الاثنين، 11 أغسطس 2014

تيـه مُستقر



صباح مناسب للكتابة ..

يا عزيزتي، كل الصباحات مناسبة للكتابة، وكل الأمسيات، وأوقات الفرح وأوقات الوجع والخُذلان.
الكتابة، وأن تُفضي بما يطوف بروحك، تناسبها كل الأوقات.


-----


امبارح حلمت إني ومجموعة صحابي رحنا حاربنا ناس وخدنا حقنا، الحلم كان طويل، مليان تفاصيل، مليان أكشن على غير العادة، وقصته كلها صاحية ناسياها .. بس فاكرة إني قتلت واحد، فضلت حاسة بالذنب في نهاية الحلم ولحد دلوقتي، وده بالمناسبة بيدمر نظرية إني هأبقى serial killer.

فيه حمامة بيضا بترفرف قريب من بلكونتي بقالها يومين، بتعلَّق عينيا بيها كل ما تبان في مجال رؤيتي. الطيور بصفة عامة بتبهجني، بس وهي طايرة وبتتصرف على طبيعتها، مش وهي محبوسة في قفص على ترابيزة مُهملة في أي مكان في البيت.

يمكن أكتر كلمتين بأقولهم اليومين دول هم "أعمل ايه؟"، ومبلاقيش إجابة غالبًا. سألت أمي مثلًا قبل ما أنام إني عايزة أتبسط ومش عارفة، فـ أعمل ايه؟ .. قالتلي إني بأتبسط وبأنكر، زي لما أتنطط لما شُفت موضوعي منشور في التحرير يوم الخميس في ضربة شمس.. قُلتلها إني اتبسطت خمس دقايق وبؤسي رجع لي تاني. مش عدل ده يا أمي، أنا من حقي أتبسط أكتر من كده شوية.

أنا فعلًا حاولت أتبسط ومعرفتش، حصلّي habituation تقريبًا، أو inhibition لمراكز الإحساس بالسعادة من أصله.
أخدتني سينما وشُفت "صُنع في مصر"، ووديتني ماكدونلدز وأكلتني الساندوتش اللي بأحبه، واتمشيت معايا لحد الكُلية علشان أذاكر هناك. كانت النتيجة إني انهرت من كلمتين طالعين من بني آدمين مبيفهموش في أي حاجة في الدُنيا غير الحفظ. وفضلت طول اليوم ألوم نفسي إني سمحتلها تتضايق من كلام طالع من الناس دي. وفهمت مرادف "دمي محروق".
مكانش عندي طاقة تخليني أمشي لحد الباب، سندت بضهري على عمود وفضلت واقفة مش عارفة أروح فين، وبأسمع صويت طالع من قدام المستشفى كالعادة. الست كانت بتقول بعلو صوتها "يـا رب" .. ولقيتني بأسأل نفسي إن كان سامعها، ايه حكمتك يا رب؟ شوية يقين من عندك، وشوية شغف، وشوية أي حاجة تخليني قادرة أكمل عمري بس.

أول مرة أزور فيها بيتنا القديم من خمس سنين، طلع لي شارعنا زي ما كنت بأشوفه في الحلم بالظبط، يمكن مضلِّم أكتر شوية. سلم العُمارة كمان ضاق شوية، ومفيش روح في البيت.
كان نفسي أكمِّل الشارع وأروح عند الراجل اللي كنت بأجيب منه آيس كريم "دهب" وأنا صغيرة، وكان بالنسبة لي بعيد جدًا، بس خُفت أروح علشان أشوفه، ملاقيهوش.

مفيش حاجة تانية مُهمة حصلت في حياتي الشهر ده، يمكن نمت في حفلة أم كلثوم، النور قطع في صوفي لما رحته في المرتين، وفيلم step up all in كان أوحش فيلم دخلته في حياتي، بعد The wolf of wall street، وكورس د. محمد منصور اللي تيبيكال شبه أسامة البُكل، وفيلم الفيل الأزرق كان لطيف جدًا، لدرجة إني ندمت إني دخلته مع ناس مش لطيفة.


-----


أنا : عاملة ايه وكده؟
ريم : مُحبطة شوية وكده، بأحاول مبقاش كده .. هنبقى كويسين إن شاء الله.
أنا : لأ، يلا نموت كفاية كده.
ريم : ده على إعتبار إننا عايشين؟
أنا : عارفة الأعراف؟
ريم : لأ. ايه الأعراف؟ سورة الأعراف؟
أنا : الأعراف ده سور بين الجنة والنار، بيقعدوا عليه الناس اللي عندهم حسناتهم قد سيئاتهم بالظبط، بيقعدوا بين الجنة وبين النار، لا هم في الجنة ولا هم في النار. بس أنا اعرف إن ربنا بيدخلهم الجنة في الآخر برحمته.
ريم : آه كده عرفته كويس.. احنا دلوقتي في الأعراف.
أنا : بالظبط .. فهمتيني.
ريم : للأسف.

"الدنيا كلها تيه.. ولو رسيتي في حتة هتتوهي في غيرها .. الفكرة إننا هنرتاح لو بطلنا ندور على الإستقرار اللي مش هنلاقيه ده .. نفهم إنه تيه هنستقر." ـــــ م.ف


ريم : والعمل يا بينكي؟
أنا : مش عارفة يا براين، انت اللي المفروض تفكر يا قصير يا مكير.
ريم : مخي زهق مني وسابني لوحدي ولم هدومه ومشي يروح عند أمه.
أنا : وإنتي إزاي تسمحيله يعمل كده؟
ريم :
صحيت لقيت دولابه مفتوح وفاضى وملقتلوش اى آثر، غير جواب مكتوب فيه 3 كلمات' الوداع جتك القرف'.

-----

مكانش محتاج أكتر من إن حد ياخد باله منه، يمكن مكانش فاهم حتى ايه اللي محتاجه بالظبط لحد وقت قريب جدًا. كان بيقول إنه محتاج حد يطبطب عليه، أو يفرحه، أو حتى بس يسمعه وهو بيتكلم بإهتمام. بس بعدين فهم إنه محتاج يحس إن فيه حد واقف في ضهره بيسنده طول الوقت، ومُهتم يعرف كل حاجة عنه مهما كانت تافهة وملهاش قيمة. كان محتاج حد ياخد باله منه بمعنى الكلمة.
وهي كانت بس محتاجة تعرف ده.

متكلمتش عن الناس اللي بيكونوا عارفين معلومة واحدة بس بيعرفوا يتكلموا عنها كويس أوي، والناس اللي بيبقوا عارفين معلومات كتير ومبيعرفوش يتكلموا عن ولا واحدة.

خّد بالك من الناس اللي تحس وسطهم إنك مش حاسس بقيمتك، أو مش شايف بينهم إنك لاقي مكانتك، أو تميزك، سيبهم فورًا.
ومتندمش على حاجة مروحتهاش طالما محدش عزمك.
ومتدورش على شقيق روحك، هتلاقوا بعض لوحدكوا والدنيا هتجمعكوا، يمكن بس علشان تفرقكوا تاني -علشان هي شريرة-، بس خليك واثق إنكوا هتتجمعوا، وهتعرفوا بعض كمان.

وافتكر "إنك تعيش يوم واحد بتعمل الحاجة اللي بتحبها، أحسن من إنك تعيش 100 سنة بتعمل حاجة مبتحبهاش." زي ما قال أحمد حلمي في صُنع في مصر.

-----

كمثل ورقة شجر نحاسية اللون، مجعدة، وهشة تمامًا، منفية عن الأصل، مُلقاة على الأرض، تتحطم بفعل ضغطة قدم واحدة.
كمثل فتاة وقفت في النور، تغمرها آشعة الشمس بلُطف، أغمضت عيناها حتى تنساب الآشعة خلالها، فربما تغسل قلبها من ظلماته، كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق