الأربعاء، 21 مايو 2014

أن تكون حكاية لشهر زاد



يُحكى أنه كانت فتاة تحلم بأن تطير
ولم ترضَ بأن تمشي
فتصير
فردًا من البشر
ففضلت أن تكون لا شيء
أفضل من أن تكون
مجرد فرد


*****


مهم عندي جدًا أنك تعرف إني بأكرهك، بس في نفس الوقت التصريح بالكراهية أصعب بكتير من التصريح بالحب.

أنا كمان معنديش الشجاعة الكافية اللي تخليني أستحمل نتيجة مشاعري السلبية تجاه حد، كفاية أنها موجودة، وأكيد مفيش داعي إن حد غيري -وخصوصًا أنت- يعرفها.

مش عارفة أنا فضلت نايمة كام يوم، بس عارفة إني لسه مصحيتش.
وإن الغلطة لما بنكررها كتير بتتحول لأسلوب حياة.
وإن بالرغم من وجود عشر بني آدمين في حياتك ممكن تكلمهم دلوقتي حالًا وتشكيلهم من نفسك، مفيش واحد بس يخليك تعمل الخطوة دي من غير ما تندم بعدها.

مهم عندي جدًا إنك تعرف إنك مبقيتش مُهم عندي خالص.
حتى وإن كانت اهمية معرفتك دليل على أهميتك وعلى إني بكدب على نفسي، بس صدقني، بمجرد ما تعرف أنا قد ايه معرفتك مبقيتش فارقة معايا، أنا هأبطل أفكر في الموضوع.

الحقايق اللي بتحاول تثبتها لنفسك من إنك مش مُهم عند أي حد في الكوكب، مرورًا بإنك معندش أي ميزة تديك الحق في إنك تفضل عايش، وأخيرًا بإنك لو كنت في ظروف مُختلفة كنت هتنجح، دي كُلها حقايق فعلًا بس مجتزأة.
لو فكرت شوية من الناحية التانية، هتلاقيك إنت نفسك مش مُهتم بأي حد على سطح الكوكب، وإن المزايا اللي عندك بتضيعها واحدة ورا التانية بإنك بتضيع الوقت اللي المفروض تشتغل عليها فيه في إنك تتأمل في مزايا الناس التانيين، وأخيرًا إن ظروفك الحالية لو كانت عند حد تاني كان هينجح برضه.

ماشي، الناس وحشين. التعامل كإنسان إجتماعي مُزعج، وبيضغط على الأعصاب، وإن غالبًا أنت كائن إنطوائي صامت وغامض.

الجزء ده من حياتي -وأجزاء تانية سابقة زيه- بيشبه الجزء اللي مايكل نيومان في فيلم كليك بيستخدم فيه الريموت لتسريع جزء مش لطيف -في نظره هو- من حياته. الجزء ده اللي بتتمثل سعادتي في إنه يخلص، أيًا كان هيخلص إزاي، وأيًا كانت النتيجة بعده.

عندي نية مُبيّتة -مش هينفع أكشفها- مش هتبسط ناس هيحاولوا يبسطوني.
دي مش غلاسة عليهم قد ما هي غلاسة عليّا.
أو خلينا نقول، إني مش هأستحمل تحصل حاجة يُفترض إنها حلوة ومتفرحنيش.
وما أدراك ما شعور إنك تحاول تفرح بحاجة ومتعرفش.

خلينا مقتنعين اننا لسه موصلناش لمعرفة الحاجات اللي بنحبها لأننا لسه مجربنهاش.
بالتالي لسه موصلناش لمعرفة نفسنا، لأننا لسه مدخلناش تجارب كافية نُخرج منها بمعلومات أكتر عننا.
خلينا مقتنعين زي إن لسه أجمل يوم مجاش، إن لسه أجمل حد مقابلناهوش، ولسه أجمل رواية مقرأنهاش، ولسه أجمل مكان مزورناهوش، ولسه معرفناش أي حاجة، علشن نعرف نعيش بس.

بأستغرب ضعفِك وإستسلامك قدامه وكأنك بتكوني حد تاني في اللحظة اللي بتمسكي الموبايل وبتكلميه، وأول ما بتقفلي بترجعي انتي.
بأستغرب عقلك الخالي من أي حكمة المفترض يوصلها في السن ده، وبالتجارب والحياة اللي عيشتيها أكيد كان لازم يكون أحسن دلوقتي. أنا عارفة إنك تستحقي أحسن من كده بكتير، بس تصرفاتك دلوقتي بتخلي اللي موجود هو اللي تستاهليه بالظبط.

“صدقني أنا كان نفسي أتعلّق.. ف حاجات يامَا
وأعيش إحساس إن أنا فعلاً من غِيرها هَمُوت
أنا أعرف أعيش
مِن غير ما أحتاج إني أقرا الوقت
من غير ولا واحد.. م اللي أنا أعرفهم دلوقت”
مصطفى إبراهيم, المانيفستو


مفيش أخطر على نفسك منك من الكسل إلا الفراغ.
الفراغ اللي بتحاول تملاه بأي حاجة، حتى لو كانت غلط أو مش محتاجها أصلًا، بس كون المكان ده فاضي هيخليك غير متوازن، بتفكر بطريقة غلط وبتاخد قرارات مش بتضر حد غيرك.

فيه فراغات في حياتنا مخلوقة علشان تتملي في وقتها، وعلشان نعيش فترة بيها جوانا، لسبب ما مش لازم نعرفه.
ولأن تخيل كده لو عندك كل حاجة تتمناها، هتعيش تستمتع بيها لفترة قد ايه قبل ما تدرك إنك مش مبسوط؟ وإن فيه حاجة ناقصة؟ بالرغم من إن ساعتها مش هيكون ناقصك أي حاجة عمليًا. بس هيكون ناقصك إن يكون ناقصك حاجة تدور عليها.



“مش ممكن تاخد كل حاجة.. طيب هتحطها فين؟”
عمر طاهر


أيوة احنا منستاهلش بس ربنا كريم.
بس لحد امتى؟
هنموت قبل ما نعيش يا علي.
هنموت واحنا عدينا على الأرض دي واحد و عشرين سنة محدش عرفنا فيهم بجد.
محدش اهتم يسألنا إن كنا مبسوطين بوجودهم في حياتنا، أو عن سر الحزن اللي مستخبي ورا ابتسامة صفرا سخيفة، أو هل سكوتنا على طول ده وراه كلام ملقاش حد يسمعه ولا حبًا في اننا نسمعهم.
هنموت واحنا متعرفناش، ومعرفناش حد.
ساعتها .. ايه أهمية إنجازات سخيفة من نوعية النجاح في دراسة أو شغل أو حتى حاجة حبيناها وحبينا نعملها وعملناها؟
ايه أهمية أي حاجة لو مش راضيين عنها أصلًا؟

الإهتمام مبيتطلبش، والكلمة الحلوة اللي بنقول للناس اننا بنحبها ويقولوهالنا بعدها مبتبقاش حلوة خالص، والحاجة اللي بتتعملنا زي ما بتتعمل لغيرنا ملهاش أي معنى، وسؤال "‘إزيك" ده أسخف سؤال في المجرة.
بأفكر بعد كده أي حد يسألني "إزيك يا هبة عاملة ايه؟" أرد عليه بسرعة من غير ما افكر "احلف إنك مُهتم تعرف فعلًا، ولو مش مُهتم تعرف بتسألني ليه؟".

المرة الخمستاشر اللي أعمل فيها نفس الغلطة الكبيرة، والمرة الخمستلاف رُبعمية ستة وتمانين اللي أعمل فيها نفس الغلطة الصُغيرة، بيقلل من تمسكي بالأمل في التغيير.
مينفعش يتحسب من عُمرنا يوم بندخل ننام فيه واحنا مش عايزين نصحى تاني، ومينفعش يتحس من عُمرنا يوم بنصحى فيه واحنا مش عايزين نصحى أو عايزين ننام لبعد بُكره. ومينفعش نفضل فاكرين إننا بمجرد ما الأيام السيئة للغاية دي تعدي، إننا هنكون أحسن. لأن القطر ماشي ومحطتنا هتفوت، والحاجات اللي المفروض نجمعها في سكتنا بتفوت، ومش هتيجي تاني. أيوة، ممكن ييجي غيرها، بس عُمر ما حاجة هتعوض مكان حاجة.

اللي يزعّل بجد يا جميل مش إن ضميرنا يأنبنا، اللي يزعّل إننا نلاقي إن ضميرنا مش بيأنبنا.
مش بيأنبنا ليه؟ ليه؟
في وسط كل اللا شيء اللي ممكن نكون فيه، ومُحاصرين بالولا حاجة من كل ناحية. والفقاعة اللي حابسين نفسنا فيها حبسنا فيها معانا كل حاجة بنكرهها. في وسط كل ده، لسه بنفكر.
مش قادرين نقتنع بأفعالنا، بالتالي مش هنقتنع بأفعال غيرنا، وكلام التنمية البشرية بقى بيجيبلنا حساسية فكرية. مش قادرين نسمع نصيحة واحدة بس من أي حد، ولا بنيجي بالذوق، ولا بغير الذوق، ومعندناش الإرادة اللي تخلينا نشوف مستقبلنا قبل ما نقعد قُدام شوية ع الرصيف ونعيط عليه، عُمرنا ما كنا من الناس اللي بتشوف شُغلها، ودايمًا محسوبين ع الشُطار بالبركة ودُعا الوالدين، مش عارفين مصلحتنا، أو عارفينها وبنستهبل يا فوزية.
بيفصلنا عن التغيير قرار واحد بس ناخده، وننفذه.

الحاجة الوحيدة اللي بأحبها بجد في الدُنيا دي يا شيماء.
بس لو يعرف قد ايه هو مصدر البهجة "الوحيد" في حياتي ..
مش عارفة هتفرق في ايه معاه، بس وجوده في الدنيا بجد مُهم عندي.
أهم من أي حاجة.أنا مش بأبالغ، ولا بلاغة مني.
بس هو بجد أهم من أي حد أي حد.
*****
يُحكى أن الفتاة صارت تخشى
أن تحيا

فماتت.

الأحد، 18 مايو 2014

الخوف الرفيق



فأنا وبكل الحاجات اللي بتتمشى جوه عقلي مش عارفة أكتب ولا كلمة.

بس هأكتب..
هأعافر..
علشان الحاجات دي تموت بقى.
ونقتل القاعدة على رأي دكتور مدحت.


*****

"كنت عارفه إنه موجوع بس مكنتش أقدر إلا إنى أخليه يتوجع أكتر.. يتألم لغاية أما يكبر ويبقى ناضج، زى ما أنا اتألمت ولسه بأتألم.. الأطفال بس هما اللي منتظرين إن الحياة تديهم كل اللي عايزينه، الفرق هو التسليم بإن الحياة مش مُنصفة، وإنها كتير بتبقى ظالمة.. كنت عارفه إن هو هيتوجع لحد مايقبل الحقيقة.. قصدي الواقع.. لأن كان فيه فرق كبير بين الحقيقه والواقع .."

من فيلم رسائل البحر


*****

انت عارف إن دماغي زي ما بترفض تحتفظ بالذكريات المؤلمة، بترفض تحتفظ بالذكريات السعيدة؟
وانها بتعمل جاهدة لنسيان أي حاجة فرحتني أوي، يمكن علشان متعودش على كده.
أو يمكن علشان بترفض فكرة الذكريات أصلًا، ولأن جايز الذكريات المؤلمة نفتكرها فنتبسط إنها عدت، لكن الأكيد إننا لما نفتكر الذكريات السعيدة ونلاقيها عدت، هنتضايق.
ولأني مش هأسيب باب ماضييا المُر متوارب.
بس صدقني كل الحاجات اللي فرحتني امبارح، مش فاكرة منها أي حاجة دلوقتي، غير صورة بهتانة وكلمتين.

لأن الخوف قادر جدًا زي ما بيشل حركتنا ويرعبنا، إنه يسرق الفرحة الكبيرة اللي حوشناها على مدار زمن وأخدناها بعد تعب، وقادر يسرق احساسنا بالرضا عن قدرنا، واحساسنا بالطمأنينة في وجود ناس ممكن نكتفي بمعرفتهم من كل الكوكب.
لأن الخوف هو الحاجة الوحيدة اللي ملهاش دوا، لأنه ملوش وصف، هو هو وبس.الخوف اللي زي الشوكة في حلق الانبساط.


احتمال وجود حاجة تسعدك بيتناسب طرديًا مع وجود ناس بتسعدك. والحكاية إنك لما تكون لوحدك هتتبسط لكن توقعاتك كلها هتصدق وكل اللي مقتنع بيه وعايز تعمله هتنفذه وهو ده أقصى آمالك. في حين إن وجود ناس معاك هيوسّع دايرة الإحتمالات أوي لدرجة إن ممكن تحصل خساير سعيدة.

الفكرة إني نسيت إزاي ممكن حد غيري يعمل تأثير في مدار يومي.

لأن الدنيا إز نوت فيير، الحاجات الحلوة بتحصل، بس هتخليك دايمًا تقول "ياه بس لو كانت جت يمين سنة .." "ياه لو بس كنت روحت بدري سيكا" .. دايمًا فيه حاجة هتخليك تعترض على القدر من الانبساط اللي انت اخدته، وهيخليك -في حين إنك مكنتش تحلم بربعه- تحسه قليل أوي.
علشان هم قالوا زمان إن الواحد ميملاش عينه غير التُراب.

لأن أحيانًا الصُدف المترتبة بتكون حلوة أوي، والناس اللي بنتكعبل فيهم بعد سنة بيفكرونا بنفسنا ساعتها، وبنكلمهم بتوون صوت مليان بالفرحة والمعيلة، ومحاولة إظهار البهجة في كل معانيها لأنهم لسه فاكريننا، ولو حتى فاكرين اسمنا بس.

ولأن استرجاع أحداث يوم حلو في دماغي مبيستغرقش أكتر من عشر ثواني، وده بيخليني أفهم أكتر معنى إن في آخر عُمر الواحد بيشوف شريط حياته كله قُدام عينيه. ساعتها هو فعلًا هيشوف كل حاجة، في أقل من دقيقة.

ولأن تزامن الأحداث بنفس التواريخ بيخليني أحس إن رواية حياتي مُشوّقة بشكل ما، وفي نفس الوقت بيخوفني، لانه بيفكرني بـ"زي النهارده".

ولأن كتير جدًا الدفا اللي بيدوهلنا ناس بيدوب التلج على قلوبنا بيخلينا نكره البرد اللي كنا اتعودنا عليه من زمان، فبنمسك في الناس دول بإيدينا وسناننا لأنهم مينفعش يمشوا، لأن المرة دي قلوبنا مش هتتجمد تاني، لأ، دي هتموت من البرد وتتفتت مليون حتة.

*****

“إن السعادة هي أن أشرب كوب شاي.. مع صديق.. في لحظة رضا.”
― محمد المخزنجي

*****
أنا بأعُك في حياتي أوي، عزائي الوحيد إن دي حياتي أنا، وانا المتضرر الأول والأخير، وإن الفُرصة لسه مراحتش من إيدي إني أعُك وأتعلم، وإن العُمر لسه قدامي مش ورايا، وإن مش مُهم نغلط المُهم نتعلم من الغلط .. عند النقطة دي بالظبط بتبدأ المعاناة، لأن انا ببساطة كل الكوارث اللي عملتها في حياتي عبارة عن غلطة واحدة، ولأني مبتعلمش من أي حاجة، أي حاجة.

من باب الفضفضة برضه، الونس اللي بيسببهولي أي مسلسل بأتابعه في حياتي، بأعيش أحداثه وتفاصيله يوم بيوم، وبيخليني عايشة على التوازي مع حياة أبطال خياليين، بيهون عليا كتير.
ده بيشبه بالظبط ونس الرواية، بس الفرق إن الرواية بتخلص في يوم واحد -مهما كانت طويلة- ودي حاجة حلوة جدًا ووحشة جدًا في نفس الوقت.

عزيزي الأولاني/ أنا لو لقيت حد زيك هأتجوزه من غير تفكير.
ليه مفيش منك تاني؟
طب انت مينفعش تتبناني طيب؟

عزيزي التاني/ هو أنا ليه مينفعش أقابلك دلوقتي وأسلم عليك؟
علشان بس أعرف أنا لسه بأفكر فيك ولا لأ..
هأعرف إزاي؟
لو لسه بأفكر فيك، قلبي هيدق دقة زيادة.

عزيزي التالت/ أنا بحبك أوي، لدرجة إني مش عايزة أعرفك.
أرجوك خليك بعيد، خليني مبهورة بالصورة دي، خليني بحب كل حاجة بأعرفها عنك، خليني مبهورة بأسطورتك، خليك أسطورة في خيالي.
خلينا أغراب، ويوم ما أسلم عليك يكون أسعد يوم ف حياتي.
خلينا أغراب، الكلام بيننا حدث يستحق التدوين.
خلينا أغراب، علشان المعرفة على قد ما بتفرّح على قد ما بتكسّر في أسطورتك.

أنا بأتكسف، بأتكسف أوي.
وعامةً مبتكلمش.
وراء وشيماء قالولي إن دمي تقيل.

أنا ممكن أفضل مبسوطة وشاكرة لربنا طول عمري على ترتيب امبارح بس.
لكن -وآه من كلمة لكن- أنا خايفة، خايفة أوي.
مش ممكن أخرج من الموقف سليمة نفسيًا أبدًا، ومش عارفة أحدد حجم الخساير.

بأخاف .. بأهرب من التفكير بس بأقابل حاجة بالصُدفة بتفكرني بكل البعابيع (جمع بعبع) اللي بيخوفوني.
مش عارفة أتطمن، حتى خايفة أحاول أتطمن أخاف أكتر.
خايفة من كل حاجة.

كنت بأشتكيلها إني حاولت  كتير أكتب معرفتش، قالتلي إن الأسطورة بتقول إن الواحد مبيعرفش يكتب وهو مبسوط.
بس يا شيماء أنا عرفت ايه اللي مصعب الموضوع، أنا مش مبسوطة، أنا خايفة.
والكتابة بتواجهنا بكل اللي في دماغنا، وبتكشف المستخبي والمستور، ودي آخر حاجة ممكن أكون عايزة أعملها.

----------

علشان فيه فرق بين الحقيقة والواقع.
الحقيقة اللي بتقول كل الصح اللي ممكن يحصل في الدُنيا، في حين إن اللي واقع هو كل الغلط.
الحقيقة اللي بتضمن لنا سلامة عقولنا، والواقع هو اللي بيدمهرلنا.
الواقع هو الحقيقة لما بنكدبّها.
ملحوظة رفيعة: مبقيتش مستريحة وأنا بأتكلم زي الأول، أنا ضيعت مني رفاهية الكتابة لنفسي.

الجمعة، 16 مايو 2014

أحلى أوقات فتاة مش من مصر الجديدة



في الدقايق الأخيرة قبل بداية "هبة رجل الغراب" هألحق أعبر عن الكام احساس اللي عدوا عليا النهارده.

الوردة الناشفة اللي وقعت من كتاب الفسيولوجي وأنا بأحطه في الشنطة اللي هاخدها معايا عند جدتي، فكرتني بوقت كنت فيه ممكن أفرح بوردة.
الخبر اللي قريته عن حدث جميل بُكره فكرني بنفسي لما كان بيكون أحلى يوم في حياتها لما تسمع نفس الخبر.
الوقت ده من كُل سنة، اللي بأنقل فيه حياتي من أوضتي المرتبطة بكآبة الدراسة، للمكان اللي بألاقي فيه نفسي، المكان اللي اتربيت فيه واللي في أحلامي كلها بيكون بيتي، واللي حتى وهو مُرتبط بفترة إمتحاناتي بيكون مصدر سعادة ليا إني أكون فيه.
الوقت ده من كُل سنة، لما جه السنة دي، فكرني بإن عدا من عُمري واحد وعشرين سنة، أولهم كانت أمي بتتحمل كل مسئوليتي، في نُصهم كنت بأساعدها وبأطلب منها حاجات مُعينة، دلوقتي أنا اللي متحملة المسئولية وبأطلب منها تساعدني، ومش عايزة أتخيل قُدام شوية ممكن ايه اللي الوضع يكون عليه.
الوقت ده من كُل سنة اللي بأبدأ فيه كتابة مُذكراتي في أجندة أو نوت بووك جديدة، بعنوان، وبوصف مُفصل لحالتي، وأمنياتي للفترة الجاية.
الوقت ده من كُل سنة اللي بيجيب معاه حبة أمل نتنفس بيهم قبل ما نغرق في قاع المشغوليات من غير ماسك أوكسجين.

بأفتكر الكام كووت اللي نقلتهم على ضهر شييت الإكس راي علشان مكنتش واخدة النووت بوك معايا، يوسف إدريس (مش أنيس منصور أنا آسفة) كان بيكلمني بشكل ما وهو بيقول:"أبشع أنواع الملل، الملل من شيء لا تستطيع الإستغناء عنه، كأن تمل من نفسك."

أو وهو بيقول:" ونحن في الحياة لا ننسى ولا تلتئم جروحنا بالإستشفاء أو تغيير الجو أو بالمفاجأة السارة حيت تقبل، نحن ننسى الجرح بجروح أخرى طازجة نُصاب بها، وتستحوذ على اهتمامنا."

متوعدوناش بحاجات صعب تحققوها علشان متكسروش فينا العشم، وياريت متوعدوناش بحاجة أصلًا.
اعملوا الحاجة من غير وعود مُسبقة، بلاش مع سبق الوعد والترصد.

ازاي وأنا كل ما أقرب من حد تتكسر جوايا حاجة عايزني أقرب منك من غير ما أخاف على شوية الهبة اللي فاضلين مني؟
محكيتلكش على وساوسي؟
كل ليلة قبل أما أنام، بأتخيل موقف حلو بالتفصيل، موقف محصلش طبعًا وفي الأغلب عُمره ما هيحصل.
كل ليلة بعد أما أنام، بأحلم بكل المواقف الوحشة اللي خايفة منها تحصل، وكل الحاجات اللي بأخاف منها بتتجسد جوه حلم واحد بشكل خيالي بيبهرني أنا شخصيًا.

لما بيعدي يوم وأنا معملتش حاجة غير اني قضيته على الساوند كلاود بجد مبندمش عليه، النهارده كان يوم هشام الجخ، بالرغم من اني مبحبش الشعر ومش بأفهم جماله، لكن الجخ بيخليني احب الشعر أوي منه، ده غير طبعًا الكلام نفسه.
المكالمة - هشام الجخ
*****
وكويت بِملحك جرحي كِيف الدّبح

من ميتى يا بحر الجراح بتطيب بِحبة ملح

و أنا أَصلي واخد ع الـوجع

و أمَّا الجِـراح بِتصيـب جَدع

بيصِير وجعها بــــ مِيت وجع*
*****

كمان إني أتفسح في بلوج  تقارير راء طول اليوم بيخليني مندمش على فسوة وقت في اليوم، أصلًا راء دي مش بني آدمة طبيعية عايشة معانا كده، دي بتكلمنا من ملكوت تاني.

والونس اللي شيماء مسبباه في حياتي دلوقتي أنا شاكرة ليها جدًا عليه، سواء بكلامها اللي بتكتبه في المدونة اللي مش عايزة حد يعرفها، أو كلامها ليا، أو حتى وجود اسمها مكتوب عندي في مكان ما.


أنا لسه لحد دلوقتي نبضات قلبي بتزيد سرعتها وبأحس بدوخة والدنيا بتضلم لما بأشوف أي حاجة ليها علاقة بعملية، ليها علاقة بس يعني مش شرط منظر صعب فيه جرح، كفاية أوي إني اسمع شرح العملية وهأحس بنفس الأعراض بالظبط.
المرة الوحيدة اللي حاولت أعمل فيها دكتورة وجبت سكرب ودخلت عملية استئصال مرارة بالمنظار -عملية عبيطة المفروض- مُجرد تخيلي للي بيحصل للمريض خلاني أدوخ قبل ما العملية تبدأ أصلًا، أنا دخت حرفيًا ومقدرتش أقف وخرجت بسرعة مش شايفة حاجة قُدامي.
أنا هأبقى دكتورة فريدة من نوعي.

احنا بس لو عرفنا نيجي على رغباتنا شوية في سبيل مصلحتنا هنوصل بسهولة من غير ما نتبعزق ع السكة.
لو عرفنا نقف في وش الكسل ونقول له "لأ" ومنسيبوش يتحكم فينا، هنعرف نعمل كل اللي احنا عايزينه.

فيه شوية مشاهد بيمثلوني، منى زكي وهي بتقول "أنا زعلانة من الدُنيا أوي يا فاطمة".، صبا مبارك وهي بتقول "هو أنا طوبة؟"، هنا شيحا وهي بتقول" محتاجة أسمع كلام زي اللي بيقولهولي كريم، محتاجة أقول كلام زي اللي بأقوله لكريم". أو أشرف عبد الباقي وهو بيقول "وأنت هتتحب امتى يا منيّل؟"، حنان تُرك وهي بتقول" فاكرة يا يُسرية لما سألتيني كنتي بتعملي ايه في حياتك؟ مكنتش بأعمل حاجة خالص."
سؤال خالد أبو النجا لغادة عادل "هو انتي محدش قبل كده قالك انك جميلة؟"
ومؤخرًا ياسمين رئيس لما قالت" وياه لما الواحدة منّا تكمل الواحد وعشرين
، نار قايدة .. لا عارفة تستحملها ولا عايزة تطفيها".*
.
.


.
.

ولأن الواحد ساعات بيعيش بس علشان يعمل كاونت داون للحاجات اللي مستنيها تحصل، واللي لما بتحصل بيبدأ يكاونت داون للي بعدها، وهكذا، فأنا حابّة أفكّر نفسي إن كلها 43 يوم ورمضان هيوصل. وإن كُلها 53 يوم والإمتحانات تخلص -فرضًا-، وإن كُلها 15 يوم ومش هأكون بأكدب لما حد يسألني عن سني وأقول له واحد وعشرين.
"فاكر التاريخ الأسود ده يا بروطة، واحد وعشرين واحد وعشرين واحد وعشرين".*


لسبب ما مش قادرة أحدده أنا مبسوطة بنفسي بشكل مُريب وغير مألوف بالنسبة لي.
أنا مبسوطة بشيماء، برضوى، بنيّرة اللي باحب اسمها بجد، واللي مش أنسى ضحكتها لما د. إيهاب قاللها "اسمك نييّة إزاي؟"، مبسوطة بميرو صلاح، وكريم الصغير، وسارة سيد اللي بتحتل مكان خاص في قلبي مع إني معرفهاش، وكل الناس اللي كتابتها حلوة وبتهوّن عليا العيشة، بأقولهم شُكرًا. ولكل الناس اللي بيتعبوا نفسهم ويقرأوا الكلام ده.
وبعُمر طاهر، بشكل غريب بينط في دماغي كل فترة مقال له، النهارده كان من نصيب رزق - عمر طاهر.

الواحد مش محتاج أكتر من إنه يعرف اللي قاله فيه
(
هو جاد فى البحث عنك أكثر من جديتك فى البحث عنه، ومعرفة أن ما وقع بين يديك هو رزق تحتاج منك إلى ذوق عالٍ، فكل أمر المؤمن خير، والرزق خير، وكما يقول الأكابر: البلاء هو المسافة بين خير وآخر، وكل خير بلاء، وكل بلاء خير.)

أو "اهتم ولا تهتم".

-----------

*الأبيات لهشام الجخ من "سري جدًا إلى البحر".


*الأفلام بالترتيب: عن العشق والهوى - بنتين من مصر - حب البنات - حب البنات - أحلى الأوقات - في شقة مصر الجديدة - فتاة المصنع - مسرحية كده أوكيه.

الخميس، 15 مايو 2014

ضايع بورق اللوز



فيه قصة بتحكي عن راجل طيب كان عنده حصان، وفي يوم هرب منه فجيرانه راحوا يواسوه علشان حظه الوحش، قالهم: وإيش عرفكم إنه حظ وحش؟ بعد كام يوم، الحصان بتاعه رجع ليه ومعاه كام حصان كمان، فجيرانه راحوا يهنوه على حظه الحلو، قالهم: وإيش عرفكم إنه حظ حلو؟ بعد كام يوم كمان، كان ابنه راكب على حصان منهم،وقع من فوقه ورجله اتكسرت، فجيرانه راحوا يواسوه على حظه الوحش، قالهم: وإيش عرفكم إنه حظ وحش؟ بعد كام يوم كتير بقى، كان فيه حرب والبلد جندت كل الشباب بس ابن الراجل الطيب متاخدش علشان رجله مكسورة، وفي الحرب مات منهم شباب كتير..

فيه كمان قصة (لعله خير) بتاعت الملك والوزير بتاعه اللي كل ما كان تحصل له أي حاجة يقول "لعله خير"، لحد ما في يوم وهم بيصطادوا صباع الملك اتقطع فالوزير قال له "لعله خير"، الملك اتغاظ جدًا واتعصب وحس وكأن الوزير بيتريأ عليه وبيستهزأ بمشكلته، فأمر بحبسه، ساعتها الوزير برضه قال "لعله خير". بعد كام يوم وهو بيصطاد طلع عليه مجموعة ناس كانوا عايزين ياخدوه قربان يقدموه للآلهه، ولما لاقوا صباعه مقطوع رفضوه علشان مينفعش يقدموا قربان ناقص. الملك ساعتها حس بغلطته وأفرج عن الوزير، بس سأله ليه قلت "لعله خير" لما حبستك؟ قال له "يا مولاي ما أنا لو مكنتش اتحبست وكنت معاك كانوا سابوك انت وخدوني انا".

الأجمل من كل ده كله حديث عن النبي بيقول "عَجَبًا لأمرِ المؤمنِ إِنَّ أمْرَه كُلَّهُ لهُ خَيرٌ وليسَ ذلكَ لأحَدٍ إلا للمُؤْمنِ إِنْ أصَابتهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فكانتْ خَيرًا لهُ وإنْ أصَابتهُ ضَرَّاءُ صَبرَ فكانتْ خَيرًا لهُ ".

----------

فترة البلاتو بتاعت الحياة دي أكيد هييجي بعدها حاجة مُهمة، مهما كُنا ضُعفا ومكسورين وحاسين بالضياع والفشل، ومهما كنا بُعاد عن المكان اللي عينينا منه، زي ما إن القاعدة الوحيدة في الدُنيا إن مفيش قاعدة، برضه الثابت الوحيد في الدُنيا إن كل حاجة بتتغيّر ماعدا القاعدة دي.
مينفعش نكون بالغين التشاؤم ونقول إن الأمور هتتغير للأسوأ، مينفعش علشان احنا في أشد الحاجة لأننا منصدقش ده. في أشد الحاجة لأن حد يقولنا إن فيه أمل، وأننا نصدق إن الدُنيا كُلها مش هتخلص زي ما اليوم ده بيخلص، والأسبوع ده بيخلص، والشهر اللي بنحبه في السنة بيخلص، والسنين بتعدي واحنا واقفين نتفرج على عُمرنا بيضيع وبنعمل له باي باي. وأن ده مُجرد يوم عابر وحش مش حياة كاملة وحشة. ماشي ماشي مُجرد كام سنة وحشين وهيعدوا مش حياة كاملة وحشة.

في مكان ما في قلبي، تقريبًا جنب الإس ايه نوود على طول، بتتجمع خيباتي الصغيرة واحدة فوق واحدة.
الولا حاجة اللي مسيطرة على شعوري عامةً دي مُريحة بس مش مُطمئنة. يعني أنا قاعدة جوه مستريحة بس متأكدة إن الدُنيا بتمطر بره الفقاعة بتاعتي. إحساسي بالأمان مش بيمنعني من إحساسي بالحسرة على فُقدان متعة الجري تحت المطر وشُرب حمص الشام على الكورنيش مع إنساني المُفضل في الكون.
وبمناسبة الكورنيش، الأربع سنين اللي عدوا من عُمري من غير ما أشوف فيهم البحر دول كانوا من أسوأ سنين حياتي -بالصُدفة البحتة- وده رسخ إعتقادي بإن حياتي هتتصلح تمامًا أول ما أروح لحد عنده وأصالحه، أو يصالحني، أو يصالحني على الدُنيا.

أنا -لحد دلوقتي- مصدقة جدًا إن أكتر حاجة ممكن تعلي السيرتونين في الدم هي الرقص، وإننا مينفعش نتفرج على فيلم إلا في الضلمة، وإن المزيكا والأغاني بتكلم روحك على طول من غير ما تعدي على بوابات عقلك السخبفة اللي بتحلل كل حاجة، وإن الكلام الحلو بيعمل زي المزيكا بالظبط.
مصدقة إن المسافة بينك وبين الطمأنينة ركعتين، وإن الدُعا بالكتابة أحلى من الدُعا بالصوت، وإن كاظم الساهر لما بيقول "يا هبة ربي م السما وأجمل هدية" بيقولهالي أنا.
جوايا حاجة لسه مصدقة إن الكون بيدور حواليا.

----------

"يا همّ العُمر .. يا دمع الزّهر .. يا مواسم العصافير"

الأربعاء، 14 مايو 2014

بنت اسمها هبة



زمان كان فيه بنت على طول بتعمل شعرها ديل حصان، كانت شايفة الدُنيا بتاعتها، وانها مركز الكون بتاعها، وان الشمس مش هتطلع غير لما تفتح شباكها وتبص منه. كانت شايفة إن الدُنيا هي كل اللي تعرفه، وكل ما تعرف حاجة جديدة الدُنيا بتكبر شوية. لحد ما هي كبرت، والدنيا بطلت تكبر، وفضلت تصغر عليها لحد ما خنقتها.

زمان كان فيه بنت بتحب ولد أسمر شعره ناعم وبيرسم، بس هو ماكنش بيحبها. كانت مستنياه ييجي يكلمها ويبقوا أصحاب ويلعبوا مع بعض، أو تتفرج عليه وهو بيرسم. كانت الشمس بتطلع في اليوم اللي بتشوفه. لحد ما هي كبرت، والولد فضل صُغيّر عم يلعب ع التل. معرفتش تحب حد غيره لأنها ملاقيتش ولد أسمر شعره ناعم وبيرسم.

زمان كان فيه بنت شطورة في المدرسة، بتعمل واجبها أول ما تدخل البيت من قبل حتى ما تغيّر هدوم المدرسة، بتجيب درجات حلوة في كل المواد من غير ما حتى تاخد بالها إنها متفوقة. كانت شايفة إن ده الطبيعي اللي المنطقي تعمله. لحد ما هي كبرت، وشافت إن الطبيعي في نظرها مش طبيعي في نظر الدُنيا، وإنها وهي بتعمل اللي مش طبيعي في نظر الدُنيا محدش بيقدرّها، ولا هي بقت قادرة تقدّر نفسها، وبطلت تجيب درجات حلوة، وبطلت تلبس هدوم المدرسة.

زمان كان فيه بنت بتحب ربنا بفطرتها، شايفة الحرام بيزّعل ربنا يبقى ميتعملش، والحلال ربنا بيحبه يبقى يتعمل. وإن كل اللي بيعمل اللي ربنا بيقول عليه هيعيش مبسوط والناس كمان هتحبه. لحد ما هي كبرت، وشافت ناس فاكرين انهم بيعملوا اللي ربنا  بيقول عليه ومش مبسوطين والناس بتكرههم. وإن كل الناس بتتدخل في علاقات بعض بربنا. فطرتها ضاعت وسط كل الخناقات دي وضيّعت الطريق ومش عارفة تلاقي ربنا.

زمان كان فيه بنت مش موجود منها أي حاجة دلوقتي.
ضاعت، وبقى موجود مكانها واحدة كبيرة، كل اللي تعرفه عن الدُنيا يخليها تتمنى تسيبها في أقرب فُرصة.
بتتمنى لو كانت فضلت البنت الصُغيرة موجودة وهي مجاتش أبدًا.
البنت اللي كانت بتعمل كل حاجة من غير تفكير وتحليل، وبتنبهر بكل حاجة حلوة ووشها يقلب من كل حاجة مش حلوة.

بنت كانت بتعيش فعلًا، ولما كبرت بقى نفسها تعيش.

الثلاثاء، 13 مايو 2014

البحثُ عن قبس



*****
كيان مُفرد مُتعادل الشحنات مالوش لازمة.
كيان مُفرد بيدوّر على الموجب.
*****

لسبب ما -مش فاكراه- قررت أتبسط، ولما لقيتني مبسوطة من غير سبب زعلت.
أنا محبوسة في البلد دي، في المكان ده، ومحبوسة جوايا.
عندي مفهوم واضح للحياة، الحياة اللي عايزة أعيشها بجد، بس كل تفصيلة صغيرة فيها حاجة صعبة أو مستحيلة الحدوث، حاجة عمري ما هأعرف أحققها، تفاصيل ليها علاقة بالمكان اللي أنا عايشة فيه والناس اللي في حياتي، وكوني عارفة إني مقدرش أوصل للصورة دي وانها هتفضل منتمية لأرض الاحلام بس بيخليني أحزن.
الـ gap اللي بين الواقع وأحلامي كبيرة أوي ومش عارفة أصغّرها to make the jump، وإن كان تقبل الأمر الواقع هو خياري الوحيد فأنا مش هأختاره.

في وقت ما هنوصل لمرحلة من النضج تخلينا نفرّق بين الناس اللي بيقربوا مننا علشاننا، والناس اللي بيقربوا مننا علشانهم.
في مرحلة ما هنعرف نفرّق بين الناس اللي بيحبونا لذواتنا، والناس اللي بيحبونا زي ما بيحبوا كل الناس بيكوز زاي آر نايس تو إيفري بادي.
في وقت ما برضه هنعرف لوحدنا ايه اللي ممكن نقضي باقي عُمرنا بنعمله.

*****

وحياتنا
هي أن نكون كما نريد. نريد أن
نحيا قليلا ، لا لشيء … بل لنحترم
القيامة بعد هذا الموت.

الموت لا يعنى
لنا شيئا. نكون فلا يكون
الموت لا يعنى لنا شيئا ؟ يكون فلا
نكون.*
*****


اكتشافات شخصية جدًا
المعلومة الأولى:
أنا معنديش إخوات .. ولا ممكن يبقى عندي إخوات ..
ومينفعش حد يقرب مني لدرجة إننا نبقى إخوات .. هناخد على دماغنا في الآخر ومع أول قمصة هنبقى ولا عمرنا عرفنا بعض.
حتى لما كنت بأقول أنا والأمل إخوات .. الجبان سابني مع أول حبة إحباط واجهونا.
"مفيش حد صالح كله بتاع مصالح".

المعلومة التانية:
لكل فعل رد فعل مساو له في القوة ومضاد له في الإتجاه .. مفيش حاجة علميًا اسمها "هأعمل كذا علشان مش فارق"، المفاجأة بقى إن كل حاجة مهما كانت صُغيرة ومنمنمة بتفرق. أيوة أي حاجة أي حاجة.

المعلومة التالتة:
احنا هنموت.
كلنا كلنا هنموت، وحياتنا هتخلص.
أيوة الحياة دي عاملة زي إزازة المية مسيرها تخلص عادي.
هنموت من غير أي مُقدمات، يعني هتلاقي الموت هيعملك فجأة ويخرعك.

المعلومة الرابعة:
إنما الأعمال بالخواتيم.
متبقيش بتذاكري طول السنة وتيجي على أيام الإمتحانات تخيبي.
متبقيش بتصلي عشر سنين وتيجي تكبري تبطلي صلاة، مش سجاير هي يا حبيبتي.
معملناش اللي علينا 355 يومن مش مُهم، خلاص اللي راح راح، وممكن في اليوم الأخير من السنة ده نعمل كل اللي علينا وزيادة.
فعلًا من الظلم إننا نربط مصير أعمالنا ببدايتها.

المعلومة الخامسة:
الكلام ولا ليه أي لازمة، هنفضل هنتكلم من غير ما نعمل حاجة يبقى نسكت أحسن.

----------


*الأبيات لمحمود درويش

الأحد، 11 مايو 2014

نعم مازلت أُحبك ولكن أُحب نفسي أكثر



معقوصة الشعر، يميل إلى الجانب الأيسر عنه إلى اليمين، جلست تنتظره.
على مقعد بحديقة بوسط المدينة -مكانً كان يومًا يشهد اللقاءات الجميلة بينهما-، تتساقط أوراق أشجارها بيأس فوق حشائشها الهزيلة، غائمة السماء لتُناسب حزنها، وتنذر بسقوط أمطار مثلما تنذر بتساقط دموعها، بكثير من الكحل تحت عيناها ليخفي آثار بُكاء الليلة الماضية، بتتابع النقر بأصابعها فوق حقيبتها التي تحتضنها لعلها تبعث في نفسها شيئًا من الونس، أو لعلها تستشعر إهتزازات هاتفها إذا أتصل -بالرغم من أنه أبدًا لا يتصل-، جلست تنتظره.
فترة وجيزة من الزمن تفصلها عن قرار مصيري، لا تعلم الاختيارات المتاحة إليها بعد، لا تعلم كيف وصلت إلى هنا، لا تعلم حتى كيف تركت شخصًا غريبًا تمامًا عنها يكون لها كل شيء وأكثر.
يكون لها كل الحب وأكثر.
يكون لها كل الحياة وأكثر.
“وحين تغيب ،
تتوقف الحياة عن الحياة ..”
نبال قندس

تطاردها الذكريات مشاهد تُعرض في عقلها كشريط سينمائي لفيلم طويل عُمره بنصف عُمرها، مشهد أول لقاء بسترته الزرقاء وفستانها الأسود طويل الرقبة، مشهد المكالمة الأولى على استحياء، مشهد أول عشاء في مطعم على النيل، أول إقرار بالحب بجملة مسطورة بين صفحات روايتها المُفضلة التي استعارها منها، مشهد أول الوعود بالبقاء معها إلى الأبد، وما يليه من وعود بكون أمانها وسندها وأنفاسها وما يجري في شرايينها، مشهدها وهي تبكي في أحضانه بعد وفاة والدتها وهو يمسح على شعرها كفتاة صغيرة، مشاهد انكساراتها الصغيرة أمامه دون خجل، مشهد أول خلاف بسبب سفره لخمس سنوات إلى حيث يصعب اللقاء،ثم الليالي التي قضتها وحيدة معه، مشاهد تراها لأول مرة بشكل مختلف.

في تجميعها أدركت ما لم تكن تدركه، هو استولى على حياتها واحتل خفيقها، تركته يتسرب إلى كيانها بالتدريج حتى اختفت ملامح حياتها كاملةً فيه، ماتت هي يوم أحبته وولدت أخرى لم تعد تأبه بكل ما لا يتعلق به، أخرى لا تملك من أمرها شيء، أخرى لا تملك كيانًا كتلك التي ماتت والتي ولكي تحيا لابد أن يموت حُبها ذاك.

يأتي هو أخيرًا ليظهر في المشهد من بعيد، يبحث عنها بعيناه، يتعجب من كونها تتأخر وهي التي دائمًا ما تظهر قبل موعدها، يذهب إلى حيث اعتادا أن يجلسا سويًا على المقعد المواجه للبحيرة، يجد هاتفها وحيدًا ، يمسك به ليجد رسالةً بعثتها هي إلى نفسها، يقرأها، فيبتسم، ثم يرحل.