السبت، 11 أبريل 2015

العد التنازلي للعد التنازلي



في غرفتي مائة شيء على الأقل لا أحتاج إليه.
أرى أحيانًا كثيرة انني لا أملك شيئًا.
..

عندما أخاف، أطمئن بأنني على الطريق الصحيحعندما لا أبالي، أعرف بأنني قد ضللت الطريق.

..

في أحلامي، لا منطقية على الإطلاق.
من يملكون العالم قد قرروا أن يبيدوه تمامًا ونحن نحاول الهرب، يقودنا "د. هاوس".
جهاز يمكنك من الرؤية بوضوح فور أن تضعه في عينيك ويخرج عندما تأمره بالخروج، ولكنها مؤامرة لإفساد عينيك.
كوبري صغير يربط بين جامعتك في القاهرة وبين الإسكندرية، وهناك عدة أبواب هناك، كلٌ منهم يتيح لك الإنتقال إلى العصر الذي تريده.
أحيانًا تبدو أحلامي أكثر منطقية من الواقع، على الأقل هناك أشياء تحدث.

..

 
الأيام الكثيرة التي تصطف في نتيجة الحائط خاوية، بيضاء بشريطة مائلة زرقاء تعلن الحداد عليها.
أصنع قائمة طويلة، أحسب عدد الأيام بين كل إمتحان، متى يبدأ شهر رمضان؟ متى العيد؟ متى الأجازة؟
لماذا يجب أن أعرف على كل حال؟ لا أعرف، يجب أن أعرف وكفى.
أدعو الله أن أجمع شتات نفسي، وأن أ-survive حتى النهاية.

..

من نافذة الغرفة الصغيرة أستطيع رؤية إنعكاس آشعة الغروب على البناية المُقابلة، وعلى يمينها السماء وقد اكتظت بالسُحب التي تنتظر كل منها إحتكاك بأخرى لتبدأ بالبكاء، وبينما أنتقل بنظري بين شاشة "اللابتوب" والمنظر، يشدو صوت مُحبب إلى نفسي "كِبر البحر وبعد السما .. بحبك يا حبيبي .. بحبك"

..

يوشك العام الدراسي على الإنتهاء .. لست مُندهشة، اعتدت أن تمر الأعوام دون أن أنتبه، فصار الإندهاش أمرًا إعتياديًا لا ضرورة منه. لم أعد أتسائل عن كيفية مرورها أو فيم أفنيتها .. فـ "الدنيا ريشة في هوا، طايرة بغير جناحين." كما تعلم.
 "
مبقيتش بأسأل نفسي ليه الحاجات الوحشة بتحصل، بقيت أسأل لما مبتحصلش، إزاي محصلتش؟"

..

أدعي أنني لا أهتم لرأي الناس، وعندما أسمع آرائهم أجد في نفسي رغبة شديدة في الرد عليهم، ألست لا أهتم لهم بالأساس؟
لماذا أكلِّف نفسي عناء الرد إذًا؟

..

نحن نخشى قضاء أوقات سعيدة لأننا ندرك وقتها كم نحن بؤساء في العادة.
لا نحتمل أن نخوض تجارب ممتلئة بالحياة حتى لا نعلم كم أننا موتى.
نبتعد قدر المُستطاع عن الممكن لأننا نأمل في المستحيل، ولأننا نوقن بأنه مستحيل، لا نرضى حتى بالمُمكن.
ننتظر الأشياء أن تحدث لنا، ولا نسعى نحن إليها.
وكأن القدر سيبعث إلينا بأمانينا لمجرد أننا تمنيناها.
ننتظر أن تكتمل الأشياء ونحصل على كل شيء في النهاية السعيدة.
ولكن النهايات السعيدة هي قصص لم تنته بعد.

..
How miserable we are.
How lifeless we are.



الأربعاء، 8 أبريل 2015

عن النبذ وأشياء أخرى





صباح الخير أيها العالم الدنيء.

صباح محاولات التحايل على النفس، وإقناعها إن كل حاجة بقت كويسة أهي .. أهي. حتى لو مفيش حاجة كويسة خالص. بس إحنا هنعمل زي بتوع التنمية البشرية ما بيقولوا وهنركز على نُص الكوباية المليان، حتى ولو كانت مش دي الكوباية اللي إحنا عايزينها تتملي، وحتى ولو كنا عايزينها تتملي بحاجة تانية، والحاجات اللي جت خدت مساحة نُص الكوباية ومليتها أخدت المكان اللي كانت المفروض الحاجات اللي إحنا عايزينها تيجي تملاه، وبالتالي: مبقاش فيه مكان كفاية للحاجات اللي إحنا أصلًا عايزينها. بس برضه؛ هنبُص على نُص الكوباية المليان ومش هنفكر إنه يا ريته ما اتملى .. خالص.

بالرغم من كمية السعادة الغير مُبررة اللي قررت تغمر اليوم إمبارح على غير العادة، أول ما حطيت دماغي على المخدة وفيه إبتسامة عريضة على وشي، قلبي اتقبض فجأة، واتمرد على الريتم بتاعه وقرر يدق في وداني بسرعة وبقوة( وده بيحصل لما بأكون متضايقة، مش العكس) كأنه بيقولي: اتنيلي على عينيك وبطلي تتجاهلي الحاجات اللي مضايقاكي، لحد ما بقيتي مش عارفة إيه هي الحاجات اللي مضايقاكي. الحقيقة إني فعلًا قمت وقعدت أسأل نفسي: إيه هي الحاجات اللي ممكن تكون مضايقاني؟ وعرفت أعمل ليست طويلة مُحبِطة قد الدنيا
ميكانيزم الدفاع بتاع "يلا ننسى كل الحاجات اللي بتضايقنا فور ما بتحصل" ده أحيانًا بيكون مُفيد، بس اللي بقى بيحصل مؤخرًا إني بانسى الحاجات اللي بتضايقني، وبأفضل متضايقة من غير ما أعرف السبب. ميكانيزم فيه عيوب صناعة مُضرة بالصحة.

إحنا بقينا بنتمنى الحاجات الحلوة اللي بتحصل في حياة الناس يحصلنا زيها، مع إنني مش عايزينها أصلًا، ولو حصلتلنا مش هتفرحنا ولا هتفرق معانا بحاجة. تعريف الحاجات الحلوة بالنسبة لنا اتضرب في الخلاط مع المُقارنة المُستمرة لنفسنا بالناس، وشوية عدم فِهم لنفسنا، مع خوف من الخروج عن القطيع .. وطلعلنا كوكتيل مشوَّه عن طموحاتنا في الحياة.

 
المُهم، بيتهيألي لما ربنا عملنا ونزلنا على الأرض كل الناس لقيوا ناس يعيشوا معاهم، وفِضِل شوية ناس مش لاقيين ناس يعيشوا معاهم فلموا بعضهم وعاشوا مع بعض، بس فِضِل إحساس النبذ ملازمهم ومعرفوش يعيشوا حياتهم بطبيعية من غير ما يحسوا إن الناس الأولانيين أحسن منهم. وجيل بعد جيل فضل الإحساس موجود حتى من غير ما يعرفوا السبب.
بيتهيألي أنا من الناس التانيين دول.

مفهوم "شحاتة الثقة" اللي اتكلمت عنه ريهام سعيد ده طلع حاجة حقيقية جدًا. طول الوقت بنحتاج حد يقولنا إن اللي بنعمله ده كويس وإننا كويسين والحياة مش هتمشي من غيرنا .. بنحتاج حد يجاملنا ويقولنا إن شُغلِنا حلو حتى لو ده مش حقيقي، وبنحتاج حد يقولنا إننا حلوين علشان نصدَّق ده.
الحقيقة إننا طول الوقت بنغلط، ومش حلوين زي ما بنتمنى، والدنيا هتمشي من غيرنا عادي ومش هتاخد بالها إننا مش موجودين في الصورة أصلًا، وإحنا محتاجين نعرف ده ونبقى متصالحين مع الفكرة وقادرين نعرف حجمنا الحقيقي ومنتكسفش منه. علشان إحنا مش هنعرف نعيش حياة القلم الرصاص اللي عاش طول عُمره يحلم إنه يبقى طيَّارة.

وأخيرًا وليس آخرًا، بالنسبة للصُدف اللي بنستناها تحصِل، عُمرنا ما هنتكعبل في حاجة حلوة في السِكة وإحنا ماشيين واخدين بالنا أوي وبندوَّر على حاجة نتكعبل فيها.

الخميس، 26 مارس 2015

إلى اللانهائية .. وما بعدها



كام مرة هنعدي من جنب حد هنموت ونتكلم معاه بس نبص في الأرض أو في الموبايل ونعمل نفسنا مش واخدين بالنا علشان مش هنقدر نتكلم وكل الكلام اللي في الدنيا هننساه، حتى هننسى إن إجابة سؤال "إزيك" بتبقى "الحمد لله" .. أو الرد على "شكرًا" بيبقى "العفو" .. ؟
كام مرة هنبُص بحسرة للحاجات اللي مش في حياتنا ونقول معلش فترة وهتعدي، دي حاجة مؤقتة كده بس هنصبَّر نفسنا بيها دلوقتي لحد ما نبدأ حياتنا اللي بنحلم بيها بقى .. وتعدي الأيام والأسابيع والشهور والسنين ونلاقينا عيشنا الحياة كلها زي بالظبط ما كنا كارهينها -من غير ما ناخد بالنا- علشان كنا معتبرين إن الوضع ده مؤقت وإن دي مش حياتنا .. ؟

كام مرة هنغلِّب رأي الناس فينا على رأينا في نفسنا؟ وهنبني رأينا في نفسنا على رأي الناس فينا؟ كام مرة هنحاول نبهر الناس وخلاص؟ كام مرة هنظلم نفسنا بإننا نيجي عليها ونغيَّر فيها بتني الدراع علشان تبقى شبه حد تاني الناس يحبوه أكتر مننا، وتضيع نفسنا مننا وسط الزحمة ولا نعرف نرجعلها ولا نعرف نفضل على الوضع اللي جبرنا نفسنا عليه، فنفضل متشعلقين في النُص مش عارفين إحنا مين؟

كام مرة هنقعد في زاوية كادر المشهد علشان ملناش مكان في الصورة؟ كام مرة هنمشي نكلِّم نفسنا في الشارع علشان مفيش حد تاني نكلِّمه؟ كام مرة هنسيب الحاجات اللي نفسنا نعملها علشان مش لاقيين حد يعملها معانا ويحبها زينا، وهنعمل حاجات مش عايزين نعملها علشان لاقيين ناس بيعملوها ومنتبسطش بيها، بل ونتضايق إننا متبسطناش؟

كام مرة هنوجع روحنا علشان مش عارفين نيجي على حد؟ كام مرة هنوجع ناس بيحبونا علشان مش قادرين نيجي على نفسنا؟ كام مرة هنوعد نفسنا بحاجات مبتحصلش وعارفين إنها مبتحصلش بس علشان نواسي نفسنا؟


كام مرة هنقول لنفسنا "ده مُجرَّد يوم وحش، مش حياة وحشة"؟
أو "إحنا ممكن نبقى مبسوطين من غير الحاجة دي"؟
كام مرة هتصعب علينا نفسنا، ويصعب علينا الناس، ومنعرفش نعمل حاجة لحد فيهم؟

كام مرة هنتساب وننسى؟ كام مرة هنسيب ونقسى؟ كام مرة هنشيل كلام في قلوبنا يجرح علشان ميجرحش غيرنا؟
كام مرة هنفكر نلاقي نفسنا صغيرين أوي .. ومش عارفين نشوف نفسنا .. ونتكسف من اللي ملناش يد فيه .. "ما بأيدينا خُلقِنا تُعساء .."؟


كام مرة هنقاوم قبل ما نقع في حفرة الإكتئاب للأبد؟
كام يوم هنعديه علشان نوصل للي بعديه؟ كام سنة هنعديهم يمكن نرتاح علشان نفهم في الآخر إن مفيش راحة هنا؟

هنعيش كام مرة؟

الأحد، 22 مارس 2015

حوار مع صديقي الحزين


أحيانًا كل ما تحتاج إليه هو أن تقف قليلًا .. تتمهل .. تتنهد .. ثم تمضي في طريقك من جديد.
هذه أحدى محاولاتي المُستمرة -الغير مكتملة- لذلك.

...

مبنعرفش نتكلم عن نفسنا بصيغة المتكلم، بنتكلم بصيغة الجمع، أو بضمير الغائب ..
فيه أسطورة بتقول إن الكلام بالـ"أنا" بيوحي بالأنانية والغرور، بالرغم من إنه معروف بديهيًا إن "كلنا يتحدث عن نفسه" .. القاعدة الغير مُعلنة الأشهر في التدوين.

المفروض لما تكون حاجة مضايقانا في حياتنا نقدر نسامح نفسنا عليها، بمنتهى البساطة بإنها مش غلطتنا.
لو الحاجة دي فيه إمكانية تغييرها يبقى تمام، ولو مغيرناهاش فيه حد أقصى من جلد الذات هتستحيل الحياة بعده.
أما إذا كانت الحاجة دي م الأول لينا يد فيها، فإحنا بشر وطبيعي بنعك في حياتنا، وإحنا ع الأرض مش في الجنة، فممكن نبطل نبص لغلطاتنا بميكروسكوب؟
في الآخر الفرص اللي ضيعتها وكانت في إيديك وسيبتها تمشي مش هترجع، غلطاتك الكارثية مش هتتصلح. ولا أنت هتتعلم برضه. سامح نفسك واقفل الموضوع.

في الآخر برضه، قدرتك على شوف الغلط وتمييزه من الصح كفاية جدًا، حتى لو مش هتعمل بالشوف ده حاجة دلوقتي.
...

كانت الفتاة تخفي إبتسامتها بأناملها ولكنها كانت أنحف من أن تستطيع إخفاء كل تلك الإبتسامة العريضة التي تعلو وجهها، وباليد الأخرى تحمل وردة حمراء ..
يحتمل المشهد ألفي قصة وقصة.


...

في وقت ما كل اللي بنبقى محتاجينه هو إننا نقعد نتكلم مع حد طول الليل ونحكيله كل حاجة في الدنيا وبعدين ننام ونصحى ناسيين كل حاجة.
في وقت ما كل اللي بنبقى محتاجينه هو وجود الحد ده في حياتنا أصلًا، حتى لو مش هنتكلم معاه.
ده بيطرح تساؤل عميق: وهل إحنا هنستحمل وجود الشخص ده؟
والسؤال اللي بيطرح نفسه بعده: أنهي الأصعب؛ نستحمل وجوده ولا نستحمل عدم وجوده؟ تلك هي المشكلة.
كيف تخبر شخصًا ما بإنك محتاج مساحة شخصية كبيرة جدًا حوالي عشر شهور علشان تقدر ترجع تحبه تاني؟ وجايز مترجعش.

...

حلمت برضوى عاشور -الله يرحمها- .. كان حفل توقيع في مكتبة صغيرة، وكنا عدد قليل، ومكنتش ناوية أجيبلها كتاب لكن فجأة خطفت كتاب من على رف (وكان اسمه غريب مش من كتبها) ورحت خليتها توقعهولي، أول ما فتحته كان مكتوب فيه إهداء منها لرضوى طارق، فاستنتجت إن هو ده الكتاب اللي كان ضايع من رضوى (في الحلم كان فيه حاجة كده)، ورضوى عاشور وقعتلي الكتاب برضه! بعدين أخدتني واتمشينا بره المكتبة، وريتني حاجات غريبة أوي وبصمود عجيب ورجعنا .. فضلت أنا مش فاهمة هي عملت كده ليه.
بس اتأكدت إن أحلامي مكانتش منطقية يومها لما حلمت إن فيه نعامة فوق سطح البيت اللي قدامنا...

...

يا صديقي الحزين، الخائف من الحزن والحزين من الخوف، ربما كانت الأمور صعبة بالفعل، وربما كانت سيئة، وربما تسوء أكثر، ولا يوجد ضمانات لحياة مليئة بالطمأنينة والسلام النفسي، لا يوجد صكوك لما يمكنك أن تناله منها.. كل مخاوفك ربما تكون في محلها، ولكن الحزن والخوف، كلاهما، كثير ..
وصدقًا، الحياة لا تستحق أحدهما.

...

يا حبيبي .. شو نفع البكي؟

الاثنين، 9 مارس 2015

جرح متعوِّد عليه*





عند مرحلة مُعينة من كل حاجة، بتاخد قصاد كل حاجة خسرتها شوية حكمة .. مبتاخدش بالك منها إلا لما تعدي من نفس الحتة تاني، وتلاقي نفسك بتعدل النضارة وبتسكت بُرهة من الزمن وبتطلع منك بصوت رخيم حكمة وجودية عميقة.


عند مرحلة مُعينة من الخسارة بتلاقي نفسك مُتقبِل اللي بيحصل جدًا وعارف إن فيه أبعاد تانية للموضوع غير اللي إنت شايفها حالًا بعينك الإتنين -اللي هياكلهم الدود- وبتبقى عارف كمان إن عينك هياكلها الدود. بتبقى متقبل كل الحقايق السيئة في العالم، بتبقى مستعد للحاجات الوحشة اللي هتحصل قبل ما تحصل، وده مش علشان إنت بني آدم متشائم ولا حاجة، ده علشان إنت فاهم.


تقبُّل الحقايق ده بقى شامل كل حاجة، تقبُّل للماضي الزبالة بذكرياته الزبالة، تقبلك لشكلك في المراية من غير ما تتف عليها قبل ما تمشي، تقبُّل إنك بتتساب لوحدَك .. مبتعرفش تعيط .. مبتعرفش تحس باللي بتقوله .. مبتعرفش تقول اللي بتحسه .. إنك خايف .. إنك مش أشطر حد في حاجة .. إنك معندكش حاجات كتير .. إنك أنت.


كُتر الوقوع يعلِّم المشي. محدش قال إنك مش هتمشي متعوَّر في كل حتة من آثار الوقوع دي، وجايز يكون فيه مُضاعفات أكتر من مُجرد تعاوير مالية كل جسمك كمان، بس إحنا هنا ركزنا على الحقيقة الأهم والأدعى للذكر، وهي إنك -في النهاية- هتمشي.


عند مرحلة مُعينة تانية خالص، حقيقة إنك أصلًا هتمشي، وبعدين هتمشي خالص، بتكون قدام عينيك -اللي هياكلهم الدود زي ما قُلنا- طول الوقت. فإنت بتعمل إيه أصلًا وزعلان على إيه يا منيِّل؟


"
دايمًا يحكيلي وبأصدَّق قلبي .."


الناس اللي بيحبوا الحاجات أكتر مننا فيحسسونا قد إيه إحنا منستحقش نحبها. الناس اللي بيسبقونا دايمًا بخطوة واتنين. الناس اللي بيلاقوا في طريقهم بالصُدفة من غير ما يتعبوا الحاجات اللي إحنا بندوَّر عليها وبتطلع عينينا علشانها ومبنلاقيهاش. الناس اللي عينيهم بتلمع. الناس اللي بيعرفوا يعملوا كل حاجة بشطارة. الناس اللي عندهم طاقة حب في قلوبهم مبتخلصش. الناس اللي بيقدروا يكملوا للآخر. الناس اللي بيسألونا دايمًا عن تفاصيل سخيفة في حياتنا بسؤال بيبدأ بـ"ليه؟". الناس اللي بيسألونا أسئلة "ليه؟" أصلًا.

vs.

الناس اللي بيبصوا في المراية الصُبح على عينيهم فيشوفوا روحهم الهلكانة. الناس اللي محدش بياخد باله من شكلهم. الناس اللي كل طلباتهم في الحياة حاجات عند غيره أساسيات في حياتهم مبياخدوش بالهم منها. الناس اللي بيقفوا على جنب الطريق من التعب مش قادرين يتحرَّكوا. الناس اللي مبيلاقوش حد يحكوله، ويفهمهم.


---
*
"
نِشبه لإيــه؟
نِشبه لأى اتنين يحبّوا و ما يقولوش
نِشبه لإيه؟
للى خايفين يحلموا فـ ما بيعيشوش
و مالقوش طريق يتقابلوا فيه
نِشبه لإيه؟
نِشبه حكايات عِشتها
أو حِلم ناقص وانتهى
نِشبه حاجات مش وقتها أو جرح متعود عليه
نشبه لإيه؟"



مصطفى ابراهيم

الاثنين، 23 فبراير 2015

اللاشيء المتكرر الذي يأبى ألا يعود

بينما تتلألأ الأضواء في كل مكان، تنزوي هي بأقصى ركن في المشهد، تختبيء وراء ستارة من اللاشيء، تنتظر أن تعود إلى صندوقها الأسود لتملؤه سوادًا آخر لن يُزيده، ولن يُنقص منها.

...

"إنتي جاية هنا تعملي إيه؟
ملكيش لازمة، ولا حتى لنفسِك، إنتي ولا حاجة
تعرفي إني بأكرهك؟
هتغيريني؟
لأ هأكرهك بس، علشان بأكرهك فـ هأكرهك ومش هأعمل حاجة زيادة على إني أكرهك فـ أكرهني فيكي كمان وكمان."


"مش عايزة أكون أهم واحدة في الدُنيا، عايزة أكون أهم واحدة في حياتي أنا بس."

"ليه مينفعش أحفر حفرة دلوقتي وأنط فيها وأدفني؟"

يا الحلوين اللي بتظهروا في المشاهد كلها، بحبكوا كلكو، ممكن إذا سمحتم ترحموني شوية؟

...

الكتابة عن الحاجات اللي بتخوِّف صعبة فعلًا، صعبة حقيقي، والكتابة عن الحاجات اللي بتزعَّل وبتضايق وبتحزِّن أصعب كمان، الكتابة عن الحاجات المستخبية جوا ومحدش بيطلع عليها ولا حتى أنت .. الكتابة بالأسلوب اللي بتكلم بيه نفسك مش اللي بتكلم الناس بيه صعبة .. المواجهة صعبة والحكي صعب خصوصًا لما متبقاش مستعد تسمع نفسك.

مينفعش أبقى بأفكر فيك وفيك وفيك في نفس ذات الوقت اللي مبفكرش فيه في نفسي، وبعدين، مبفكرش غير في نفسي. وبعدين قرارات الفشل اللي بناخدها دي مين مسئول عنها؟ أحاسبني إزاي عليها وألتمسلي العُذر ولا لأ وأروح إزاي وآجي إمتى وإنتوا مين؟

مين قالكوا إني مُستعدة إعيش علشان تجيبوني هنا؟
جيبتني هنا ليه؟

طيب وبعدين يا رب بقى الواحد مش مستحمل، تلاتة بالله العظيم تعبنا وجبنا آخر آخرنا يا رب ..

...

تحتجز كل حويصلة هوائية الهواء لسبعة أعشار كاملة من الثانية دون أن تسمح للدم بحمل ما يلزم الخلايا من موادٍ لازمة للحياة. ينبض قلبي خمس وسبعون نبضة في الدقيقة، دون أن تجدي أحداهن في ضخ الطمأنينة إلى الشرايين حتى إذا ما وصلت للشعيرات الدموية تنفجر كرات الدم الحمراء بفعل الحزن.
تنقبض عضلات فكي أكثر من اللازم، تُنهِك بالضرورة أعصاب المِفصَل والوجه، تشل تعابير وجهي تمامًا فلا يظهر منها سوى الحيرة التي لم تنجح العضلات المتيبسة في إخفائها.
ألمح صباحًا في إنعكاسٍ على مرآتي إحباطات مُتكررة تراكمت بفعل الزمن فوق عيني بالضبط، تحديدًا حول القرنية التي لم أستطع تحديد لونها الحالي.
يجد النوم صعوبة في أن يصلني ليلًا بفعل الزحام الذي يشغلني عنه، أحاول أن أتنفس بإنتظام، أعُدُّ اليوم للمائة .. غدًا للألف .. بعد غدٍ لا أعُد.

....

إيه المشكلة تاني معلش؟

الجمعة، 13 فبراير 2015

بسم الذي نفخ في خلقه الروح، ثم أمر بأن تصعد إليه، وبين النفخ والأمر كانت الحياة الدنيا.

...

ارتجت أن تأتي له حاملة الورود التي تنغلق بأسرارها ولا تنفتح إلا مرة واحدة في عُمرها، أخبرته في الرسالة الأخيرة أنها ولابد ستذهب إلى والي المدينة يومًا لتخبره .. كان يأتي إلي حيث رقدت أخيرًا كل صباح حاملًا ذات الورود، بالرغم من أنها ذابلة تمامًا، لكنه كان ينتظر أوراقها أن تنفتح.

...

أعرف أن الدم كله حرام، كله، وهم يريقون الدماء على أرصفتهم كل يوم، يحقِّرون من دماء الذين لا حول لهم ولا قوة، ويعظِّمون دماء الذين يقهرون أصحاب الدماء الرخيصة في نظرهم.
أليس الدم كله كرات حمراء وبيضاء وصفائح دموية وبضع من حياة؟
أعرف أيضًا أن الأمر كله لله، وإنا له وإنا إليه راجعون، لكنني حين لا أجد من نفسي شفقة على من لم يعرف أنه اليوم الأخير في حياته، لم يتخيل حتى أنه سيترك غرفته للمرة الأخيرة، ربما أخبر أحدهم أن يلتقيه هذا الأسبوع أو وضع خطة ما للشهر القادم، كتب احلامه على آخر ورقة في دفتر الكلية أو أحب فتاة وبنى معها خطة لحياتهما سويًا، ثم نزل من بيته، للمرة الأخيرة، ولم يعد.. أقول، حين لا أجد من نفسي شفقة عليهم، أفكر: كيف لي أن أتحوَّل إلى ذات القلب الحجارة؟ كيف سمحت له؟
كيف لا أشفِق عليهم يا رب؟


...