الاثنين، 26 يناير 2015

المحاولات المُستمرة للسيطرة على العالم



أجمع كل أفكاري التي تتوافد منذ أسبوعين أو أكثر، أكوِّرها وألقيها بعيدًا في خلفية عقلي .. بعيدًا عن كل ما يمكنه رؤيتها والتعبير عنها.
أتأملني، وحيدة تمامًا .. لا أستطيع الضحك بصوت عالي، ولا البُكاء لأكثر من نصف دقيقة .. لا أفرح ولا أحزن.
وحيدة تمامًا في مواجهة نفسي.
أسأل خمسة عشر سؤالًا في الدقيقة ولا أجد لنفسي إجابة واحدة.
أسأل: لماذا الكتابة عن الأحداث صعبة لهذا الحد؟
أقول لنفسي: أنتِ بخير.
إن كان للوجع وحدة فأنا سأحصل على 50% من الحد الأقصى، وإن كان لللامبالاة وحدة فسأحصل على 100%.

...


خطة السيطرة على العالم رقم واحد: نشيل إيدينا من على خدنا.

...

لماذا يا رب؟
لماذا أجدني حبيسة تلك النفس العطبة؟
لماذا إذًا لا أجد بابًا هنا .. أهرب منه إلى أي مكان غيري.
يا رب .. لست مريضة إلى الحد الذي يجعلني ساخطة، في الواقع، أنا لست مريضة على الإطلاق بالمُقارنة مع كل هذا المرض الذي يزور مستشفيات قصر العيني كل يوم متجسدًا في أشباه بني آدم، لست مريضة ولكنني لست بخير .. لست بخير على الإطلاق يا رب.
أرفض أن أصدِّق بسهولة بأن هذه هي حالتي الطبيعية، التي يجب أن أتعامل معها، وأستمر عليها.
أرفضها.
يمكنني ان أكون أفضل، أعلم هذا وحسب.
أعلم يا رب بأنني أستحق هذا وأكثر، ولكنك أرحم من أن تترك يدي الآن .. وإن أنا أفلتها.
لم يَعُد لأي شيء معنى، لا أستطيع حتى أن أنتظر شيئًا أعلم أنني قد زهدت فيه .. وأعلم بأن الأشياء حين يطول إنتظارها لم نعد بحاجة إليها، وإن نحن وجدناها في الطريق لن نُكلِّف أنفسنا عناء الإنحناء لإلتقاطها .. وسنتركها ..
وحتى إن وجدناها بين أيدينا .. سننظر لها ببلاهة ونتسائل عما يجب أن نشعر به الآن.
الحياة بائسة يا رب، وأنا لا أحتمل هذا البؤس.
أقل أنا من أن أستحق كل ما كنت أتمناه، والذي صار لا شيء الآن على كل حال.
يا رب، أخشى العلاج، لا أريد الإعتراف بأنني مريضة حقًا..

لا أريد الشكوى..

لم أعد أدري ما الذي يجب أن أكتبه في دعوة أرسلها إليك، لم أعد أدري إن كان من المُمكن أصلًا أن أطلب منك شيئًا.
أعتقد أنني يمكنني .. أعتقد أنني لن أظل هكذا إلى الممات .. هذا ما أحب أن أصدِّق.
ولكن هذا كله لا يليق بي.

...


خطة السيطرة على العالم رقم اتنين: ارمي الماضي في البحر.

...


عزيزي السيد ميم،
أرجو أن تظل شخصية خيالية، أكتب إليها خطابات في دفتري .. أو تشاركني في خيالاتي المُستمرة .. أو يصحبني طيفك حينما أتمشى في الطُرقات وأتخيَّل كل الإحتمالات اللا نهائية لأول حوار / تعارف بيننا.
كن صديقي الذي لن يكون أبدًا.
محبتي.

...

خطة السيطرة على العالم رقم تلاتة: مراسيل محبة في مواجهة العالم.

...

أمتلك دفترًا أزرق لكل الأشياء، وواحدًا أسود للأيام البيضاء، وواحدًا بحجم كف اليد للملاحظات السريعة، وواحدًا للحكايات، وواحدًا للأزمات، وواحدًا للأحلام، وواحدًا للأوهام، وواحدًا لا أكتب فيه شيئًا، وخمسة أحتفظ بهم للذكرى.
أمتلك دفاتر وأقلام وقرابة الخمسمائة صديق إفتراضي، ولا أجد من أشتكي له حين يضيق بي جسدي، ولا تعلم روحي من أين لها بمُتنفس.

...

خطة السيطرة على العالم رقم أربعة: منستناش الحاجة تحصل، نروحلها إحنا.

...

حسنًا يا رب، أريد أن أعود إلى ما كنت عليه قبل خمس سنوات وكنت أرفضه وقتها.
عرفت أنني كنت مخطئة، هل لي ان أعود؟

...

خطة السيطرة على العالم رقم خمسة: ننفذ أي أفكار لحظية في وقتها لأن العمر أقصر من إننا نراجع الحاجات اللي نفسنا فيها.

...

الإبحار في وسط المُحيط وأنت لا ترى شاطيء ولا تعرف إلى أين تريد الذهاب من الأساس، صعب.
نحن لا نحتمل التيه أكثر من أربعين عامًا يا رب.

...

خطة السيطرة على العالم رقم ستة: من لا يسأل لا يعرف / وحده من يسأل يحصل على الجواب.


...

ينادونني هبة الله يا رب، وأنا لا أدري لماذا سميتني بهذا الاسم بالذات؟
ممتنة حتى نهاية الكون، ولكنني أريد أن أعرف، لماذا؟

الأربعاء، 7 يناير 2015

العد على أصابع اليد الواحدة

سبعة أيامٍ لم تستدع حضور البهجة
عشرة وعشرة
يفصلني عن تقرير مصير ثلاثة
أحسب مرة
ومرة أخرى
أقول لنفسي كل صباح:
يبقى أن نستيقظ أربع مرات
ثلاث .. اثنان .. مرة
وفي اليوم المنشود أنام
فلا أستيقظ.

...

كم يلزم من صُحبة للونس؟
واحدة فقط ..
أحسب عشرة ولكن لا أستطيع أن أجد الواحد.
كم يلزم من دافع للهدف؟
واحد فقط ..
لم أستطع أن أجد واحدًا.

...

أكتب في ورقة بيضاء تاريخ اليوم
ثم أخبرها بخُذلان ووصية
أُلقى نظرة على تواريخ سابقة
عنواين مُختلفة
حكايات متشابهة
أكتب في ورقة بيضاء تاريخ اليوم
وأدعها دون حكاية

..

الاثنين، 5 يناير 2015

أوكتاف



أقول لنفسي: لا بأس، بخلت علينا الأقدار بالذي فرضت على أنفسنا إشتياقه ..
ربما يكون الإنتظار هو الطريق الذي يبتغي لنا أن نمشيه لنصل..
ربما من تعجل شيئًا قبل أوانه، عوقب بحرمانه فعلًا كما يقولون..
لكن، كيف يكون التعجل تعجلًا ونحن نفقد قدراتنا على الحاجة بالتدريج، وربما لو انتظرنا حتى نصل، نصل دون ذرة حاجة واحدة.
تقول لي نفسي: ولكن نحن أسئنا الفعل على كل حال.
أقول: نعم، ولكن الذنب لا يقع علينا وحدنا ..
أرى بأن النقص يسعى لإفناء نفسه في الإكتمال، بأي صورة، في حُلم يقظة صباحي أو محاولات إرضاء كاذبة.
تقول: ولقد وعدنا بألا نسير في هذا الطريق مُجددًا.
أقول: وعُدنا، وما أنا بأدرى مِنكِ بما يجب علينا أن نفعله الآن ..
فقط لو أن المنشود يأتي، ربما انتهى كل هذا وحده.
تقول: سننتظر أن تحدث المعجزة إذن أو نُكمل في القضاء على حسناتنا واحدة واحدة حتى تفنى جميعها أخيرًا.
أقول: وقد  فنى ما فنى، ولا أدري إن كان هناك سبيلًا لإستعادته .. ولا أدري أيهما أسوأ؟ أن أتقبل الأمر الواقع كما هو، أم أشمئز منه وأنكره وأنكرني؟
تصمت تمامًا.

...

أدفع بنفسي من على حافة التعقل دفعًا، ألقي بها في هاوية / مُنحدر له نهاية لا أرتضيها، ولا أرتضي أن أرتفع.
تختفي معالم الحياة من حولي إلا من نبضٍ ونفس.
تدور الأرض بي أسرع قليلًا من المُعتاد.
أود لو أنني أرتمي فتأخذني أرضية الغرفة بالحُضن، فتكون الأصدق على الأقل.
يجري الدم في أوردتي .. يقف أمام صمامات القلب في كل دورة .. يسأل هل يستحق الأمر عبور آخر؟ تتكفل العناية الآلهية بالأمر فيمر، ولكن تتخلف كرة دمٍ في كل مرة .. تبقى لإستقبال الضربة القادمة، علها تنسحق.

...

يمر التيار من هنا، لا أرى الهواء بالطبع، لست بهذه الشفافية، أرى أثر مروره على "تندات" الجيران .. أقف أنتظر أن يصلني، ولا أجد شيئًا.
أبحث عن نغمات تخفف من ثقل العالم على قلبي، أجد بعضًا من كمانٍ وناي وآلات أخرى لا أعرفها/ أميزها .. ترتفع النغمات واحدة تلو الأخرى وأنزلق أنا من بينها لأرتطم ببرودة الأرض وحقيقة أنني لست درجة نغمية مثل دو أو ري لأتهادى في مُحيط خُماسي الأبعاد وأتحول إلى صورة طاقية أخرى، ربما شعلة نور لا يراها أحد.

...

رأيت فيما يرى النائم وجه، أخبرته بخوفي كله ورحلت.
لما استيقظت لم أتذكر سوى وجهه.
...

أصمت تمامًا.

الخميس، 1 يناير 2015

2015 .. إيه؟



لسبب ما -مش معروف علميًا- البني آدم مننا بيميل دايمًا لإنه يستنى أوائل الحاجات علشان يبدأ يحقق أحلامه. بيستنى أول الشهر علشان يسافر، أول الأسبوع علشان يلتزم بمواعيده، ولو الساعة ستة وربع هيستنى الساعة 7 علشان يبدأ يذاكر، ولو جت سبعة وخمسة هيستنى للساعة تمانية .. وبالتالي بيستنى أول السنة الجديدة علشان ياخد قرارات مصيرية مهمة وحاسمة مش هينفذ منها أي حاجة غالبًا، وبمبدأ "ومن أول يناير خلاص هأشيل حديد" .. بيتخيل إنه هينام يوم 31 ديسمبر بليل فيصحى يوم واحد يناير الصُبح إنسان جديد خالص بيلتزم بأولوياته وبيدي كل حاجة في حياته حقها، وبيخلص المشاوير المتأجلة ويحقق الأحلام المركونة في الدولاب من سنتين تلاتة .. ومن النهاردة مفيش غير رياضة ودايت ودايت ورياضة .. وبيزيد إقباله على الحياة لمجرد إن رقم السنة اتغير. أول شهر إحتمال فعلًا إنه يبقى مختلف وماشي على الخطة المنشودة بضمير مستريح ونفسية مقهورة من التغيير الفجائي ده، غالبًا ممكن يستمر كويس لفترة، بس الأكيد إنه في آخر السنة العظيمة دي وفي يوم 31 يناير هيفكر في السنة الجديدة اللي هيحقق فيها كل الحاجات اللي معرفش يحققها السنة اللي فاتت.

ولأن فيه فرق كبير بين الإنسان اللي إحنا بنكونه دلوقتي والإنسان اللي عايزين نكونه بعدين، مينفعش ناخد الفرق ده كله في نطة واحة بين يوم وليلة كده. وعلشان بنحب نستخدم شماعات كتير نعلَّق عليها طموحاتنا مينفعش نفضل نستخدم نفس الشماعة بتاعت "من أول يناير" دي.

لكن مهما بان علينا إننا مبتغيرش، أو إننا زي ما إحنا، فـ ده مش صحيح، الحقيقة إحنا بنتغير كل يوم وكل ساعة، بس بالتدريج ..زي حدوتة الضفدع اللي فضلت المية تسخن بيه وهو مش حاسس لحد ما غليت ومات فجأة، والضفدع التاني اللي أول ما رميناه في مية مغلية نط منها على طول لأنه أدرك الفرق في وقتها. والتغيير اللي نفسنا نحققه بإننا نرمي نفسنا في مية واقع مغلية فجأة ده هيخلينا ننط منه بسرعة ومنستحملش نكمل، مع إننا في واقع الأمر شخصياتنا بتتغير ومش حاسين، وده ملوش علاقة بالخطة المركونة بقالها سنين.

إيه الفكرة في إننا نستنى لحد السنة الجديدة يعني؟ عايز تعمل حاجة دلوقتي إعملها أيًا كان اليوم والشهر والسنة والقرن اللي عايش فيهم. صحيح إن أغلبية الناس بتقرر تتغير في أوائل السنين وده بيخلق جو إيجابي مُحفِّز أصلًا لإنك تتغير إنت كمان، لكن إيه أفضلية يوم في حياتك على يوم تاني في حياتك، وكلهم سواء؟ ده يوم بيتحسب من عمرك، وده يوم تاني بيتحسب من عمرك برضه. ده 24 ساعة بالتمام والكمال، والتاني كذلك.

طيب عمرك فكرت إن تاريخ اليوم اللي إنت بتعيشه دلوقتي ده عمره ما هيتكرر تاني في التاريخ؟ مفيش يوم تاني هييجي شايل نفس الأرقام دي، ودي مُناسبة مُهمة جدًا تستحق إنك تحتفل بيها كل يوم.
وبما إن السنة الجديدة بتجدد الأمل فينا فمفيش مانع نبدأ بقى، بس بالتدريج، منحمِّلش نفسنا فوق طاقتها ونرغمها على إنها تعمل حاجات هي لسه مش متعودة عليها .. إنما الحلم بالتحلُّم.

ربنا يجعلها سنة سعيدة علينا، ويجعلنا ناس سعيدة فيها.

الاثنين، 29 ديسمبر 2014

جدل الأحلام ع الكسَّارة



دخل الشـتا وقفـل البيبان ع البيوت

وجعـل شـعاع الشـمس خيط عنكبوت
وحـاجـات كتير بتمـوت فى ليل الشتا
لـكـن حـاجات أكتر بترفض تمـوت*
.
.
.

رفيق الأحلام المؤجلة والواقع اللي بيدينا بالجزمة/ علي

إزيك كده؟
أنا عارفة إن بقالي كتير مبحكيش، بس إنت كمان بقالك كتير مبتسمعش، وما بتقوليش على شيء يسندني في وسط العك..
أنا منسيتش أبدًا والله، ولو عندك شك، خلي عيونك معايا لحد آخر الرسالة الإلكترونية المزعومة دي..
أنا فعلًا بأمشي جوه الحيطة..
تعرف؟ أنا مبقيتش أقدر أقول حاجة ..
بأحوَّط قوقعتي بكل الونس اللازم وديكورات خيالية وناس وهميين، بأتكلم معاهم جوه دماغي، بأأجل رغباتي المكبوتة في زلابيا بالسكر أو حتة دوناتس وكوباية نسكافية مظبوطة .. للا شيء يا علي .. للا شيء.
بقيت بأسهر كتير والليل بيطول معايا .. بنوَّنس بعض بحواديت أفلام ومزيكا وساعات أكلات مُعتبرة من بره البيت ..
الدنيا بره أوضتي بقت سخيفة جدًا يا علي ..
مين يقدر يكون غير نفسه؟
وأنا عارفاني خلاص دلوقت .. سيادتي مبتحبش ذلك العالم الكئيب الكامن بره باب أوضتها الأكورديون ..

...

متغربين إحنا جدًا بقى يا أخويا ..

بأكره إحساس إني تعبانة أوي، بأكره العيا والأدوية والدكاترة.
ومبحبش في الدنيا أكتر من إني أصحى يوم الصُبح ألاقيني عارفة أتنفس ومفيش حاجة بتوجعني ..
أو إني أنام أصلًا من غير ما أصحى في نُص الليل من التعب ..
ونفسي في يوم من الأيام أقدر أخفف وجع الناس بجد يا علي.


صحيح، أنا خلاص عرفت اللعبة ماشية إزاي، إحنا بنجرَّب سلسلة من المشاعر من غير ترتيب مُعين بس بنعدي عليهم كل مرة بإستمرار، الموضوع شبه الدايرة، إكتئاب، خوف، توهة، ...
الدور المرة دي ع الوحدة.
وأنا كوكب ماشي لوحده ومفيش للوحدة حدود** ..


....


بأتبسط بحياتي كواحدة عندها اتنين وعشرين سنة إلا كام شهر، بتكبر أسرع من المتوقع وبتحارب العالم بشوكة حلويات صُغيرة بلاستيك.


بأواجه العالم بعنين نعسانة وملامح بهتانة، ولوني بيبهت كل يوم عن اللي قبله، مبقيتش بأحس إني مكتئبة أو زعلانة، مبقيتش فارقة. بألاقي جسمي بيشتكي بأعراض مختلفة وكأنه بيحاول يقولي إني مش كويسة وإني لازم أعمل حاجة، بينبهني بطُرق مختلفة بس أنا حقيقي مش عارفة أعمل إيه علشان أبقى كويسة وهو مش بيساعدني بحلول.

بأفكرني بكل الحاجات الحلوة اللي بتحصل من وقت للتاني، بأغمض عيني عن كل الوحش اللي حواليا علشان مفيش فايدة ومش هيمشي وهيفضل مكتفني، بأتعامل مع حياتي بإيجابياتها وسلبياتها وكأني مليش علاقة بيهم.

....

البدايات صعبة، والتكملة صعبة، والمحاولة صعبة .. في الحقيقة، مفيش حاجة في الدنيا سهلة.

شايف عملت إيه فينا السنين؟ فرقتنا .. غربتنا .. رجعِّت فينا الحنين ..
متخيل نفسك فين بعد خمس سنين -أسخف سؤال إنترفيو في الدنيا- ؟
لو هأتكلم على كمان عشرين سنة كده، ومع الخطة اللي المفترض نمشي عليها، ولو هنبقى متخرجين وبنشتغل ومتجوزين وإحتمال نكون جبنا للعالم البائس ده كائنات أرضية أبئس منه .. وبنحاول نعمل حاجات يفتكرونا بيها قبل ما نموت، أو يمكن نكون مُتنا ورحنا في مكان تاني وجسمنا اللي بنستخدمه دلوقتي ده ينام في التراب ..
أفكار مُبهجة نبدأ بيها السنة زي ما إنت شايف ..
المُهم، عايزة أقول إني أحيان كتير مبصدقش إني عايشة يا علي، مبفهمش يعني إيه أنا كائن ليه إرادة وجواه روح وبيتنفس لوحده وعندي حاجات جوايا مسئولة عن إنها تخليني أفضل عايشة وشغالة لوحدها كده من غير ما أقولها، بس اللي استغربله أكتر كون فيه حاجات خاضعة تحت أمري أنا وأنا اللي بأتحكم فيها .. زي الحركة والكلام ..إلخ.
مبفهمش يعني إيه عايشة .. مع إني عايشة!
أهو ده بيخليني مفهمش برضه يعني إيه هأموت، هو أنا كنت فهمت يعني إيه عايشة أصلًا لما أفهم يعني إيه مش عايشة.

بس لو على الأفكار المُبهجة، فيه .. مثلًا لحظات لما بنلاقي الدنيا بتدينا فُرصة جديدة نصلَّح بيها العك اللي عكيناه قبل كده ..
لما بنلاقي الدنيا رضيت عننا شوية وبطلت تطلعنا من نُقرة لدُحديرة ..
لما بنرقص .. دي من أحلى الحاجات المُبهجة على الأرض .. أنا حتى بأسأل لو فيه عندنا حاجة شبه كده فرقة عروض رقص في الكلية بس مش عارفة أوصل لسه، بس مصيري هألاقي حاجة أرقص فيها في براح أوسع من مساحة أوضتي ..


بالحسابات الأرضية داخلين في الـ 2015 وبنكمل سكتنا في الـ 22 سنة ..  22 سنة .. إحنا كبرنا أوي.. كبرنا بسرعة.
أنا مش عايزة أكبر وأبقى من الناس الكُبار اللي بيشيلوا مسئولة، فيه مقولة لأحمد خالد توفيق بيقول :" أتمنى أن أبكي و أرتجف , التصق بواحد من الكبار , لكن الحقيقة القاسية هي أنك الكبار! .. أنت من يجب أن يمنح القوة و الأمن للآخرين."

تفتكر منين يجيب الواحد حاجات يديها للناس اللي حواليه؟ طاقات حب وسلام يصدرها للعالم وهو جواه كآبة وبؤس وإحباط .. لو هأتمنى حاجة في 2015، هتبقى إني أبقى قادرة اتعامل مع الواقع من تاني من غير ما أحس إنه مبيعنينيش في شيء.. أتعامل مع الناس من غير ما أحس إني مش محتاجاهم..

مش عارفة عندي حجات أحكيهالك عن السنة اللي فاتت ولا لأ، لأني حاسة إني حكيتلك كل حاجة ..
بس عارف؟ مبتمناش إنه كان يحصل عكس اللي حصل، الحدوتة كده ماشية كويس.

أنا كان نفسي السنة اللي فاتت في حاجة، محصلتش، وحصلت حاجات يمكن أحلى بكتير.. فأنا مبقيتش عارفة أتمنى إيه للسنة الجديدة ..
هو يا ترى إحنا اللي بنعيش الزمن ولا الزمن هو اللي بيعيشنا زي ما قال على الحجار؟ أو زي ما قال وائل جسار أيام وبتعيشنا وفاكرين إننا عايشين.

....

أنا كنت فاكرة زمان إني جاية هنا أغيَّر العالم .. بس فعلًا لما كبرت شوية عرفت إن أنا هأبقى عظيمة بجد لما أخلِّي العالم ميغيرنيش.
مفيش حاجة مُمتعة في الدُنيا قد إنك تُقف في وش المفروض واللازم وتتحداهم .. مفيش أصلًا حاجة مُمتعة غير إنك تعمل الحاجات اللي شبهك، مش الحاجات اللي العالم عايز يلبسهالك على مزاجه.
....


*  عم
چاهين
** عمر طاهر

الجمعة، 26 ديسمبر 2014

متلازمة السجين

لونٌ أبيض ساطع يطغى على كل شيء، خطوط سوداء متداخلة تبدأ في الظهور، لا يبدو أنني أرى بشكل جيد. خطوط متوازية ملوَّنة ولكني لا أستطيع تحديد لونها. يبدأ وجه إنساني بالظهور في مجال رؤيتي، لا أتعرف عليه ولكنه يبدو مألوفًا. محاليل مُعلَّقة وأسلاك مُتصلة بها. نور يأتي من مصباح كبير موجه إليَّ بالضبط. أغمض عيناي وأفتحهما بعد قليل ومازلت لا أرى جيدًا، أحاول أن أجول بعينيا في المكان ولكنني لا أرى سوى ضباب يطغى على الصورة أمامي، أماكن مضيئة وأخرى مُظلمة. أنتبه لصوت يقول "مرحبًا"، أتوجه ببصري إليه، أسأل "كم مضى عليَّ .." وقبل أن أكمل أرى طبيبين يتحدثان على بُعد خمسة أمتار مني، "رض قسري على الرأس.. ومنذ الحادث عجز عن..". أسأل "لِم أعجز عن النهوض؟ وما خطب ساقي؟" .. لا أحد يلتفت إليَّ. أُكمِل "لماذا لا يجيبني أحد، ألا تسمعونني؟" يأتي طبيب ذو شعر أبيض ولحية خفيفة، ممتليء قليلًا، ويقف أمامي قائلًا "قلب رائع للزرع". رباه، إنهم لا يعلمون بوجودي أصلًا!

أسمع صوتًا آخر يأتي من على جانبي الأيمن، "إنك تخرق أغلب القوانين الأخلاقية والمهنية، إذ تنتزع قلب رجلِ مازال حيًا". ألتفت إلى مصدر الصوت وأهتف "شكرَا لك!" فإذا بي أجد الطبيب الذي يريد الحصول على قلبي يجيبه "هلا عُدت إلى سريرك يا أستاذ رجاءً". يأتي الصوت الأيمن "في الواقع أنا طبيب". يقاطعه سارق القلوب "أنت هنا لأنك كنت في حادث، وليس لأنني طلبت إستشارتك. هذا الرجل ميت دماغيًا، الموجات الدماغية الصُغرى لا تعني أنه حي. لا تتعب نفسك." تفاجئني كلماته فأصيح "لا! أنا هنا، كيف لا يمكنكم إدراك أنني حي!" يُكمل قائلًا "لم يستجب القلب للتحريض بالألم أو الحرارة أو البرودة". أدور ببصري في المكان الذي أدركت بأنه مشفى بعد أن تحسنت رؤيتي قليلًا ولا أستطيع تمييز سوى طبيبي الذي يجزم بأنني ميت، يأتي صوت مُنقذي من اليمين "إذن لماذا تتبعك عيناه؟" أصرخ "استمع إليه أرجوك!" يجيبه "حركة التتبع منعكس لا إرادي، أنت طبيب ولابد أنك أعلم بهذا". يظهر وجه صاحب الصوت الأيمن أمامي أخيرًا، ذو وجه طويل يظهر عليه آثار لجروح صغيرة متفرقة وعيون بنية واسعة، يبدو أنه يخاطبني هذه المرة، قائلًا "وأنا كذلك أعلم بمتلازمة السجين... اطرف بعينك إن كنت تسمعني."
أجيب بسرعة "أنا أسمعك!" .. أتذكر أنه هو من لا يستطيع سماعي، أحاول أن أستجمع قواي لأطرف، فعلتها!

يفحص طبيبي عيناي بكشاف نورٍ صغير، ليعلن بعدها أن حركتهما إرادية، ويقتنع أنني مازلت على قيد الحياة،  يطلب مني أن اطرف مرة للإيجاب ومرتين للنفي. يسألني الطبيب المُنقذ "ما هو الجذر التربيعي لتسعة؟" .. أطرف ثلاث مرات. "الدماغ يعمل بكفاءة". يخبرني الطبيب الذي كان يريد إنتزاع أعضائي "لقد ابتليت بحادث تسبب في أذية جذع الدماغ مما يحجب قدرة دماغك على الإتصال بسائر أعضاء الجسم. مازالت هناك حركة في عينيك، يمكننا وضعك في مصحة حيث تتعلم كيفية التواصل .." سيدعونني إذن عالقًا هكذا. يُعطيني الطبيب الآخر أملًا جديدًا "سكتة، أو ورم، أو حتى عدوى بسيطة قد يكون سببًا في الحادث، وكل ذلك قابلًا للعلاج". يطعن طبيبي الأمل بسكين قائلًا "لابد أن يتقبل ما حدث له ويعمل على إستغلاله بالشكل الأمثل".  

أتأمل سقف الغرفة الصغيرة التي وضعوني بها، وربما لن أستطيع أن أرى سواها لفترة لا أعلم كم ستطول. كنت مُدركًا تمامًا لما يحدث في محيط الغرفة. سمعت الطبيب يحادث أحدًا قائلًا "بغض النظر عن الحادث، جلطة في الشريان القاعدي أو نزف دماغي من الممكن أن يكون سببًا في الحالة. لكن المسح الطبقي كان نظيفًا." يُكمِل "والرنين المغناطيسي أيضًا لم يُطهر أي أورام دماغية". يبدو أنني سأظل هكذا لفترة لا بأس بها قبل أن يكتشفوا ما الذي حلَّ بي.
أفتح عيناي ولا أدري متى أغمضتهما، لأعلم بأنني أعاني أيضًا من فشل في الكبد، وأنني قد اجتزت نوبة للتو. أحاول أن أخبرهم بأنني قد يأست، لا أريد أن تستمر حياتي على نفس المنوال، أريدها أن تنتهي بسلام لا أن أعيش ولا أستطيع التواصل مع العالم إلا من خلال طرفة عين. ولكنني لا أستطيع سوى أن أغلق عيناي وأفتحهما.
يظهر أمامي وجه طبيبي الآن "اظهرت التحاليل فحص إيجابي لـ  ... لقد دمرت العدوى كبدك، مما حرر سمومًا وأصابك بمتلازمة السجين. سنضعك على العلاج الصحيح". أهمس أن أتمنى أن يكونوا محقين، أو ليُخطئوا وينهوا على ما تبقى مني.

"حاول تحريك اصبعك" يظهر الطبيب موجهًا كلامه إليَ، بعد ثلاثة أيام هم الأسوأ في حياتي على الإطلاق. "على دماغك أن يعتاد عمله مجددًا، حاول أكثر. أنا واثق أنك فقدت الأمل، ولكننا عرفنا ما بك الآن". أحاول أن أرسل أمرًا لإصبعي بأن يتحرك. تحرَّك .. تحرَّك الآن. تظهر أمامي يد الطبيب وقد أمسك بيدي وأرى إصبعي يتحرك بالفعل. "مرحبًا بعودتك" يقولها ويرحل.

...

Dr.House Season 5 Episode 19

الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

الحرب التي لا تبدأ أبدًا

أكتب لعلي استقر.

لا يخبرني أحد بشيء لأنه ليس هناك أحدًا سواي.
لا تخبرني نفسي بشيء.
أراني أدفع بالزمن ليمر، أراني لا أهتم بما سوف يحدث.
أعلم أنه أيًا كان لن يكون كافيًا.
لقد خسرنا أحلامنا وضاعت ولن يعوضنا عنها أيًا ما كان.


أكتب لعلي أعرف ماذا يدور بالعالم، وبي.

أنتظر أن أشعر بشيء يمكنني التعيبر عنه.
أنتظر أحداثًا أسردها لأستعيدها يومًا عجوزًا بشعرٍ هزمه الشيب.
أنتظر أن أقف فجأة لأقول "وجدتها!"

أكتب لأنني لا أدري ما يمكنني أن أفعله سوى ذلك.


...


أحتاج إلى ما يربطني بهذا العالم قبل أن أنجرف بعيدًا عنه تمامًا فلا أستطيع العودة.

أكاد أمتلك من الغُربة مقدار جاذبية عطارد، أو ربما أكثر.
أنسى أنني يجب أن أواجه كل ذاك في وقت ما.
أنسى أنني في حالة حرب، وأُعلن هُدنة زائفة طويلة.
أحتاج إلى مدد، إعانة ما تُعينني على أن أبدأ الحرب مرة أخرى، أو بالأصح أبدأ في أن أبدأها.
إشارة قد تُفيد، محطة إنتظار، أي شيء.
لماذا يضيق العالم بنا إلى هذا الحد؟
أكنا ممن نُسيوا وخُلقوا وحدهم، في وسط فراغ لا نهائي؟

...

أسير ليلًا وحدي بخطوات سريعة ومتباعدة نسبيًا، تحت ضوء أصفر يميل إلى الإحمرار يفترش الأرض، أراقب ظلي وهو يسبقني إلى جهة لا أدركها بعد، أهمس "يا رب، ناس حلوة، آمين".