الخميس، 27 مارس 2014

الرؤية الأخيرة (أشباه قصص قصيرة)



تأملتـه بكل مـا بهـا من أعيـن، على الشاشة السوداء، فهـى تعلـم أنهـا المرة الأخيرة ..
رغبـت في أن تُخزّن صورتـه في ذاكرتـها .. لتتمكـن من أن تستدعيهـا لأطول فترة ممكنة ..
كانت لحظة من اللحظـات الثي يتوقـف عندها الزمن ..
كان هـو كل ما تمنتـه من الحياة .. وكأن الحياة أبت أن تُعطيهـا ما تمنت كـاملاً ..
ولو كانت -الحيـاة- منعتـه عنهـا من البدايـة لكـان أهـون لهـا،
بدلًا من أن تمنـيهـا بـِه، ثم لا تحـصل عليه .. بل وتحيـا بألـم فقدانـه ..
لـم تكن قد تكـونت له ملامـح بعد، لكنهـا هي كانت قد رسمـت له صورة في خيالهـا ..
تخيلـته بوجـه يجمـع سمـات وجههـا هي وأبيـه معـاً ..
أسمـر بعيـون عسلية وشعـر أسود .. له إبتسـامتهـا .. وصـوته ..
سعـادتهـا بـه كانـت تكبـر معـه كلمـا نـمَا بداخلـها ..
كبـرت -سعـادتهـا- لدرجـة لم تجعلـها تتحمـل حقيقـة إنه لن يـأتي إلى الحيـاة ..
لم تستـطع التفكـير .. لم تستـطع حتى أن تـُدرك بم تشعر ..
كـل ما فعلتـه هو النظر إلى صورته وتسمـرت عينـاها المليئتين بالدمـوع ..
لكـن القرار كـان حتمـي ..
"آسفيـن يا مدام، إحنا لازم ننهـي الحمـل حرصـًا على صحتك" ..

5-12-2013

وردة سودا


(1)

نظرت للسمَاء وكأنها أول مرة ترى عيناها فيها اللون السماوي، فكرت أن لون كهذا لابد وأن يكون لون سماء الجنة، فهو يُشبه الملائكة إلى حدٍ كبيرٍ -في تصورها الطُفولي عَن الملائكة-، وأن الله لابُد وأنـه حِين خلق الأرض ترك فيها أثراً مِن الجنة .. فكـانت السماء.


(2)
تمتلئ الحياة بالألوان، ربما لا تُلاحظ دائمًا، لكن يمكنك التأكد من وجودها يقينًا في لحظات الفرح القليلة التي يمتدح فيها الشعراء ألوان الطبيعة وكأنها وجدت للتو. الحقيقة هي إنها فعلاً قد وجدت للتو وقتهـا في أعينهم. الفرح يفجّر الكون بالألوان، التي لا تعرف لها اسماً.

(3)
كـان لديها معتقد لا تدري من أين نبع بأن الله يحب اللون الأزرق على وجه الخصوص. ولم لا؟ كل جميل في الدنيا لونـه أزرق. السمـاء والبحـر لونهـما أزرق. لا جميـل في الكـون غيرهمـا على كـُلِ حال.

(4)
لطالمـا تخيلـت قلبهـا ورقـة بيضاء بحجم الكون ذات زخارف زرقاء اللون. ورقـة كـُتب عليها أبيات شعرِ وأسمـاء بشر تلـمع بلون الفضـة وتفوح برائـحة، لم تـكن متـأكدة إن كانت فانيليـا أم كراميـل. وكان لديهـا يقينًا بأنها تستطيع تمزيق تلك الورقـة في أى وقت لتبدأ بواحدة جديدة خاليـة تمامـاً من أى شىء .. عد الزخـارف الزرقـاء.

(5)
للألوان معاني أخرى غير تلك التي يراها مصممـي الديكـور والعلماء أصحاب قاعدة أن الألوان جميعها إنعكاسات لأطوال موجـات مُختلفة ومحددة، وأن كلهـا ذات منبع واحد وهو الأبيض الصـامت .. الكئيب.

(6)
الأسود سيد الألوان .. صاحب الحكمة والوقار والإحتشام والفلسفة. وهو بعيد كل البعد عن شائعـة الكآبة التي تـُلصق به. هو فقط صديق مُخلص للمحزونيـن، يلائـم تمامـاً شخص فقـد للتو عزيزاً عليه -أكـان شيئاً أو شخصاً-، لـون يحتضـن القلوب، يملؤها دفءً ويهون عليـها. لـون حبٌ هو، لا كـآبة. على عكـس الأبيض السخيـف الذي يلائم تمـاماً مراسم العـزاء. الأبيض هو لون الكـآبة حقـاً.

(7)
ألا ترى معـي أن الأسود والأزرق لا يمكن أن يجتمـعان؟ ولو حـاولت الجمـع بينهمـا لصرخ المزيج ألمـاً .. وبشـاعة؟ ولطغـى أحدهـما على الآخـر وصرعـه ليعلن عن وجـوده؟
ذلك لأن كل منهـما سيـدٌ، ولا يُمـكن أن يٌعلـن سيـدان في مكـانِ واحدِ.
لهذا أعشقهمـا.
سر جمـال كل ألوان الكون يكـمن في وجودهمـا بشكل أو بآخر، وفي غيـابهمـا من منظور مختلـف، بعيداً عن ما يمـكن أن تراه العيـن.

وكمـا لا يُمكن ان توصف الموسيـقي بكلمـات، ولا الأصـوات، كذلك الألوان .. جمـالٌ متفـردُ لا يقـدر على وصفـه شىء.

29-12-2013

كما ترى




علمت تمامًا ما علىّ أن أفعله في تلك اللحظة بالذات، الكتابة.

هذا لا يعني على الإطلاق أنني أرى أية أفكار في الجوار، ولا حتى ملامح فكرة من بعيد. لا شىء.
ربما كانت تلك المرة الخامسة بعد الألف التي أكتب فيها لمجرد الكتابة، وكأن الكتابة في حد ذاتها فعل قائم الأركان قادر على التغيير. الكتابة ذاتها لا ما تكتب عنه. هذا هو ما أفعله الآن بالضبط.
ربما يبدأ الكلام وينتهي دون أن أناقش قضية واحدة، ولا
أعبر عن شعور واحد، ولا أصف أى شىء.
هذا ممكن بالطبع بدليل أنني أفعل ذلك في تلك اللحظة.

إن كان لصفاء الذهن شكلاً، فهو شكل تلك الكلمات المكتوبة أمامي على الشاشة. كلمات لا معنى حقيقي لها، ولا فائدة منها ولا ضرر. وهنا لا أصف صفاء الذهن كما هو واضح، أنني فقط أتخيل. أكتب عن شىء لا وجود له إلا في ذهني، ولن تعلم أنت عنه شيئاً إلا من خلال هذه السطور.
هنا تمامًا تكمن المأساة. أنا لا أريدك أن تعلم. أنا أريد أن تصلني أنا كلماتي، لكنني وبدون أى سبب مُقنع أشاركك إياها. ولكن لنعقد إتفاقًا سريًا يتضمن نسيانك كل ما تقرأه الآن بعد أن تنهيه ببضعة أيامِ على الحد الأقصى. صدقني هذا هو ما يحدث كل مرة، وهذا هو ما يشجعني على الكتابة كل مرة. وهذا هو ما سيحدث تلك المرة أيضًا. والمفاجأة أننا نعقد هذا الإتفاق كل مرة دون كلمات.

----------

أكاد أخسر حياتي المستقبلية كل يوم، لكن الأمور تستقر على خُسراني لحياتي الحاضرة فقط، وهو ما يعني بالمناسبة خسارتي لحياتي كُلها، فأنا لا أمتلك غير تلك اللحظة الحاضرة كما تعلم. أنت لا تضمن بقائك على قيد الحياة للأبد. لا تضمن حتى بقائك على قيد الحياة إلى الغد، إلى الساعة أو حتى الدقيقة القادمة. لكن المرء يعيش بمبدأ الثقة الغير مبررة التي تضمن له دائمًا أن هنالك غداً. دائمًا هناك مستقبل. يفرط الناس في تصديق حدسهم الغير منطقي لدرجة تجعلهم يضيعون حياتهم عزيزي لمجرد أوهام. أوهام يسمونها مستقبلاً. يسخرون من القدر بالعمل من أجل سعادة قد تأتي في زمن قادم. يضحون بحاضرهم من أجل غيب لا يعلمونه، وما هم يسخرون إلا من أنفسهم، أو ربما القدر هو من يسخر منا جميعًا.
وإنني حين أقول أنني أكاد اخسر حياتي المستقبلية كل يوم، أعني حياتي المستقبلية المحتملة.
إنني أقترب كل يوم من قرار إنهائها، حالًا. لكنني –ولسبب ما- لا أنفذ القرار أبداً. حتى تأكدت تمامًا من أن القدر سيسبقني إليه. وستكون له الغلبة كما في كل مرة. بُني الكون على هذا المبدأ، كما تعلم.

---------

إنك لن تحصل أبدًا على ما تريد. سوف تجد فقط العديد والعديد من الأشياء التي ستظن أنك كنت تريد الحصول عليها يومًا. ستتوهم أنك كنت تريدها، وستحصل عليها. قليل من سيدركون بداخلهم حقيقة أنهم لم يحصلوا على أي شىء، ولن يمتلكوا القدرة على الإعتراف، أبدًا. أى حرية تلك في حياة أنت لم تمتلك حتى اختيار التواجد فيها. لم يكن من ضمن اختياراتك قرار اللاوجودية. هل تدرك حقًا حقيقة وجودك على هذه الأرض؟ دعني أصارحك بالإحتمال الذي لن تجرؤ على الإقتناع به يومًا. أنك هنا لمجرد الوجود. لا شىء وراء ذلك. لا شىء سيُسببه وجودك أنت بالذات دون غيرك، ولا شىء يدعو للإنبهار في ذلك. أنت غالبًا ما تبحث عن سر؛ سر الوجود، سر الحياة، سر النجاح، .. إلخ. واجه نفسك بحقيقة أنه لا سر هناك. هذا هو الأمر كما يبدو فقط. إنما يحب المرء أن يهون على نفسه من وقع حقيقة حياته بإقناع نفسه أن هنالك المزيد، هناك أشياء في مكان ما لا يعرفها، هناك سر أعظم وراء وجوده في هذا المكان والزمان بالتحديد، ليحيا على فضول ممتزج بأمل إكتشاف الحقيقة يومًا ما. وهو بقرارة نفسه يتمنى لو لا يعرفها أبدًا. الخبر السعيد هنا هو إن هذا سيحدث فعلًا ولن يكتشف السر، فقط لأنه لا سر هناك من الأساس.
هل تعلم عزيزي أننا نظلم الحزن كثيرًا؟ نسعى إلى السعادة فرارًا منه، ونتمناها ونحيا من أجلها. ولكن إذا أمعنا النظر سنجد الحزن رفيقًا مخلصًا. رفيقًا لا يتركك، لا يغدر بك، لا يفاجئك، ولا يؤذيك. نعم، أنه لا يؤذيك. انت من تؤذي نفسك به، ربما لأنك لا تطيقه، وربما لأنك لا تفهمه. تمامًا كالسكين، هو برىء منك إذا أردت به قتل نفسك. لم يقتلك السكين، وإنما أنت فعلت. كذلك الحزن عزيزي، هو لا يفتك بك إلا إذا قررت أنت. أما في غير ذلك، فهو يؤنس وحدتك، يشاركك الكثير من لحظات حياتك، يواجه معك الصعوبات والأزمات. لا يختلط عليك الأمر أرجوك، ولا تعتد الحزن ذاته أزمة. هو يملأ كيانك في الأزمة، الوقت الذي لا يمكن أن يتسلل أي شعور تجاهك. هل تعلم أننا نحب الحزن؟ هذا لأن هنالك جزءٌ بعيد في داخل أنفسنا يدرك حقيقته، ومدى نُبله، لذلك نتجه بإرادتنا إليه. لا تدع الحزن يفتك بك، أعني لا تستخدم الحزن في الفتك بنفسك، رجاءً.
ليس هناك طريقة للخروج من الكيان للأسف. أنت موجود لا مفر. لنبحث عن حل لتلك المشكلة لأن التراجع ليس من بين إختياراتنا. من لطف الآله بنا عزيزي أننا لا نملك حق الإختيار، على المستوى الأعلى بالطبع. أنك لا تختار موطنك الأصلى ولا أهلك ولا شكلك ولا رزقك ولا نصيبك ولا قدرك .. إلخ. لكن بوسعك أن تختار بين طرق الحياة على المستوى الأدنى، والتى تقف أمامها في قمة التردد بالمناسبة. عجزك عن إتخاذ قرار صحيحًا تمامًا قد يثبت لك أنك لست مؤهلاً للإختيار. حسنًا، أنت لم تخلق لذلك. يظل بإمكانك التلاعب بالقليل من المكتوب عليك، لكنك هنا تتلاعب بنفسك. أنت أنت لأنك كذلك.
هل أمتن للوجود؟ لست متأكدة من ذلك. لكنني لن أتأكد بالطبع إلا إذا وُجدت. لذلك كانت المعجزة ووجدت أنا. وها أنا أحيا وأصنع حياة ساتمكن في مرحلة ما منها أن أجد إجابة لسؤال واحد فقط، هل كان من الافضل لو لم أتواجد؟ لو لم أخُلق؟ لو لم أمر من هنا؟
ربما كان من الأفضل لو سكتنا قليلًا، أو دائمًا.

أنت تعلم أن الأمور تسير في مجراها الطبيعي حتى تقرر أن تفتح فمك بالكلام. دائمًا ما تسير الأمور في مجراها الطبيعي حتى تأتي أنت، ولكن هذا يعتمد في جزء ما على تعريفك للطبيعي.
على كل حال أنت لست المقياس الذي ستقاس به الأمور، كما تعلم.
أنا ممتنة أنك تشاركني كلماتي حتى تلك اللحظة حتى ولو تأكدت فعلًا من أنني لا أقول شيئًا.
ما أصعب الحياة حين لا تمتلك ما يُغريك بها. ولولا أنك لا تتنفس بإرادتك لمرت بك لحظات توقفت فيها عن التنفس حتى تهدأ روحك إلى حين.
لماذا يجب؟ فقط هذا هو السؤال. أتسائل عن الوجوب عينه. لماذا يجب أى شىء؟ لماذا يتوجب علينا الحياة؟ لماذا يتوجب عليّ أنا (نفسي)؟ ماذا لو لم أكن أريدني؟ وهذا هو ما يحدث الآن بالمناسبة. إن الإستقرار النفسي أساسه تقبلك لذلك، كما تعلم. ماذا لو لم تتقبلها؟ يجب عليك أن تتقبلها، هذا هو الأمر. هذا هو ما أعنيه! لماذا يجب؟ ماذا لو كان لدي رأي آخر بهذا الشأن. لماذا كل شىء؟

(هأموت أوفردوز أسئلة) كما ترى.


19-1-2014

إنتي جاية اشتغلي ايه؟

انت عايش ليه؟ لو عندك إجابة ع السؤال ده ومتأكد أنها صح أحب أهنيك وأقولك "أنت من الأحرار يا علي"، أما بقى لو زي حالاتي ومعندكش فكرة أصلًا أنت عايش ليه وإزاي وسألت نفسك كتير مرسيتش يوم على بر فأحب أقولك احنا داخلين على أيام سودا.
لحد امتى هتفضل عايش اليوم بيومه وبتصحى علشان تنام وبتنام علشان تصحى، ومش عارف أنت رايح على فين؟ لحد امتى هتفضل بتروح الكلية اللي انت مش حاببها أو بتشتغل الشغل اللي انت مش بتحبه وبتصاحب ناس مش بترتاحلهم ومش بتصارح البنت اللي بتحبها بمشاعرك وبتلف في دايرة روتين واحدة
والـ (to-do list) بتاعتك عمالة تطول تطول، ومفيش حاجة فيها بيتعملها check ؟

لو معندكش خلفية ان اليوم اللي بتعيشه في حياتك ده هيروح مش راجع تاني، ومفيش فرصه تعوضه، فياريت تاخد بالك بقى، اللي راح يمكن يكون مش قد اللي جاي، وعمرك اللي انت عمال تبعزق فيه ده أنت هتعيشه مرة واحدة بس، ويا صابت يا خابت، مفيش فرصة تعمل سكور حلو وتاخد حياة تانية، ومفيش فرصة ترجع أصغر مما انت عليه دلوقتي، فالحق نفسك قبل ما يبقى too late.

متعملش حاجة انت مش شايف نفسك فيها، ومتأجلش حاجة انت عايز تعملها واخلق الفرصة علشان تحقق اللي انت عايزه بجد، دور على اللي شبهك من الحاجات والناس وعيش. جرب كل يوم تعمل حاجة جديدة مجربتهاش قبل كده، اتعرف على ناس كتير ووسع دايرة معارفك وحياتك، ابعد عن زحمة الحياة ومشاكلها ودور جوه ذاتك -أهرامتك واللي على السد- على نفسك، اعرف انت مين قبل ما تلاقي العمر جري بيك وانت مش عارف نفسك.

وفي الآخر، متستناش الفرصة تيجب تخبط على باب حضرتك، ودور وعافر وانت هتلاقي، محدش بياكلها بالساهل، ومحدش مرتاح، والجزاء من جنس العمل، وإن ليس للإنسان إلا ما سعى، وزي ما قال الكبير عمر طاهر (إن كان في حياتك ثمة شىء يستحق التأجيل، فليكن التأجيل نفسه).

---------------

نُشرت في جريدة التحرير باب "أكتر من 140 حرف" عدد الخميس 3 إبريل
2014




في مكان مـا



كانت ريشة تتقاذفها الرياح.. لم تعرف أبداً معنى الاستقرار .. لطالما تمنت أن يكون هناك من يقود حياتها ممسكاً بدفة قرارتها لتسترح من عناء التردد بين كل تلك الخيارات .. لكن لم يكن باستطاعتها ان تجد هذا القائد .. كونها فتاة فى مقتبل العمر لم تعرف بعد معنى النضج .. لم تعرف معنى التعقل .. ظلت تحاول العثور على نفسها فى خضم الحياة و زحامها ، لم تعرف يوماً كيف تصف نفسها .. أهى المواقف التى مرت بها و شكلت شخصيتها . ام هى مجموعة الصفات التى ورثتها من أهلها مجمعة مع الصفات المكتسبة من مجتمعها على بعض من أفكار عقيمة تشبعتها من مجتمع مريض صارعت نفسها مراراً لتتخلص منها .. أم هى مجرد شىء ليس له وجود .. مجرد كيان مخلوقة سيأتى يوم و تفنى كما فنى من قبلها .. و يمحى ذكرها من على الأرض ماعدا من شهادة وفاة تحمل اسمها الرباعى ..

و كيف لها أن تجد نصفها الآخر ان كانت لا تستطيع العثور على نصفها الأول ! تتخبط فى ظلمات النفس تتعثر فى فوضى الأفكار .. هى الشىء و نقيضه .. لا تحمل لنفسها رأياً ولا تستطيع التعبير عن انفعالاتها باستثناء العصبية اللا مبررة .. ربما نتاج كبت شعورى أو تعقيدات نفسية غير مصنفة تحت أى من الامراض العقلية و النفسية المعروفة .. فقط هى هى .. لا تعرف عن نفسها الا اسمها . و ملايين الكلمات التى يتردد صداها فى عقلها كل ساعة ..
لم تعد تستطيع التفرقة بين العالم الواقعى الموجودة بجسدها فيه و بين هذا العالم الآخر التى صنعته هى من خيالها بنفسها .. بالناس التى تمنت وجودهم فيه .. بالسيناريو الذى يلقى اعجابها أو ربما تجد فيه تعويضاً عن شىء فقد فى واقعها .. أو فى خيالها .. فهى لم تعد تستطيع التفرقة كما ذكرت
لم تعد تتذكر تفاصيل ما فات فقد مضى .. و لم تهتم بالتنبوء بتفاصيل ما هو آت ، فطالما هى ترفض الحاضر بكل ما فيه فما الذى يعنيها بالتفكير فى بعد آخر .. لقد تعمقت فى نفسها حتى بلغت مستوى السطحية
و أشعلت مقابيس الانوار لغيرها من بنى البشر ممن تعرفهم لكنها أبداً لم تتمكن من رؤية بعض من نور لعلها تهتدى به
علمت أن ربها وحده القادر على الهداية فهو يهدى من يشاء ( و ما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله ) .. تيقنت أن هناك نور لا محال .. عليها فقط تخطى تلك الظلمات التى بداخلها .. فتبدأ الطريق ..  و تزيل الغشاوة من عينيها لترى الضوء.. لم يتمكن نظرها من التعافى سريعاً لكنها استطاعت أن تلمحه من بعيد ... و كان الضوء خافتاً.

بداية جديدة

"فات ييجي أكتر من سنة" .. (:
على أول مرة كتبت فيها هنا ..
وراجعة تاني، يمكن لأن ده ملجأي الأول والأخير..الكتابة.
ومش معنى إني بأكتب إني عندي كلام أقوله، لأ، معنى إني بأكتب إني عندي شعور مش عارفاه بيتحكم فيا، وبأكتب علشان أعبر عنه، يمكن أقدر أوصله وأفهمه، ويمكن لأ، لكن الأكيد إن فيه كلام هيطلع لأول مرة وهيعرفني أكتر عن نفسي.

في رحلة البحث عن ذاتي بأقابل ناس كتير ذواتها مُغرية بالتشبه بيها، بأحاول أقلدهم في حاجات عاجباني وأحطها في شخصيتي اللي بأسعى إني أحققها، في الآخر بالاقي نفسي تُهت أكتر وبعدت عن نفسي أكتر. لسه تايهة بين مفهوم إكتشاف الذات وصُنع الذات، مين فيهم اللي المفروض أحققه؟ مين فيهم اللي صح؟

أيام وبنقضيها، أنت دلوقتي. اللي عشته مش فاضل منه غيرك، اللي جي مش أكتر من مجرد فكرة، أنت عايش، أنت بتاع امبارح مات، أنت بتاع بكره لسه متولدش. أنت خايف ليه؟

هذه أنا

  • كمئات -بل كآلاف- الأيام التي مضت من عمري، لا شىء جديد، لا شىء مهم.أسرد بعض الأحداث التي تكدر صفوي، أو كلمـات كررتها عشرات المرات من قبل، ثم ماذا؟ ثم لا شىء.
  • أظل بإنتظار تلك الحياة المختلفة كليًا عن حياتي الآن .. أظل بإنتظار الأحلام التي ترفض المغادرة إلى أرض الواقع .. أظل بإنتظار العصا السحرية التي ستبدل كل شىء .. أكرر نفس الأفعال وأنتظر نتائج مختلفة، أصبّر نفسي وأهون عليّ بأن دوام الحال من المحال ولابد من يوم تسير فيه الأمور كما تمنيت دومًا، لكنني لا أدري أكان ذلك إيمانًا صادقًا أم كلمات نابعة من يأس مدقع.
  • لماذا تفقد الأشياء معناها بالتدريج؟ أذكر أن بعضها كان كافي لإدخال السرور على قلبي لأيام، أما الآن فكل ما تسببه لي هو إبتسامة قصيرة المدى. حتى إنني أخشى بمرور الوقت أن يصبح كل ما تجلبه لي هو مرارة الحسرة على سعادة مضت، لا أضمن تكرارها، وأتأكد من أنها قد ذهبت للأبد.
  • حتى الطموح، والأهداف، والنجاح، والأمل، وكل تلك المعاني التي كانت تعني شيئًا ما يومًا .. أصبحت تكرارية ومملة حد الثمالة .. فقدت بريقها وانطفأت .. حتى لبث النجاح والفشل أمامي طريقان سويان يمتدان في كل مفترق طرق، فلا أكاد أجزم أي طريق أود أن أسلك.
  • أما عن البشر، فأنا الآن في حيرة من أمري، من بدأ بالخذلان؟ من الذي اعتزل الآخر؟ حتى وقت قريب كنت أظنني من اتخذ القرار بالإبتعاد وأن أنأى عن تفاهات البشر .. لكن سؤال بسيط جداً مر على ذهني يومًا .. "ماذا لو أن عالم البشر هو من لفظني؟"
  • لقد وصل بي الحال إلى أنني لم أعد أدري هل عقلي هو من يتحكم بي أم أنا من أتحكم به؟ هل أنا أفكر الآن أم أن التفكير هو من يتخذني كفعـل؟ هل تساؤلاتي نابعة من ذاتي أنا أم التساؤلات هي التي تفرض وجودي على هذا العـالم؟
  • والنهاية؟ دعيني أصارحـك إن حقيقة أنه "لا نهـاية في الوجـود" فكرة مـُرعبة بالنسبة إلي!كوني لن أنتـهي أبداً .. قد وُجـِدت ولا مفـر من ذلك .. سأستمـر في الوجـود إلى الأبد .. هذا لا يطـاق.ولو أنني سألتمـس عـُذرًا مـا للملـحدين في معتقـد من معتقـداتهم، سيكـون أنهم لم يستطيعـوا التعامل مع فكرة "الوجود الأبدي" تلك .. وجدوا أنه من الأسهل كثيـراً لو عـاشوا أيـامهم المعدودة على الأرض مع فكـرة الإنتهـاء يومـاً مـا .. يومـاً مـا سيواريهـم الثرى وتنتهى القصة وتكتب كلمـة "النهاية" فى قصة حيـاتهم وهذا كل شىء.
  • لكن لأكون موضوعية ومُنصفة، ما يبقيني على قيد الحياة هي نفس تلك الفكرة التي أرتعب منها.ما يمنعني من الإنتحار -بعد خوفي من الله- هو أن "ليست الدُنيـا كل شىء" .. إنهـا مجرد رحلـة .. مرحلة في حيـاتك .. هناك الحياة الدائمـة التي سنعيـش فيهـا حقًا .. إننا لا ننتمي إلى هنـا على كل حـال.
  • ما يشد من أزري في الفترات الصعبة -والتي تطول بطـول عُمـري- هو أن كل شىء لـه جزاء .. دائمـاً ما هنالك أمـل في "التعويـض" .. أحتسب ذلك عنـد ربي .. وهكذا، تصير الحيـاة أفضل حتى ولو لم يتغيـر أي شىء .. تصير الحيـاة أفضل لأنني أصبح أكثر قدرة على التحـمل.
  • ماذا عن التغيير؟أتسـاءل لو أن الله قد خلق البشر بطباعـه تلك وصفـاتهم تلك، لمـا يكن من المفترض أن يحـاولوا التغيير للأفضل؟ولو أن الله قد خـلق البشر مجرد نمـاذج مماثلة، وعليهم أن يقرروا أي دور سيلعبـون "الطيب" أم "الشرير" .. لمـا يحتاج العالم إلى كل تلك النماذج؟لا أعلـم ماهية الفطـرة .. ولا أفهـم فكرة ان يكون الشخـص بلا شخصية حتى يقرر من يريد أن يكون.
  • لطـالما آمنت أن "الكلام أسـوأ وسيلة للتعبيـر" .. لكنني لا أمتلك سواها.الكلمـات خائنـة.تدور برأسـك فكـرة تشعـر أنها عظيمة، رائعـة، فقط لو أنك تستطيـع التعبير والإفصـاح عنهـا بالكلمـات الملائمـة، تبحث في قاموسـك الصغيـر عن المناسب ممـا تعرف من كلمـات .. تضعهـا متراصـة في جُمـل قد تطول وقد تقصـر .. لا تلبث أن تعيـد قراءتهـا على نفسـك حتى تدرك مدى سفاهة المكتـوب. ثم تقع في حيرة من أمـرك، هل كانت الفكرة تافهة حقًا؟ أم أنني فقد لم أحـسن التعبير؟
  • هذه أنا .. أبدأ الجمـل فقط لا أنهيهـا .. أترك بعض النقـاط في آخـر كلامي .. أتساءل فقط دون أن أبحث عن إجابات، وكأن التساؤل نفسـه هو ما يعنيني .. هو غايتي وهو ما يُـرضيني.أعشق البدايـات، وأمقت النهـايات. أتمنى لو أن حيـاتي كلهـا روايـة من مئات الفصول، مليئة بالأحداث، ونهـاية مفتـوحة.أكره المقدمـات، إمـا أنهـا تحرمني من غمـوض البداية، وإما من إثارة ما قبل النهـاية.متناقضة أنا لدرجة لا أقدر على وصفها، لدرجة أن الوصف نفسه قد لا ينطبـق عليّ فرط تناقضـاتي .. والتي تقـارب حد الإتـزان.أشعـر أحيـاناً وكأنني أختبىء من نفسي بداخلـي.
  • كل الإمتنـان للكتـابة، فلطـالمـا كانت الطريقـة الوحيدة التي تمنحنـي المعرفة بمـا يدور بداخلـي، أفكـاراً لم أعرف يوماً أنها هناك، بداخل عقلي.