الثلاثاء، 17 يونيو 2014

حتى يأتيك اليقين



الهَوس هو المشي في طريق بيتك، والإنبساط بالمشي، بوقوع عيني ع الحاجات اللي عينك بتقع عليها، بتخيّل طيفك الحراري لسه موجود في المكان وبأعدي جنبه.
الهوَس هو إني لما أنام أحلم بيك برضه، وكأن مفيش حاجة تانية في العالم ممكن أفكر فيها غيرك.
الهَوس اللي بيخلينا نجري بأقصى سرعة في اتجاه الحاجات اللي بتسببلنا قدر من السعادة من غير ما نبص يمين وشمال، وممكن في أي لحظة تيجي حاجة تخبطنا.
احنا بنتشد، بنتشد زي الحشرات اللي بتطير ناحية صاعق الحشرات بكل قوتها لحد ما تتصعق وتموت.

مش عارفة ايه تحديدًا كان في دماغي وأنا بأسأل سؤال بيزن في دماغي من فترة، لكن كنت متأكدة من إن الإجابة أيًا كانت هتسعدني، هتفضل قانون من قوانين حياتي لفترة طويلة، وإن من بين كل النصايح اللي سمعتها في حياتي هتفضل محفورة في دماغي بشكل مُثير للبهجة.
"هو الواحد بيبدأ يدوّر على اليقين من عند فين؟"

مش عارفة راء هتفضل حلوة في عيني لحد امتى، بس اللي متأكدة منه إن حلاوتها بتزيد في عيني كُل يوم.
بأسأل نفسي كتير هي عايشة معانا على كوكب الأرض؟

الفكرة كلها إني مبسوطة جدا ومتضايقة جدا في نفس الوقت، لدرجة إن تعابير وشي مش عارفة تاخد أنهي أمر وتنفذه بالظبط، فبيحصل إن وشي يعلق وأفضل متنحة في السقف طول اليوم، أو أقفش نفسي وأنا بأخبي وشي بإيديا وسط الناس علشان بأضحك وعينيا بتعيط.
أنا مش مصدقة في أي حاجة دلوقتي، مش مصدقة حتى إني بأكتب الكلام ده، مش عارفة إزاي كل طموحاتي في العيشة إني أعدي مرحلة لمرحلة هتكون كل طموحاتي فيها إني أعديها. مش عارفة ممكن ألاقي أمان فين، ولفين ممكن أهرب من كل الأفكار السودا اللي في دماغي.
مش عارفة ايه بالظبط اللي ممكن أعمله من غير ما نفسي تأنبني عليه كل خمس دقايق.
ومش عارفة أي حاجة دلوقتي غير إني عايزة أهرب.
الفكرة إني خايفة، وبأحاول أقنعني من الصبح إن قوتنا كلها هتكون في إننا نتعامل مع خوفنا ده، مش إننا منخافش، ومش عارفة أقتنع.

الإعلان عن مشاعري، أو أفكاري الشخصية جدًا بقى بيستدعي مني قدر من الجرأة مش متأكدة إذا كنت أمتلكه ولا لأ.
كُل اللي عارفاه عن نفسي إني لما بأكتب حاجة في مكان متاح للناس تقرأني فيه بأحس نفس إحساسي لما بأطلع البلكونة خطف من غير إيشارب علشان أجيب حاجة بسرعة، عايزة أعمل حاجة بس من غير ما حد ياخد باله، وأنا عايزة أكتب من غير ما حد يركز معايا. ده بالظبط اللي بيخليني بعد كل مرة أكتب بوست أمسحه، أو بعد ما أدوس "بوست" أعمله برايفسي ليا لوحدي.

فكرة إنك كمان تكتب وناس متعرفكش تقرالك مُريحة.

أنا مش بأعرف أتكلم قدام الناس. مش بأعرف أتكلم مش قدام ناس.
فيه كلام لما بيحضر في دماغي بيربط لساني بقنواتي الدمعية ولو نطقت حرف بأدخل في حالة عياط لا مُبررة.

عارفة ايه مشكلتي معاكي؟ إني لما بأعتبرك قريبة أوي في كل مرة بأحس إن العالم مديني ضهره، بأرمي نفسي عليكي بكل إستسلام وبأسيب نفسي، فلما مبتكونيش موجودة بأتكفي على وشي. عارفة ده حصل كام مرة؟

فيه حاجات كتير حصلت كانت مستنية مني أعلّق عليها، أحكيها، أعلن إمتناني للعالم علشانها، بس الفكرة إني دلوقتي أضعف بكتير من إني أعمل ده. الواقع إني أضعف من "دوري"في العشر ثواني اللي وقعت فيهم على المكتب لما كنت بأغيّرلها مية الحوض بتاعها، فمسكتها بإيدي وحطيتها في المية بسرعة.العشر ثواني اللي كانت بتحرّك خياشيمها وديلها بكل قوتها، والدنيا بتضلِّم. أنا محتاجة حد يمسكني ويحطني في المية بسرعة.
...

-الفيل مات يا أوبرا.. مات..
-لأ الفيل عمره ما عمل حاجة من غير ما يقولي، هو مقاليش إنه هيموت.

...

كنت كمان 3 ثواني هأقوم أزّعق في وسط الناس بعلو صوتي إني زهقت. زهقت من إني مش بأعمل حاجة. زهقت من إني مش عايزة أعمل حاجة. وزهقت من إني كده وخلاص.


يا رب.

...


هي التي تمر على خاطري بطيب البلسم على الجرح فلا يبقى غير البسمة التي تبقى للمرة القادمة التي سأتذكرها فيها.
هي التي جمعت معها ذكريات الطفلة التي بداخلي في حقيبتها الكبيرة وأخذتها ورحلت.

*****

من البداية بقى، ورجوعًا للإمتحانات، ايه اللي خلى المُنحدر أسلوب حياة؟
ايه اللي خلى كل حاجة يبقى ليها علاقة ببعض، وكل حاجة تصب في مشكلة الإمتحانات اللي مش بتخلص؟
وخلينا نقول كمان إن الإمتحانات امتدت من سنتين ولحد دلوقتي عرض مستمر.
ولما بألبس النضارة وأبص في الأفق علشان أشوف، مبشوفش.
الحقيقة إن مفيش أي حاجة قدامي غير الإمتحانات.
طريقك مسدود مسدود يا ولدي.
وكالعادة، الأمل اللي بيعيِّشنا، بإن في مرحلة ما كل ده هيعدي وهنقفل ملفات الماضي وهنفتح ملفات -أصعب- جديدة.
المُهم إنها جديدة.

من الآخر بقى، وبعيدًا عن الإمتحانات.
اللي أقرب إلينا من حبل الوريد، ولما كل حاجة بتبوظ وبتتكربس فوق دماغنا ونكون محتاجين نطمن ومش عارفين، مفيش غيره نلجأله. مفيش غيره أصلًا ممكن يصلح كل العك اللي حاصل جوانا ده.
مفيش غيره ممكن يطيب خاطرنا وينسينا الكلام اللي قلوبنا بتتقطع منه ده.
مفيش غيره بإيده كل حاجة. بإيده قلوب العباد حتى.
مفيش غيره.
هو.

يا رب النفس اللي معانا مش كويسة، ممكن نبدلها؟
نصلحها طيب؟
نرميها ونمشي من غير نفس خالص؟
نعمل ايه طيب؟

مفيش فايدة؟
مفيش؟ فيه؟ فيه ومفيش؟

******

ولكنني حينما أنتظرك ها هنا وتنتظرني هناك، كيف سيجد أحدنا الآخر إذن؟
وحينما أستبقي كلماتك التي لم تصل ولكنني أعلم أنك حتمًا كتبتها، هل تفعل نفس الشيء إذن؟

******

احنا ممكن ندوّن إكتشاف المرحلة بإننا كويسين، فيه حتة كويسة، وإن بمبدأ "قضى أخف من قضى" زعلنا الساكت مبيدبحش حد، على قد ما احنا عندنا اسكيزوفرينيا وجوزائيين متعصبين وبنتصاحب على ناس في تلات دقايق وبنخسرهم في دقيقة، ومجانين، ومبنعرفش نعمل أي حاجة في الدُنيا غير النوم، وبعيدًا عن باقي العيوب التانية وعملًا بمبدأ الستر مش هنذكرهم، على قد ما احنا عمرنا ما قُلنا لحد كلمة تجرح في حقه مهما كان.....
احنا حلوين.
القدر كمان حلو جدًا، نفذلنا طلب بليل تاني يوم الصُبح، وجاوبلنا على سؤال سألناه المرة اللي فاتت بعدها بمفيش.
إكتشاف كمان بيقول إن فيه شعرة بين تقبل النفس وبين الشماعة اللي بنعلق عليها غلطاتنا بإن هو إحنا كده وخلاص.
وإن ربنا كريم وبيبعتلنا حد ممكن يفضل معانا ساعة ونص على التليفون بيسمعنا من غير ما يصدَّع.

******

فالذي برحمته جعل لنا شهرًا كريمًا لنرتقي بالقلب إليه،
والذي برحمته جعل لنا نورًا في كتابٍ كريم،
قادر على أن يجعل لنا من المحنة منحة.


******

اللهم إنك عفو كريم تحب العفو ..

رمضان .. يا حبيب .. ليتك دومًا قريب.

السبت، 14 يونيو 2014

الفلسفة الكونية


“يا خالق كل شئ ناقص .. كمالته معاك
يا شايل م الحاجات حتة .. بنترجاك
بحق المشهد الكامل
و اسمك اللى أنا عرفته
تسيب اللى يكفينا
و تكفينا بما سبته
ما تحوجناش
لجاى مجاش
و ترضينا بما جبته”
ـــــ مصطفى إبراهيم

***
أعراض الإنسحاب من الواقع بتبدأ باللامبالاة؛ الفترة اللي بتفقد فيها إهتمامك بأي حدث بداية من طرح شجرة الياسمين في الجنينة اللي قُدام البيت ولحد طربقة السما على الأرض. وبتجيلك تناحة وتكتسب مناعة ومفيش أي شعور إنساني واحد بيقدر يعدي بوابات قلبك ويخليك تحس بيه، كل حاجة بتتعامل مع عقلك وبتقف عند إدراكك للواقع مش أكتر.

بعد اللامبالاة -ودي المرحلة الشائعة-، بتبدأ مرحلة الإحباط، بتفتكر فيها إنك مُهتم، بس الحقيقة إن ده مش إهتمام، دي محاولة من جسمك إنه يخرجك بره حالة اللاشعور لحالة فيها أي شعور اللي غالبًا بيكون إحباط. ممكن في حالات إستثنائية الموضوع يقلب بإنبساط وسعادة لا مُبررة، أو بإهتمام متصنع ومشاعر مُزيفة.

المرحلة قبل الأخيرة بتكون الإستسلام، واللي بيختلف من حد للتاني. فيه حد بيستسلم نهائيًا، وحد بيستسلم في مرحلة مُعينة وبيرجع يقوم ويكمل. الهروب من الإلتزامات والواجبات والناس، الإنعزال، دخول الفقاعة. تكملة مرحلة الإستسلام هي المرحلة الأخيرة، صُنع الواقع الذاتي أو الشخصي. الشخص بيبدأ يحط قواعد للعالم خاصة بيه، تصنيفات مُختلفة ومعايير غير اللي موجودة حواليه. نظرته للأمور بتختلف وبيعمل جوه ذاته عالم خاص بيه هو المتحكم تمامًا في تفاصيله. وبكده يكون الشخص أتم الإنسحاب من الواقع زي الفُل.

...

الأسئلة الوجودية، اللي بتطرح نفسها بقوة وبتفرض نفسها على ساحة العقل في وقت هو مش مُستعد فيه إنه يدوّر على إجابات منطقية ومتسلسلة، بترهقنا. مش مستعدين لرحلة البحث عن إجابات دلوقتي. مش معانا زاد من القوة يكفينا لحد ما نوصل لبر الإجابة. أسئلة مُهم نعرف إجابتها علشان نعرف نشوف قدامنا مترين ونمشي في أي سكة.

ايه اللي جابني هنا
هأخرج من هنا إزاي
ليه ده بيحصل
وليا أنا بالذات
ليه مفيش رجوع
ليه مفيش باب خروج في نص السكة
أنا ليه أنا أصلا
ليه مفيش كائن على الكوكب ده فاهمني
ليه مفيش كائن على الكوكب ده بينقي كلامه معايا
ليه مينفعش أتحلل لكربون دلوقتي
وقعت في الحفرة دي إزاي
وقعت في الحفرة دي امتى
مطلعتش من الحفرة دي ليه
هأطلع من الحفرة دي إزاي
الحياة بسيطة وأنا اللي معقدة ولا العكس
ليه مش عارفة أكون مخلوق طبيعي
ليه أنا في الجزء ده من العالم بالذات
مين ماشي بيزقني وأنا واقفة
مين بيسرق مني وقتي
انتوا ليه بتاخدوا كل حاجة
انتوا مين أصلا
أنا إزاي وستين إزاي
لما الدماغ بتبوظ بيصلحوها فين
مين حط السيستم بتاعي
أغيّر السيستم ده إزاي
أروح فين وآجي منين
ايه اللي بيحصل ده
ايه اللي أنا شايفه ده
يا سلام يا سلام يا سلام


ثم إن إزاي بقى، كل مرة بنضحك على نفسنا بنفس الكدبة وبجد بنصدقها؟ ثم إن إزاي دايمًا بنقع في نفس الغلطة؟ ثم إن إزاي الكون مبيقفش علشانا، ومبيقفش علينا، ولا بيفرق معاه ببصلة إن كنا مبسوطين ولا عندنا إنهيار عصبي.
ثم إن أصلًا كل حاجة مش مُهمة.

...

ولحد ما ييجي اليوم ونداوي الوجع بتطييب الخاطر، ونطيّب الخاطر بعلاج الوجع، لحد ما ييجي اليوم اللي هنقدر نبص في عينينا في المراية، ونبص في عينيهم ونقولهم اللي حاسين بيه بالظبط، لحد ما ييجي اليوم اللي نصحى فيه حاسين بالخفة من إنزياح الهم عن قلوبنا، لحد ما ييجي اليوم ده، هأفضل معاكِ.

الخميس، 12 يونيو 2014

سنحاول السيطرة على .. العالم




بالقليل الذي نمتلكه من قدرة على رسم إبتسامات صغيرة
وببضع كلمات
وكُتب
بباقة زهر بيضاء تفوح منها رائحة الصباح
بعنقود الفُل
وبضحكات تتلاشى لحظيًا ويدوم أثرها
بكوب القهوة بصورة أم كلثوم مُزيَّن
الممتلىء لنصفه
وبصوت فيروز وهي تشدو "فيه أمل .. ايه فيه أمل"
سنواجه العالم.

بخطوات على استحياء بعيدًا عن ضعف أنفسنا
تجاه ما نتمنى أن نحظى به
تجاه ما نتمنى أن نكونه
بـ"سأصير يومًا ما أريد"
بالسهر
بالحكي
بالكتابة
بالسُكر والحلوى والشوكولا
بالليمون والشاي الأخضر
والنعناع
سنواجه العالم.

حتمًا بقصائد خبئناها بين ضلوعنا
بأوتار الكمان
وبفتحات الناي
بالتدوين عن الوجع
سنواجه العالم.

حتى
بالأكاذيب
بالخيال
باللاشيء
سنواجه
سننتصر.

الاثنين، 9 يونيو 2014

الهروب إلى الوجع لا منه



خلينا نقول إننا ممكن نعيط هنا بالكلام أريح ما نعيط بالدموع.
وإننا ممكن نشكي همنا وخيبتنا للي بجد هيسمعونا، ونقول لكل الناس اللي بيخذلونا وبيسيوبنا متفشفشين ويمشوا ويبعدوا عننا أوي لحد ما يبقوا جنبنا بالظبط ومش عارفين نشوفهم ومش مصدقين إنهم كانوا هنا في يوم من الأيام ونحتار ومنبقاش عارفين هو صحيح اللي حصل ولا احنا كنا بنحلم بس. خلينا نقولهم إنتوا مش عارفين إنتوا وجعتونا إزاي، يا ريته كان وجع ساعة وخلاص، إنما ده وجع بنفتكره كل ما نفتكر وجعنا الشخصي اللي مبيتعالجش وملوش مسكنات.

خلينا نتكلم عن كل الزعل اللي قلبي بيبصلي بيهم وهو مدمع ويقولي "إنتي إزاي بتعملي كده فيا" وأنا أتنح ومعرفش أرد عليه ونقعد نعيط سوا.
أو نحكي عن عيطانا على حدوتة قريناها أوي بحُرقة واحنا بنقنع نفسنا جامد إننا بنعيط على (أ) مش بنعيط على نفسنا.
خلينا نعلن إننا أخيرًا عرفنا شغفنا فين، فزعلنا أكتر علشان مش عارفين نروحله.
وإننا خلاص عرفنا ايه الحاجات اللي بتبسطنا في العالم، ومن كتر ما هي مش حقيقية اتقهرنا.
خلينا نقول إننا بنفشل كل ما نحاول نتكلم عن حاجة غير الخوف والوجع، وإن كلامنا بقى متعاد بزيادة بقى، بزيادة.
خلينا نعيط أوي بقى المرة دي علشان مش لاقيين ولد لطيف ييجي يقعد جنبنا واحنا قاعدين على الرصيف وبنعيط، حتى لو مكانتش عندنا الشجاعة اللي تخلينا نروح نقعد على الرصيف ونعيط فعلًا، بس هو شاف ده في عينيها، وهي كانت واقفة مستنياه ومجاش.
خلينا يكون عندنا الشجاعة نواجه نفسنا بأبشع الحقايق في حياتنا ونكررها كتير، ونطلع راسنا من الرملة ونبدأ نجري -من الحقايق دي- ونروح لحقايق تانية في الناحية التانية من الأرض، حقايق مستنيانا واحنا سايبنها وقاعدين هنا.
خلينا نبطل نعصر روحنا علشان تعيط، احنا أصلًا مش ناقصين.

خلينا نصدق -حتى لو مش حقيقي- إن الشيكولاتة والنسكافية بيسكِّنوا الحزن، والمشي بيطرد الأفكار المزعجة من دماغنا -علشان بنفكر في وجع رجلينا غالبًا-، وإن الأماكن اللي بنحارب علشان نعملها ذكريات جديدة تمحي الذكريات اللي بتوجعنا وكل اللي بننجح إننا نعمله هو إننا بنشوّه الذكريات كلها.
خلينا نصدق إننا مش موجوعين من دناءة العالم والقدر اللي خلانا يُتما وأهالينا عايشين، ونصدق إن أكتر بني آدم بنخاف على حياته في الكون هو الوحيد اللي لما بَص ف وشنا من واحد وعشرين سنة وأسبوع ضحك -واحنا قادرين نتخيل الضحكة بالظبط-.
خلينا نصدق إن مخاوفنا اللي بتمشي معانا في كل حتة مبتقدرش تدخل معانا المكتبة، زي ما الشياطين مبتعرفش تدخل رمضان.
خلينا نصدق إن الحاجة اللي كنا هنقولها هنا ونسيناها كان أحسن لها تتنسي.

خلينا نقول للبحر من هنا إنه واحشنا أوي وإننا مش هنعرف نروحله وإننا مش مكتوبلنا -دلوقتي- نكون مع بعض.
بس أمانة، لو شوفته متخليهوش يبطل يستنى، يا بحر، أصلًا هو هيقولك كده.

...

-" كلنا بلا استثناء بنلف في الدواير...والدنيا تلف بينا. كل الناس والنباتات والحيوانات بيلفوا في دواير...لأن الدايرة هي الأسلوب العبقري في ضمان الاستمرارية وعدم التجديد...المشكلة - أو العبقرية - أن ربنا خلق الدواير ديه أوسع من ما يمكن لعلقنا الصغير أنه يدركها...دايرة كبيرة قوي...ماينفعش تركز في تفاصيلها أو تلمها الا لو عشت في دواير كتير قوي وفضلت فاكر تفاصيلها...يمكن عشان كده ربنا خلقنا بننسى...عشان لو مانسيناش...ماحدش أصلا هايغلط."
ـــــــ محمد صادق
وأنا مش عايزة ألف في دواير "أنا ليه عملت في نفسي كده" طول عُمري.
ليه مينفعش بكل بساطة نقرر إننا هنتولد من جديد ونبدأ حياتنا من الأول؟
وهو الواحد بيسمع ايه وهو موجوع؟ = هو الواحد بياخد دوا ايه لما يكون عيان؟

خلينا نعترف إننا كان نفسنا نكون هي، بس حظنا طلع وحش أوي وبقينا احنا.

...

"-مالك؟
-تعبان.
-حاسس بإيه؟
-مش عارف."


...

مش هنعرف نعيش على الكرة الأرضية أكتر من خمس ساعات واحنا معندناش أكسجين الإرادة يا علي. خليني أتفلسف شوية كمان وأحكيلك عن القطة اللي طلعت فوق الشجرة ومعرفتش تنزل وفضلت مستنية حد ييجي ينزلها، وبتفكر نفسها كل شوية إنها هي اللي طلعت فوق بنفسها، والشجرة قعدت تكبر وتطول يا علي والمستحيل بقى بالنسبة لها مستحيل أكتر، لو فيه درجات من المستحيل، زي درجات الموت اللي مبتعترفش بيها قواعد النحو في العربي وبيستثنوها من قاعدة أفعل.
المُهم دلوقتي، هننزل إزاي؟

خلينا نكتب إننا بنقول أكتر بسُكاتنا، وإن اللي المفروض يكونوا هنا وبسمعونا هم اللي أغبيا واننا بنكره غبائهم ده.
أو خلينا نواجه نفسنا بأننا إحنا اللي أغبيا يا هناء، احنا عيشنا كتير ومعرفناش نتكعبل بالصدفة في واحد بس في البلد دي يعرف يطبطب علينا، أو يطمنا بكلمتين، بدل ما احنا قاعدين نكلم نفسنا ومش عارفين نهرب فين من بُعبُع الفشل وألزهايمر وصورتنا واحنا عواجيز قاعدين لوحدنا في دار مسنين مش عارفين عن العالم أكتر من اللي كنا عارفينه واحنا عندنا سنة واحدة.

...

مشهد "سبونج بوب" وهو بيقول "أستطيع أن أعُّد على الأقل ثلاثة أصدقاء" وبيعمل بإيديه تلت صوابع، ويسكت شوية، ويجيب قلم يرسم بيه وشوش على التلت صوابع ويقول "ها هم أصدقائي" ده مشهد في قمة البؤس اللي في العالم.
انتوا التلاتة فعلًا اصحابي، وانتوا مش موجودين كده.

"عيب كمان تقولي أي."


...
وإلى التلاتة اللي على أرض الواقع أصحابي فعلًا:

كوني طلبت منك متكلمنيش لحد نهاية العالم أو نهاية الإمتحانت أيهما أقرب، ده لأني شايفاكي سخيفة لأقصى درجة وانتي بتهزري وأنا هأنفجر ذاتيًا من الكآبة والحزن. ينفع تضحكي وانتي بتصلي طيب؟ متقوليش طريقتك كده. زي ما قدسية الصلاة ليها إحترامها، قدسية الحزن برضه ليها إحترامها.
وإن مكنتيش واخدة بالك، أنا رميت العالم كله ورا ضهري وعملت قوية، وجريت عليكي أكلمك علشان تواسيني وتهوني عليا، وعلشان نسرق ساعة من الزمن سوا وأحكيلك عن وجعي اللي حفظتيه، بس مبعرفش أحكي عن وجعي مع حد غيرك.

كوني مرديتش عليكي لما بعتيلي رسالتك الأخيرة، ديأحسن حاجة عملتها. أنا كنت كتبت بالفعل رد من أسخف الردود اللي ممكن يكتبها إنسان في الدُنيا. ومسحته ومبعتوش رفقًا بيكي.
وانتي كمان ليكي نفس الكلام.

...
هو أنا ليه مينفعش أموت دلوقتي؟

السبت، 7 يونيو 2014

شو كانت بِشعة الليالي


***

السلام على اللي فاتونا مش فاهمين

السلام على اللي راحوا ومش راجعين
السلام على اللي منّا ومش عارفين
إن المحبة لأجل ما تزيد لابُد تقل


***


خلينا نتفق إن الحياة بقت روتينية لدرجة مبقتش معاها أي حاجة بتدعو حقيقي للدهشة، أو إثارة أي إنفعالات سواء كانت حزينة أو سعيدة. لما كنا بنشوف مأساة إن الحاجات الحلوة تحصل ومتفّرحناش كنا فاكرين العيب في الحزن، طلعنا أصلًا مبنزعلش. مبقيناش بنحس بوجه عام.
الإحساس المُفتقد فعلًا مش الفرحة، إنما الوَنَس.
اللي مشينا ندوّر عليه في حاجات قديمة محسيناش بقيمتها غير دلوقتي، فاكتشفنا إننا ضيعنا كل الحاجات القديمة دي ومفضلش منها أي حاجة.
جرينا نبدِّلها بحاجات جديدة زي كل الناس، بِعنا الغالي بالرخيص أوي. ورمينا ورا ضهرنا كل كراكيب الذكريات، ورمينا معاها الوَنَس من غير ما نُقصد.
باقي لنا ايه غير السَهر والشاي والمزيكا وتفاصيل مسلسلات قديمة؟

خلينا نواجه نفسنا بشوية حقايق أهمها إننا لو كنا عايزين نتغيّر فعلًا كنا اتغيرّنا، بس المانع مش الظروف زي ما بنعلق على شماعتها الأسباب، المانع إننا أصلًا مش واخدين النية بجد ومُعتبرين القول تسكين ضمير، وعلشان نسكِّن صح عملنا نفسنا زعلانين من النتيجة اللي وصلنالها.
حقيقة تانية بتقول إن الفشل بيُقاس بمعاييرك إنت، وأي حاجة تانية الناس يقولوها ممكن نضرب بيها عرض الحائط عادي. منطقيًا مينفعش تفشل في حاجة إنت مش عايز توصلها أساسًا، بالعكس إحنا ممكن نعتبره مكسب وبداية كويسة إنك تغيّر الطريق وتروح تنجح في اللي عايز تنجح فيه.
حقيقة تالتة بتترتب على التانية بتأكد إن مفيش حاجة في الدُنيا اسمها فشل أصلًا، وإن ده مُجرد مُسمَّى أطلقه واحد عنده قُصر نظر.

لو بصينا للصورة الكبيرة للحياة بتاعت "كل" الناجحين هنلاقيهم أكتر ناس فاشلة في الكون.
مش محتاجين نتكلم أكتر من كده عن معضلة الفشل والنجاح ونكرر كلام تنمية بشرية مفيش منه رجا، بس كنا محتاجين نأكد على الحقيقتين دول في المرحلة دي من حياتنا.
حقيقة رابعة بتقول إن طبيعي إننا نكره نتعب مهما كانت الغاية بنحبها. المفروض إنك تذاكر وأنت مبسوط إنك بتذاكر رغم التعب علشان تنجح، أو تسهر على ريبورت وتطبق للصُبح وأنت مبسوط علشان حاسس إنك مُميز ووَحْش وقادر تتغلب على النوم علشان تخلص شُغل، أيًا كان الإنجاز، التعب المفروض نتبسط بيه.
حقيقة خامسة وأخيرة بتقول إننا مُمكن نبعد عن الناس اللي بنحبهم علشان بنحبهم، وإن ردودنا عليهم في وقت مُعين هتكون بشعة للغاية، علشان كده بنسكت، بنتقوقع شوية، وهنرجع طبيعين. لما تلاقي الحد اللي بيتقبل الموود سوينجس بتاعتك وبيفهم سكوتك أكتر ما بيفهم كلامك، ومبيحاولش يشد الحبل بتاعك علشان ميتقطعش، متسيبوش وامسك فيه بكل ما أوتيت من باور حتى لو جيت على نفسك حبة وقلتلهم بطريقة غير مُباشرة في مكان أنت عارف إنهم هيقروا فيه كلامك.

أنا شاكرة جدًا لدور البرد اللطيف اللي كان بيخليني أنام بعُمق من أثر العلاج، وأنام طول الوقت. كنت محتاجة في وقت زي ده إني أفصل شحن شوية علشان أعرف أكمِّل. حتى لو الواقع بيقول إني مكملتش أو أصلًا مبدأتش. وحتى لو محاولتنا ساذجة وبنضحك بيها على ضميرنا علشان يسكت. حتى لو محاولتنا هبلة وغبية هتفضل أحسن من اللا محاولة. وحتى لو كنا موصلناش لطريق الطريق اللي عايزين نمشيه أصلًا، إحنا لسه مُقتنعين إننا هنوصل وده في حد ذاته كفاية أوي.

بعد كل ضربة على دماغي بآخدها من الدُنيا بأدخل في phase الحكمة اللي بأطلع منها بقوانين عظيمة فعلًا ممكن تتدِّرس. بيحصل إن شهرين بالظبط كمان وبأدخل في phase ألزهايمر وبأنسى كل اللي حصل وكأني لسه مولودة حالًا دلوقتي وبأواجه الدُنيا من أول وجديد من غير أي خبرات ولا تجارب، حتى إني بأتحط في نفس ذات الإختيارات يا مؤمن، هي هي، مفيش أي فرق وربنا، وبأحتار أختار أنهي فيهم. مع العلم بإني بأكون مريت بتجربتين أو تلاتة -مش تجارب عاطفية زي حماقي لأ- واتعرضت لنفس موقف الإختيار ومشيت في طريق منهم ووصلت لحاجة وطلعت بنتيجة، كل ده بيروح فين؟
فيه صوت بيرن في وداني دلوقتي -وده غالبًا قريني- بيقول "سُمِّي الإنسان من النسيان. طيب.

بعد كل فترة في حياتي بأكتشف إكتشاف مُوَّحد في جميع الفترات؛ ألا وهو إني كنت غبية أوي.
وتعدي فترة واتنين، واسترجع الذكريات، وأبص ورايا، أكتشف إكتشاف مُهم جدًا؛ ألا وهو إني كنت غبية أوي.
يعني بالرغم من إني معيشتش في حياتي -اللي حيا الله واحد وعشرين سنة دي- إلا كام فترة يتعدوا على الصوابع، إلا إني في كل فترة بأكتشف إني كنت غبية أوي في الفترة اللي قبلها. مش عارفة حقيقي ده سوء حظ ولا غباء من الآخرين.
ريم كانت قالت مقولة عظيمة جدًا لازم تُخلَّد: "لا يُلدغ المؤمن من جُحر مرتين، لكن مُمكن يُلدغ تلاتة أربعة عادي."
طيب أنا عارفة إن " لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم"، وأنا معنديش مانع أغلط وأتوب، بس التنويع حلو برضه. يعني ممكن أغلط غلطات مختلفة أتعلم مهم، بعدين أغلط تاني غلطات تانية خالص. اللي بنعمله ده تهريج. معندناش كريتيفتي كافية مثلًا إننا نبتدع غلطات جديدة؟
وإن كان لازم ولابد نعيد الغلط حتى نتعلم منه، هنتعلم امتى؟ هنتعلم امتى بقى والغلط داس علينا رايح جاي خمستاشر مرة لحد دلوقتي. وإقتباسًا لمقولة من مقال لعُمر طاهر تُنسب لمصطفى شعبان في مسلسل ما «حتى الغلط لازم يتعمل صح علشان يكيف».

إكتشاف المرحلة المُهم جدًا، بل اللي في غاية الأهمية، إننا مينفعش نثق في وجهة نظرنا عن نفسنا أكتر من ثقتنا في موتوسيكل جاي في وشنا واحنا بنعدي الشارع. الحقيقة اللي هتظهر بوضوح ووقاحة بمرور الأيام هتزرع في دماغنا أفكار من نوعية "أنا اتغيرت كده ليه"، أو "أنا مكنتش كده"، "زمان كنت كذا ودلوقتي كذا". الواقع إننا على طول بنتغير، وإذا كان مزاج سيادتنا بيتغيّر في اليوم الواحد عشرين مرة، شخصيتنا نفسها مش هتتغير إزاي؟
في علم النفس كان فيه مثال لتعريف الشخصية أنا شخصيًا وقعت في غرامه؛ كان بيشبه الشخصية بمجرى الماء، اللي كل ما هتيجي توصفه هتلاقيه اتغيّر. لو كنت قوي الملاحظة وفطين هتستنج بنفسك إن علم النفس محطش تعريف محدد للشخصية، وحضرتنا بكل قنعرة فارغة بنتحدى قواعد علم النفس وجايين نحط تعريف لشخصيتنا ثابت أبد الدهر؟



والسؤال اللي دايمًا بيطرح نفسه بقوة؛ إحنا امتى هنوصل لليوم اللي نقف فيه بكل فخر واعتزاز ونبُص ورانا ونبتسم، ونغني "شو كانت حلوة الليالي .. " من غير ما نكون بنكدب على نفسنا علشان بنحب فيروز.


الجمعة، 6 يونيو 2014

صلاة

لو أنني انسقت وراء تلك الوساوس، لن أفعل أبدًا ما يستدعي مني الفعل.
لو أنني ما صمدت في مواجهة كل تلك المستحيلات، ستدهسني كل الممكنات.
ولو أنني فقدت الأمل بين كل تلك الأوراق التي تحتوي على معادلات كيميائية سخيفة لا نفقه منها شيء، وتركتها -الأوراق- بحثًا عنه -الأمل- في مكانًا آخر، سأضيعه للأبد.
ولأنني أخشى تكرار المآسي، وأتسلّح باللامبالاة في مواجهة مخاوفي، سأبقى ألتمس الوَنس بعيدًا عن الأحلام التي ضيعتني.
ولأنني أضعف من أحتمل نتيجة ضعفي، ألتمس من الله القوة.
فيا الله، لا تدعني لنفسي، أعوذ بك من شرها، ومن همزات الشياطين، ومن الخوف واليأس.

الثلاثاء، 3 يونيو 2014

المغامرة الإتنين وعشرين*





***

مش عارفة ايه أسوأ، إني أكتب مخاوفي، ولا إني أحبسها جوايا وأتناساها؟

وحكي المخاوف لو تعلمون أكتر فعل بيوجع في الكون.
لكن ساعات الواحد بيحتاج حد يسنده طول الطريق، ولو بإحساس إنه مش لوحده.
وساعات إنك تسند نفسك بنفسك في الأوقات اللي زي دي بيكون أجدع حاجة ممكن تعملها في حياتك.


الأيام شبه بعضها بشكل سلبي، من غير أي إنجازات تدعو للفخر. من غير حتى الإنجازات المطلوبة مننا.

مش عارفة أحكي عن الإحباط من انتظار حاجة تحصل ومتحصلش. مش عارفة أحكي عن كسفتي قدام نفسي مثلًا.
تحصلك أربعة وعشرين حاجة حلوة مكنتش مخطط لهم، والحاجة الخمسة وعشرين اللي كان نفسك فيها متحصلش، فمتفرحش. ده لأن البني آدم كان أصله طوبة.

فيه أسئلة ملهاش إجابات غير عندك. قرارات مصيرية محدش تاني ينفع ياخدهالك.
واللا قرار ده في حد ذاته قرار. وأنك تاخد قرار غلط أحسن من أنك متاخدش قرار أصلًا والدنيا تفرض عليك الأمر الواقع بمزاجها.

فن إختيار الصُحبة بيقتضي إدراك إننا مخلوقات مش كاملة، فتكون قادر تحدد دور كل صاحب في أنهي دايرة من دواير حياتك -واللي بالطبع مينفعش يكون شامل كل الدواير-، ظلم ليه ولنفسك لو استنيت منه يلعب دور مش بتاعه.
أحسن لك -كمان- إنك متحرّكش حد من البوزيشن بتاعه (كزميل- كصديق .. إلخ.) لبوزيشن أعلى من غير داعي، ومن غير ما تتأكد بالبُرهان والدليل. هو هيكون مصدر سعادة في البوزيشن بتاعه، ومصدر نكد مستمر لو نقلته لمكان تاني بمتطلبات مختلفة هو مش قدها.

فيه قاعدة بتقول إن فاقد الشيء أكتر واحد بيتكلم عنه.
فيه كمان قاعدة بتقول إنك ممكن تستهبل فيها طول ما فيه ناس مصدقاك.

من أحلى الأدعية اللي ممكن ندعيها إن يا رب متخليناش ماديين، متعلقناش بالمادة. نوّرلنا بصيرتنا وخلينا نشوف بقلوبنا أكتر ما بنشوف بعنينا. علّي أرواحنا عندك، احمينا من شر الحيرة ووجع الغُلب، وحرقة الحسرة ع اللي فات ومش راجع، وع اللي راح ومش راجع، ورعشة الروح من خوفها من بُكره لسه علمه عندك، خلينا قادرين نحلم من غير ما نخاف من كسرة الخاطر.

----------

لما فكرت إحنا لسه دايمًا بنحس إننا مُحبطين، لقيت إننا بنعلي سقف توقعاتنا من نفسنا أوي، أوي، قدام الصورة دي بنشوف نفسنا عجزة وصغيرين، أصغر من حجمنا الحقيقي بكتير.

عارفة ايه هو النُضج؟ إنك تتعاملي مع ولد بيعاملك حلو على إنه ولد لطيف بيعاملك حلو، مش على إنه مُعجب.
المُفارقة إني عمري ما ندمت على معرفة بنت، وإن كل اللي بيخذلوني بيكونوا ولاد. ده بيعزز نظريتي في كره الرجالة طبعًا.

عارف إن ده شهر فرصة ندخل رمضان نُضاف جاهزين للإرتقاء؟

أوحش حاجة ممكن تحصلك في الدُنيا إنك تكون بتعمل حاجة أنت بتحبها، وييجي حد يمدحها، فتتحول لعمل نفس الحاجة علشان تتمدح مش علشان بتحبها.
كمان بلاش نموّت الحاجة اللي بنحبها بإننا نحولها لروتين.

كنت قريت حاجة بتقول إن مشكلة البنت إنها محتاجة حد يهتم بيها أربعة وعشرين ساعة في الأربعة وعشرين ساعة. ده حقيقي أوي يا علي. الإهتمام بمفهومه الحلو مش الملزق بالمناسبة.

متهيألي مفيش إحساس أسوأ من حد بيعاملك حلو وبطريقة مميزة، وبعدين -بالصُدفة- تلاقيه بيعامل كل الناس كده.
كمان فعل إنك تهتم بحد وتتوقع منه حاجة ده في غاية السوء.

شابوه لقلبي اللي مبقاش يزعل على ناس مشيوا من حياتنا بمزاجهم.
شابوه تاني ليا إني سيبتهم يمشوا، ومستمريتش في المحاولات المتكررة اللي ملهاش معنى.

نوعد نفسنا إننا مش هنقلل أبدًا من نفسنا بسبب تصرفات ناس يقربولنا، إحنا مسئولين عن تصرفاتنا، وتصرفاتنا إحنا بس، وبناءً عليه؛ إحنا جامدين جدًا.
كوننا بنكره ده كمان مش معناه إننا وحشين، لكن ذاكره قديمة مشوّهة ونفسية مليانة كدمات مكناش إحنا السبب فيهم هم اللي خلونا كده. تعاملنا مع الكُره ده هو اللي بيحدد مدى صلاحنا، وبكده نكون إحنا أبطال.

منطقيًا مفيش حاجة إسمها ( الأحداث بتتعاد ) يا ريم.
فيه حاجة اسمها إحنا متغيرناش، لما أحداث جديدة عدت علينا لقيتنا زي ما احنا.
فيه حاجة اسمها روتين سنوي مرير.
فيه طريق محطاته كلها نظام واحد، لازم نتعلم نتعامل معاه.
فيه حاجة اسمها احنا -بغباء- بنختار نفس الإختيارات الغلط.
لكن أبدًا الأحداث مش بتتعاد، والتاريخ مش بيعيد نفسه، فيه ناس بييجوا بعد التاريخ أغبيا ومبيتعلموش منه وبيغلطوا نفس الغلطات فبيوصلوا لنفس النتيجة.


"قمة الغباء أن تكرر نفس الفعل مرتين متخيلًا أن النتائج قد تتغير." ــ اينشتاين

مش مكتوب علينا نلف في دواير والدنيا تلف بينا ودايمًا ننتهي لمطرح ما ابتدينا، ومش مكتوب علينا الغباء.

البرد في عز الصيف زي الوحدة في وسط الناس.
زي الزحمة اللي في قلبك وأنت لوحدك.
زي البُكا المكتوم في عز الوجع.
وزي حكايتي كلها، اللي بيفرق فيها بس التوقيت، واللي بيسيطر عليها هو التناقض.

إحساس إن الأيام بتتسرق من بين إيديا وبتخلص بسرعة أكبر من اللي المفروض تخلص بيها بيسببلي ألم أكبر من ألم عطسة البرد.


المغامرة الإتنين وعشرين، اللي منطقيًا مينفعش نغلط فيها نفس الغلطات، فنجرب غلطات جديدة بضمير مستريح، وناخد قرارا غبية زي ما احنا عايزين، نتعلم من كل اللي هنمر بيه علشان أكيد لازم هنطلع بحاجة.

"أنا راح مني كمان حاجة كبيرة .. أكبر من إني أجيبلها سيرة .."

عمنا صلاح جاهين

-----------
*العنوان مُقتبس عن فنان الكاريكاتير مخلوف.