الأربعاء، 10 سبتمبر 2014

انتظري . قليلًا .



فقاقيع الصابون تملأ شاشة "اللابتوب" وأنا أحدق فيها في إنتظار الوحي الذي سيصِف ما أمُر به بدايةً من حرق اصبعي في تحليل المعمل مرورًا بالبُكاء صُبحًا ومساءً ونهايةً بمشهد جلوسي على أرض الغرفة بحثًا عن الثقب الأسود الذي يمكن ان يُخرجني من هنا.


انتظري . قليلًا .

بإنتظار الوحي يُمكن أن نقص المشاهد المُبهجة في محاولة للتشويش على الحزن:

نهار خارجي
العاشرة صباحًا
تجلس أربعة فتيات بالنور والأمل والندى، موليات ظهورهن للنافورة ووجوههن للإمتحان/ للحياة .. يضحكن على همومهن بصوت يحسبه السامع عن بُعد ضحك المبتهجين بالواقع، تقول أمل: "أصل هنستفيد ايه لو فضلنا مبسوطين على طول؟" .. اقول: "دي أسخف حاجة سمعتها في العشر سنين اللي فاتوا .. " ثم أفكر الآن بإنتظار الوحي بأنها مُحقِّة تمامًا .. يجب أن أخبرها فور ان أراها مُجددًا.
أضحك معهم، لأتذكر أنني لم أبتسم حتى في اليومين الماضيين.

نهار خارجي
السادسة والنصف صباحًا

أمر بجوار "عصفور"، الكلب الطيب ذو الثلاث أرجل المُقيم في الكُلية، أقول "صباح الخير" .. أجلس في المكان السابق ذكره وأحاول للمرة الأخيرة. بعد حوالي الساعة يقترب عصفور ليجلِس بجواري تمامًا، أقول "أنت كيوت أوي، بس ممكن متقربش أوي علشان بأخاف؟" .. ينام لأكمل محاولاتي وهو يُشعرني بوَنس ما.
ولكن قبل أن يرحل، قرأت في عينيه حُزنًا أعرفه جيدًا.

نهار داخلي/ مكتبة الكلية
الخامسة عصرًا
ترد " انا مبقيتش .. " لأقاطعها قائلة "حِمل جرح؟ مبقيتش أستنى فرح؟ مبقيتش يا حبيبي ع الليالي قادر؟"
لننفجر بالضحك وسط المذُاكرين .. ثم اطلب منها أن تُكمل فتقول " أقصد إني مبقيتش بأتضايق .." أقاطعها مُجددًا "علشان بأشوف في عينيك نظرة صعبان عليك وعليك ده مش لايق؟" لنستسلم للضحك تمامًا هذة المرة.


عودة للمشهد الأول
كالمُعتاد أتخيل انني أُلقي بكُتبي وحقيبتي الكبيرة في الهواء وأخلع حذائي وأرقص في ساحة الكُلية على أنغام تأتي من لا مصدر، أتخيل أنني واحدة ممن يظهرن في إعلانات تصدير السعادة، وأن الحافلة الـ"موڨ" أو الـ permanganate تأتي لتوزع الشيكولاتة على الجميع.

أكتفي بالضحك على سخافة المشهد، وأذهب لأحضر بعض الشيكولاتة لرِفاق البهجة.

بإنتظار الحكمة، التي بالضرورة تختلف من كل حكايةٍ وأخرى رغم توحد المصدر.
فقط أنتظر على حَرف جزيرة يبتلعها البحر بالتدريج، وأرى سفينة على امتداد بصري.. ولكن هل هي تراني؟
لا أهتم حتى بمحاولة لفت انتباهها، في إنتظار أن تشعر هي بوجودي في وقت ما.

انتظري . قليلًا .

الوحي:

تحتمل أوجه النسيان عشرة أسباب لا أذكر منها واحدًا، ولكنني لا أنسى أنني أنسى، وأنسى أنني سأنسى.

لا أحتمل ثِقل العالم أكثر من ذلك، لم أعد حتى أحتمل ثِقل نظاراتي الطبية فوق أنفي.
يُردد كيانٌ ما بداخلي " انتظري قليلًا.."

قال "لو علمتم الغيب لتمنيتم الواقع"، أفكر: وإن لنا أن نعلم الغيب فكيف لا يكون لنا أن نغيّره؟
أهمس بأنه "كفاية كده أنا تعبت." ليُرد الغيب عليَّ بعد أن يُصبح حاضرًا " أنتِ بحاجة للمزيد من الحزن، أنتِ بحاجة للمزيد من الحرارة والضغط لتتحولي من الفحم إلى الألماس."

أترك كل شيء الآن لمقادير الله، لم يكن بالإمكان أكثر مما كان.

فقط افهم الإشارات أو حاول قدر استطاعتك، ولا تتمسك بالطريق الذي تراه أنت مناسبًا أكثر من اللازم، اترك نفسك للتيار دون أن تبحث عن بوصلة بداخلك لن تجدها، أنت لا تمتلك الحاسة السادسة يا عزيزي للأسف، تعامل مع الامر كما هو. ولا تنس ان تتلقى ضربات القدر بصدر رحب، الأمر لا يستحق الرثاء حتى. سينتهي كل شيء، لتُقص يومًا كل ما حدث وأنت تضحك من قلبك لتقول كما قالت أمل "أصل هنستفيد ايه لو فضلنا مبسوطين على طول؟"

الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

وشوشة في وسط الزحمة



نبتدي منين؟
من الأول ..

أنا مش عايزة أعرف ناس، عايزة أعرف كتاباتهم الحلوة بس .. اللي تقريبًا كده مبقيتش بأعرف أعيش من غيرها
لما بطلت أقرا من حوالي كام شهر ودخلت في حالة اللا قراءة دي كنت فاكرة إنها حالة وقتية .. بعدها دخلت في حالة الإعتراف بإني ساعات بأحب القراية، دلوقتي عرفت إني مبحبش القراية ولا حاجة.. أنا بس بأحب الكلام الحلو، بأحب الحكي والجمال بصفة عامة إن كانوا في حتة مزيكا او مكتوبين في نوتبوك/ كتاب/ مدونة ..
دلوقتي أنا مبعرفش أعيش من غير ما أسند قلبي بكلام حلو من بتاعهم ..
بس أنا مش عايزة أعرفهم.

إن كان لازم يعني ولابد أعترف بمخاوفي، علشان أواجهها . طيب .. انا مُعترفة.
بس المواجهة طلع فعل حلو في الآخر يعني، بيطلع فعل حلو لما بتكتشف في قُرب آخر السكة "ايه ده، انا طلعت بأعرف أتصرف لما بأبطل عياط".. أو وأنت ماشي وبتبص على إنعكاس صورتك على إزاز محل بتكتشف فجأة إن الشخص اللي في الإنعكاس مش وحش أوي للدرجة، يعني فيه أمل يبقى حلو كمان، مع شوية مواجهة عصيبة من دول.

الحواديت اللي مستخبية في قصة كل حاجة، الكتاب اللي اشتريته في يوم حلو علشان يكمّله حتى لو مش هأقراه إلا بعد شهرين، أو الكتاب اللي اشتريته في يوم وحش علشان يعدِله، القلم اللي قعدت أنقي فيه نُص ساعة، المقلمة بتاعت ثانوي، علبة المناديل الملونة، أو حتى الجُمجمة -عزيز- اللي جبتها بس علشان تونسني، مش علشان اذاكر عليها.. الحواديت المستخبية ورا كل حاجة دي حياتي أصلًا.

مش هتفرق كتير لو حكيت دلوقتي -كمالة للفضفضة- إني قاعدة في أوضة مقفولة وداخلها نور الشمس غصب من ورا الشيش الأخضر اللي بأموت فيه، مش فاهمة إزاي مفيش شيش أخضر في الشُقق الجديدة. والعصفورتين نايمين جنبي، والسمكة كمان نايمة، والمفروض إني دلوقتي مش هنا، انا في التاب التاني اللي شغّال فيه المحاضرة .. بس بأتسحب كل شوية على مكان تاني أرمي فيه حبة الزهق والخوف اللي بيجروا ورايا، أكيد مكنتش هألاقي مكان أحسن من هنا.

أنا بأجامل وبأنافق أكتر مما كنت مُتخيلة، يعني مثلُا البنت اللي جت سلمت عليا وانا مبحبهاش، كان نفسي أقولها بكُل صراحة إني مبحبكيش ومتجيش تسلمي عليا تاني. بس أنا مقولتلهاش كده. ده نفاق أوي على فكرة.

الواقعية برضه كويسة، مش دايمًا صح إنك تيجي على حساب الأحداث بالتدوين التجميلي عنها ده. لأ احنا ممكن نذكر الواقع بكل حقايقه عادي.. مثلًا إن ريم كانت واحشاني فعلًا، وده مبيحصلش في العادي إن حد يوحشني، ودي علامة خطر. احنا بدأنا نتعلق بالناس لدرجة إنهم يوحشونا .. دي علامة خطر برضه على إن الدُنيا هتطلعلنا لسانها قُدام وهتخلينا نخسرهم .. بس احنا ممكن نبقى أرخم منها عامةً ومنخليش ده يحصل.

أو إن المكان اللي اترفضنا منه هو اللي كنا عايزينه، والمكان اللي اتقبلنا فيه ده اللي احنا مكناش عايزينه.
أو إن كوننا هنا ده أصلًا حدث مأساوي ممكن نقعد نحكي عنه باقي عُمرنا، كـ كبوة جواد طويلة أوي، أو هي مش كبوة واحدة يعني.

الحاجات اللي مينفعش نغيرها، والحاجات القدرية زي اسمك ونوعك وانتمائك، الحاجات اللي مينفعش تتمرد عليها علشان دي أنت بمُنتهى البساطة .. مفيش مفر من إنك تتقبلها وكمان تتعلم متتكسفش منها، تتعلم متتكسفش من نفسك.
أو زي ما ريم مرة قالتلي "مينفعش تضايقي من إنك حقيقية."


الخطة بتقول:
- نتعلم تبطل توحشنا حاجات مش موجودة في الواقع
 زي الأصحاب اللي مشيوا وجه بدالهم ناس تانية بنفس الاسم.
- نتعلم نقول deal لما الحياة تحطنا في وش تحدي من بتوعها.
- منرجعش كتير/ منرجعش أصلًأ.
- لما نعوز حاجة، وحد يسألنا إن كنا عايزينها، نقول أيوة عادي.
- نربع رجلينا ونحط السماعات على ودانا ونكتب، وبعدين نرجع نكمل شُغل.

الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

يا ليت قومي يعلمون



السنين بتُفرط مني زي حبات البسلة.
كل يوم فيه يوم بيسيبني ويمشي للأبد. مباخدش بالي انه مشي .. زي الحفلة الكبيرة اللي مليانة معازيم وكل شوية حد بيمشي .. مبناخدش بالنا إن القاعة بتفضى إلا لما العدد يوصل النُص مثلًا .. ساعتها بنبدأ ننتبه.
أو زي ما قانون ارنست ڤيبر بيقول إنك مش هتبدأ تحس بفرق أو تغيير في مؤثر مُعين إلا عند نسبة تغيُّر تقريبًا 1/10، وسماها العتبة الفارقة. فيه تجربة بتوضح معنى القانون ده بتتعمل، واحد بيقعد في أوضة منورة بـ 40 شمعة، وبيطفوا شمعة شمعة ويشوفوا هو هيحس امتى إن النور بدأ يقل .. لقوا إنه بيبدأ يحِس عند الشمعة الرابعة.
معنديش فكرة العتبة الفارقة بتاعت أيامنا هنا كام سنة بالظبط علشان نبدأ نحس إن العُمر جري.
احنا بنموت كل يوم. كل يوم فيه جزء صغير -قد اليوم اللي فات- بيموت مننا، لحد ما بتخلص أيامنا كلها وتموت مننا آخر حتة.
ده ممكن يفسَّر ليه بنتعب في آخر أيامنا، أو إزاي بنحس إننا قربنا نخلص خلاص.

بس الواحد بيخاف من الوجع أكتر ما بيخاف من الموت.
لو بإيدي أختار أموت إزاي .. مش هأتمنى أكتر من موتة دافية في سريري وسط عيلتي، زي روز، اللي قابلت چاك في الناحية التانية مستنيها قُدام الساعة بالظبط، وكل الناس اللي قابلتهم في رحلتها القُصيرة وسبقوها على هناك بيستقبلوها.

هأتبسط أكتر لو سيبتهم هنا من غير وجع، بيفتكروني كل يوم بدُعا يوصلني هناك .. وأنا أكلم ربنا علشانهم واطلب منه ميآخذهمش، هم بيغلطوا يا رب علشان لسه معندهمش يقين كفاية، هم بيغلطوا علشان في غفلة، زي اللي أنا كنت فيها.

معنديش مانع أفضل عايشة تلاتين سنة كمان، ولا عندي مانع أموت السنة دي.
المكان مش حلو أوي يعني علشان أتمسِّك بالرحلة.
بس دي مش رحلة .. ده طريق، ولازم نمشيه للآخر.

الأحد، 31 أغسطس 2014

أقترح أن نبقى غُرباء



يأتي يومٌ، ويرحل قُرابة الثمانية ألف غيره.
نعُّد الساعات حتى اقتراب موعد الفصل، يوم يُكرم المرء، أو لا يُكرم.
لا بحسب عمله فقط، ولكن بكرم الذي وسعت رحمته كل شيء.
قريبٌ هو، أقرب من حبل الوريد، يجيب دعوة الداع، ويدنو ذراعًا إلى من يدنو إليه شبرًا.

---

اقترب، سأخبرك بـ سر ثم تنساه إلى الأبد، سأحدثك بما تفيض به نفسي ثم اذهب وألقي به في بئر الأسرار وعُد من غيره لتسمع غيره.
الخوف درجات، خوف يُعيق وخوف يأخذ بيدك طوال الطريق.
أما الإطمئنان فـ هو درجة واحدة، نصل إليها فلا نعد ننتكس أو نتعثر.

---

أستمع بتركيز إلى كلمات تأتيني من على المسرح الصغير، من يتردد ومن ينطلق، من يضحك ويقول كلامًا لا وزن له.
ثم أجد كل ما بقى في عقلي بعدها بأيام هو "مقامك حيث أقامك".
لابد وأن تلك علامة اخرى على الطريق.

تمر ورقة بين الحضور بحكمة، موقف عابر مُعتاد ومُكرر، ولكن الحكمة الغير مُعتادة والغير مُكررة والتي وكأنها بُعثت إليّ أنا بالتحديد كانت "اختر وظيفة تحبها ولن تُضطر إلى العمل يوماً واحداً طيلة حياتك."
وأنا لم أختر واحدة، اخترت الإثنين، وإن استحالا سويًا .. فهذا اختياري.
وأظن بأننا قد اجتزنا نقطة اللارجوع مُذ زمن، وذلك شيء في صالحنا بالمُناسبة.

---

أقترح أن نحيا، معًا، دون أن تكلف أنفسنا عناء البحث عن غيرنا.
لن نكلف أنفسنا حتى عناء الهرب، سنبقى، ولن نواجه، سنحيا بقوانينا الخاصة، خارج العالم الذي يمتلكه الجميع، في عالمنا الخاص.

لم كل تلك الحسابات والخطط والأوراق والأقلام الملونة،، الجاف منها والرصاص، ومشابك الورق والملاحظات التي تلتصق بكل ركن في حائط الغرفة؟ لم كل تلك الفوضى؟
أقترح ان نجمع كل تلك التعقيدات، ونلقي بها حالًا في الجزء المُظلم من عقلي.

حياتنا هي. لا تخُص أحدًا سوانا -مادُمنا لسنا آباءً أو أمهات-، فلنُخطىء، ونتعلم، ونبذل جهدًا الآن قد يُبذل ضغفه تعويضًا عنه في المستقبل القريب، وضعفين ضعفه في المستقبل البعيد.

---

عالمكم لا يعنيني ولا أنا أعنيه.
قوانينكم لا تهمني، قوانينكم لا العدل.

إن كانت ضريبة الإختلاف أن نبقى غرباء، فـ لـ نبقى غرباء عن ديار الأخلاق التي لم نعهدها، عن التعقديات ولامنطقية تقاليد المستعمرة الحزينة التي نحيا بها. غرباء بـ هويتنا وأفكارنا، وأنفسنا التي لا نالها السوء مما نال بغيرها.
إن كنا سنُنبذ، أو نُحارب، أو نُقتًّل، ونموت ونحن نحن، فـ لنبقى غرباء.

"سنوات التيهِ في سيناءَ كانت أربعين
ثم عاد الآخرون
و رحلنا.. يوم عاد الآخرون
فإلى أين؟.. و حتامَ سنبقى تائهين
وسنبقى غربـاء*"

*وداعًا سميح القاسم











الأحد، 24 أغسطس 2014

آه من الفُراق .. آهين



الرابعة فجرًا

تخرج من حلم كان يطاردها لثلاث سنوات في الليلة الماضية، تخرج بتثاقل من تحت غطاء لا تستغنى عنه صيفًا أو شتاءً. تحتمل حرارة العالم وبرودة قلبها وتثاقل جفنيها وتقاوم تأثير الجهاز العصبي اللاودي (الـ parasympathetic) والذي هو غير ودود معها بالفعل، وتستيقظ.


الرابعة عصرًا

وكأن الشمس آثرت أن تترك العالم كله وتوفر آشعتها لتصبها مباشرةً فوق رأسها. تنظر إلى السيدة الجالسة أمام فحم الذرة المشوي تحت مظلة قد تقيها من الآشعة ولكنها لا تفعل شيئًا بالحرارة أكثر مما تفعله المصفاة بالماء. تتركها وتهرب إلى الظل حتى لا تحرق الحرارة ما تبقى لها من قوة.

...

يا صديقي، الحياة مشيت من غيرك، بس مش زي ما اتفقنا. كان الإتفاق إنك هتفضل موجود حتى لو كنت على بُعد 459 كيلومتر من هنا. كان الإتفاق إنك هتتحمل، ومش هتزعل مني أبدًا.
صحيح بعد ما مشيت مساحتي الشخصية زادت، وده شيء مريح جدًا بالنسبة لي، بس وجودك كان فارق. ومشيت مع إنك على بُعد كيلومتر ونُص.

...

تفكر:
أيهما أسوأ؟ وعد معروف يقينًا غير منطوق ولم يُنفّذ، أم وعد منطوق وخُذِل؟


...

ما لن يُذكر في الإنترڤيو:

عرِّفي نفسك.
بيقولوا بتكتب حلو، بس أنا بس بحب أكتب. ساعات بأحب القراية. معنديش أخوات، ولا أصحاب تقريبًا. أكتر حد الناس مش بتراعي مشاعره في الكون، وحساسة جدًا للدرجة اللي ممكن تخليني أقوم أسيب الإنترڤيو دلوقتي وأمشي.

قولي 3 مميزات فيكي و 3 عيوب.

مبجرحش حد، أسوأ رد فعل ممكن آخده إني أبعد أو متكلمش. بألتزم بالقوانين للحد اللي بيخنقني انا شخصيًا، وبأعرف أقف مع الحق كويس حتى لو كنت أنا الغلطانة وهأقف قدام نفسي. بيقولوا إني عاقلة، وإن جد -ساعات زيادة عن اللزوم-، وإني بأسمع صح.

بأخاف أفشل، فـ مش بأحاول كفاية، علشان يفضل عندي مساحة لكلمة "لو كنت عملت كنت نجحت". او يمكن بأخاف من النجاح أصلًا.
عصبية للحد اللي يخلي كل الناس تقول عليا هادية، ويخسروني أول ما يشوفوا عصبيتي، اللي غالبًا مش بتتشاف، لأن أنا نفسي مش بأتشاف.
متناقضة، للحد اللي يخليني محايدة. بيقولوا إني ساذجة، وتافهة، ومبستحملش اللي قدامي.

وانتي بتقولي ايه؟
أنا بأقول إن عندي إكتئاب.

ايه أولوياتك؟
الونس، الدفا، الأمل.
وأي حاجة عايزة أعملها ليها الأولوية على أي حاجة تانية في الدنيا.

ايه اللي ممكن يخليكي تسيبينا؟
لو صحيت في يوم الصُبح وحسيت إني مش قادرة أكمل في المكان ده.

تعملي ايه لو حصل قدامك موقف يُضر بشكلنا العام؟
مليش دعوة، مش هأعمل حاجة.

ايه طموحاتك في الحياة؟
أعدي الوقت ده، وأوصل للجزء من حياتي اللي هأبدأ أحس فيه إني فعلًا عايزة أعيش تاني.

...


كانت تتعامل مع مشاكلها بمبدأ الفتاة ذات الثلاث سنوات، التي تخبىء عينيها بين كفيها حين تريد الإختباء، وحين لا ترى العالم تحسب أن العالم لا يراها بالمثل.

...

بيفضل فيه أوبشن الكتابة، البوح، الحكي. أوبشن إننا نقعد على الكنبة ونربع رجلينا ونسمع مروان أنور أو نشوف مسلسل الضوء الشارد من غير ما نبُص على الساعة كل خمس دقايق، او نحسب ضيعنا قد ايه من ساعة ما فتحنا عنينا الصُبح، ونفضل نفتكر كل يوم قد ايه احنا مش قادرين نبطل زعل على فارس. هيفضل فيه أوبشن إننا نتعلم من كل كعبلة اتكعبلناها في السكة، ونتكعبلها هي هي تاني علشان نتعلمها أحسن شوية المرة دي. إننا نبطل نفكر في الكوابيس اللي بتجيلنا أكتر واحنا صاحيين، ونقعد نفتكر في الأغنية اللي سمعناها في محل عدينا من جنبيه وفضلنا واقفين عاملين نفسنا بنتفرج علشان نسمعها، هنفضل نقرا كلام بنحبه مهما بطلنا نحب اللي بيكتبوه، ونسمع أغاني بتوجعنا، ونخاف نكتب مخاوفنا على الورق لتطلع وتجري ورانا ومنعرفش نستخبى منها في حتة .. هيفضل فيه أوبشن إننا ناخد الزاوية اللي في آخر قاعة الكورس ونتدارى في الحيطة، ونجيب شوكولاتة ونسكافية أو عصير برتقان يمكن نصعب على هرمونات الإنبساط وتقرر تطلع النهارده شوية تشوف شغلها .. ونقعد سوا لحد ما القطر يعدي من فوقينا بسلام. هيفضل فيه أوبشن أخير، وهو إننا نحاول تاني.


هو احنا هنرجع نكتب سوا تاني امتى؟



الجمعة، 15 أغسطس 2014

مش مهم



"مش مهم .. كلمة جديدة اكتشفتها النهارده الصبح."
ــ عمر طاهر

فيه مشكلة كبيرة، وفيه حاجة غلط بتخليني كل ما أشتكي إن نفسيتي تعباني يترد عليا بإني السبب، وكأني انكرت ده من قريب أو من بعيد.
فيه مشكلة كبيرة بتخلي أي حد يعرفني يشوف إن من الطبيعي إني أكون متضايقة، فميهتمش يسألني عن اللي مضايقني، لأن ببساطة أنا متضايقة على طول.
فيه مشكلة كبيرة، مخلياني حاسة بإن كل الحاجات مش فارقة، عادية للدرجة اللي بتستوي عندها كل الإحتمالات.
فيه مشكلة كبيرة، وأنا مش عارفة أحلها لوحدي، ومفيش أي حد عنده إستعداد يفكر بس يحلها معايا. وأنا مش مستعدة أخلي حد يحلها معايا.

دلوقتي حالًا، أنا مش مسامحة اللي وعدني بإن كل حاجة هتبقى كويسة ومشي فجأة وسابني أتعامل مع الأمر الواقع -اللي مفيهوش حاجة واحدة بس كويسة- لوحدي. مش مسامحة اللي وجعني بأي كلمة مهما كانت واقعية أو عنده حق فيها، وبأدعي على اللي وجعني بكلام مش حقيقي.
أنا مش متسامحة مع العالم، ومع نصيبي وحظي القليل في أكتر حاجات اتمنيتها في العالم.
لأ ده مش تنشيف دماغ ياللي اتهمتيني بـ ده زور، أنا من حقي أتمنى حاجة تحصل، ولما متحصلش أتضايق. ده مش تنشيف دماغ.
مهما كانت الحاجة تافهة ومش مُهمة من وجهة نظرك، انا مش متضطرة أدافع عن حاجة نفسي فيها.
أنا كمان مش متضطرة أدافع عن أي إحساس بيعدي عليا، ولا عن أي تصرف ناتج عني في الفترة -الطويلة جداً- اللي نفسيتي مُعتلة فيها.
أنا مش متضطرة أواجه نفسياوياتكم السودواية ورغباتكم الدفينة في الحكم على الناس اللي أقل وأضعف منكم، وأقف أسمع لمحاضراتكم العظيمة اللي عنوانها إني بأتدلع ومشكلتي نابعة من جوايا.
انتوا ملكوش أي لازمة، ببساطة لإني لما بأقف قدام المراية وبأكلم نفسي بأقول الكلام اللي انتوا بتقولوه ده وزيادة عليه ضعفين ضعفه. يعني انتوا مقولتوش حاجة جديدة، ولا أفدتوني بل على العكس.

ببساطة أكتر، انا مش متضطرة أتعامل أصلًا مع حد شايف إني مُعقدة -وأنا معترفة بـ ده-، مش قادرة أحمِّل نفسي عبء -فوق العبء الموجود فعلًا- بإصطناع إني طايقاكم وقادرة أتعامل مع احكامكم.
مش طالبة تعاطف منكم، ولا مُهتمة بفكرتكم عن إنكم قادرين تفضلوا مبسوطين مهما كان عندكم مشاكل الدنيا، ببساطة -برضه- لأنكم مش انا، وأنا مش انتم.

مشكتي إني مش قادرة أتقبل وضعي في الحياة وكوني أنا بالذات. مش قادرة أتقبل إختياراتي وأتعامل على أساسها، ومش قابلة للإختيارات المُتاحة قدامي، ولا بغيرها. شايفة إني أستحق أكتر من كده، ولأني -وياللمُفاجأة- حساسة جدًا، بتأثر فيا فعلًا كلمة واحدة، وحتى السكوت ليه انطباع عندي، أنا بأتعب أيام من كلمة قولتوها مش واخدين بالكم منها، أنا مش هأتغيّر، وعارفة إن ده هيتعبني انا لوحدي، وإن مفيش حد هيتفهم كياني ومشاكلي، وهيعاملني على إني ذات إحتياجات خاصة، وعارفة إنكم مش هتصدقوا ولا هتفهموا علشان معيشتوش حاجة من اللي انا عيشتها.
شايفة إني أستحق على الأقل حد يسأل عليا كل يوم/ فترة بسيطة إن كنت عايشة ولا لأ، وإن كنت قادرة أتعايش ولا لأ، ويكون مُهتم بالإجابة وفارقة معاه.
شايفة إني استحق آخد أجازة على الأقل.
شايفة إني محتاجة دعم/ أهل/ أمان/ دفا/ نجاح/ تغيير جو/ .. حاجات زي اللي اسمها حقوق.
معتقدش فيه حاجة ممكن تغيّر فكرتي في حقي ده.
ولحد ما ألاقي حقي ده، أنا مش مُهتمة أعرف حكمك عليا.

الأربعاء، 13 أغسطس 2014

عصفورٌ في اليد خيرٌ من ثلاثمائةٍ وأربعةٌ وخمسون في السماء


بالأمسْ حَلِمْتُ بِأَنَّنِي ضَائِعَةٌ، أُفَتِّشُ عَنْ الطَّرِيقِ بَيْنَ حَبَّاتِ الرَّمْلِ فِي صَحْرَاءٍ لَا أَعْرِفُ اِسْمَهَا.. أَهْرَبُ مِنْ ثُعْبَانٍ رَابِضٍ فَوْقَ قَلْبِي تَمَامًا.
كُنْتُ أَبْحَثُ عَنْ المَاءِ دَاخِلَ الصُّخُورِ، بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّنِي لَسْتُ عَطْشَى. لَكِنَّنِي كُنْتُ أَخْشَى أَنْ أَصِيرَ فَلَا أَجِدُهُ.
هَجَمَ اللَيْلُ عَلَيَّ فَلَمْ أَحُرِّكْ سَاكِنًا. فَقَطْ اِسْتَلْقَيْتُ مَكَانِي، وَثَقُلَ الثُّعْبَانُ، وَاِزْدَادَ ثِقْلًا كُلَّمَا اِزْدَدْتُ، وَيَبْدُو أَنَّهُ اِسْتَرَاح.
لَمْ أَسْتَطِعْ النَّوْمَ فَبَقِيتُ أعُّد النُّجُومُ حَتَّى بُزُوغِ الشَّمْسِ، ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ نَجْمَةً هُوَ كُلُّ مَا اِسْتَطَعْتُ حَصْرُه.
حَتَّى إِذَا مَا جَاءَ الصُبح عَلَى اِسْتِحْيَاءٍ، رَأَيْتُ بَرَكَةَ مَاءٍ عَلَى بُعْدِ مَدَّةِ ذِرَاعٍ وَاحِدَةٍ، وَعَلَى اِمْتِدَادِ بَصَرِي رَأَيْتُ طَرِيقَ العَوْدَةِ.
فَرِحْتُ لِرُؤْيَةِ المَاءِ أَكْثَرَ، وَأَهْمَلْتُ الطَّرِيقَ.
فَكَّرَتْ: كَمْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْعَدْنَ هُنَا، بِجِوَارِ المَاءِ، وَلَا يَخْتَفِي طَرِيقُ العَوْدَةِ؟