويها لأحد، ولا أكتبها. وكأن القدر يريد أن يعطيني درسًا ما، بل ويكرره حتى أستوعبه، وبما أنني مازلت لا أفهمه، أعلم بأنه سيتكرر.
لست من أصحاب العلاقات السوية، لم أكن يومًا ولن أكون.
على مدار أربعة وعشرين عامًا وأربعة أشهر، لم يبق إلى جانبي أستند إليه إلا الحزن. بقدر ما كنت أحاول الهرب منه طوال الوقت، أعيش مأساة إغريقية بسببه، بقدر ما أحترمه الآن وأدرك فضله. أدرك أن الحزن مهم بقدر السعادة. وأنه لا يوجد ما يسمى بالسعادة المُطلقة. وأنه لا تستقيم الحياة إذا ما كنت ليل فقط، أو نهار فقط، لابد من ليلٍ ونهار وتوازنٍ بينهما، كذلك لابد من فرحٍ وحزن، نعطي كل منهما حقه، ونعيش كل منهما كما يجب، نصون حقهما في عدم إهدارهما بالضحك السفيه أو البكاء والعويل. ألا ننتقص من الحزن بالشكوى -لإستجلاب الصعبانية-، وألا نفزع حين نحزن. 

...

"يا من تغرينى بحنان صادق .. فلتحذر،

 فبقدر شعورى بحنانك:
 سوف يكون دفاعى عن حقى فى الغوص الى جوف الكهف،
 وبقدر شعورى بحنانك:
 سوف يكون هجومى لأشوِّهََ كلَّّ الحبِّ وكلَّ الصدق، 
 فلتحذرْ 
 إذ فى الداخلْ 
 وحشٌٌ سلبىُّ متحفزْ 
 فى صورة طفل جوعان 
 وكفى إغراء
 وحذارِ فَقَدْ أطمعُُ يوما فى حقى أن أحيا مثل الناس 
 فى حقَى فى الحبْ              
 ألبس جلدى بالمقلوبْ 
 فلينزف إذ تقتربوا
 ولتنزعجوا 
 لأواصلَ هربى فى سرداب الظُّلْمةْ
 نحو القوقعة المسحورة 

لا تقتربوا أكثر
إذْ أنِّى ألبس جلدى بالمقلوب،
حتى يُدمى من لمس الآخر
فيخاف ويرتدْْ
إذْ يصبغ كفيِه نزف حىّ
وأعيش أنا ألمى،
أدفع ثمن الوحدة"

د. يحيى الرخاوي
...


جوايا حتة ضلمة كبيرة، أو زي ما قالت ليلى علوي في حب البنات "كلكوعة مكعبرة قد كده."، كنت مبعرفش أقرَّب منها ولا ألمَّح ليها.. مبعرفش أحكي عنها ولا أواجهها، ولا حتى بيني وبين نفسي. 
الحتة دي كانت بتكبر معايا، بتوسع، بتاكل حتت من روحي، وأحيانًا من روح الناس اللي بتحاول تقرَّب مني.. بتخليني أروح في طُرق أنا مش عايزاها .. وأبعد عن النور علشان متتكشفش، علشان متتأذيش فتأذيني.
دلوقتي بقيت قادرة أنوَّر أجزاء منها، أحكي وأسمِّي الحاجات بأساميها، أوصف التفاصيل الصغيرة، أعبر عن تأثيرها عليا، بشجاعة متعودتش عليها أبدًأ. مبقيتش مكسوفة إن عندي عُقد في حياتي. اللي يكسف إني مقدرش أتخطاها، لكن أنا بأعمل ده حتى لو بخطوات بسيطة. مش كل الناس بتقدر تتفهم ده، أغلبهم بيحكم، أو بيتصعبن -وذلك أضل سبيلًا-.

يفضل إيه؟ الساعات القليلة اللي بأخرج فيها بره السجن اللي عملته لنفسي، فألاقي نفسي جوه سجن مختلف، وأكتشف إن السجن الكبير بتاعي هو الحياة نفسها. أنا مسجونة في الوجود. رافضة الكينونة ولا دخلتها برجليا ولا كان ليا ميل.
...

كم نحن مُفسَدون. نقع في الحب مع من يؤذينا، ونركل من يظهر لنا إحترامًأ. نقدم القرابين لمن يرجمنا بلسانه، ولا نلقي بالًا لمن يهتم بنا حقًا. 
لو أنني أعرف كل ما يعيبك، وكل الفوضى الساكنة بقلبك، ومازلت أحبك، ألا أكون بذلك أحق بأن تبادلني ذلك؟

الثلاثاء، 20 يونيو 2017

ما قبل - ما بعد


لا شيء يصير أسهل.
الحياة تستمر. ذلك مؤلم.
لا شيء يصير.
الحياة مؤلمة.
لا شيء.

--

مشهد عادي لبنت نازلة وسط اصحابها بعد آخر امتحان، قعدوا يرتاحوا شوية في المكتبة، فسندت راسها ودخلت في غيبوبة.
مشهد عادي بيؤدي لمشاهد صعبة.

--

أستعيد حياتي بالتدريج، النوم المتواصل، الأحلام القليلة التي تتكون من مشاهد مكررة من الواقع مع بعض التعديلات -أشبه بالمسرح في فيلم inside out في حلم البنت-، الأكل المستمر، المزيكا والراديو، النزول بلا هدف والعودة ببضع الخيبات،استعادة التواصل البسيط مع الناس بالتدريج. أعتقد أن بعد خمس سنوات يصبح التعامل مع النكبات كعمل روتيني. نبدأ بإدراك الخطوات الطبيعية للنكبة:
1-الوقوع الفجائي: مرحلة الإختفاء من على "السوشيال ميديا"، إغلاق الهاتف، إختيار "نوت-بووك" جديدة للمرحلة.
2-إختيار روتين للمرحلة: نظام لساعات النوم، إختيار الأكلات والمشروبات المفضلة للمرحلة ليتم تكرارها على مدى اليوم/ الأسبوع/ الشهر/..إلخ. شكر خاص للـ لاتيه بالقرفة والماندولين. إختيار الملابس المريحة لنفس السبب السابق ذكره، والمسلسل المفضل للمرحلة. شكر خاص جدًا لـ that 70's show.
3-الإحباط والندم وجلد الذات والشعور بالدونية وعدم استحقاق النجاح وكراهية النفس والعالم والشعور بالعدمية والتفكير في الأسئلة الوجودية و"فلاشباكات" من traumaت الماضي التي تم دفنها في عمق الأعماق العميقة.
4-الإنهيار.
5- محاولات استعادة السيطرة والخروج بأقل الخسائر.
6- الله أعلم.

--

قلبي اتشال واتحط مكانه تلجاية. والكلام اتبخر من جوا زي ما يكون التلجاية دي اتحطت في الشمس.
لو سألتني نفسك في إيه دلوقتي، غير إني أنام، هيبقى إني أقعد أدفن رجليا في الرملة وأبص للبحر وأعيط. دلوقتي حالًا، الساعة 4 ونُص الفجر يوم 26 رمضان 2017. أعيط لحد ما أحس. أحس بأي حاجة.
كل شوية بتطلع في دماغي صورتها على الـ ventilator، وبأدعيلها، وبأفكر وأنا بأدعي إني مش عارفة إيه الأحسن ليها، فيارب اختار أنت.
واختارلنا كلنا. وخلينا نشوف، ونفهم، ونستوعب، ونحس.

--

لا أعرف ما هو صراعي مع الحياة. فقط أعرف أنها ليست نزهة. أعرف أن قوايا تنهار وأن جسدي يلعنني من شدة الإنهاك. أتحسس نبضي في كل لحظة توتر دون أن أدرك أنني أفعل ذلك لولا أن يلفت إنتباهي أحدهم. ربما أتأكد من صدق حقيقة الأحداث، أنها ليست حلم، أو كابوس. ربما أتأكد بأنني مازلت على قيد الحياة. لا أستطيع حتى حمل رأسي المثقلة بكل تلك الأفكار. ألقيها بعيدًا عني كي لا أراها. ثم أفقدها. أنسى أين وضعتها، فأبدأ بالبحث عنها. تضيع مني للأبد فأحيا بلا رأس. تكون تلك مشكلة ببساطة لأنني لا أعرف كيف يعيش الإنسان دون رأس. ذلك مستحيل علميًا. أزداد حُزنًا وأقرر أن أتخلص من قلبي أيضًا. حاولت التفكير في مصدر آخر مسئول عن الشعور لكنني لم أجد. فقدت الآن قلبي وعقلي ومازلت حزينة. مازال ظهري يؤلمني ونفسي يتسارع دون أن أتحرك من مكاني.

--

"المشكلة إني اكتشفت إن حب حد ليكي مش بيشيل من على كتافك هم إنك مبتحبيش نفسِك."

--

لقد سأمت الحزن يا رب
ولم يسأم مني.
ينشب أظافره حول عنقي
ويخنقني
الشيء السيء هنا
أنني لا أموت.

الثلاثاء، 28 مارس 2017

كل الجروح ليها دوا



الدنيا كانت زحمة جدًا، مكنتش قادرة أعافر كفاية علشان أوصل للسرير، فقررت أريَّح نفسي بكل الوسايل المُتاحة قدامي في الوقت ده، اللي هم: الموبايل، وآخر خمسين جنية معايا. أبليكيشن المصاريف بيطلعلي حسابات بالسالب، وبيطلعلي لسانه، وحاجات تانية، مش عارفة الشهور اللي زي دي هتتقضى إزاي لو كنت مستقلة، ومعنديش أوبشن "ماما أنا فلوسي خلصت" اللي بأستخدمه مرتين في الأسبوع. إمتى هأقدر آخد الخطوة دي، إذا كان كمان سنتين بحالهم -إذا بقي الوضع كما هو عليه- هيكون مرتبي ما يُقارب الـ 300 جنية، في الشهر، دول المفروض يكفوا أكل وشرب ومواصلات، وسكن وفواتير، وتعليم وأدوية ولبس، و-لا سمح الله- خروج، وأحوش منهم علشان أبني مستقبلي؟ مؤخرًا بقت الفلوس هي العفريت اللي بيطلعلي في كل خرابة، الحيطة اللي بتقع قدامي من اللامكان فجأة قصاد كل حاجة عايزة أوصلها. يعني أعتقد عمري ما كنت مادية، وفجأة بين فترة زمنية -مش عارفاها- والتانية، بقى كل شيء بيدور حوالين الفلوس؛ التعليم، السفر، الكارير، حتى الحاجات اللي تبان ملهاش علاقة تمامًا: الحياة الإجتماعية، الصحاب، المناسبات العائلية، والهوايات. ممكن ببساطة تربط بين أي حاجة في الدنيا والفلوس في أقل من 3 خطوات.

المهم، قعدت لوحدي في الفي على كرسي من العاليين اللي بتقدر تحرك رجليك في الهوا وأنت قاعد عليهم، وكان كل اللي حواليا بنات قاعدين لوحدهم، فحسيت بأُلفة جميلة، وقد إيه هتبقى فكرة لطيفة لو إن فيه مكان للوحيدين والمنبوذين والإنطوائيين والخجولين وغريبي الأطوار -حسب نظرة المجتمع-والمنفيين واللامنتمين. وياسلام لو فيه أماكن للبنات بس. بشكل عرضي النهارده اكتشفت إني مببقاش مرتاحة في وجود حتى شخص واحد من الجنس الآخر في نفس المكان. شخص واحد بس كفيل بإني يخليني أحس بالإرتباك وعدم الإرتياح. أنا بأكره الجنس البشري كله عمومًا، والذكور تحديدًا. جايز الـ دادي-إيشوز؟ وجايز كل الإيشوز. وحاسة بمنتهى التناقض وعدم الاتساق مع النفس، وأنا كل دراستي حاليًا بتتمحور حوالين الصحة الإنجابية، وصحة الأم، وصحة الجنين. يعني ملعون أبو الأم على أبو الجنين. بتجيبوا عيال تاني ليه للبشرية؟ أنا متفهمة فطرة الإنسان للبقاء، متفهمة فطرة الأمومة، ومتفهمة فطرة إزاي بنت خالتي تخلف قبلي. لكن فيه برضه فطرة عيالي دول هأكلهم منين، هأعلمهم إزاي، هأخليهم يبقوا على قيد الحياة في البلد دي بأنهي طريقة. عايز تخلف حاول تطلع من هنا. ولو إن العالم كله مكان بائس ولا يحتاج للمزيد من البؤساء. أظن كمان موروث إن "العيل بييجي برزقه" المفروض يكون أثبت فشله الذريع بعد أول خلفة والتانية، ليه بنستمر للسادس والسابع؟ الحقيقة أنا مش متأكدة من اللي بأقوله. أنا نفسي مش فاهمة وجهة نظري أغلب الوقت. يمكن لأني معنديش وجهة نظر ثابتة وواضحة في كل الأمور بشكل عام، مجرد شوية مشاعر متناقضة، جوايا واحد من كل جهة بيقول رأيه وبيعلن عنه بكل تمسك واقتناع.

سؤال بيفرض نفسه بشكل قوي وطبيعي، إزاي تصرفاتنا كإناث بيتحكم فيها شوية ميلليجرامات من الهرمونات اللي بتتغير كل يوم حرفيًا، إزاي يمكن إعتبارها تصرفات منطقية، وإزاي ممكن حد عاقل يبقى بيحاول يفهمنا، وبيحاول يعرف إحنا عايزين إيه، إذا كنا إحنا نفسنا مش عارفين. 

المهم، إن فيه حاجات كتير بأعرف أعيش من غيرها جدًا، وبأتأقلم، لكن الحياة بيها أسهل كتير. ده ممكن نطبقه على أي حاجة؛ بإستثناء الناس. الحياة في وجودهم مش دايمًا أسهل. الناس مُرهِقين، وبالنسبة لشخص مش متأكد من أي حاجة -إنكلودنج نفسه-، الموضوع بيبقى روح ياض تعالى ياض جدًا، بمعنى إن نروح قشطة نيجي قشطة، نقرب عادي نبعد برضه عادي. مش عارفة كان هيبقى شعوري إيه لو بشخصية زي اللي عندهم اصحاب في كل حتة من أرض الله، وبيكلموا عشرين تلاتين بني آدم في اليوم أو أكتر. بطاقتي دلوقتي أنا لما بأكلم خمس أشخاص/ اليوم بأحس بإرهاق مشابه للي بأحسه لما بأضطر أطلع ال8 أدوار على السلم. ماذا لو عندنا طاقة تقضي عشرين دور؟ مش كنا هنحس نفسنا أقويا ومحصلناش؟ مش كان هيبقى عندنا تجارب اجتماعية وحواديت تتكتب وصور تتشاف وقصة حياة تستحق التوثيق أو الذكر؟ مكناش هنبقى مملين، أو متعبين، أو مبنعرفش نبقى على حد.
كمان بعد فترة من الحياة بشكل منفرد بتبدأ تتصرف كعنصر مستقر مُكتفي، مش محتاج لا يفقد ولا يكتسب أي إلكترونات، ماشي في نور الله، بتدعي وتقول "يا رب".

المهم، وأنا ماشية بلا هدف، لقيت البنت اللي قفشت منها شوية الصبح، أو تحديدًا طلعت قفشتي من نفسي عليها بسبب إني لا القرب مرتاحله ولا البعاد أقدر عليه، كانت واقفة مع الولد اللي معجب بيها كمان فماكنش وقتي أبدًا، غيرت اتجاهي بكل سلاسة وبدون تفكير، فلقيت هبة عادل على بنش لوحدها، واتحولت من وقفة دقيقتين لقعدة ساعتين، ومش عارفة إزاي ممكن تفضل تشوف حد مرتين في الدراسة في الأسبوع على الأقل، لمدة أربع سنين ونص، ومتبقاش دخلت معاه في حوار لوحدكم أبدًا. هبة شخصية لطيفة جدًا وبتفكرني بـ يومي في هزارها، وروحها أصغر ما يبان عليها بكتير، ومن الناس القليلة اللي كلامها كان بعيد خالص عن المذاكرة، لكن أنا اللي تحوَّلت لكائن طبي سمج بيحوِّل دفة الحوار دايمًا للمذاكرة. الحقيقة هي كانت لطيفة جدًا وحاولت تساعدني رغم ده. هو الواحد كده لما يلاقي شخص لطيف لازم يبقى هو الشخص اللي مش لطيف. 

بشكل غير معتاد مش ندمانة على تصرفاتي مع الناس مؤخرًا. حاسة إني بأحاول باللي أقدر عليه، بكل طاقتي القليلة، وبكل عدم فهمي، ولأني مش متحكمة في مشاعري تجاههم، ولأني مش لازم أحس بالذنب تجاه تصرف اخترت فيه راحتي فوق راحة أي حد، لأني فعلًا المفروض أكون أهم حد عند نفسي في المرحلة دي من حياتي. أنا تايهة كفاية، ومحتاجة أبدأ أتقبل توهتي، وأحبني. وبالمثل، فأنا متقبلة تصرفاتهم، وكل طاقتهم القليلة وعدم فهمهم، ولأنهم مش متحكمين في مشاعرهم تجاهي، ومش لازم يحسوا بالذنب. وكلنا غلابة زي ما ريم قالت، فنهونها على بعض. علمًا بإن كل حاجة تضايق شخص فهي حاجة مهمة بالنسبة له وتحترم.

القوقعة حل مريح وسهل ونتايجه عظيمة، وإننا نجري ونستخبى ونعيش جوه أحزاننا، فيه شيء من النرجسية في الاستمتاع بالوحدة، في شعور الراحة بإنك مش مضطر تاخد بالك من مشاعر أي شخص تاني غيرك. لكن فيه نظرية إن طاقتك الإجتماعية زي عضلاتك، بتكبر بالإستخدام، وطول ما أنت راكنها مبتستخدمهاش بيحصلها ضمور، وبالتالي الأمور هتزيد سوء، وأنت محتاج تشوفلك جزيرة نائية تعيش فيها.

وأنا ماشية مع نور في كوريدور المستشفى -الطويل جدًا-، سألتها -آوت أوف نو ويير- عن معنى الندم، وإن كان شيء مفيد ولا مُضر. كان رأيها إنه الحزن على حاجة حصلت، وإنه شيء مفيد علشان هيزقنا ناخد قرار بإننا هناخد بالنا من الوقوع في نفس الحفرة تاني. فات عليا وقتها أسألها عن الندم على إعادة الكرَّة 100 مرة. وعن الندم المستمر حتى بعد ما اتعلمنا. وعن معنى التخطي، وإمتى نقدر نقول -بكل ثقة- إننا اجتزنا التجربة بكل خسايرها وتقبلناها. وهل فيه ضمانات إن التجارب دي تعود لتنتقم كلها في يوم، وتستنانا على ناصية الحلم، وهاتك يا ندم بقى.
مش يمكن نظرية you can't do something wrong, if you did nothing
صحيحة؟

حاسة إني محتاجة كتالوج فيه تعريفات للمشاعر، مع بعض الرسومات التوضيحية لتعبيرات الوش، وضع الجسم، ورسم القلب وقت كل شعور. لأن مش طبيعي أكون مش عارفة أترجم إحساسي أغلب الوقت. بأقول إني مش حاسة بحاجة، لكن لما خالد بيسألنا مرتين كل أسبوع إحنا حاسين بإيه. بألقط سيجنال شعور من بعيد كده، وأعمل زووم-إن، وبآتيتيود "مبروك جالِك شعور" بأسميه أول اسم ييجي على بالي؛ "مرتاحة- قلقانة- خايفة- عاجزة- غضبانة- ندمانة- متحمسة- تعبانة". الحقيقة، إن عمري ما قدرت أفهم إحساسي، زي كل شيء.

التجارب الجديدة عظيمة عمومًا، أيًا كان نوع عواقبها، مفيش معيار أصدق من التجارب نقيس عليه أنت عشت بنسبة كام في المية. بتختلف الحسبة طبعًا حسب القياس بالنسبة للفرص اللي جت لحد عندك وعرضت نفسها عليك، ولا الفرص كلها، متضمنة اللي سيبتها تجري قدامك وملحقتهاش، واللي كانت محتاجة مجهود علشان توصلها. كل نوع بياخد سكور مختلف، كل ما كانت الفرصة أقرب وأسهل، كل ما النقط اللي هتاخدها هتبقى أقل. وجب ذكر إن التجارب المؤذية، المتعارف على أذاها، هتعلِّي من نتيجتك، وهتبقى عشت بصدق فعلًا، لكن بجودة أقل. الشعور بالوجع دليل حقيقي على وجودك في الدنيا، صحيح مش دليل جميل إطلاقًا، لكن الناس بيشتركوا فيه. زي ما فاطمة سألت نفسها: هل كل ما تشوف في حد حتة موجوعة، هتحس إنه قريب منها؟ الوحدة بتغذي الوجع وتقويه. صحيح فيه جزء أناني جوه مبيحبش يحس إن الناس مبسوطة وهو بيعاني لوحده. لكن الجزء الإيجابي إن المشاركة في أي مشاعر سلبية بتقلل من وطئها، كأنه بيشيل من جواك علامة استفهام كبيرة قبلها سؤال "إسمعنى أنا". هو دعم غير مباشر، لأن الحزن بيستجيب لقوانين الرياضة، قابل للقسمة على أي عدد أكبر من صفر.

الحركة بركة، ولما بدأنا نستخدم جسمنا في التعبير عن مشاعرنا، كان الموضوع أسهل بكتير من التفكير في كلمات ورصها لتكوين جملة مفيدة تعبر عن حاجة غامضة جوانا. الأقرب إني أنط في الهوا وأحرَّك إيديا لفوق، عن إني أقول "أنا سعيدة". إني أمشي بشكل عشوائي في مساحة صغيرة مليانة ناس، أقابلهم وأبص في عنيهم، ومبقاش فاهمة، لكن أحاول أقراهم، أسهل من إني أقعد في دايرة أمشي بعينيا على وشوشهم. الأغراب اللي مفيش بينا وسيلة تواصل، مش صعب إن ميفرقش معانا حكمهم علينا.

 أسهل دايمًا أعتبر نفسي بره الكادر، خارج سياق الأحداث، مبحبش أتدخل بأي شكل حتى لو كانت قصتي أنا. بأسيبها تمشي بعشوائية وأتفرج عليها من بعيد. زي ما برضه بأخاف أتدخل في قصة حياة الناس. كل حاجة بالنسبالي بقت مجرد مشهد في فيلم، ممكن يبقى حلو، ممكن يبقى وحش. ممكن يبقى مشهد كوميدي، وحد يشوفه سخيف مبيضحكش. او ممكن يبقى مشهد درامي مليان عياط، والناس تضحك عليه. المهم، قررت أمسك الموبايل وأصورهم وهم بيغنوا وبيتكلموا وبيهزروا، من غير ما أبقى معاهم. طول عمري نفسي أغني مع الناس، وكل فرصة بتجيلي أحقق التخيل البسيط ده، بأكِش في نفسي وبأغني جوايا ومبعرفش أطلَّع صوت. بأحب أسمع الناس وبأحب أغني معاهم في دماغي، وبأخاف.

أفكاري عن الحياة ضئيلة بشكل عام، مش قادرة أحدد إن كان عدم إهتمام، ولا عدم معرفة. غالبًا الناس بيكون ليها اهتمامات معينة كل كلامها بيدور حواليها. اهتمامات زي الدنيا عمومًا، وخصوصًا: الرسم، التصوير، المزيكا، الأفلام، المسلسلات، التمثيل، الأوبرا، التاريخ، الأدب، الفلسفة، علم الاجتماع، السفر، الموضة، الطبخ، الرقص، الدين، الجواز، الدراسة، السياسة، الرياضة، وحاجات كتير تانية معرفهاش. كل شخص نقدر نعمله "مايند ماب"، ونطلَّع منه أسهم كتير بالحاجات اللي مهتم بيها وبيحبها، فبالتالي بيتكلم عنها. عنده أفكار ووجهات نظر وآراء وأسئلة عنها.
المايند ماب بتاعتي عبارة عن دايرة فاضية كبيرة، جواها دواير فاضية صغيرة، جواها دواير فاضية أصغر.

زي ما شخص على تمبلر كان بيشبه اللي بيحصل في دماغه بالخمس دقايق اللي قبل المحاضرة؛ مجموعات بتتكلم في مواضيع مختلفة بصوت عالي في وقت واحد، فبيبقى مستحيل تقريبًا تقدر تسمع جملتين على بعض. لما حاولت أخرَّج الكلام اللي في دماغي وطلعت بنتيجة، أي نتيجة، كان شيء مُرضِي بالنسبالي.

المهم، يفيد بإيه الندم في كل اللي صار، ويفيد في إيه الخوف من اللي بعده بيصير، الحياة مش بكل تلك الأهمية.

_____

*يقولوا مجازًا المجروح إذا خد ع الوجع.. بيخف. - مصطفى ابراهيم

السبت، 4 مارس 2017

وفين أنت؟



الأمل شيء خطير.
أعرف ذلك تمامًا. أعرف أيضًا بأن الجهل نعمة. وبأن الحياة تحت ظل وهم مريح يمطرك بآمال الحياة التي ستغدو أفضل، واليوم الأحلى الذي لم يأت بعد، وهم كذلك هو النعيم ذاته.
عندما تفقد الأمل، لا يهمك إن كان اليوم هو الإثنين أم الجمعة، في أي شهر، بأي حال. أنت تنتظر اللا شيء. توقعاتك صفر.
لا عودة من أرض اليأس.
ولا جبر خاطر لمن حاز أملًا في قلبه، لكثير وكثير من الزمن، حتى لم يعد يعني شيئًا.
لا جبر خاطر.

...

فيه حقيقة ثابتة واحدة بس في الدنيا، وهي إن مفيش أحلى من المزيكا الحلوة.
والمزيكا الحلوة رزق، يعني تكون ماشي في نور الله ويأتيك صوت حليم من حيث لا تدري يقولك عيش أيامك عيش لياليك، خلِّي شبابك يفرح بيك. يا حليم، يا حبيب قلبي، لو كان شبابي رجلًا لكان جه وضربني قلمين، وبصوت جهوري قالي قومي اعرفيلك صاحب ولا صاحبة، اللي حابسك خلاص مات. وهو يعني لا مات ولا شيء. الأفكار مبتموتش زي ما إحنا عارفين كلنا.
من وسط كراكيب حياتي هي الأفكار اللي ملعونة بتعويذة "Gemino" اللي بتخليني كل ما ألمس واحدة بدماغي تروح مقسومة اتنين، فأربعة، فستاشر، وهكذا إلى الما لا نهاية. لحد ما بأتحبس جواها ومعرفش أنا حتى بأفكر في إيه. عندي حاجات وكلام وحاجات.
الإنسان الطبيعي مش بيصحى 4 الفجر من الزعل. ممكن يصحى من صوت حد بيكرهه، أو على صوت القطة بتاعته وبعد ما تصحيه تنام هي، يصحى علشان بطنه وجعاه. إنما الإنسان الطبيعي مش بيقلق يراجع كل حاجة حصلت في الحياة متضايق منها. مش بيفتكر مواقف محرجة من حياته. مش بيفكر في مدى بؤسه 4 الفجر.
كمان الإنسان الطبيعي مش بيجيله emotional detachment ولا social withdrawal، ويسميها هرمونات أو متلازمة ما قبل-بعد الإمتحانات. الحياة إمتحان كبير أصلًا، كل واحد بيذاكر من حتة، والمشكلة إننا مبنعرفش ليلة الإمتحان كانت إمتى إلا وين إتس توو لييت. وأن تأتي متأخرًا خير من ألا تأتي أبدًا. نفسي أحكيلك ع اللي في قلبي واللي سهرني، واللي بكاني، وضنا روحي، لكن -يا حسرة- لم أعد قادرة على الحكي خالص. كمان أنت مش موجود أصلًا.
وهنعمل إيه يا قليل البخت والحيلة في الوجع الكبير؟ الأكبر من إني أحس بيه، كأني بقيت وجع كبير، هبة تضائلت واختفت جواه. لما بأبص في مراية وأشوف كل السيناريوهات السيئة، كأني بأشوف الحقيقة اللي عايزة/ محتاجة أشوفها.
الواحد لما بيكون جعان جدًا، بعد فترة بيشبع سدِّة نِفس. لو جاله أكل بعدها بخمس دقايق بس حتى مش هيقدر ياكله بإنبساط. هياكله تقضية واجب لسابق علمه بإنه محتاجه. كذلك الجعان من الدنيا بحب وإهتمام وحاجات حليوة، خلص آوان إنه يفرح بيها لو جت. فـ"لو" جت مش هيمانع يعني، بس مش هتفرق.
مفيش حاجة تجبر خاطر مكسور.
...
Here's to the hearts that ache
Here's to the mess we make


الاثنين، 26 ديسمبر 2016

حكي فاضي

أنا بأعتبر إن أنا والكتابة سيبنا بعض، مش متأكدة مين اللي أخد القرار لكن عارفة النهاية. زي حاجات كتير في حياتي، أو خلينا أكثر دقة ونقول زي "كل" الحاجات اللي في حياتي.
لما فكرت ليه بطلت أكتب، وبعيدًا عن الإجابات العميقة بتاعت إني خايفة أواجه نفسي، أو معنديش وقت، الحقيقة إني بس دايمًا مستنية من نفسي أكتب حاجة مثالية. بتقول كل حاجة بالظبط وبتوصف بدقة وبتطلع بنتايج هايلة عن أسرار الكون وإجابات كل الأسئلة اللي بتطلع في دماغي من وقت للتاني. وده عمره ما هيحصل. علشان كده بطلت أكتب وأنا عارفة إني مكونتش بأكتب عمومًا يعني من الأول. بس الحياة من غير كتابة سيئة، أسوأ حتى من كونها سيئة. أنا كمان مبحبش الناس اللي تعرفني ومبيسألوش عليا ييجوا هنا يقروا أنا كاتبة إيه عن حياتي ويمشوا. طب وأنا يا ولاد ال..؟ مش هتسألوا عليا ولا تطمنوني ولا تفهموا أي حاجة من اللي أنا بأقوله؟ ومبحبش الناس اللي ميعرفونيش برضه ييجوا يشوفوا كل حاجة كده. بأحس إني مكشوفة.
عمومًا، أنا قررت أكتب النهارده كل كلمة هتيجي في بالي زي ما هي، من غير إيديت، مش هأشيل كلمة وأحط كلمة تانية مكانها علشان بتعبر أكتر. هأكتب الكلام زي ما بيطلع. ومش هأختصر الجمل، ولا أشيل منها، ولا هأعمل أي حاجة غير إني أكتب.

..

على عكس المتوقع، أنا حصل في حياتي حاجات كتير الفترة اللي فاتت. صحيح مش كتير يعني بالمعنى اللي هو حاجات تستاهل تتحكي. لكن هي حاجات وحصلت وخلاص وده مش طبيعي بالنسبة لواحدة حياتها ماشية زي .. مش عارفة زي أيه والله بس عايزة أجيب تشبيه يدل على إنها مش ماشية خالص.
وطبعًا لأني مبكتبش، فأنا مش فاكرة تسعين في المية من الحاجات دي.. بأحاول أوثق الأحداث بالصور بس برضه بأفضل في رصد التفاصيل.
الدكتورة التانية شايفة إن الحياة الناشفة متقلش في إحداث الضرر عن الحياة القاسية العنيفة. هو نوع من أنواع العنف على حد قولها. التجاهل أو الإهمال. مش عارفة محتاجة كام دكتورة علشان أجمَّع كل حتت البازل وأعرف إيه المشكلة بالظبط في آخر حلقة.
فيه خرم في دماغي بيسرَّب الأفكار اللي بتضايقني أول بأول، هو أشبه بالمزراب القديم بتاع البلكونات ده، عمر ما كان عندنا زيه فكنت بأنبهر جدًا بالفكرة. كل الميَّة الزيادة اللي في البلكونة لما نمسحها هتوديها فين؟ بسيطة، نخرم خّرم في الحيطة ونرمي كل المية في الشارع غير مباليين بأي حد معدي في الشارع.. الله بجد .. مخترع الفكرة دي هو بطلي المثالي. أنا بقى عندي مزراب في دماغي بيرمي كل الأفكار الحقيقة (مش السيئة بس) أول بأول. فبالتالي مبيفضلش في دماغي أي شيء.
بطوط شخصية طيبة وهبلة جدًا، أنا بحبها، وفي نفس الوقت مبعرفش ابقى قريبة من ناس.
شيلدون بقى شخص غامض وأنا غبية إجتماعيًا إلى أقصى درجة، مبقدرش أفهم الكلام اللي بيتقال، ما بالك بالكلام اللي مبيتقالش.
معرض الكتاب، الفترة اللي مكتبتش عنها أبدًا دي ومدركة لضرر عدم التوثيق دلوقتي. عندنا معرض كتاب تاني مش عارفين ننزله ولا مننزلوش. الحياة قاسية فعلًا.
الأطفال بتكرر مأساة 118 مادة قبلها، أو فعليًا 27 مادة تحديدًا لو حسبناها من أول ثانوية عامة كرايسيس. فعادي مش هنقلق إننا رايحين في داهية. إتس أوكي.
بور سعيد واسكندرية وشرم الشيخ، الراجل بتاع الشاورما اللي في رمسيس، حفلات توقيع عمر طاهر اللي آخرهم "صنايعية مصر"، ال"ي" اللي طايرة في الكارت،

...

أنا غيَّرت شكل المدوَّنة مبدأيًا كده أي حاجة، حاجة زي تغيير عتبة يعني يمكن النحس يتفك.

الجمعة، 26 أغسطس 2016

الأسود لا يليق بكِ




أطرد نفسًا عميقًا من صدري وأرجو أن يخرج معه الدخان الذي احتل رئتاي بالكامل، حتى ما عدت أجد الأكسجين الكافي لأبقى على قيد الحياة. أحاول أن أرى من خلال تلك البقع السوداء التي تملأ مجال رؤيتي، تستمر بمطاردتي، تغطي على ما خلفها، وتحتل الصورة تمامًا، حتى أستسلم وأغمض عيناي وأفكر في الأيام الخوالي، حين كنت أتمتع برؤية جيدة والقدرة على التنفس.

...

أجد نفسي وحيدة كليًا، أقضي الكثير من الليالي الخاوية، والأيام كذلك.
أفكر: لأكن وحيدة حرفيًا، لأهرب، لأدفن نفسي -معنويًا- في بيتٍ خالي، لا أميِّز فيه الليل من النهار، ولا الأيام من بعضها البعض. أقضي فترة زمنية لا أعرف طويلة كانت أم قصيرة. ثم أعود مجددًا لدائرة اللاشيء.
أحاول أن أنسى.
أحاول أن أتأقلم.
لكنني لا أرى إلا كل ما يدفعني للجنون.
أحاول ألا أفكر.
لا فائدة.
أعود إلى البيت الخالي.

...

تخبرني الطبيبة الرقيقة بإبتسامة هادئة أن كل ما أحتاج إليه هو أن أثق بنفسي.
تخبرني الطبيبة الرقيقة بإبتسامة هادئة أن كل ما أحتاج إليه هو شيء لن يحدث.

...



...

كريستينا يانج لم تكن يومًا شخصيتي المفضلة، بالعكس، لقد كرهتها. كنت أرى فيها كل شخص أكرهه في الواقع، المتدربة المجتهدة حتى السخافة، التي لا ترى لأي شيء أهمية سوى نفسها. التي لا تعرف كيف تكون في علاقة إنسانية واحدة سليمة.
الآن، كريستينا يانج هي الشخصية التي أتذكرها بوضوح.
عزيزتي كريستينا،
لقد علمتيني أن كل ما نراه أكبر فرصة في الحياة يمكنه ببساطة ألا يكون كذلك. هناك الكثير لنا في هذا العالم بإنتظار أن نبحث عنه، ما علينا سوى أن نعرف من أين نبدأ، أو أن نستطيع الحركة قبل ذلك.
علينا أن نعرف بالضبط ما نريد أن نحصل عليه، أما عن كيفية الحصول عليه فسيتكفل القدر بذلك.
تقول صديقتي الحسناء في مكانها السري الذي تكتب فيه عندما لا تجد شيئًا تفعله، أن المشكلة في إختلاف فهمنا للنجاح. وأن طموح كل شخص هو الذي يحدد ذلك، وبساطة هذا الطموح لا يجعل منك إنسانًا أقل. 
ألم يكن ذلك خلافِك مع ميريدث؟ كانت تريد عائلة مع نجاحها كطبيبة. وأنتِ رأيتِ ذلك طموحًا أقل؟
أنا لم يعد لي طموح.
أريد فقط أن أتعافى من الذي لا أستطيع أن أصفه، مثلك، عندما استطعتي أن تستمري بالحياة.
أريد أن أتعافى من الإستسلام.
الإستسلام صاحب الفضل في أن ننتظر إنتهاء اليوم، وننام بالأمل أن ينتهي كل ذلك بألا نستيقظ مجددًا.
لا نستطيع القيام بأي شيء مما أردنا فعله، لا نستطيع تحديد مدى أهمية الأشياء التي أردنا فعلها، نبدأ بشطبها واحدة تلو الأخرى ونقتنع بأننا لم نكن نريدها من البداية. نفكر فيما نريده فعلًا ولا نعرف. نبدأ بالمقارنة بحيوات الناس الأخريات ونقتبس منهم، نكتب قائمة بالأشياء التي نريد فعلها، لا نستطيع تحديد مدى أهمية الأشياء التي أردنا فعلها، ..... إلخ.
ولا أعرف هل أتوقع إنتظار يدًا تساعدنا، أم أننا قد تعايشنا مع الوضع وأصبح نطاقنا الآمن.

...


"وهذا الألم الذي حسبت أنه لن ينتهي .. لن ينتهي فعلًا."

...

14-8-2016

...

الأحد، 5 يونيو 2016

المغامرة الأربعة وعشرين*




بخطين حُمر متوازيين على ضهر إيدي الشمال، حواليهم أربع آثار لخطوط مُشابهة، في ليلة أول يوم رمضان بعد الكثير والكثير من العياط لحد النوم، ووجبة دسمة الساعة عشرة بليل، بأكتب للسنة/ المغامرة الجديدة وبأقولها: بالراحة شوية بعد إذن سيادتِك، لو تسمحي.

...

الإدراك اللي بينزل زي الوحي علينا فيخلينا نشوف قد إيه بنسحل الناس القريبين مننا، وفي نفس الوقت مبنعرفش نتسند لوحدنا. فبنقرر نستجدع ونطلب مساعدة، ثم نسحِل الناس وكأنهم عادي المفروض يستحملوا كل هذا الكم من التردد والصمت والتراجع في القرار.

...

"أنا بأعتذرلِك .. عن سكوتي وقت ما تحبي الكلام
وإني عندي شيروفوبيا** ونقص حاد في الإهتمام
وإني دخلتك معادلة ليها أكتر من نهاية
وإني محتاجك بعيدة، بس محتاجلك معايا"


**الخوف من المرح
...

الوقت اللي بتقرر فيه تحط نضارة شوفان كل الحاجات الوحشة مش هتعرف تشوف غيرها، وشوية شوية النضارة هتلزق في وشك ومش هتعرف تقلعها، لو في أول السكة إهرب، ولو خلاص بقى مصيرك تبص ع الورد تقول ده أحمر الخدين.
خلينا نقول بكل بساطة إن السنة اللي عدت دي كانت سنة مميزة، مكانتش حلوة لا سمح الله، كانت بس مختلفة وجربنا فيها حاجات جديدة وقربنا من ناس مختلفة وعرفنا شوية حاجات منمنمة مش عارفة إن كنا هنفضل فاكرينها لحد بكره الصبح.
يكفينا زياردة سينترال بيرك.
بس الشُكر واجب لكل من:
أنا السنة اللي فاتت بالظبط، خالي، هاجر وجدي، هبة منصور، هاجر سامي، مكتبة تنمية بكل العيلة بتاعتها، شكر خاص لخالد وسلمى وشادي وسلامة وآية اللي من غيرهم ولا كنت هأكمل يوم واحد، شكر خاص تاني لشادي، لأماني، ولأمل، ولريم دائمًا وأبدًا.
إن كان فيه ميزة واحدة بس لفكرة الراوندات السنة دي هتبقى إن قدرتي على تذكر الأحداث بقت أسهل بإرجاعها للترتيب الزمني في الراوند بتاعها.
وأهو كله راح على ولا حاجة يعني وكلنا هنموت.
وطبعًا طبعًا شكرًا ميريدث جراي، كريستينا يانج، آليكس كراف، جورج أومالي، إيزي ستيفنز، مارك سلون، ليكسي جراي، ميراندا بايلي، ريتشارد ويبر، جاكسون أفري، وآبريل كيبنر. هونتوا كتير والله.

...

"أنا بأعتذرلك عن وجودي، وبأعتذر ع الغياب
واني مايل لإنعزالي، ومادة خام للإكتئاب
واني زودت ارتباطك بألف حاجة هتسبيها
واني قللت انبساطك بالحياة بوجودي فيها"

...

الدنيا بتخلص.
دي الحقيقة الوحيدة الفاضلة والمهمة دلوقتي، ومن جميع النواحي.
الوقت مبقاش بيعدي بالساعات ولا بالأيام ولا بالشهور، الوقت بقى بيعدي باللوكشة.
لوكشة واحدة كده على بعضها، أيام المدرسة هوب فاتت، أيام الجامعة هوب فاتت، لوكشتين كمان وهننهي دورة حياتنا على كوكب الأرض ونرتقي للخالق وبس كده.
إيه الكروتة دي؟
أنا محدش لفت نظري إن الوقت هيتسرسب من بين إيديا ونفسي هيتقطع وأنا بأجري وراه كده،
يعني إيه شوية عيال في المدرسة بنعد الحصص علشان نخلص اليوم ألاقيهم بيتخرجوا وبيتخطبوا وبيسافروا.
يعني إيه فجأة بقينا "الكبار".
خلينا شوية بس على الأقل نفهم إيه اللي بيحصل.
نفهم إننا عايشين، نستوعب لما اليوم بيعدي وندرك الوقت زي ما المفروض يحصل.
واحدة واحدة يا دنيا والنبي يا شيخة، إصبري بس إنتي مستعجلة على إيه؟

...

صديقي العزيز الخيالي،
الداي دريمنج هيموتني يا علي! طول الوقت فيه حاجات بتحصل في دماغي، طول الوقت فيه مواقف بأتحط فيها وناس بأكلمها، وأنا في الحقيقة عُمري ما كلمتهم أصلًا. طول الوقت فيه ناس بتدخل حياتي، وناس بتخرج من حياتي، وبأواجه الناس اللي مضايقني بكل اللي جوايا.
المُحبط إيه بقى؟ مش إني مقضية 3/4 يومي في أرض الخيال، المًحبط إن هي دي كل آمالي اللي في أرض الخيال!
في صفحة في النوت بوك الفاضية اللي مبعرفش أكتب فيها أنا مش حاسة بإيه، كتبت عنوان my wildest dreams.. جيس وات؟
ماي وايلدست دريمز هي الطبيعي بتاع أي كائن حي عنده تلاتة وعشرين سنة.
ماي وايلدست دريمز إني أحب الكلية وأذاكر، ويبقى عندي أصحاب، وعلاقتي بربنا تتصلح، وأبطل أخاف وآخد خطوة إني أتعلم السواقة، ويبقى معايا فلوس كتير، وأسافر فترة كبيرة وأرجع هنا تاني.
How disappointing.
الفكرة إن هي دي الأحلام الواقعية، لأن أنا مينفعش أحلم إني أروح رحلة للقمر، أو إني أقضي أجازة نُص السنة في باريس، ولا إني أجرَّب أنط من طيارة أو اعمل ويفز سيرفنج -لأن أنا جبانة-.

...

هو إحتمال من إتنين:
-يا إحنا روحنا واسعة أوي ع الدنيا فمفيش حاجة قادرة تشغلها كلها.
-يا إحنا روحنا أصغر من إن أي حاجة تعرف تاخد مساحة فيها.

...

على هامش ورقة في كشكول فاضي:
فراغ- خوف- ملل- حزن- وحشة- حسرة- إحباط- لا مبالاة- وحدة- نبذ- نفي.

...

"متسرسبيش يا سنينا من بين إيدينا
ومتنتهيش، ده إحنا يادوب ابتدينا"


...

إننا بنكبر دي أكبر خدعة في الدنيا، أنت مش هتاخد بالك طول الوقت لأنها عملية بطيئة ومستمرة، عاملة زي النفس اللي بتاخده أو هي آكتشوالي النفس اللي بتاخده بالضبط علميًا. فأنت عمرك ما -في العادي- بتركز مع نفسك اللي داخل وخارج إلا نادرًا، أو لما حد بيلفت نظرك زي دلوقتي فتبدأ تركز إن فيه شهيق وزفير، وضربات قلب.
فإحنا بنكبر طول الوقت، بس فيه لحظات بناخد بالنا إننا مبقيناش في العمر اللي احنا متخيلينه .. وإننا لما بنبص على ناس تانية بأعمار أكبر دي عمرها ما بتبقى فكرتنا عن نفسنا زي صورتنا عن الناس "الكبار".
النهارده فتحت الفرونت كاميرا وبصيت فيها، قلت "بقى ده شكل واحدة عندها ٢٣ سنة؟" واتخضيت من الرقم لأني لسه واقفة قبل العشرين معديتش الحاجز ده.
أنا أصغر بكتير من إني أبقى هنا ودلوقتي ومعنديش فكرة إيه اللي بيحصل ده.
ده أنا هأبدأ اتكسف أقول سني بعد ما كنت بأقوله بكل فخر، هأتكسف لأني بأكبر وأنا مبكبرش، لأني مبحققش شيء يدل على سني، والرقم ده لا يعنيني في شيء غير إني قضيت المدة دي كلها هنا ومعملتش فيها حاجة.
ولأني متعودة بأقول السن اللي ماشية فيه مش اللي عندي، فأنا بدءًا من النهارده هأقول ٢٤.
٢٤ عفريت أما يركبو.... يركبوا مين؟ مفيش حد يركبوه حتى علشان أدعي عليه.
المهم إن إحنا لسه فينا نفس، لسه بنكبر، لسه فيه كمان كمان كمان ~ ومفيش قدامنا إختيارات.
فاللهم يعني يا رب بلغنا إن مش بس أوقاتنا تحلو، ده العيشة والناس والجو.

الجمعة، 15 أبريل 2016

وأنا مُتعَبة جدًا، ومُتعبِة

أشعر بثقل العالم فوق أصابعي وجفناي بالتحديد.
لا أستطيع الكتابة.
أضغط على الحروف بـ بـُ طـ ء.
لا أستطيع أن أبقي عيناي مفتوحتان.
أفكر فيما يستحق التوثيق أو ما لا يستحق أن يُنسى وحسب.
هل ستكون الأمور بخير يومًا ما؟
يومًا ما.


_____




لو عايزين نحكي حاجة واحدة بس مُهمة حصلت في الأيام اللي فاتت، هتكون إننا بقى عندنا كائن أبيض صغير جميل مكسو بالفرو ملوش اسم، اتفقنا على مضض نسميه "سوكا".
سوكا بتاكل الجبنة النستو من إيدي، بتلعب في هدومي طول الوقت، وبتنام تحت سريري حيث السيراميك الساقع.
..

السنة بتخلص تاني! أربع سنين يا دنيا؟

..

بتوحشيني كتير يا سُعاد،
مش مصدقة إنك دلوقتي مش في بيتك في الجيزة، وإنك في أوضة ضلمة تحت الأرض ملفوفة بقماش.
بيقولوا إنك لازم تحضر الدفنة علشان تصدق إن الحد ده مات، وأنا حضرت غُسلِك ودفنتِك ومقتنعة إنك لسه عايشة.
ملحقتيش تشوفيني، ولا تفرحي بيا زي ما كنتي مستنية .. محدش هيهتم بيا طول حياتي تاني زيك، ولا هيدعيلي كل ده.
محدش غيرك أبدًا.
هأصدق دلوقتي إنك في مكان أحسن وبتتمتعي بعنيكي وودانِك وبتمشي وشايفانا وبتدعيلي ..
أنا محتاجة دُعاكي دلوقتي أكتر من أي وقت، من لما مشيتي وأنا بأعمل الغلط بكل أريحية وبأبعد عن ربنا بالكيلومترات.
إنتي اللي هتدعيلي يا سُعاد، مش أنا اللي هأدعيلك.
..

أفقد القدرة بالتدريج على الحديث.
أضيع بحثًا عن كلمات مُناسبة كل مرة، وأعود من دونها.
أتأمل في وقفات الحديث التي عادةً ما تسبِق هام ما، لكن لا تُفيد.
أيهرب مني الكلام أم أهرب أنا منه؟


..

cause you never think that the last time is the last time. You think there will be more. You think you have forever but you don't."
___________

لماذا أذًا لا أستطيع الإيمان بنهاية سعيدة؟
لا أستطيع الإيمان بالنهايات أصلًا،
ولكن،
إذا كانت هناك واحدة، فلابد لها من أن تكون لطيفة.

السبت، 5 مارس 2016

الإختباء في ميدان عام

اذكر ٣ أسباب للصحيان بتُقل ع القلب.
___
محاولاتي المستمرة للدفع بنفسي في دوائر جديدة تسحب مني أنفاسي بالتدريج، ينقص مني نفس في كل مرة.
تتوالى الفُرص وأتابع الإختباء من الثقب الأسود بداخلي، أختبيء في الحوارات التي لا أعرف عنها شيء، وفي الأماكن التي لم أذهب لها من قبل، أترك في كل مكان فكرة سوداء وأقول: لن أعود إلى هنا مجددًا، إذًا لنلقي بها هنا وندعي أن شيئًا لم يحدث.
أتكلم دون أن أعي ما أنا متكلمة عنه، لا أتذكر بالتحديد فأبدأ بالتوقع والتأليف، لا أوفق في كل مرة وينتج كلامي متناقضًا ينم عن كذب وما هي إلا ذاكرة رديئة أملأ ثغراتها بما أستطيع.
___
١- الخوف من السيناريوهات السيئة.
___
أتلمس خطاي في تكوين صداقات جديدة. أفشل بإستمرار. أتناسى وأبدأ من جديد، أبتعد عما يشكل فكرتي عن شخصيتي وأتصرف بحسب توقعات الآخرين. يرهقني ألا أعرف من أكون. أقول: لا بأس، هناك فرصة التغيير وإحتمال الراحة في قالب جديد. لكن من اخترع القوالب أصلًا؟ أنا لا أريد أن أكون قالبًا.
___
٢- الندم على امبارح والنهارده وبكره وكل يوم.
___
أقف على حافة السقوط أريد أن أسقط، حقًا أريد أن أريح نفسي من عبء الأمل والمحاولة وفعل ما ينبغي علينا فعله، لكن أعرف أنني لم أعاني كل هذا التسلق لأجل أن أتنازل عنه في لحظة.
أقف على حافة السقوط وأرى أن أكبر إنجاز يمكن لي فعله هو أن أظل على حافة السقوط.
___
٣- مفيش حد يسند قلبك لما يتقل عليك.

الخميس، 3 مارس 2016

كتم الحنين الأصدق

كان لابد لنا من عودة، حتى ولو عنوة، لابد أن نقتنص الحديث من أنفسنا حتى يتسنى لنا مراجعة أفكارنا فيما بعد والحكم على مدى نجاح الأمر، هل استطعنا حقًا أن نحيا، أم أننا ذُهِلنا وصُعِقنا وضعنا وتُرِكنا وحدنا نرتجف خوفًا من كل شيء؟

الأمر لا يصبح سهلًا بين ليلة وضحاها.
نحتاج إلي القليل من الجهد، والكثير من المرونة والقابلية للتكيف، والكثير والكثير من دفع النفس لتفعل ما هو أصلح كيفما كان، لا يهم مقدار رغبتنا بفعله من عدمها، المهم هو أن ننتهي. وسننتهي.

تقول ميريدث جراي" لماذا أستمر بالضرب على رأسي بمطرقة؟ لأن الشعور عندما أتوقف لا يُوصَف"

لنستمر بالطرق على رؤوسنا بالمطارق إذًا.
ولنتذكر أن كتم الأنين، غالبًا ما يكون أصدق.

الأربعاء، 2 ديسمبر 2015

واحد

عزيزي السيد ميم،

بعد التحية والسلام والغزل، أحب أحكيلك عن حاجات أنت مش مهتم تسمعها، فترد عليا بالطريقة اللي كل الناس بيحكوها عنك.

كل الناس اللي عارفين أكتر من غيرهم قالولي أطلب مساعدة. بس أنا معادش عندي القدر من الطاقة اللي يخليني أنزل من البيت حتى، معادش عندي القدر من الطاقة اللي يخليني أمشي خطوة كمان، وخطوة كمان.. يا أوصل نهاية الطريق يا البير يجف.

عزيزي السيد ميم،

كل السنين اللي فاتت فجأة صبحت عدم، مش باقي منها غير اللي يدل على أني عديت بيها، وبطاقتي بتقول إني مولودة من زمان.
مش فاكرة حاجة.
فاكرة بس شعر الولد اللي كنت معجبة بيه في KG، فاكرة حوش المدرسة الرمل، والكشك اللي تحت الأرض، وعمو هاني. فاكرة عرض المدرسة، والمسجد، وعياطي ليلة مسابقة أوائل الطلبة لما مكنتش مذاكرة حاجة.
فاكرة حفظي لقصة علي مبارك لدرجة اني كنت بأسمع الفصل بالكلمة، لسه فاكرة " ويشاء الله أن يكافيء هذا الغلام.."
فاكرة لما كنت أنا ومريم لوحدنا في الفصل، وبنتكلم عن البلد، فاكرة اني يوم ما مبارك اتنحى كنت قاعدة بأحل واجب الماث في تانية ثانوي، فاكرة جمعة الغضب، لما نزلت درس أشرف عبد الرحمن، ووأنا مروحة لقيت مفيش تليفونات شغالة وروحت لقيت ماما كانت هتنزل تدور عليا في الشارع. فاكرة يوم ما نزلت وسط كل الحاجات اللي بتتحرق في شارع الهرم (خصوصا الكباريهات) علشان أروح درس مستر نادر، واستغربت اني لقيته اتلغى.
فاكرة حصص الفيزيا اللي كنت بأفوتها علشان مكتئبة، وحصص علم النفس عند ميس إلهام، لما كنت بأروح مش مذاكرة وأقفل الإمتحان وأحس إن هو ده اللي ممكن أقعد أسمعه وأنا مبسوطة.

عامة، كل ذكرياتي هي المذاكرة، والإكتئاب بسبب المذاكرة، وإني كملت المسيرة في نفس الطريق محودتش.

بأسأل نفسي كتير هل الإستسلام للأمر الواقع والتسليم بيه أريح، ولا عدم الرضا ومحاولة كسر عنق الزجاجة، ولا بعد ما نكسره نقطع بيه شرايينا ونعملها - على حد تعبير رضوى- فيونكات؟

السؤال المهم هو العمر ثواني ولا سنين؟
والسؤال الأهم هو إمتى الزمان يسمح يا جميل؟

...

السبت، 1 أغسطس 2015

فن رثاء الذات



لا تفشل الحياة أبدًا في أن تفاجئني.
ولكن أكثر ما يثير الحزن بداخلي هو أن تدنو إليَّ بحلمٍ بعيد، فأقترب منه أنا لتقصيه هي مُجددًا.
أو تُريني ما لست أنا قادرةً على الإقتراب منه، عن قُرب.
...
سأبقى وحيدة، منبوذة، لا أستطيع الإقتراب من أحد ولا أحد يستطيع الإقتراب مني.
سأفني عُمري في الندم على الأشياء التي لم أفعلها أكثر من الأشياء التي فعلتها.
أفشل حتى في أن أفشل.
كم هي ثقيلة تلك التجارب الجديدة، تجذبني منطقة الأمان الخاصة بي إليها بإستمرار، أستطيع الفرار بصعوبة لأجد أن كل ما مضى كان البداية فقط.
...
كنت أعبر الطريق (أو أقطعه كما يقول أهل الأردن الشقيق) وأنا أفكر في القلوب المكسورة. تناثرت أشلائها حولي مؤخرًا، حتى عاد قلبي ينكسر مُجددًا ولا أقوى إلا على أن أحطِّمه أكثر.
لماذا لا نحاول مُجددًا مع اليقين؟

ولماذا ابتعدنا إلى هذا الحد بعد أن كنا قد اقتربنا -أو حسبنا أننا فعلنا-؟
لماذا لا تسير الأمور بسلاسة؟
ما سر كل تلك المعاناة؟ ما الضرورة في أن نشعر بالدونية والحقارة بإستمرار؟
لماذا نبدأ في الإنهيار كلما بدأنا طريق التعافي؟
لماذا لا أستطيع البوح، حتى لنفسي، بما يضيق به صدري؟
أرفض الإعتراف.
أرفض التصريح بأن هناك ما يقتل جزءًا مني في كل مرة، يسحق قطعة من روحي، يلتهمها، والروح لا تنمو مُجددًا ولا تتضاعف، تبقى منقوصة إلى أن تودِّع جزءًا آخر منها، وتستمر في التحلل بينما أنا أراقبها بيدين مقيَّدتين إلى صخرة في قاع البحر.
...
أشفق على تلك المسكينة الغبية، التي لا تفعل شيئًا صحيحًا أبدًا، تريد أن تكون طبيعية فقط وتبذل مجهودًا كبيرًا من أجل ذلك وتفشل، تحاول أن تتكلم فلا يخرج صوتها لأبعد من أذنيها هي، تحادث نفسها بصوتٍ عالي بإستمرار في الطرقات، تعض على شفتيها وأناملها دائمًا بسبب التوتر، لها ضحكة بلهاء، وأسنان غير مستقيمة، ونظارة طبية تجعلها أشبه ما يكون بغريبي الاطوار، تحمل معها دفترًا لا تكتب فيه شيئًا، وحيدة تمامًا، حتى إذا قررت أن تذهب بمفردها إلى أحد الأماكن المفضلة تحدِّق في شاشة هاتفها لأنها لا تعلم ما يجب أن تفعله وحيدة في مكانٍ كهذا.
تخشى سائقي التاكسي والويترز وأي شخص مسئول عن الريجيستريشن في أي مكان.
لديها فوبيا من الأماكن العالية، والسرعة فوق ال90، تكره أي نوع من أنواع المسئوليات، ولا تريد أن تكبر.

أشفق عليها وأكرهها.
...
وكأنني أكره لنفسي أن أبقى بخير، لابد من دراما غير مسببة.
لقد كبرت. أصبحت أكبر من اللازم على صنع قصور من الرمال والجلوس على الشاطيء خوفًا من المياة لأنني لا أعرف العوم.
من هم في مثل سني يسبحون في منتصف البحر الآن، بينما أنا أفضل السير بمحاذاة الشاطيء وأكتفي بوعد أن أصبح فيلسوفة.
كبرت فأصبحت أزهد أكثر، أحب أقل، وأحزن دائمًا.
تتداعى فجأة كل طموحاتي ولا أجد لها أثرًا في نفسي، اللهم إلا الندم على أنها ذهبت بلا رجعة.
...
سأمضي الليلة إذَا في رثاء الذات، سأبقى أفتِّش في حقائب الآخرين ويثقل عليَّ حمل حقيبتي. أندم على نفس الشيء مرارًا وتكرارًا، أستعيد صورته مرارًا وتكرارًا، وأحاول البكاء وتخذلني دموعي.


الجمعة، 24 يوليو 2015

أهواك بلا أمل


الولا حاجة دي تجميعة لبدايات تدوينات، في أوقات متفرقة، لم تكتمل.

...

عزيزي السيد ميم،

لعلك بخير.
كنت بأشتاقلك وأنا وأنت هنا، بيني وبينك .. خطوتين .. خطوتين بس والله.
المفروض إن ستاير النسيان نزلت بقالها زمان، معرفش إيه اللي رجَّع لنا النور من تاني.
وليه الكون إتفق عليَّا يفضل يرمي في وشي كلام عنك؟
مبعرفش أجمعه كله وبيقع مني في السكة .. وبيتقل عليَّا .. والكلام بيقل بالتدريج لحد ما يختفي.
لكني بأتعايش يعني.
من كام يوم كنت ماشية في شارع 26 يوليو بأفكر في حدوتة البنت اللي لقت في التلاجة ناس بايتة ومبيشبعوش، اختلفت الإناس وعدم الشبع واحد. بس قررت أسمع وصية الدكتور ليها ولباقي مجموعتها بإنهم يبعدوا عن شوية حاجات طول فترة العلاج، أهمها الموت.
ملعون البِعاد .. ملعون في كل مِلة ودين.
خايفة ميكونش في آخره وصل، لكني هأرضى بتفسير للسيناريوهات المُحتملة اللي محصلتش.
...
أبلة تهاني،
بعد التحية،

أكتب إليكي وأنتِ متعرفنيش، ولكن بسيطة، أنا فتاة عادية تحلم طوال الوقت. عندي من اللخبطة قد 20 قيراط كده.

فيه حاجة بتقولي إني جايز لو ركزِّت ألاقي الأربعة وعشرين قيراط بتوعي. أو جايز لسه مجوش، مش عارفة. بس أنا دايمًا مركزة مع قيراطات الناس وبأعدهالهم، وبأنسى أعِّد بتوعي، يمكن علشان كده بيقعوا مني واحدة ورا التانية وبيختفوا من غير ما آخد بالي.
أملي دلوقتي شوية سلام نفسي أقدر أقعد بيهم لوحدي مع نفسي في مكان عام من غير ما أحِس بنقص أو أركز مع حد غيري.
شوية لحظات كده مؤخرًا عايزة أقف عندهم:
-أنا وريم - صديقتي الصدوقة- بنلِف حوالين النافورة كالعادة ومشغلين مشيت على الأشواك في الخلفية، السنة بدأت بـ لفة الحديث عن طاقة المشاعر اللي بتخلص مع الوقت وعن الطموحات الكبيرة في الحياة وخلصت بـ لفة الحديث عن ذكريات هاوس وعن جمال الكلية من غير ناس.

-أو وإحنا نايمين ع العُشب وباصين في السما، وأنا مش قادرة أفتح عينيا للنور، كنت عايزة أعرف المقادير اللي تخلي لحظة زي دي صافية.
- اللحظة اللي قرر فيها كلبين من الشارع يجروا ناحيتي، بصيتلهم وقلتلهم بكل هدوء "لأ لأ" ومتحركتش من مكاني، لولا إن راجل طيب من المكان جه ومشَّاهم مش عارفة كان ممكن يعضوني مثلًا .. بس أنا ليه متحركتش؟ ليه مخوفتش وكأني كنت عارفة إنهم مش هيعضوني علشان أنا طيبة، وعلشان أنا مش هأطلَّع أدرينالين يشموه فيجروا ورايا.
_______

لا يبدو أنني أتعلم من أي تجارب على كل حال.
أمر بواحدة، فأخرج بحكمة أحملها في راحة يدي .. فتتسرب كالماء من بين أصابعي.
أو تتبخر ..

لا أرى أهمية للكتابة .. أو لطلب الوَنَس. هو لن يأتي على كل حال.
______


أحيانًا أشعر بأن كل ما أحتاج إليه هو تلك المسافة بين كتفيك، ثم أشعر بسخافة الفكرة، ثم بالإحتياج مُجددًا، ثم بالسخافة، وهكذا.
أدور في دوائر الفراغ ويحاول عقلي بإستمرار أن يخرجني منها، لا أنا أكتفي بذاتي ولا أنا أجد النصف الآخر الذي سيجعلني كاملةً .. أتذكر حقيقة الأمر بأنني إذا ما وجدت نصفُا لن أصير كاملةً، ولكنني سأصير نصفًا لا أمتلكه. أقرر بأن أصنع يقينًا بأن الأمور ستسير كما أردت دائمًا يومًا ما .. وربما وقتها يُصبح حُزني أكبر لأنني لن أجد السعادة التي علَّقتها على هذا السبب، سأكتشف إنني فقدتها في الطريق .. فإني نسيت الحوت وما أنسانيه الشيطان أن أذكره.

______

أكتر حاجة بأخاف منها مش إني ملاقيش الشخص الصح، أكتر حاجة بأخاف منها هي إني ألاقي الشخص الغلط.

______

في فيلم زي النهاردة أيمن كان كاتب في الأجندة -والكلام قرأته مي بعد ما توَّفى-: "مش عيب إن الواحد يفكر في الموت، بس لو فكر صح هيلاقي الموت ده كل يوم بيدينا هدية، وبيقولنا إتفضلوا، هأتأخر عنكم يوم كمان أهه، إتبسطوا فيه وإعملوا كل اللي نفسكم فيه."

______
Reminder

مينفعش ناخد النهارده بذنب إمبارح، ولا الساعة دي بذنب الساعة اللي فاتت.
مينفعش نتضايق من حاجة عملناها علشان عايزين نعملها. لأننا في الآخر هنموت وهنسيب كل حاجة.
الأصل هو الموت، مش الحيـاة.

______

"كُل شيءٍ في النهاية .. ينتهي."





الخميس، 2 يوليو 2015

رسالة لم تكتمل



علي،

الحياة لا تصير أسهل.
تصير أقل أهمية رُبما.

يكتسب المُزاح وزنًا ليُصبح ثقيلًا كلما اقتربت منه الحقيقة، تبدأ الأسئلة المُعتادة والمُتوقَعة بالضغط على وترٍ لا يحتمل.
أفكر في الإستعانة بوتر كمان.

لا أستطيع أن أعلِن عما يضيق به صدري، لا ينطلق لساني، ولا يأتيني هارون.
لا أعرِف إن كانت تلك كلمات تنبع من عقلي، أم مرَّت عليه من قبل فقرر أن يحتفظ بها لنفسه.

لا أريد السير في ذات الطريق، ولكنه يناديني، بإلحاح، ويبدو جميلًا .. يبتسم .. أسير تجاهه، ولكن ليس معي دليل.
أدعو الله بحق الشهر الكريم: إن كان فيه خيرًا فاكتبه لي، وإن كان فيه شرًا فاصرفه عني.
وأنِر لي.

طيبة هي العلاقات الإنسانية التي لا تتطلب أشياء لن نستطيع عليها صبرًا.
عندما تهتم لأمر شخص، تخشى أن تفقده، فتفقده.

لماذا تبدو الأشياء الجميلة مستحيلة الحدوث؟
لماذا تبدو الأشياء الجميلة سهلة الحدوث عندما يتعلق الأمر بالآخرين؟

لا تحتاج هبة إلى شيء، فكل شيء بداخل الفقاعة.
لكن لماذا تبدو الحياة أعقد ونحن بالداخل؟