الخميس، 27 مارس 2014

في مكان مـا



كانت ريشة تتقاذفها الرياح.. لم تعرف أبداً معنى الاستقرار .. لطالما تمنت أن يكون هناك من يقود حياتها ممسكاً بدفة قرارتها لتسترح من عناء التردد بين كل تلك الخيارات .. لكن لم يكن باستطاعتها ان تجد هذا القائد .. كونها فتاة فى مقتبل العمر لم تعرف بعد معنى النضج .. لم تعرف معنى التعقل .. ظلت تحاول العثور على نفسها فى خضم الحياة و زحامها ، لم تعرف يوماً كيف تصف نفسها .. أهى المواقف التى مرت بها و شكلت شخصيتها . ام هى مجموعة الصفات التى ورثتها من أهلها مجمعة مع الصفات المكتسبة من مجتمعها على بعض من أفكار عقيمة تشبعتها من مجتمع مريض صارعت نفسها مراراً لتتخلص منها .. أم هى مجرد شىء ليس له وجود .. مجرد كيان مخلوقة سيأتى يوم و تفنى كما فنى من قبلها .. و يمحى ذكرها من على الأرض ماعدا من شهادة وفاة تحمل اسمها الرباعى ..

و كيف لها أن تجد نصفها الآخر ان كانت لا تستطيع العثور على نصفها الأول ! تتخبط فى ظلمات النفس تتعثر فى فوضى الأفكار .. هى الشىء و نقيضه .. لا تحمل لنفسها رأياً ولا تستطيع التعبير عن انفعالاتها باستثناء العصبية اللا مبررة .. ربما نتاج كبت شعورى أو تعقيدات نفسية غير مصنفة تحت أى من الامراض العقلية و النفسية المعروفة .. فقط هى هى .. لا تعرف عن نفسها الا اسمها . و ملايين الكلمات التى يتردد صداها فى عقلها كل ساعة ..
لم تعد تستطيع التفرقة بين العالم الواقعى الموجودة بجسدها فيه و بين هذا العالم الآخر التى صنعته هى من خيالها بنفسها .. بالناس التى تمنت وجودهم فيه .. بالسيناريو الذى يلقى اعجابها أو ربما تجد فيه تعويضاً عن شىء فقد فى واقعها .. أو فى خيالها .. فهى لم تعد تستطيع التفرقة كما ذكرت
لم تعد تتذكر تفاصيل ما فات فقد مضى .. و لم تهتم بالتنبوء بتفاصيل ما هو آت ، فطالما هى ترفض الحاضر بكل ما فيه فما الذى يعنيها بالتفكير فى بعد آخر .. لقد تعمقت فى نفسها حتى بلغت مستوى السطحية
و أشعلت مقابيس الانوار لغيرها من بنى البشر ممن تعرفهم لكنها أبداً لم تتمكن من رؤية بعض من نور لعلها تهتدى به
علمت أن ربها وحده القادر على الهداية فهو يهدى من يشاء ( و ما كنا لنهتدى لولا ان هدانا الله ) .. تيقنت أن هناك نور لا محال .. عليها فقط تخطى تلك الظلمات التى بداخلها .. فتبدأ الطريق ..  و تزيل الغشاوة من عينيها لترى الضوء.. لم يتمكن نظرها من التعافى سريعاً لكنها استطاعت أن تلمحه من بعيد ... و كان الضوء خافتاً.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق