لسبب ما -مش معروف علميًا- البني آدم مننا بيميل دايمًا لإنه يستنى أوائل الحاجات علشان يبدأ يحقق أحلامه. بيستنى أول الشهر علشان يسافر، أول الأسبوع علشان يلتزم بمواعيده، ولو الساعة ستة وربع هيستنى الساعة 7 علشان يبدأ يذاكر، ولو جت سبعة وخمسة هيستنى للساعة تمانية .. وبالتالي بيستنى أول السنة الجديدة علشان ياخد قرارات مصيرية مهمة وحاسمة مش هينفذ منها أي حاجة غالبًا، وبمبدأ "ومن أول يناير خلاص هأشيل حديد" .. بيتخيل إنه هينام يوم 31 ديسمبر بليل فيصحى يوم واحد يناير الصُبح إنسان جديد خالص بيلتزم بأولوياته وبيدي كل حاجة في حياته حقها، وبيخلص المشاوير المتأجلة ويحقق الأحلام المركونة في الدولاب من سنتين تلاتة .. ومن النهاردة مفيش غير رياضة ودايت ودايت ورياضة .. وبيزيد إقباله على الحياة لمجرد إن رقم السنة اتغير. أول شهر إحتمال فعلًا إنه يبقى مختلف وماشي على الخطة المنشودة بضمير مستريح ونفسية مقهورة من التغيير الفجائي ده، غالبًا ممكن يستمر كويس لفترة، بس الأكيد إنه في آخر السنة العظيمة دي وفي يوم 31 يناير هيفكر في السنة الجديدة اللي هيحقق فيها كل الحاجات اللي معرفش يحققها السنة اللي فاتت.
ولأن فيه فرق كبير بين الإنسان اللي إحنا بنكونه دلوقتي والإنسان اللي عايزين نكونه بعدين، مينفعش ناخد الفرق ده كله في نطة واحة بين يوم وليلة كده. وعلشان بنحب نستخدم شماعات كتير نعلَّق عليها طموحاتنا مينفعش نفضل نستخدم نفس الشماعة بتاعت "من أول يناير" دي.
لكن مهما بان علينا إننا مبتغيرش، أو إننا زي ما إحنا، فـ ده مش صحيح، الحقيقة إحنا بنتغير كل يوم وكل ساعة، بس بالتدريج ..زي حدوتة الضفدع اللي فضلت المية تسخن بيه وهو مش حاسس لحد ما غليت ومات فجأة، والضفدع التاني اللي أول ما رميناه في مية مغلية نط منها على طول لأنه أدرك الفرق في وقتها. والتغيير اللي نفسنا نحققه بإننا نرمي نفسنا في مية واقع مغلية فجأة ده هيخلينا ننط منه بسرعة ومنستحملش نكمل، مع إننا في واقع الأمر شخصياتنا بتتغير ومش حاسين، وده ملوش علاقة بالخطة المركونة بقالها سنين.
إيه الفكرة في إننا نستنى لحد السنة الجديدة يعني؟ عايز تعمل حاجة دلوقتي إعملها أيًا كان اليوم والشهر والسنة والقرن اللي عايش فيهم. صحيح إن أغلبية الناس بتقرر تتغير في أوائل السنين وده بيخلق جو إيجابي مُحفِّز أصلًا لإنك تتغير إنت كمان، لكن إيه أفضلية يوم في حياتك على يوم تاني في حياتك، وكلهم سواء؟ ده يوم بيتحسب من عمرك، وده يوم تاني بيتحسب من عمرك برضه. ده 24 ساعة بالتمام والكمال، والتاني كذلك.
طيب عمرك فكرت إن تاريخ اليوم اللي إنت بتعيشه دلوقتي ده عمره ما هيتكرر تاني في التاريخ؟ مفيش يوم تاني هييجي شايل نفس الأرقام دي، ودي مُناسبة مُهمة جدًا تستحق إنك تحتفل بيها كل يوم.
وبما إن السنة الجديدة بتجدد الأمل فينا فمفيش مانع نبدأ بقى، بس بالتدريج، منحمِّلش نفسنا فوق طاقتها ونرغمها على إنها تعمل حاجات هي لسه مش متعودة عليها .. إنما الحلم بالتحلُّم.
ربنا يجعلها سنة سعيدة علينا، ويجعلنا ناس سعيدة فيها.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق