فيه قصة بتحكي عن راجل طيب كان عنده حصان، وفي يوم هرب منه فجيرانه راحوا يواسوه علشان حظه الوحش، قالهم: وإيش عرفكم إنه حظ وحش؟ بعد كام يوم، الحصان بتاعه رجع ليه ومعاه كام حصان كمان، فجيرانه راحوا يهنوه على حظه الحلو، قالهم: وإيش عرفكم إنه حظ حلو؟ بعد كام يوم كمان، كان ابنه راكب على حصان منهم،وقع من فوقه ورجله اتكسرت، فجيرانه راحوا يواسوه على حظه الوحش، قالهم: وإيش عرفكم إنه حظ وحش؟ بعد كام يوم كتير بقى، كان فيه حرب والبلد جندت كل الشباب بس ابن الراجل الطيب متاخدش علشان رجله مكسورة، وفي الحرب مات منهم شباب كتير..
فيه كمان قصة (لعله خير) بتاعت الملك والوزير بتاعه اللي كل ما كان تحصل له أي حاجة يقول "لعله خير"، لحد ما في يوم وهم بيصطادوا صباع الملك اتقطع فالوزير قال له "لعله خير"، الملك اتغاظ جدًا واتعصب وحس وكأن الوزير بيتريأ عليه وبيستهزأ بمشكلته، فأمر بحبسه، ساعتها الوزير برضه قال "لعله خير". بعد كام يوم وهو بيصطاد طلع عليه مجموعة ناس كانوا عايزين ياخدوه قربان يقدموه للآلهه، ولما لاقوا صباعه مقطوع رفضوه علشان مينفعش يقدموا قربان ناقص. الملك ساعتها حس بغلطته وأفرج عن الوزير، بس سأله ليه قلت "لعله خير" لما حبستك؟ قال له "يا مولاي ما أنا لو مكنتش اتحبست وكنت معاك كانوا سابوك انت وخدوني انا".
الأجمل من كل ده كله حديث عن النبي بيقول "عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ ".
----------
فترة البلاتو بتاعت الحياة دي أكيد هييجي بعدها حاجة مُهمة، مهما كُنا ضُعفا ومكسورين وحاسين بالضياع والفشل، ومهما كنا بُعاد عن المكان اللي عينينا منه، زي ما إن القاعدة الوحيدة في الدُنيا إن مفيش قاعدة، برضه الثابت الوحيد في الدُنيا إن كل حاجة بتتغيّر ماعدا القاعدة دي.
مينفعش نكون بالغين التشاؤم ونقول إن الأمور هتتغير للأسوأ، مينفعش علشان احنا في أشد الحاجة لأننا منصدقش ده. في أشد الحاجة لأن حد يقولنا إن فيه أمل، وأننا نصدق إن الدُنيا كُلها مش هتخلص زي ما اليوم ده بيخلص، والأسبوع ده بيخلص، والشهر اللي بنحبه في السنة بيخلص، والسنين بتعدي واحنا واقفين نتفرج على عُمرنا بيضيع وبنعمل له باي باي. وأن ده مُجرد يوم عابر وحش مش حياة كاملة وحشة. ماشي ماشي مُجرد كام سنة وحشين وهيعدوا مش حياة كاملة وحشة.
في مكان ما في قلبي، تقريبًا جنب الإس ايه نوود على طول، بتتجمع خيباتي الصغيرة واحدة فوق واحدة.
الولا حاجة اللي مسيطرة على شعوري عامةً دي مُريحة بس مش مُطمئنة. يعني أنا قاعدة جوه مستريحة بس متأكدة إن الدُنيا بتمطر بره الفقاعة بتاعتي. إحساسي بالأمان مش بيمنعني من إحساسي بالحسرة على فُقدان متعة الجري تحت المطر وشُرب حمص الشام على الكورنيش مع إنساني المُفضل في الكون.
وبمناسبة الكورنيش، الأربع سنين اللي عدوا من عُمري من غير ما أشوف فيهم البحر دول كانوا من أسوأ سنين حياتي -بالصُدفة البحتة- وده رسخ إعتقادي بإن حياتي هتتصلح تمامًا أول ما أروح لحد عنده وأصالحه، أو يصالحني، أو يصالحني على الدُنيا.
أنا -لحد دلوقتي- مصدقة جدًا إن أكتر حاجة ممكن تعلي السيرتونين في الدم هي الرقص، وإننا مينفعش نتفرج على فيلم إلا في الضلمة، وإن المزيكا والأغاني بتكلم روحك على طول من غير ما تعدي على بوابات عقلك السخبفة اللي بتحلل كل حاجة، وإن الكلام الحلو بيعمل زي المزيكا بالظبط.
مصدقة إن المسافة بينك وبين الطمأنينة ركعتين، وإن الدُعا بالكتابة أحلى من الدُعا بالصوت، وإن كاظم الساهر لما بيقول "يا هبة ربي م السما وأجمل هدية" بيقولهالي أنا.
جوايا حاجة لسه مصدقة إن الكون بيدور حواليا.
----------
"يا همّ العُمر .. يا دمع الزّهر .. يا مواسم العصافير"