الخميس، 15 مايو 2014

ضايع بورق اللوز



فيه قصة بتحكي عن راجل طيب كان عنده حصان، وفي يوم هرب منه فجيرانه راحوا يواسوه علشان حظه الوحش، قالهم: وإيش عرفكم إنه حظ وحش؟ بعد كام يوم، الحصان بتاعه رجع ليه ومعاه كام حصان كمان، فجيرانه راحوا يهنوه على حظه الحلو، قالهم: وإيش عرفكم إنه حظ حلو؟ بعد كام يوم كمان، كان ابنه راكب على حصان منهم،وقع من فوقه ورجله اتكسرت، فجيرانه راحوا يواسوه على حظه الوحش، قالهم: وإيش عرفكم إنه حظ وحش؟ بعد كام يوم كتير بقى، كان فيه حرب والبلد جندت كل الشباب بس ابن الراجل الطيب متاخدش علشان رجله مكسورة، وفي الحرب مات منهم شباب كتير..

فيه كمان قصة (لعله خير) بتاعت الملك والوزير بتاعه اللي كل ما كان تحصل له أي حاجة يقول "لعله خير"، لحد ما في يوم وهم بيصطادوا صباع الملك اتقطع فالوزير قال له "لعله خير"، الملك اتغاظ جدًا واتعصب وحس وكأن الوزير بيتريأ عليه وبيستهزأ بمشكلته، فأمر بحبسه، ساعتها الوزير برضه قال "لعله خير". بعد كام يوم وهو بيصطاد طلع عليه مجموعة ناس كانوا عايزين ياخدوه قربان يقدموه للآلهه، ولما لاقوا صباعه مقطوع رفضوه علشان مينفعش يقدموا قربان ناقص. الملك ساعتها حس بغلطته وأفرج عن الوزير، بس سأله ليه قلت "لعله خير" لما حبستك؟ قال له "يا مولاي ما أنا لو مكنتش اتحبست وكنت معاك كانوا سابوك انت وخدوني انا".

الأجمل من كل ده كله حديث عن النبي بيقول "عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ ".

----------

فترة البلاتو بتاعت الحياة دي أكيد هييجي بعدها حاجة مُهمة، مهما كُنا ضُعفا ومكسورين وحاسين بالضياع والفشل، ومهما كنا بُعاد عن المكان اللي عينينا منه، زي ما إن القاعدة الوحيدة في الدُنيا إن مفيش قاعدة، برضه الثابت الوحيد في الدُنيا إن كل حاجة بتتغيّر ماعدا القاعدة دي.
مينفعش نكون بالغين التشاؤم ونقول إن الأمور هتتغير للأسوأ، مينفعش علشان احنا في أشد الحاجة لأننا منصدقش ده. في أشد الحاجة لأن حد يقولنا إن فيه أمل، وأننا نصدق إن الدُنيا كُلها مش هتخلص زي ما اليوم ده بيخلص، والأسبوع ده بيخلص، والشهر اللي بنحبه في السنة بيخلص، والسنين بتعدي واحنا واقفين نتفرج على عُمرنا بيضيع وبنعمل له باي باي. وأن ده مُجرد يوم عابر وحش مش حياة كاملة وحشة. ماشي ماشي مُجرد كام سنة وحشين وهيعدوا مش حياة كاملة وحشة.

في مكان ما في قلبي، تقريبًا جنب الإس ايه نوود على طول، بتتجمع خيباتي الصغيرة واحدة فوق واحدة.
الولا حاجة اللي مسيطرة على شعوري عامةً دي مُريحة بس مش مُطمئنة. يعني أنا قاعدة جوه مستريحة بس متأكدة إن الدُنيا بتمطر بره الفقاعة بتاعتي. إحساسي بالأمان مش بيمنعني من إحساسي بالحسرة على فُقدان متعة الجري تحت المطر وشُرب حمص الشام على الكورنيش مع إنساني المُفضل في الكون.
وبمناسبة الكورنيش، الأربع سنين اللي عدوا من عُمري من غير ما أشوف فيهم البحر دول كانوا من أسوأ سنين حياتي -بالصُدفة البحتة- وده رسخ إعتقادي بإن حياتي هتتصلح تمامًا أول ما أروح لحد عنده وأصالحه، أو يصالحني، أو يصالحني على الدُنيا.

أنا -لحد دلوقتي- مصدقة جدًا إن أكتر حاجة ممكن تعلي السيرتونين في الدم هي الرقص، وإننا مينفعش نتفرج على فيلم إلا في الضلمة، وإن المزيكا والأغاني بتكلم روحك على طول من غير ما تعدي على بوابات عقلك السخبفة اللي بتحلل كل حاجة، وإن الكلام الحلو بيعمل زي المزيكا بالظبط.
مصدقة إن المسافة بينك وبين الطمأنينة ركعتين، وإن الدُعا بالكتابة أحلى من الدُعا بالصوت، وإن كاظم الساهر لما بيقول "يا هبة ربي م السما وأجمل هدية" بيقولهالي أنا.
جوايا حاجة لسه مصدقة إن الكون بيدور حواليا.

----------

"يا همّ العُمر .. يا دمع الزّهر .. يا مواسم العصافير"

الأربعاء، 14 مايو 2014

بنت اسمها هبة



زمان كان فيه بنت على طول بتعمل شعرها ديل حصان، كانت شايفة الدُنيا بتاعتها، وانها مركز الكون بتاعها، وان الشمس مش هتطلع غير لما تفتح شباكها وتبص منه. كانت شايفة إن الدُنيا هي كل اللي تعرفه، وكل ما تعرف حاجة جديدة الدُنيا بتكبر شوية. لحد ما هي كبرت، والدنيا بطلت تكبر، وفضلت تصغر عليها لحد ما خنقتها.

زمان كان فيه بنت بتحب ولد أسمر شعره ناعم وبيرسم، بس هو ماكنش بيحبها. كانت مستنياه ييجي يكلمها ويبقوا أصحاب ويلعبوا مع بعض، أو تتفرج عليه وهو بيرسم. كانت الشمس بتطلع في اليوم اللي بتشوفه. لحد ما هي كبرت، والولد فضل صُغيّر عم يلعب ع التل. معرفتش تحب حد غيره لأنها ملاقيتش ولد أسمر شعره ناعم وبيرسم.

زمان كان فيه بنت شطورة في المدرسة، بتعمل واجبها أول ما تدخل البيت من قبل حتى ما تغيّر هدوم المدرسة، بتجيب درجات حلوة في كل المواد من غير ما حتى تاخد بالها إنها متفوقة. كانت شايفة إن ده الطبيعي اللي المنطقي تعمله. لحد ما هي كبرت، وشافت إن الطبيعي في نظرها مش طبيعي في نظر الدُنيا، وإنها وهي بتعمل اللي مش طبيعي في نظر الدُنيا محدش بيقدرّها، ولا هي بقت قادرة تقدّر نفسها، وبطلت تجيب درجات حلوة، وبطلت تلبس هدوم المدرسة.

زمان كان فيه بنت بتحب ربنا بفطرتها، شايفة الحرام بيزّعل ربنا يبقى ميتعملش، والحلال ربنا بيحبه يبقى يتعمل. وإن كل اللي بيعمل اللي ربنا بيقول عليه هيعيش مبسوط والناس كمان هتحبه. لحد ما هي كبرت، وشافت ناس فاكرين انهم بيعملوا اللي ربنا  بيقول عليه ومش مبسوطين والناس بتكرههم. وإن كل الناس بتتدخل في علاقات بعض بربنا. فطرتها ضاعت وسط كل الخناقات دي وضيّعت الطريق ومش عارفة تلاقي ربنا.

زمان كان فيه بنت مش موجود منها أي حاجة دلوقتي.
ضاعت، وبقى موجود مكانها واحدة كبيرة، كل اللي تعرفه عن الدُنيا يخليها تتمنى تسيبها في أقرب فُرصة.
بتتمنى لو كانت فضلت البنت الصُغيرة موجودة وهي مجاتش أبدًا.
البنت اللي كانت بتعمل كل حاجة من غير تفكير وتحليل، وبتنبهر بكل حاجة حلوة ووشها يقلب من كل حاجة مش حلوة.

بنت كانت بتعيش فعلًا، ولما كبرت بقى نفسها تعيش.

الثلاثاء، 13 مايو 2014

البحثُ عن قبس



*****
كيان مُفرد مُتعادل الشحنات مالوش لازمة.
كيان مُفرد بيدوّر على الموجب.
*****

لسبب ما -مش فاكراه- قررت أتبسط، ولما لقيتني مبسوطة من غير سبب زعلت.
أنا محبوسة في البلد دي، في المكان ده، ومحبوسة جوايا.
عندي مفهوم واضح للحياة، الحياة اللي عايزة أعيشها بجد، بس كل تفصيلة صغيرة فيها حاجة صعبة أو مستحيلة الحدوث، حاجة عمري ما هأعرف أحققها، تفاصيل ليها علاقة بالمكان اللي أنا عايشة فيه والناس اللي في حياتي، وكوني عارفة إني مقدرش أوصل للصورة دي وانها هتفضل منتمية لأرض الاحلام بس بيخليني أحزن.
الـ gap اللي بين الواقع وأحلامي كبيرة أوي ومش عارفة أصغّرها to make the jump، وإن كان تقبل الأمر الواقع هو خياري الوحيد فأنا مش هأختاره.

في وقت ما هنوصل لمرحلة من النضج تخلينا نفرّق بين الناس اللي بيقربوا مننا علشاننا، والناس اللي بيقربوا مننا علشانهم.
في مرحلة ما هنعرف نفرّق بين الناس اللي بيحبونا لذواتنا، والناس اللي بيحبونا زي ما بيحبوا كل الناس بيكوز زاي آر نايس تو إيفري بادي.
في وقت ما برضه هنعرف لوحدنا ايه اللي ممكن نقضي باقي عُمرنا بنعمله.

*****

وحياتنا
هي أن نكون كما نريد. نريد أن
نحيا قليلا ، لا لشيء … بل لنحترم
القيامة بعد هذا الموت.

الموت لا يعنى
لنا شيئا. نكون فلا يكون
الموت لا يعنى لنا شيئا ؟ يكون فلا
نكون.*
*****


اكتشافات شخصية جدًا
المعلومة الأولى:
أنا معنديش إخوات .. ولا ممكن يبقى عندي إخوات ..
ومينفعش حد يقرب مني لدرجة إننا نبقى إخوات .. هناخد على دماغنا في الآخر ومع أول قمصة هنبقى ولا عمرنا عرفنا بعض.
حتى لما كنت بأقول أنا والأمل إخوات .. الجبان سابني مع أول حبة إحباط واجهونا.
"مفيش حد صالح كله بتاع مصالح".

المعلومة التانية:
لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الإتجاه .. مفيش حاجة علميًا اسمها "هأعمل كذا علشان مش فارق"، المفاجأة بقى إن كل حاجة مهما كانت صُغيرة ومنمنمة بتفرق. أيوة أي حاجة أي حاجة.

المعلومة التالتة:
احنا هنموت.
كلنا كلنا هنموت، وحياتنا هتخلص.
أيوة الحياة دي عاملة زي إزازة المية مسيرها تخلص عادي.
هنموت من غير أي مُقدمات، يعني هتلاقي الموت هيعملك فجأة ويخرعك.

المعلومة الرابعة:
إنما الأعمال بالخواتيم.
متبقيش بتذاكري طول السنة وتيجي على أيام الإمتحانات تخيبي.
متبقيش بتصلي عشر سنين وتيجي تكبري تبطلي صلاة، مش سجاير هي يا حبيبتي.
معملناش اللي علينا 355 يومن مش مُهم، خلاص اللي راح راح، وممكن في اليوم الأخير من السنة ده نعمل كل اللي علينا وزيادة.
فعلًا من الظلم إننا نربط مصير أعمالنا ببدايتها.

المعلومة الخامسة:
الكلام ولا ليه أي لازمة، هنفضل هنتكلم من غير ما نعمل حاجة يبقى نسكت أحسن.

----------


*الأبيات لمحمود درويش

الأحد، 11 مايو 2014

نعم مازلت أُحبك ولكن أُحب نفسي أكثر



معقوصة الشعر، يميل إلى الجانب الأيسر عنه إلى اليمين، جلست تنتظره.
على مقعد بحديقة بوسط المدينة -مكانً كان يومًا يشهد اللقاءات الجميلة بينهما-، تتساقط أوراق أشجارها بيأس فوق حشائشها الهزيلة، غائمة السماء لتُناسب حزنها، وتنذر بسقوط أمطار مثلما تنذر بتساقط دموعها، بكثير من الكحل تحت عيناها ليخفي آثار بُكاء الليلة الماضية، بتتابع النقر بأصابعها فوق حقيبتها التي تحتضنها لعلها تبعث في نفسها شيئًا من الونس، أو لعلها تستشعر إهتزازات هاتفها إذا أتصل -بالرغم من أنه أبدًا لا يتصل-، جلست تنتظره.
فترة وجيزة من الزمن تفصلها عن قرار مصيري، لا تعلم الاختيارات المتاحة إليها بعد، لا تعلم كيف وصلت إلى هنا، لا تعلم حتى كيف تركت شخصًا غريبًا تمامًا عنها يكون لها كل شيء وأكثر.
يكون لها كل الحب وأكثر.
يكون لها كل الحياة وأكثر.
“وحين تغيب ،
تتوقف الحياة عن الحياة ..”
نبال قندس

تطاردها الذكريات مشاهد تُعرض في عقلها كشريط سينمائي لفيلم طويل عُمره بنصف عُمرها، مشهد أول لقاء بسترته الزرقاء وفستانها الأسود طويل الرقبة، مشهد المكالمة الأولى على استحياء، مشهد أول عشاء في مطعم على النيل، أول إقرار بالحب بجملة مسطورة بين صفحات روايتها المُفضلة التي استعارها منها، مشهد أول الوعود بالبقاء معها إلى الأبد، وما يليه من وعود بكون أمانها وسندها وأنفاسها وما يجري في شرايينها، مشهدها وهي تبكي في أحضانه بعد وفاة والدتها وهو يمسح على شعرها كفتاة صغيرة، مشاهد انكساراتها الصغيرة أمامه دون خجل، مشهد أول خلاف بسبب سفره لخمس سنوات إلى حيث يصعب اللقاء،ثم الليالي التي قضتها وحيدة معه، مشاهد تراها لأول مرة بشكل مختلف.

في تجميعها أدركت ما لم تكن تدركه، هو استولى على حياتها واحتل خفيقها، تركته يتسرب إلى كيانها بالتدريج حتى اختفت ملامح حياتها كاملةً فيه، ماتت هي يوم أحبته وولدت أخرى لم تعد تأبه بكل ما لا يتعلق به، أخرى لا تملك من أمرها شيء، أخرى لا تملك كيانًا كتلك التي ماتت والتي ولكي تحيا لابد أن يموت حُبها ذاك.

يأتي هو أخيرًا ليظهر في المشهد من بعيد، يبحث عنها بعيناه، يتعجب من كونها تتأخر وهي التي دائمًا ما تظهر قبل موعدها، يذهب إلى حيث اعتادا أن يجلسا سويًا على المقعد المواجه للبحيرة، يجد هاتفها وحيدًا ، يمسك به ليجد رسالةً بعثتها هي إلى نفسها، يقرأها، فيبتسم، ثم يرحل.

السبت، 10 مايو 2014

أن الإنسان بلا حزن ذكرى إنسان



محكيتلكش عن قد ايه الكلام لما بيطلع على لساننا ونسمعه من نفسنا بصوتنا بنتوجع؟
حتى لو كنا عارفين الحقيقة دي من زمان..
بس لما بنسمعها مبيبقاش فيه مجال إن الكلام يطلع مش حقيقي.

ولا عن إزاي ممكن تكون أسوأ الفترات اللي بتعدي بيها في حياتك هي أكتر الفترات اللي ممكن يكون فيها أمل..
بس ساعتها الأمل مبيقدرش يعمل لك حاجة قصاد كل الشوك اللي مليت بيه طريقك من سلبيات.

محكيتلكش عن لمعان الفرص الضايعة في عيوننا، مع إنها كانت بين إيدينا في وقت ما ..
لكن لما بتضيع، ولما بتضيع وبس، بنعرّف نقدرها كويس أوي ..
ويمكن حتى تبقى من أكتر الحاجات اللي بنتمناها.

محكيتلكش على الناس اللي خذلونا
والناس التانية اللي بنخذلهم في المقابل ..
*القلب اللي بيجرحنا فيه حاجة أكيد جارحاه .. وجراحنا بتفكرنا بالقلب اللي جرحناه*

ولا عن لما بتتحرق إزاي الناس بيسيبوك تولع، من غير حتى ما ياخدوا بالهم من نور النار..
اللي بيوجع ساعتها كون إن محدش التفت أو أخد باله من المأساة..
ساعتها برضه بتعرف إن فيه اتنين على الكوكب مهتمين فعلًا يخرجوك من النار دي .. أو حتى يطفوها وأنت جواها.

محكيتلكش عن لما تحس أنك أقل الناس..
وأن الطريق لربنا طول أوي أوي..
في حين إنك مش قادر تمشي خطوة واحدة .. واحدة بس ..

محكيتلكش عن كمية الدموع اللي تقدر تفرزها العين الواحدة في اليوم بالميللي ليتر..
والمخدة المبلولة كل ليلة..
محكيتلكش عن كتمة شهقة العياط ساعة لما تخاف من سؤال "مالك" ..
وعن حكاية الرجفة اللي قبل البُكا ..
ولا عن كره النضارة وقتها ..
ولا عن حب النضارة وقتها علشان لما بنشيلها مبنشوفش حاجة غير ايدينا ..
ولا عن حكاية تظبيط صوتك للتوون العادي بعد وصلة عياط طويلة لما حد يكلمك في التليفون ..
ولا عن كل مرة بصيت فيها للموبايل وهو بيرن ومقدرتش ترد..
ولا عن شعور هوا اسكندرية اللي بعد كل نوبة ..
*وجعي يمتد .. كسرب حمام من بغداد إلى الصين*

محكيتلكش عن فرحة غير منطقية لما ولد أمور في محل يكلمنا حلو ..
واحنا عارفين كويس من جوانا إننا وحشين ومش متوقعين معاملة أكتر من قليل أي حد عادي مش هيرضى بيها.
ولا عن سخافة كل الحاجات الحلوة في عينينا وقت ما بنكون احنا سخفا ..

“لكن من قال أننا بحاجة دائما لمكان واسع كي نضيع ؟!”
— إبراهيم نصر الله

محكيتلكش عن الضياع في وسع دايرة قُطرها أقل من متر واحد ..
ولا عن التوهة في النور ..
ولا عن إزاي الحياة بقى دمها تقيل أوي..
أوي..
أوي..

محكيتلكش عن سخافة تطييب خاطرنا بحاجات تخلينا ناخد على خاطرنا أصلًا ..
ولا عن كون جوه الحاجات الحلوة ميت ميلون وجع.

محكيتلكش .. ببساطة لأنك مش موجود.

حكاية وجع


لا أبدًا لست بخير.

*****
الضحكة كدابة والوجع بينخر في العضم كما السرطـان
*****

أنت لا تعرف الوجع الذي يصيبني فيُعييني، يحول بيني وبين الحياة.
والوجع يا صديقي يكون جدًا كبير حينما نحاربه وكأنما هو يكبُر ويتعظم بداخلنا فيُعجزنا.
الوجع يا صديقي لا يُحتمل حين نفعل كل ما بوسعنا أن نفعله ليزور الفرح قلوبنا، فإذا به يأتي فلا يجد له مكانًا، فالوجع قد احتل كل شيء.

تعلم أنك لست بخير، عندما تفعل كل ما بوسعك لتسعد فإذا بك تجد نفسك أكثر بؤسًا.
تعلم أنك لست بخير أبدًا، حين تضع رأسك على وسادتك ليلًا بعد يومٍ جميل، فتبكي.

ما بين الحسرة وأن تشفق على نفسك، تضيع كل المعاني الحُلوة.
يا صديقي، الحياة مؤلمة.
أن تحيا مع من لا تطيق رؤياه.
أن تستيقظ لتجد قلبك مازال داميًا.
أن تنظر في مرآة غرفتك فلا تجد سواك، وهذا أقصى حد للوجع لو تعلم.
ألا تستطيع أن تعبر عن وجعك بغير البُكا المكتوم، أو الصرخات التي لا يسمعها أحد.

في كل مرة أفكر فيها أن أُنهي كل شيء ببساطة القفز من نافذة غرفتي تلك، أو إبتلاع بضع أقراص ستفي بالغرض، أو ربما مروري بآلة حادة فوق شرايين يدي، في كل مرة، أجد أن الوسيلة للمُثلى للإنتحار، هي أن أظل على قيد الحياة.
لو أنني فقط أعلم متى سينتهي كل شىء.

أعجز حتى عن كتابة وجعي.
يا صديقي، مللت الكلام، ومللت الفعل، ولك أن تتخيل ما تفعله بيا الأنفاس التي تذكرني بأنني مازلت هنا.
لم تعد حتى أنفاسي تتلاحق كما سبق، تفصل بينها تنهيدة وجع، وكأنه لا تكفيني الأنفاس وحدها.

الوجع، هو كل ما استطاع أن يبقى معي.
كلهم يرحلون يا صديقي، كلهم.

حسنًا سأصبر.
ولكن حين تنقشع الغمامة، ويرحل الوجع عني يومًا ما، لن تجد الأيام فيّ قلبًا يستطيع أن يحيا حقًا.
لن تجد مني إلا فتات أحلام لم تتحقق، ودموع تحجرت في قنواتي الدمعية، وأخرى حفرت لها مسارًا بطول وجهي، وتجاعيد تملأ قلبي قبل بشرتي، وشعيرات بيضاء تغزو رأسي حتى ولو لم أشيب بعد.
لن تجد مني يا جميل سوى قلب لم يعد يصلح للفرح أبدًا.

حكاية كل يوم



بكل الوجع الذي تحمله بين شرايينها أينما ذهبت، وبكل الدموع التي لا تجد طريقها إلى النور، بكل الأسى وكل القهر،
بكل الأحلام المكسورة التي دائمًا ما تبحث بعدها عن جديد فينكسر كسابقيه،
بكل الشكوى التي تحملها بين طيات قلبها ولا تجد من تبوح له بها
بكل النور الذي سلبته الحياة منها
وبكل الحرمان الذي تحيا معه
بكل الرجفة التي تجتاحها من حين لآخر
بكل الأسى الذي تأبى عيونها أن تكشفه
فتصنع له ستارًا من الغموض
بكل الحيرة التي تعتريها كل صباح وكل مساء
بكل الألم الذي لا تستطيع أن تحدد له مكانًا فإنه يشمل روحها هي لا جسدها
بكل الوحدة القافلة التي لا يُذهبها البشر
بكل برائتها المؤودة في أنسجتها
بكل السلبية
بكل اليأس
بكل الإستسلام
بكل اللامبالاة التي يُصبح عليها المعذبون قلوبهم بعدما يلاقوا أمر العذاب فلا يصير العذاب حدثًا يستحق الإهتمام

بكل ذاك وأكثر، تحتضن وسادتها ليلًا
وتغمض عيناها غصبًا
وتذهب في سُبات إلى يوم جديد ما هي فيه بأفضل حالً مما سبق.

8-5-2014