الأربعاء، 9 يوليو 2014

سرطان



مشهد 1 :-

بتغيب عن الأرض بالسبع سنين، بترجـع للأرض بالسبع أسابيـع.

آخر مـكالمة: "أنا تعبـانة أوي يا أخويـا."
-"أنا هأحجزلـك ترجعي في أقرب وقت يا شاديـة."

مشهد 2 :-

بتحس بوجع في الجنب اليمين من وسطها، بتتجاهله يومين أو تلاتة بيزيد. بتروح للدكتور علشان يريّحها، بيتعبها أكتر.

الماستر سيين في حياة أميرة.

-"الآشعة اللي حضرتك طلبتها يا دكتور." وبتناوله ظرف كبير أبيض
الدكتور بيحطها على جهاز الآشعة، بيبص فيها لرُبع دقيقة.
-"احنا محتاجين نحلل tumor marker، فيه ورم كبير -نسبيًا- في المفصل، ومحتاجين نتأكد من طبيعته. أنا مش عايزك تقلقي دلوقتي، كل حاجة هتبان في التحليل إن شاء الله."

مشهد 3 :-

كانت بتكرهه بقدر ما هي مش عارفة سبب الكره.

بتعيّط على الأرض ومُنهارة. بتصرخ "ربنا ياخدك، ربنا ياخدك، ربنا ينتقم منك."
بتفكر في قساوة الدعوة، بتفكر تتراجع، بتسكت.

مشهد 4 :-

-"سرطان في الفم، في مرحلة متأخرة احنا هنحاول نعالجه ونعمل اللي علينا وربنا كريم، احتمال نشيل جزء للأسف ومش هتقدري تتكلمي."
-"يا حبيبتي يا شادية متقلقيش، ربنا كريم. ربنا كريم."

مشهد 5 :-

-"العملية نتيجتها ضئيلة جدًا، الوضع بيسوء، حاولوا تسفروها بره الإمكانيات هناك ممكن تساعدكم، والعرجة هتختفي."
-"معندناش مشكلة نسًّفرها يا دكتور، المهم أميرة تبقى كويسة، وبتمشي كويس."
-"يا ريت في أسرع وقت."

مشهد 6 :-

قبل السحور بساعتين

-"عندي خبر وحش، عمتـك شادية .. الله يرحمـها."
- صوت داخلي " أنا مشوفتهاش ولا مرة، ولا مرة."

مشهد 7 :-

-"مفيش فايدة، السفر مفادش بحاجة بالعكس، مفيش فايدة."
-خلِّي أملك بربنا كبير يا أميـرة."

مشهد 8 :-

مكان أسود كبير، من الحزن صِغِر.

-"الله يرحمها، بنتها لسه مدخلتش ثانوية عامة."
-"أنهي فيهم بنت أميـرة؟"
-اللي بشعرها دي."

مشهد 9 :-

ليلـة إمتحان مادة من مواد كتير عندها.

-"ماما، هي الحاجات اللي عندك على اللاب توب دي بتاعت ايه؟"
-بتهز دماغها .. "أبـوكي عنده سرطان."

بتتلوى بين الإحساس بالذنب والإنكار، مش عارفة تحدد موقفها، غير إنها متأكدة من سخرية القدر.

مشهد 10 :-

بداية النهـاية.

10 مكالمات ومبتردش على التليفون.
بتبعد عنه أكتر من الاول، بكتير.

-"يوم السبـت هأبات في البيت علشان أروح مع أبـوكي الصُبح، هياخد الكيماوي."
- صوت داخلي "الغلطة بتتكرر بحذافيرها. مقدرش أشوفه ولا مرة."

الاثنين، 7 يوليو 2014

في حب الكائنات الأخرى



لنحتفل.
سندِّعي بأننا سننتهي من العام الثاني بالكلية بعد عدة ساعات. ولن نضع في الإعتبار ما أبليناه في إمتحاناتها، ولا الإمتحانات المتبقية بعد أقل من شهرين، ولا أننا لم نشعر بها وهي تمر وتأخذ منا ما أخذته من الجميع وأكثر.
سندِّعي بأننا فرحين بالشهر الكريم. لن نضع في الإعتبار ما يسببه لنا من حزن، ولا وحشة، ولا البُعد الذي يزيد بدون أسباب واضحة.
الإدّعاء فن.

***
امبارح كنت مستنية أحكي عني اللي عايشة في خيالي، وبعد محاولة واحدة اتأكدت إنها مش هينفع تطلع بره خيالي حتى لو على ورق. مفيش أي منطقية في حكاية أنا اللي في خيالي، هي بتعيش فترات زمنية مختلفة. ممكن النهارده يكون عندها عشرين سنة وبُكره تلاتين. ممكن تنط أسبوع بحاله في الأحداث، وممكن لما تزهق في النُص تخرج بره الحكاية خالص وتدخل حكاية تانية. الموضوع أشبه بالحلم بس الفرق إن أنا بأتحكم فيه، بكل التفاصيل الصُغيرة قبل الكبيرة. الناس اللي أعرفهم، العيلة، مين بيكمل ومين بيخرج، ومين بيدخل في الحكاية جديد، عايشين فين وبنعمل ايه، مفيش قوانين ثابتة، أي حاجة مش هتعجبني هأغيّرها فورًا بصفر مجهود.


الدوشة اللي سيطرت على كياني بتنتشر حواليا. بأشوفها في الأقلام المفتوحة المرمية على الارض، النوت بوك المفتوحة ومقلوبة على وشها، والفُستان الملوِّن الجديد اللي متشالش من الشنطة ومرمي على كرسي في الصالة، والموبايل اللي بأسيبه فاصل شحن وبأكسل أشحنه، والكتاب اللي المفروض يرجع المكتبة من شهرين وكمان متقراش، وفي زينة عيد ميلادي اللي مش راضية أشيلها بقالي شهر ونص.

مبقتش مقتنعة بأي حاجة ولا المنطق نفسه. في أي نقاش مع أي حد أيًا كان (مع أو ضد) بأعارضه وخلاص لمُجرد إني شايفة طريقة التفكير نفسها غلط. يعني أي ثوابت عندك مش هتضطرني أعتبرها ثوابت عندي، وأي كلام هتقوله أنا ممكن مصدقوش عادي جدًا. طيب يلا نرمي كل  التابوهات بتاعتكم على الأرض وندوس عليها ونقعد نطنطط فوقيها لحد ما نكسرها كلها. بعدين ممكن ندوّر بقى على الصح والغلط من الأول.

-حاسة بإيه؟
-بإني حاسة بكل حاجة ومش فاهمة حاجة.
-يعني ايه؟
-لو عندك زرع جرب تقعد قدامه رُبع ساعة وتحاول تفهم هو حاسس بإيه.



التناسي أو الـ repression هو إنك تمنع مخك من إستدعاء معلومة معينة وتتناساها لانها بتسببلك أذى نفسي بشكل أو بآخر. ده بيفكرني بتناسي مذاكرتي، أو بتناسى الخناقات مع اصحابي، أو بكلام الدكتور اللي مرة قالي كلام مش لطيف في إمتحان شفوي، أو بكلام أبويا كله، أو بحاجات وحشة كتير عملتها زمان، أو لسه بأعملها لحد دلوقتي.


في إنتظار الشخص الخارق اللي هيلعب دور الصديق في حكايتي. قابلت منهم كتير كانوا مجرد شكل داب بسرعة مكملش فصل واحد حتى. الشخص اللي هأكلمه علشان عايزة أسمعله، ويكلمني علشان عايز يسمعني. 

بعد تفكير، الكائنات الأخرى من سمك وزرع وعصافير وقطط، وكائنات خيالية عايشة في حلم يقظة ممتد بطول العُمر هم أطيب وأكثر ونسًا من إنسان إما مش موجود، وإما موجود وعامل زي إدوارد سيسزورهاند اللي بيجرح كل اللي حواليه بعفوية ومن غير قصد.


 ***
السابع من يوليو العام الرابع عشر بعد الألفين عامًا ميلاديًا وقد كنت هنا أكتب. بالضبط في الساعة الثالثة من عصر اليوم المشار إليه. قد مررت من هذا الجزء من العالم، بأماني وأحلام وتصورات. تُركت وحيدة ولم أقدر على الإقتراب من كائن بشري واحد. انسحبت من الواقع بشكل جزئي واعتدت أن أسرق ساعة أو ساعتين من الزمن كل فترة لأسافر إلى خيالي حيث أنا التي لا تخشى، أنا التي تحيا.
أكتب تلك الكلمات بعمر يساوي واحد وعشرين عامًا وشهر وأسبوع أرضي. ولم أتعلم سوى أنني لا أتعلم. ولم أعلم سوى أن البشر هم أكثر الكائنات ضررًا وإحداثًا للوجع.

الخميس، 3 يوليو 2014

إن سعيكم لشتى..



سأخبرك بما لم أخبر به نفسي حتى الآن، بأن الوضع ليس بالسوء الذي نظنه.
فقط هذا وحسب.
إن لم تكن تنتظر فهذا لا يعني شيئًا على الإطلاق، غير أننا -حين نلتقي يومًا بعيدًا عن دخان هذة المدينة- سألقى إليك بكل ما كتبته من رسائل، وسأخبرك بأنها لك -وحدك-. ربما ستكون أنت لم تكتب إليَّ بحرف وحيد، ولكن ماذا يعني ذلك في مقابل أن نعثر على بعضنا البعض؟ ستحمل إليَّ أحلامًا بسيطة، وربما حلم واحد وسيكون كافيًا، جدًا، إلى الحد الذي سيجعل من كل أحلامي المسطورة بين يديك حبرًا على أوراق لا يعني شيئًا.
في الوقت الذي سأكون فيه قوية بالقدر الكافي لأعلن عن قوتي، لا أبالي بالعالم وبؤسه، ستكون أنت تتمرس فن القوة.
سأخبرك بأن الوضع ليس بسيء على الإطلاق.
وهل يحمل السوء إلينا سوانا؟ وكأن كل الأقدار التي كُتبت علينا قد كتبناها نحن -بوعي كامل وإرادة منّا- بإيدينا.
ولأن اللقاء نصيب، ولكل إمرئ نصيب، سأعترف بأن الحياة أبسط كثيرًا مما صوّرت لك في رسائلي السابقة -أو التالية في حال بدأت بتلك التي أكتبها الآن-، وبأن النظرية القديمة في ميكانيزمية الرؤية صحيحة من وجهي نظري تمامًا، والتي تفسِّر الرؤية بإنعكاس الضوء من عينينا -نحن- على الأشياء، فنراها. وهل الرؤية غير ذلك عزيزي؟ إننا لا نرى إلا ما نُسقط عليه من أعيننا/ أنفسنا نورًا فيهتدي إلى أبصارنا ما نريد أن نراه، وما نريد أن نراه فقط.
لن أُسهب في وصف أقرب هو للتنمية الذاتية التي بِتٌّ أتفاداها مؤخرًا، ولكن دعني أقول إجمالًا بأن "
لا يرى الجمال إلا جميل النفس". وأن البؤس الذي نراه في العالم ما هو إلا إنعكاس بؤس أنفسنا على الأشياء. فسبحان الجميل الذي جعل من كل شيء جمالًا.
سأخبرك بأن الحلم ما هو إلا حياة أخرى، كالتي نقرأها في الروايات أو نشاهدها في الأفلام، تُضاف إلى حياتنا التي نحياها، وتؤثر فينا بالقدر نفسه الذي يُحدثه الواقع.
إذًا، يمكننا الآن أن نبدأ في ممارسة فعل الحياة، دون أن ننشغل عنها بما لا ينتمي إليها. أن نصنف الأشياء بحسب شعورنا نحوها لا بحسب ما أخبرونا به عنها. أن نُجرِّب مشاعرنا الخاصة، لا التي علَّمونا إياها. يُمكننا -حالًا- أن نُثبت لأنفسنا -وهي فقط التي تعنينا- أن رحلة الحياة على هذه الأرض لن تنتهي إلا وقد أخذنا منها ما أتينا لأجله، وأعطيناها ما يُساويه.
والحياة -لو تعلم- هي التي تُنسينا أي لحظة خارج حدود لحظتنا التي نحياها، وأي مكان خارج حدود مكاننا، وأي بشر سوى الذين نتدفأ بحرارة قلوبهم الآن.
سأخبرك بأن الوضع -أبدًا- لن يبقى كما هو عليه، لأننا يتشابه علينا الأمور، فنساوي بين ما كان وما يكون وما سوف يكون، وإذا تأملنا الوضع من بعيد، سنراه مُختلفًا كل مرة عن سابقتها، ونحن أبدُا لم نمر في الطريق بنفس ذات النقطة مرتين.
أما عن البشر، الذين نكتب دائمًا أنهم -وحدهم- أسباب وجعنا، ومن عرَّفونا على معنى الخُذلان، ومعاني أُخرى، فلا يسعني غير أن أخبرك بأن على تلك الأرض كائن بشري وحيد هو من يتحكم في مصائرنا وأقدارنا، وبالتالي مشاعرنا وتجاربنا، ألا وهو نحن -أنفسنا-.
ستمضي حتمًا، وأنه قد قال ربي "فسنيسره لليُسرى". وهذا قطعًا جدًا كافي.

الاثنين، 30 يونيو 2014

اتنين رمضان



حبل الوصال اللي بيني وبينك -سبحانك- مهوش واصل
وأنا -لأجل ما أعيد وصله- بأفكرني بكل حلاوة القٌرب
ومش بأفتكر.

دعوة واحد: اليقيـن
اللهم إني أسألك بكل ما سألك به عبدك ونبيك ومحمد، وأعوذ بك من كل ما استعاذ بك منه عبدك ونبيك محمد.
يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك.
يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك.
يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك.

دعوة إتنين: التوفيق.
كما إن أوله رحمة، وأنت -سبحانك- الرحمن الرحيم، وكما إنه لا يدخل الجنة أحدكم بعمله، بل برحمتك. اللهم برحمتك وفقنا إلى ما فيه الخير.

-----

شعور واحد: النفي.
عارف أنا بأكره المناسبات السعيدة ليه؟ وأتعس أيام السنة بالنسبة لي بيكون العيد .. ؟ علشان ده أكتر وقت في السنة بأحس فيه إني مقطوعة من شجرة والشجرة ماتت. وإن مفيش حد في المكان ده أو أي مكان تاني ممكن أتلم عليه ونونس بعض في مناسبة حلوة زي دي، مفيش حد هأقعد معاه كمان عشرين سنة ونفتكر ذكرياتنا السعيدة وقت الأعياد والشهر الكريم، ومفيش حد هيكون موجود هنا كمان عشرين سنة غيري على كل حال.
كان نفسي أطلق على الشعور ده الوحدة، لكن الحقيقة الوحدة تختلف عن شعورك وأنت بتعمل فطار طبق واحد، بتصلي التراويح لوحدك، نسيت رنة موبايلك لأنه مش بيرن، وفكرة عزومات رمضان دي أوبشن مش نازل في حياتك.
الوحدة إنك تستمع بكل ده وقت ما يكون إختيارك، في حين إن عكسه مُتاح وممكن تعمله، ببساطة.
أما النفي، هو إنك تتحط على هامش الحياة بحيث إن أي حاجة هتحصلك أو هتقابلها هتتصنف "مش مُهمة".
أحيانًا، هيكون إنك تتصنف أصلًا ده مش مُهم.

شعور إتنين: الإنهاك.
الهدّة اللي كياني كله مهدودها بدون مبرر دي واقفة بيني وبين أي محاولة لتغيير الوضع وما هو عليه. إنهاك معنوي بيمنع أي إحساس، وإنهاك جسدي بيمنع أي حركة. وحقيقة إن الإيه تيبهات اللي في جسمي اتطبعت بطبعي وبقت بتكسل تديني طاقة دي بقت حقيقة ثابتة في دماغي. أما إختياراتي السلبية أو قرار اللاقرار إما نتيجة للإنهاك ده أو سبب، وفي الآخر سلسلة السلوك دي بقت دايرة، والإنهاك بيؤدي لقرارات سلبية والسلبية بتؤدي للإنهاك، والشعور بيزيد مش بيقل.

شعور تلاتة: الفراغ.

-----

هل لي أن ألقى برأسي المُثقل بالهموم على كتفك الآن، لعلها تهدأ قليلًا، أو لعلها تزداد ثقلًا بالأفكار المتساقطة من عقلك إليَّ، على كلٍ، هل لي بأن أقترب لعلي أزداد دفئًا؟ فأنا لا ينقُص قلبي سوى الدفء.





"يا ناس يا عبط يا عشمانين
ف فرصه تانيه للقا
بطلوا اوهام بقي
وكفايه أحلام واسمعوا
عيشوا بذمه و ودعوا
كل حاجة بتعملوها
وكل حد بتشوفوه
وكل كلمه بتقولوها
وكل لحن بتسمعوه
عيشوا المشاهد ,, كل مشهد
زي مايكون الأخير
واشبعوا ساعة الوداع
واحضنوا الحاجه بـضمير
دا اللي فاضل مش كتير
اللي فاضل مش كتير"
ـــــ مصطفى ابراهيم



تزورني ذكراك كنوبة البرد السخيفة في فصل الصيف، أو كألم الرأس في الصباح، ولكن سُرعان ما تتلاشى بين ذكريات أخرى فتتوه أنت بينها، فما ألبث أن أفُتِّش عن ذكراك، وكأنني أهوى أن أحدق في عيني الوجع.
أما لكل هذا الخواء أن يختفي؟
هل تعلم -عزيزي- أنني بالأمس ضحكت؟ كنت قد نسيت كيف يُمكن للمرء أن يضحك، وأنني حتى ولو لم أكن متأكدة من إنعكاسها على أليافي العصبية، فأنا وبدموع الضحكة التي أستمرت لأقل من ستين ثانية مُمتنة لهذا العالم.





الثلاثاء، 17 يونيو 2014

حتى يأتيك اليقين



الهَوس هو المشي في طريق بيتك، والإنبساط بالمشي، بوقوع عيني ع الحاجات اللي عينك بتقع عليها، بتخيّل طيفك الحراري لسه موجود في المكان وبأعدي جنبه.
الهوَس هو إني لما أنام أحلم بيك برضه، وكأن مفيش حاجة تانية في العالم ممكن أفكر فيها غيرك.
الهَوس اللي بيخلينا نجري بأقصى سرعة في اتجاه الحاجات اللي بتسببلنا قدر من السعادة من غير ما نبص يمين وشمال، وممكن في أي لحظة تيجي حاجة تخبطنا.
احنا بنتشد، بنتشد زي الحشرات اللي بتطير ناحية صاعق الحشرات بكل قوتها لحد ما تتصعق وتموت.

مش عارفة ايه تحديدًا كان في دماغي وأنا بأسأل سؤال بيزن في دماغي من فترة، لكن كنت متأكدة من إن الإجابة أيًا كانت هتسعدني، هتفضل قانون من قوانين حياتي لفترة طويلة، وإن من بين كل النصايح اللي سمعتها في حياتي هتفضل محفورة في دماغي بشكل مُثير للبهجة.
"هو الواحد بيبدأ يدوّر على اليقين من عند فين؟"

مش عارفة راء هتفضل حلوة في عيني لحد امتى، بس اللي متأكدة منه إن حلاوتها بتزيد في عيني كُل يوم.
بأسأل نفسي كتير هي عايشة معانا على كوكب الأرض؟

الفكرة كلها إني مبسوطة جدا ومتضايقة جدا في نفس الوقت، لدرجة إن تعابير وشي مش عارفة تاخد أنهي أمر وتنفذه بالظبط، فبيحصل إن وشي يعلق وأفضل متنحة في السقف طول اليوم، أو أقفش نفسي وأنا بأخبي وشي بإيديا وسط الناس علشان بأضحك وعينيا بتعيط.
أنا مش مصدقة في أي حاجة دلوقتي، مش مصدقة حتى إني بأكتب الكلام ده، مش عارفة إزاي كل طموحاتي في العيشة إني أعدي مرحلة لمرحلة هتكون كل طموحاتي فيها إني أعديها. مش عارفة ممكن ألاقي أمان فين، ولفين ممكن أهرب من كل الأفكار السودا اللي في دماغي.
مش عارفة ايه بالظبط اللي ممكن أعمله من غير ما نفسي تأنبني عليه كل خمس دقايق.
ومش عارفة أي حاجة دلوقتي غير إني عايزة أهرب.
الفكرة إني خايفة، وبأحاول أقنعني من الصبح إن قوتنا كلها هتكون في إننا نتعامل مع خوفنا ده، مش إننا منخافش، ومش عارفة أقتنع.

الإعلان عن مشاعري، أو أفكاري الشخصية جدًا بقى بيستدعي مني قدر من الجرأة مش متأكدة إذا كنت أمتلكه ولا لأ.
كُل اللي عارفاه عن نفسي إني لما بأكتب حاجة في مكان متاح للناس تقرأني فيه بأحس نفس إحساسي لما بأطلع البلكونة خطف من غير إيشارب علشان أجيب حاجة بسرعة، عايزة أعمل حاجة بس من غير ما حد ياخد باله، وأنا عايزة أكتب من غير ما حد يركز معايا. ده بالظبط اللي بيخليني بعد كل مرة أكتب بوست أمسحه، أو بعد ما أدوس "بوست" أعمله برايفسي ليا لوحدي.

فكرة إنك كمان تكتب وناس متعرفكش تقرالك مُريحة.

أنا مش بأعرف أتكلم قدام الناس. مش بأعرف أتكلم مش قدام ناس.
فيه كلام لما بيحضر في دماغي بيربط لساني بقنواتي الدمعية ولو نطقت حرف بأدخل في حالة عياط لا مُبررة.

عارفة ايه مشكلتي معاكي؟ إني لما بأعتبرك قريبة أوي في كل مرة بأحس إن العالم مديني ضهره، بأرمي نفسي عليكي بكل إستسلام وبأسيب نفسي، فلما مبتكونيش موجودة بأتكفي على وشي. عارفة ده حصل كام مرة؟

فيه حاجات كتير حصلت كانت مستنية مني أعلّق عليها، أحكيها، أعلن إمتناني للعالم علشانها، بس الفكرة إني دلوقتي أضعف بكتير من إني أعمل ده. الواقع إني أضعف من "دوري"في العشر ثواني اللي وقعت فيهم على المكتب لما كنت بأغيّرلها مية الحوض بتاعها، فمسكتها بإيدي وحطيتها في المية بسرعة.العشر ثواني اللي كانت بتحرّك خياشيمها وديلها بكل قوتها، والدنيا بتضلِّم. أنا محتاجة حد يمسكني ويحطني في المية بسرعة.
...

-الفيل مات يا أوبرا.. مات..
-لأ الفيل عمره ما عمل حاجة من غير ما يقولي، هو مقاليش إنه هيموت.

...

كنت كمان 3 ثواني هأقوم أزّعق في وسط الناس بعلو صوتي إني زهقت. زهقت من إني مش بأعمل حاجة. زهقت من إني مش عايزة أعمل حاجة. وزهقت من إني كده وخلاص.


يا رب.

...


هي التي تمر على خاطري بطيب البلسم على الجرح فلا يبقى غير البسمة التي تبقى للمرة القادمة التي سأتذكرها فيها.
هي التي جمعت معها ذكريات الطفلة التي بداخلي في حقيبتها الكبيرة وأخذتها ورحلت.

*****

من البداية بقى، ورجوعًا للإمتحانات، ايه اللي خلى المُنحدر أسلوب حياة؟
ايه اللي خلى كل حاجة يبقى ليها علاقة ببعض، وكل حاجة تصب في مشكلة الإمتحانات اللي مش بتخلص؟
وخلينا نقول كمان إن الإمتحانات امتدت من سنتين ولحد دلوقتي عرض مستمر.
ولما بألبس النضارة وأبص في الأفق علشان أشوف، مبشوفش.
الحقيقة إن مفيش أي حاجة قدامي غير الإمتحانات.
طريقك مسدود مسدود يا ولدي.
وكالعادة، الأمل اللي بيعيِّشنا، بإن في مرحلة ما كل ده هيعدي وهنقفل ملفات الماضي وهنفتح ملفات -أصعب- جديدة.
المُهم إنها جديدة.

من الآخر بقى، وبعيدًا عن الإمتحانات.
اللي أقرب إلينا من حبل الوريد، ولما كل حاجة بتبوظ وبتتكربس فوق دماغنا ونكون محتاجين نطمن ومش عارفين، مفيش غيره نلجأله. مفيش غيره أصلًا ممكن يصلح كل العك اللي حاصل جوانا ده.
مفيش غيره ممكن يطيب خاطرنا وينسينا الكلام اللي قلوبنا بتتقطع منه ده.
مفيش غيره بإيده كل حاجة. بإيده قلوب العباد حتى.
مفيش غيره.
هو.

يا رب النفس اللي معانا مش كويسة، ممكن نبدلها؟
نصلحها طيب؟
نرميها ونمشي من غير نفس خالص؟
نعمل ايه طيب؟

مفيش فايدة؟
مفيش؟ فيه؟ فيه ومفيش؟

******

ولكنني حينما أنتظرك ها هنا وتنتظرني هناك، كيف سيجد أحدنا الآخر إذن؟
وحينما أستبقي كلماتك التي لم تصل ولكنني أعلم أنك حتمًا كتبتها، هل تفعل نفس الشيء إذن؟

******

احنا ممكن ندوّن إكتشاف المرحلة بإننا كويسين، فيه حتة كويسة، وإن بمبدأ "قضى أخف من قضى" زعلنا الساكت مبيدبحش حد، على قد ما احنا عندنا اسكيزوفرينيا وجوزائيين متعصبين وبنتصاحب على ناس في تلات دقايق وبنخسرهم في دقيقة، ومجانين، ومبنعرفش نعمل أي حاجة في الدُنيا غير النوم، وبعيدًا عن باقي العيوب التانية وعملًا بمبدأ الستر مش هنذكرهم، على قد ما احنا عمرنا ما قُلنا لحد كلمة تجرح في حقه مهما كان.....
احنا حلوين.
القدر كمان حلو جدًا، نفذلنا طلب بليل تاني يوم الصُبح، وجاوبلنا على سؤال سألناه المرة اللي فاتت بعدها بمفيش.
إكتشاف كمان بيقول إن فيه شعرة بين تقبل النفس وبين الشماعة اللي بنعلق عليها غلطاتنا بإن هو إحنا كده وخلاص.
وإن ربنا كريم وبيبعتلنا حد ممكن يفضل معانا ساعة ونص على التليفون بيسمعنا من غير ما يصدَّع.

******

فالذي برحمته جعل لنا شهرًا كريمًا لنرتقي بالقلب إليه،
والذي برحمته جعل لنا نورًا في كتابٍ كريم،
قادر على أن يجعل لنا من المحنة منحة.


******

اللهم إنك عفو كريم تحب العفو ..

رمضان .. يا حبيب .. ليتك دومًا قريب.

السبت، 14 يونيو 2014

الفلسفة الكونية


“يا خالق كل شئ ناقص .. كمالته معاك
يا شايل م الحاجات حتة .. بنترجاك
بحق المشهد الكامل
و اسمك اللى أنا عرفته
تسيب اللى يكفينا
و تكفينا بما سبته
ما تحوجناش
لجاى مجاش
و ترضينا بما جبته”
ـــــ مصطفى إبراهيم

***
أعراض الإنسحاب من الواقع بتبدأ باللامبالاة؛ الفترة اللي بتفقد فيها إهتمامك بأي حدث بداية من طرح شجرة الياسمين في الجنينة اللي قُدام البيت ولحد طربقة السما على الأرض. وبتجيلك تناحة وتكتسب مناعة ومفيش أي شعور إنساني واحد بيقدر يعدي بوابات قلبك ويخليك تحس بيه، كل حاجة بتتعامل مع عقلك وبتقف عند إدراكك للواقع مش أكتر.

بعد اللامبالاة -ودي المرحلة الشائعة-، بتبدأ مرحلة الإحباط، بتفتكر فيها إنك مُهتم، بس الحقيقة إن ده مش إهتمام، دي محاولة من جسمك إنه يخرجك بره حالة اللاشعور لحالة فيها أي شعور اللي غالبًا بيكون إحباط. ممكن في حالات إستثنائية الموضوع يقلب بإنبساط وسعادة لا مُبررة، أو بإهتمام متصنع ومشاعر مُزيفة.

المرحلة قبل الأخيرة بتكون الإستسلام، واللي بيختلف من حد للتاني. فيه حد بيستسلم نهائيًا، وحد بيستسلم في مرحلة مُعينة وبيرجع يقوم ويكمل. الهروب من الإلتزامات والواجبات والناس، الإنعزال، دخول الفقاعة. تكملة مرحلة الإستسلام هي المرحلة الأخيرة، صُنع الواقع الذاتي أو الشخصي. الشخص بيبدأ يحط قواعد للعالم خاصة بيه، تصنيفات مُختلفة ومعايير غير اللي موجودة حواليه. نظرته للأمور بتختلف وبيعمل جوه ذاته عالم خاص بيه هو المتحكم تمامًا في تفاصيله. وبكده يكون الشخص أتم الإنسحاب من الواقع زي الفُل.

...

الأسئلة الوجودية، اللي بتطرح نفسها بقوة وبتفرض نفسها على ساحة العقل في وقت هو مش مُستعد فيه إنه يدوّر على إجابات منطقية ومتسلسلة، بترهقنا. مش مستعدين لرحلة البحث عن إجابات دلوقتي. مش معانا زاد من القوة يكفينا لحد ما نوصل لبر الإجابة. أسئلة مُهم نعرف إجابتها علشان نعرف نشوف قدامنا مترين ونمشي في أي سكة.

ايه اللي جابني هنا
هأخرج من هنا إزاي
ليه ده بيحصل
وليا أنا بالذات
ليه مفيش رجوع
ليه مفيش باب خروج في نص السكة
أنا ليه أنا أصلا
ليه مفيش كائن على الكوكب ده فاهمني
ليه مفيش كائن على الكوكب ده بينقي كلامه معايا
ليه مينفعش أتحلل لكربون دلوقتي
وقعت في الحفرة دي إزاي
وقعت في الحفرة دي امتى
مطلعتش من الحفرة دي ليه
هأطلع من الحفرة دي إزاي
الحياة بسيطة وأنا اللي معقدة ولا العكس
ليه مش عارفة أكون مخلوق طبيعي
ليه أنا في الجزء ده من العالم بالذات
مين ماشي بيزقني وأنا واقفة
مين بيسرق مني وقتي
انتوا ليه بتاخدوا كل حاجة
انتوا مين أصلا
أنا إزاي وستين إزاي
لما الدماغ بتبوظ بيصلحوها فين
مين حط السيستم بتاعي
أغيّر السيستم ده إزاي
أروح فين وآجي منين
ايه اللي بيحصل ده
ايه اللي أنا شايفه ده
يا سلام يا سلام يا سلام


ثم إن إزاي بقى، كل مرة بنضحك على نفسنا بنفس الكدبة وبجد بنصدقها؟ ثم إن إزاي دايمًا بنقع في نفس الغلطة؟ ثم إن إزاي الكون مبيقفش علشانا، ومبيقفش علينا، ولا بيفرق معاه ببصلة إن كنا مبسوطين ولا عندنا إنهيار عصبي.
ثم إن أصلًا كل حاجة مش مُهمة.

...

ولحد ما ييجي اليوم ونداوي الوجع بتطييب الخاطر، ونطيّب الخاطر بعلاج الوجع، لحد ما ييجي اليوم اللي هنقدر نبص في عينينا في المراية، ونبص في عينيهم ونقولهم اللي حاسين بيه بالظبط، لحد ما ييجي اليوم اللي نصحى فيه حاسين بالخفة من إنزياح الهم عن قلوبنا، لحد ما ييجي اليوم ده، هأفضل معاكِ.

الخميس، 12 يونيو 2014

سنحاول السيطرة على .. العالم




بالقليل الذي نمتلكه من قدرة على رسم إبتسامات صغيرة
وببضع كلمات
وكُتب
بباقة زهر بيضاء تفوح منها رائحة الصباح
بعنقود الفُل
وبضحكات تتلاشى لحظيًا ويدوم أثرها
بكوب القهوة بصورة أم كلثوم مُزيَّن
الممتلىء لنصفه
وبصوت فيروز وهي تشدو "فيه أمل .. ايه فيه أمل"
سنواجه العالم.

بخطوات على استحياء بعيدًا عن ضعف أنفسنا
تجاه ما نتمنى أن نحظى به
تجاه ما نتمنى أن نكونه
بـ"سأصير يومًا ما أريد"
بالسهر
بالحكي
بالكتابة
بالسُكر والحلوى والشوكولا
بالليمون والشاي الأخضر
والنعناع
سنواجه العالم.

حتمًا بقصائد خبئناها بين ضلوعنا
بأوتار الكمان
وبفتحات الناي
بالتدوين عن الوجع
سنواجه العالم.

حتى
بالأكاذيب
بالخيال
باللاشيء
سنواجه
سننتصر.