الأحد، 27 أبريل 2014

هي



بسماعات الأذن خاصتها فوق أذنيها، وبأصابع يديها التي تنفر عروقها خضراء اللون منها، نقرت مرتين فوق أيقونة أغنيتها المفضلة أنه تبدأ لتسمعها، ودون أن تدري مقصدها راحت تعدو بأطراف أناملها الرفيعة فوق لوحة المفاتيح لتجمع حروف اللغة الثمانية وعشرين بترتيب مختلف ومسافات غير منتظمة فتكون جُمل قصيرة تصف حالتها الآن، دون غاية.
"نص راحة" همست أصالة بأذنيها، لتوحي لها بأنه ليست الحياة هي الكمال، فما هي إلا نصفٌ نحصل عليه الآن ليقرر ماهيه النصف الآخر، الذي لا يتساوى مع الأول.

كم هي بعيدة الآن عما يسمى الآن الماضي، ولكنه مازال يسيطر عليها، على كيانها على وجه التحديد. فكيف لبضع سنوات أن تتحكم بمصير فرد؟ أو الأسوأ، بأحلامه.
لا تعتقد هي أنها ستجد حبًا صافيًا كالسابق الذي لم تنتظر منه شيئًا أبدًا سوى مثله. دون متطلبات الإرتباط وما شابه.

سئمت نشد التغيير دون تغيير. سئمت القرارات المؤجلة، والوعود التي تبقى وعود.
لم تعد تعرف ما الذي يمكن أن يُرضيها، فلم تعد قادرة على تحديد ما يسعدها حتى، ما الذي يمكن أن تنتظر أن تناله من الدنيا؟ وما الذي يمكن أن تعطيه لها الدنيا أصلًا لتنتظره؟
لعمري أنه لو نالت كل ما تمنته يومًا، حتى ذلك الحب الذي كان يومًا، أنها لن ترضى.
تذكرت دعاءُ ما كانت تدعو به في كل سجدة -أيام ما كانت تحرص على الصلاة- أنه اللهم ارضني وارض عني.

ولم ترض، ولا تعلم إن كان الله قد رضي عنها، ولكنها لا تفعل ما يستوجب الرضى، ولم تسعى كما يجب، بل إنها -حتى- لم تسع أصلًا.

وبالرغم من كل ما سبق، تبقى هي كما هي، ولا تحاول أن تتخلص منها، لتأتي بأخرى سليمة تستطيع أن تنهض بمواجهة العالم.
"أحبيني بطهري أو بأخطائي" يتغنى القيصر بكلمات نزار الآن في أذنيها، وهي تفكر أنه سيكون جدًا جميل لو أنها استطاعت أن تحب نفسها بطُهرها أو بأخطائها، هي أمرأة بلا قدر في مدينة شبعت من الموت. أقلت امرأة؟ لا هي ليست امرأة، هي مازالت مراهقة صغيرة، مازلت طفلة، تتسائل كيف وتتلعثم خجلًا وتتساقط خوفًا. لا هي ليست امرأة بالطبع فمازالت تبكي حينما تُترك وحدها. مازالت تخشى الظلمة وتطلب من أمها أن تحكم الغطاء حولها ليلًا كي لا تتسل العفاريت إليها. مازالت تطلب من كل من يعرفها أنه "اسألوا عليا"، وحينما لا يفعلون تسألهم ببراءة فتاة تعلمت الكلام للتو "انتوا بتكرهوني؟"

هي تمتلك من الهشاشة ما يشبه خيوط العنكبوت، متقنة الصنع وجميلة، صامدة في مواجهة مثيلاتها من الكائنات الدقيقة، وتنهار تمامًا في مواجهة البشر.

هي التي تكتب وتمسح ما كتبته، وهي التي تكتب لتنسى، لتزيل عبء الذكريات من فوق قلبها لتفرغه على الورق وتحمله بعيدًا بعيدًا عنها، فأجدها تكتب عن كل ما يسيء إلى روحها ولا تكتب عما يسعدها. هي التي تبقى هي. هي المُرهقة حقًا.

هي أنا ولا يوجد علاج لذلك.

الخميس، 24 أبريل 2014

وقفة تحرير سيناء




أعصابي تعبانة، لدرجة انها بتنطور كيميكال ترانسمترز في كل حتة في جسمي، لحد ما بقيت عاملة زي الجيلي، روحي بتترعش.

----------

الله يرحم الراجل اللي كانوا شايلنه في صندوق معدن وبيجروه بره مستشفى القصر العيني، ووراه تلت ستات بيصوتوا، ربنا يغفر لهم الصويت ده كله وميعذبش الميت بيه، ومنظر الست اللي بتجري عليه / على الصندوق وبتصوت، هيفضل في بالي كتير، ربنا يرحمه ويرحمهما ويرحمنا جميعًا، بس هي ليه كانت بتصوت أكتر ما بتعيط؟ يعني الواحد لما بيتعصب بيزعق ولما بيتصدم بيعيط، هي ليه كانت متنرفزة أكتر ما زعلانة؟
وليه أنا عارفة إني مبستحملش وبرضه وقفت أراقب المشهد بتفاصيله، وكأني بأختبر نفسي وأشوف هأنهار ولا لأ، كأني بأقول لنفسي: "انتي هتشوفي المناظر دي كتير، شايفة؟ إنتي هتعيشي فيها، متخيلة المأساة؟"

----------

شكرًا يا رب إني معنديش إخوات، شكرًا إن كل حاجة بتاعتي لوحدي مهما كانت صغيرة، وإني مفيش حد يشاركني في حياتي، شكرًا على الونس من غير إخوات.
أنا مبحبش أحكي عن حاجة بأعملها لحد أصلًا، بأخاف من المقاطعة يمكن، الحسد جايز، مبحبش أقول لحد عني حاجات كتير أوي كده، لا وهي بتتعمل يمكن متكملش، ولا لما بتتعمل علشان أوانها بيبقى فات.

----------

كل الناس بتتدخل في حياة كل الناس بطريقة تضايق كل الناس. مواقع التواصل الإجتماعي اللي المفروض تقربنا من بعض دخلتنا جوه بعض لدرجة اننا كلنا بقينا شخص واحد ليه اهتمامات واحدة بيسمع فيروز وبيشرب قهوة وبيحب الأندرجراوند والحياة كلها بقت ماينستريم. بقينا نسخ ماشية على الأرض، مفيش أي حد مميز عن التاني، حتى صورنا بقت شبه بعض، كلنا بنتصور بنفس النظرات في نفس الاماكن وبنفس الطريقة، كلنا بقينا بنتصور علشان نحط الصور على مواقع التواصل الإجتماعي اللي حبستنا جواها وبقينا بنعيش حياتنا من خلالها، مبقاش فيه حد بيكلم حد علشان يرغي معاه لأنه متلأح طول اليوم قدامه ع الواتس آب والفيسبوك، لما بتكون على تويتر حالتك المزاجية بتتأثر بما يسمى التايملاين، الناس كلها بتتكلم في نفس ذات الموضوع في نفس ذات الوقت.

طب وبعدين؟ منقدرش في الوقت الحالي اننا نستغني عن مواقع التواصل الإجتماعي دي لأنها تعمقت في حياتنا بشكل خلّى دراستنا وشغلنا مرتبطين بيها، وأخبار كتير بقينا نعرفها بس من عليها حتى قبل ما تتقال في أي نشرة أخبار في أي حتة. منقدرش نستغنى عنها طبعًا، لكن أكيد فيه بديل.

هنعرف امتى ان المسئولية اننا نكون مبسوطين وشاطرين بتقع علينا احنا مش على حد تاني؟

----------

أنا خايفة أوي، ومرعوبة، ومكسورة، وحاسة إني مش حاسة بحاجة وده محسسني بالضيق، وعندي إحساس إني بأتلاشى وبأدوب، زي الملح في كوباية ميا، أو بأنشف زي نفس الملح اللي في كوباية المية لما هيتحط في الشمس والمية هتسيبه وتتبخر، عامةً أنا مش مظبوطة، فيه جوايا ألم غريب مش عارفة أوصفه، ربما هو ألم إفتقاد، وربما  هو ألم حنين، أو ألم للحزن على ان مفيش حاجة نفتقدها ونحن لها.

أنا بأخلص في آخر أيامي كفتاة عشرينية واقفة في نُص حياتها بكل ثقة وبتبتسم وبتطلع لسانها للدنيا وهي عارفة إن الإحتمالات في صالحها وإنها هتعرف تعيش شوية كمان لو ربنا أذن بكامل قواها العقلية والجسدية، هتعرف تعمل كل الحاجات اللي عايزة تعملها، ومفيش حاجات كتير ممكن توقفها أو تمنعها. وبأتحول ببطء لشابة كبيرة دخلت في مشوار التلاتين، السن الرخم في الحياة، بتاع الشغل والتعب والمرمطة واختيار طريق هنعيش فيه لحد ما نموت غالبًا. أنا عايزة أتنيل أشوف هأعمل ايه في باقي السنين اللي هأعيشهم في المخروبة دي، هأتنيل أعمل ايه في حياتي، انا مش مقتنعة خالص بالمناسبة إني في طب، أنا مش شايفاني دكتورة، ولا شايفاني أي حاجة في الدنيا. أنا عايزة أمدد على الأرض وابحلق في السما الأيام اللي فاضلالي من عمري كلها لحد ما أموت وأتحلل وأبقى تراب.

----------

"ولو ننسى مشاعرنا نكلم مين يفكرنا؟"
علشان كده الكتابة مهمة يا عزيزي، احنا ملناش غير بعض، والكلام اللي كتبناه بإيدينا هو اللي بيفضل معانا على طول.

"يا طول عذابي في بعدي عنك .. يا كتر ما بأعاني.."
يا رب .. يا رب بس تكفي وتغني.

يا رب.

--------------------------------------

ملحوظة 1 : بُكره -عيد تحرير سيناء- هو عيد ميلاد أمي، واللي ناوية أجيبلها هدية حلوة، بس نودي الكسل فين ونجيب منين الصحة؟

ملحوظة 2 : أنا محتاجة أبعد عن هنا شوية، شوية كتير.

الثلاثاء، 22 أبريل 2014

صفر على اليمين






إهداء للبنت الجميلة حنان، اللي قررت إني أسميها كده في مذكراتي لعل وعسى يكون ليها نصيب من اسمها اللي اختارتهولها.
البنت اللي لابسة عباية وحجاب وهي بالظبط شبر ونص، البنت اللي بتبيع مناديل للناس الساعة 6 الصبح في الشارع.

اهداء تاني لرفيق التوكتوك النهارده، اللي صوته فكرني بصوت جميل، واللي قال جملتين بس خلوني أحب شخصيته من غير ما أعرفها، واللي مرضيتش أبصله أشوف وشه علشان معرفش شكله واحفظه وأقعد أدور عليه بين الخلق ويزورني في أحلامي، وأحب أقولك أيوة والله عندك حق يا باشمهندس البلد كلها ماشية عكس.

تقريبًا الأيام الكويسة هي اللي مش بننام قبلها كتير، بس بنكون فيها على أسوأ حال ممكن نكون عليه.
النوم في الدروس بقى عادة عندي خلاص، مش نايمة كويس بأروح أنام وأحلم في الدرس، وأهو اسمي حضرت وأحط صوابعي في عين ضميري علشان يبطل زن.
وشاكرة جدًا على الساعة اللي قعدتها مع سارة، اللي من غير ما أعرف سبب معين بألاقيني دايمًا بأشكيلها همومي، مع إني مش بأقتنع برأيها خالص ولا عمري لو فكرت هأحكيلها. لكن الموضوع مش بيتاخد كده، سارة تقريبًا هي البنت الوحيدة اللي قابلتها بتعرف تسمع، أو تحسس اللي بيتكلم انها سامعاه فعلًا. يمكن ده سر حبي ليها أصلًأ.

حكمة اليوم: إن المشرحة بتجيبلنا إكتئاب. أنا تيقنت إني أيام سيكشن الأناتومي بأكون مغمومة بطريقة غير مألوفة بالنسبة لي، أكتر من كل الأيام. يمكن لأن سيكشن الأناتومي كان عقدتي السنة اللي فاتت؟ يمكن لأني مبحبش الجثث والفورمالين وفكرة اننا عمالين نقلب في احشاء بني آدمين سابقين؟ يمكن ولا حاجة من دول بس لمجرد إني بأحس إني مش مذكرة ومش عارفة حاجة وبأحس بالفشل؟ مش عارفة. بس المهم إني بأكره المشرحة وعارفة إني بأكرهها ومش مستعدة أصلح علاقتي معاها، وياريت علاقتنا تنتهي تمامًا الشهر ده بعد إمتحان العملي، ده عشمي في ربنا.

أنا بتاعت جوابات، أنا مش بأعرف أتكلم، ولا عدت قادرة أسمع حد. علشان كده الوسيلة المثلى للتواصل معايا هي الجوابات، وده اللي بيحصل مع ريم في جزيرتها البعيدة، بنتكلم مع بعض في جوابات، وبالصدفة، بطلنا نكلم بعض.

الحكاية اني فعلًا بأرتاح جدًا وأنا بأعمل الحاجات اللي بتبسطني لوحدي، بس محتاجة أبقى عارفة إن الوضع ده أنا مختاراه بمزاجي مش مفروض عليا، يعني بمعنى أصح، أنا لوحدي علشان عايزة أكون لوحدي، مش علشان مش لاقية حد حواليا ومعايا فالوضع اتفرض عليا.

إزاي قدرت أمنع نفسي من التقليب في الكتب في معرض الساقية؟ مش عارفة.
إزاي بطلت أشتري كتب جديدة، زي 1919، مش عارفة.
إزاي أصلًا بطلت أقرأ ومبقاش عندي شغف مستمر، فترات قرائة متقطعة، مش عادة ثابتة، مش عارفة..

صوفي بوك ستور إز آ بيرفيكت بليس تو بي آلون، أو مع حد بتحبه أوي. أنا روحته تاني ومبسوطة إني روحته، وهأروحه تاني لوحدي أو مع حد بحبه. علشان الأماكن اللي بتلاقي فيها نفسك مش هينفع تعمل فيها حاجة غير اللي نفسك تقول لك عليها.
أنا بحب عصير المانجا.
أنا بحب البخور.
الحاجة المتاحة لينا على طول مهما كنا بنحبها بتدخل مننا في الكمفورت زون بتاعتنا وتبقى في نظرنا مضمونة وبنبدأ نفقد اهتمامنا بيها ونبطل نحبها زي الأول وبنهملها، متهيألي لازم من وقت للتاني نضيع حاجات مُهمة عندنا علشان ندرك قيمتها الحقيقية، وعلشان لما تيجي في ايدينا حاجة جديدة نحاول نقدر قيمتها قبل ما تضيع، ونحاول قدر الإمكان وبكل ما استطعنا من قوة إننا منخليهاش مضمونة.

هل فعلًا أنا مبقيتش بأشوف في الناس إلا جانب واحد بس؟ يا بأشوف بالعين السحرية للمميزات، بألاقي الحد اللي قدامي إنسان محصلش وبأكتشف فيه حاجات هو نفسه ميعرفهاش عن نفسه وأشوفه قد ايه تحفة ومُبهر. يا بأشوفه بالعين السحرية للعيوب، وده بيبقى يومه أسود معايا، لاني في كل حركة، في كل تصرف، في كل كلمة بيقولها بأكتشفله عيب، غلط، مشكلة. أنا معنديش الأوبشن اللي أشغل فيه العينين السحريتين مع بعض، ولا إني أبقى في النُص وأشوف الإتنين. غالبًا بأكون محتاجة رأي حد معايا دايمًا يقولي على اللي أنا مش قادرة أشوفه في الحاجة/ الحد اللي قدامي، وده بيفقدني الثقة في نظرتي بالتدريج، وبالتالي الثقة في نفسي. أنا الخسرانة في كل ده من الآخر.

انضمت لنوت بوكاتي "إنتي جاية إشتغلي إيه" ودي كانت من أكتر الحاجات الحلوة فألًا النهارده.

أينعم أنا ضيعت ساعتين من عمري مستنية ايفينت "صفر على اليمين" يبدأ، ومكنتش عارفة أركز المفروض أكلم مين علشان كنت متفقة معاه أشوفه، وده خلاني مكلمش سارة سيد، اللي بأعتبرها صديقة روحي اللي ما أعرفهاش، بس ده ميمنعش إني عايزة أعرفها.
بعد الساعتين، استمتعنا فعلًا بكلام ناس مش فاكرة اساميهم، ومش فاكرة كلامهم بالظبط، لكن فاكرة تأثيره عليا، فاكرة تأثير فيلم "مين حرك الجبنة بتاعتي" المدبلج، فاكرة إحساسي بكل كلمة بتتقال على لسان حد ربنا باعتهالي أنا علشان أسمعها، وبيقولي فتحي ودانك وعقلك بقى وشوفي انتي بتعملي ايه. كلام المقال كان بيتردد طول اليوم في عقلي، ولقيت الكلام بيتقال هو هو. شفت عمر طاهر -للمرة التاسعة على ما أظن-، كان معايا شروق وريم وناس تانية، وقال والله نفس الكلام اللي كنت كاتباه، مش قادرة أجمع الكلام بالظبط لأن مخي بيهنج دلوقتي من كتر التعب، لكن أنا مبسوطة باليوم عامةً، وبالإيفينت الحلو، وبمويك. الأجمل من كل اللي أنا كتبته النهارده، خروجي في اللحظة المناسبة ألاقي عمر طاهر وشوية شباب واقفين على باب الساقية، بيكلم البنت اللي سابت كليتها وقررت تكتب، وبيعرفها الفرق بين الكتابة والصحافة وبينصحها لو ناوية تكتب بلاش تدريب في المجلات والجرنال لأنها حاجة مش مُفيدة ليها، وبيقولها إن طرق النشر دلوقتي أسهل بكتير وإنها ممكن توصل. ومبسوطة بالجرأة اللي جاتلي خلتني أرفع ايدي وبصوت عالي معقول نسبيًا "أنا عايزة أسلّم بس" .. وقالي في أقل من ثانيتين "إزيك يا هبـ.." مع إبتسامة سريعة، والناس اتصورت معاه، مُقدرة تمامًا رغبته في البُعد عن كل البشر اللي مُعجبين بيه -ربما رغبةً في أن ينأى بنفسه عن الغرور-. ومُعجبة جدًا بالقدر اللي خلاني أقرر أروح في الوقت ده علشان أسلم عليه، ويكون ختام اليوم أحسن خاتمة ممكن تحصل.

أنا روحت البيت، ومعايا شوية دموع مستخبية في غددي الدمعية، وجوا قفصي الصدري قلب فيه خدوش صغيرة في كل حتة، وجسمي مكسّر ودماغي مصدعة، ووشي فيه حبوب شباب بترفض بكل وقاحة فكرة إني هأتم الواحد وعشرين سنة. وفيه جوايا ابتسامة كبيرة مدمّعة مش عارفة تطلع من كل اللي فات، بس هي موجودة.

شكر لكوباية الشاي بلبن اللي مرسوم عليها شمس وقوس قزح ومكتوب عليها "نوّر .. تنور الدنيا حواليك" اللي رافقتني في تدوينة النهارده، وشكرًا لربنا.

الاثنين، 21 أبريل 2014

يا جميل يا جميل




سلامٌ عليك أيها الجميل أينما وجدت،
أكتب إليك في نهاية يوم كمثل غيره من الأيام، حسنًا، ليس كمثله تمامًا، هو أشبه باللا يوم.

----------


مكالمة من يُمنى، والسكان الأصليين لمصر، هما فقط ما يمكن أن يُحسب كأفعال.

مش عارفة أكتب لك بصراحة، مش لاقية كلام.
مش عارفة أحكيلك عن حاجة، مش نافع فيها حكي.

طب شوف، أنا عندي حاجة صغيرة جوايا، مش صغيرة أوي يعني، حاجة كبيرة .. كارهة الحياة باللي فيها،
وعندي حاجة تانية بتقولي في يوم من الأيام هنرجع أحسن مما كنا، وإني جوايا حد كويس أوي مستني يطلع، وإني أنا أصلًا أساسًا كويسة بس الإحباط مخليني كده، والظروف اللي حواليا مش مساعدني. وأنا أصلًا عارفة كويس إن مفيش حاجة اسمها الظروف.

عامةً علشان مطولش عليك وعلشان لازم أنام، ولأن بُكره يوم طويل ولأني أصلًا مش عايزة أتكلم؛ أنا مش عاجباني.
زي ما أنا مش طايقة الناس بالظبط مش طايقة نفسي، ومش حبّاني ومش متأقلمة معايا ولازم أقعد معايا ونشوف حل في الموضوع ده بجد لأني تعبت جدًا.
مش عارفة حل الموضوع ده ممكن يكون ايه بس خلينا نقول إني ممكن بمساعدة حد أرجع كويسة، أو أبقى كويسة.
ممكن لو غيرت جو/ دخلت في دواير جديدة/ سافرت/ حبيت الكلية/ أي بلا أزرق .. أبقى كويسة.
أو مثلًا .... زي ما أنا بأفكر.

موضوع إني معنديش إخوات ده مأزمني جدًا، أنا فعلًا معنديش سند، معنديش حد شايل معايا نفس الهم، ولا حد ينفع أحكيله عن مشاكل البيت، لأني في حالة لو حكيت لحد من بره البيت هأبقى بأكسر القاعدة الذهبية بتاعت "أسرار البيت متطلعش بره"، وعمري ما هأكون خالة ولا عمة، وأولادي مش هيكون ليهم خيلان ولا أعمام، مش عارفة ليه حسّاني مقطوعة من شجرة، وهأتقطع أكتر لما أكبر. موضوع عدم وجود إخوات ده نعمة لأن أنا شخصيًا مش هأستحمل أي حد يشاركني في حياتي/ حاجتي/ حب الناس ليا -لو موجود أصلًا- / حقوق أساسية .. إلخ. إنما لو قارنا بين الإمتيازات والعيوب، الكفة هتكون في صالح وجود إخوات ليا، وضدي.

إحساس الفشل اللي مرافقني بيزيد، مبقاش بس فشل دراسي في كلية مُهمة، والمجموع التراكمي بتاعها بيفرق في المستقبل والتعيين. بقى كمان فشل على المستوى الإجتماعي؛ مبقاش عندي أصحاب يا جميل. فشل في العلاقات الإجتماعية بشكل عام. فشل في الأنشطة الطلابية: فاتت سنة معرفش إزاي معملتش فيها ولا أي حاجة!
فشل على المستوى الروحاني، علاقتي بربنا وصلت لمرحلة إن تكاد تكون مفيش علاقة. عارفة إن فيه إيجابيات يا جميل، بس قُليلة أوي وهيكون ظلم ليا لو اعتديت بيها، عارفة إن لسه فيه ريم ويُمنى، وإن أنا واصحابي القُدام على الأقل لسه بنتكلم، خصوصًا شروق. وإن فيه ناس بتشجعني وبتقولي إني بأكتب حلو (حتى لو كنت أنا مش شايفة ده)، مقالي (مشيها مقال) اللي نزل في جرنال التحرير من كام اسبوع، واللي مكنتش أتوقع إنه ممكن يحصل، ويبقى عارف هبة اللي بتحب تقرأ ليه جدًا. أوضتي حاجة حلوة، إشتراك المكتبتين، والكتب، حاجات كتير بتاعتي لوحدي أنا بس. ميرو صلاح، ولاد خالي، خالي نفسه، جدتي. وجود ربنا يا هبة أجمل الحاجات على الإطلاق.

قد ايه بنظلم نفسنا بالتركيز على السلبيات..
لو اعتدينا كمان شوية سلبيات في خانة الإيجابيات زي: كلية طب بشري، خبرة مش قُليلة، محاضرات الشيخ أنس..

----------

واضح إني طولت عليك؟
ومقلتش حاجة جديدة. مفتقداك على فكرة.
غدًا يوم أفضل.

الأحد، 20 أبريل 2014

البؤساء وأنا



في اللي حواليا دايمًا بأشوف البؤس، في كل حاجة، في كل حتة، لحد ما بقيت حاسة إن الدنيا كُلها بؤس ومعاناة، ناس غلبانة، بسيطة جدًا لدرجة تحزّن، معندهمش أي حاجة في الدنيا، بأشوف حيوانات مكسورة أو بتموت من الجوع، قطة متعورة في رقبتها جامد، كلب رجله مقطوعه، تراب في كل حتة، وزبالة، وناس بتتخانق علشن جنية، أو ربع جنية!

أنا تعبت، أيوة أنا نفسيتي تعبت من كمية البؤس اللي بأشوفها في حياتي كل يوم، البؤس اللي في عينين الناس، اللي في الجو، اللي في أحوالهم قبل ما يبقى في حالي، أنا أعصابي معادتش مستحملة ولا قادرة أتأقلم مع الوضع وأسلم بيه، وحاشا لله إني ألوم ربنا على اللي بيحصل للناس ده، لكن رؤية البؤس في كل شيء أصبح هواية، أو خلينا نقول خاصية عندي، بتشتغل أول ما أصحى من النوم وبأشوف في كل الحاجات النواقص، بأشوف في كل الناس العجز والخيبة والألم والمعاناة والمرض وافلفقر والجوع والخجل والخذلان والحيرة وكل الحاجات الوحشة اللي ممكن تكون عند الناس.

أنا محتاجة علاج نفسي، بعيدًا عن أمراضي النفسية الخاصة، محتاجة أبعد شوية عن كل الجو العام الكئيب المخزي المذري ده، وأروح مصحة، أو اسكندرية مثلًا، وأقعد في مكان مفيهوش أي بشر، مفيهوش أي حد، أنا وأنا فقط، والحاجات اللي ممكن أحتاجها علشان أكون كويسة، وممكن أقضي بقية عمري كده علشان أرتاح نفسيًا فعلًا. أكيد الحلو في الجنة إنها مفيهاش بؤس.

أنا محتاجة أشوف حاجات حلوة يا جدعان، محتاجة أشوف حاجات حلوة حواليا، من غير ما يضايقني منظر طفل بيشتغل في محل مفيهوش غير شواية وبيبع كفتة، أو بيبيع لعب في اشارات المرور والزحمة، أو واحد عاجز اييديه مقطوعة بيبع مناديل في الاتوبيسات العامة وبيطلع من واحد وينزل ويطلع في التاني علشان كام جنية، ولا ست كبيرة بتهين نفسها لعيال قد احفادها علشان تاخد منهم أي حاجة، الشحاتة دي أصلًا أكبر إهانة ممكن حد يتهانها. عايزة أمشي من غير ما أشوف ناس لابسة وحش علشان رخيص، ولا بنات بتضحك على نفسها وترضى تصاحب ولد علشان تقاوم قدرها وتنبسط شوية، وهي عارفة من جواها مدى الغلط اللي بتعمله في نفسها، مش عايزة أشوف الناس العاجزة، مش عايزة أشوف أي حاجة في مستشفى القصر العيني اللي المفترض هأقضي فيها فترة كبيرة أوي من حياتي، مش عايزة أشوف عيانين، مش عايزة أشوف عيوب الدنيا، ولا الخلق، ولا قادرة أتعامل مع فكرة وجود كمية العذاب اللي في العالم دي.

قاتل الله البؤس.

شوية كلام جنب بعض

البوست ده شخصي جدًا أشبه بالفضفضة، لأ هو فضفضة فعلًا، ومليان تفاضيل متهمش حد، كأغلب كتاباتي هنا.

*****

على فكرة، أحلى كوباية شاي بلبن بأشربها بتكون من عمايلي أنا، ودي حاجة أنا مش عارفة حلوة ولا وحشة، لأن أنا بأحرمني منها كتير أوي بسبب كسلي. والنسكافيه كذلك برضه.


الناس اللي مش بيهتموا يسألوا علينا دول، عايزين نقنع نفسنا بقى إن هم اللي خسرانين، وانهم كان ممكن ياخدوا مننا حب واهتمام كتير أوي بس هم اللي حرموا نفسهم منه، واحنا هنروح نديهم للي يستاهلوهم وهيحبونا ويهتموا بينا ويسألوا علينا وعلى أحوالنا.

مش عارفة أقوم ألبس وأنزل كلوزينج ستب، مش عارفة أكسر الحاجز النفسي ده، أنا فوّت انترفيو اكيجامي التحفة علشان كده، فيه حاجز نفسي بيني وبين أي حاجة لازم أروح اعملها، أو حتى عايزة أروح اعملها، ولازم أكسره في كل مرة علشان أعمل الحاجة دي، وغالبًا بأستسلم ومش بأكسره.

تقريبًا كده مش سبب إني بقيت بأكره النزول والتعامل مع العالم الخارجي لأني معنديش هدوم حلوة، أنا اللي مش عندي هو الثقة، القدرة من جوايا على اني أشوف نفسي بني آدمة كاملة مش ناقصة حاجة، قصدي الكمال على المستوى الآدمي يعني، شايفة نفسي نُص إنسانة أو أقل، ودي حاجة حشة أوي أوي لو تعلمون.

آي آم نوت جونج أني وير، سيمبلي بيكوز أنا وحشة أوي، أنا إزاي بالوحاشة دي أصلًا؟ وازاي سايبة نفسي ده كله للوحاشة دي ؟
طيب أنا ليه بأعمل في نفسي كده بجد؟ آي نييد حد يفهمني، ويساعدني أخرج من اللي أنا فيه ده ..

أنا عايزة أعيط علشان أرتاح شوية، حد يعيطني..

جوايا شحنة غضب وسخط واستياء مش عارفة أخرجها فين، عايزة أتعصب على حد وأدبدب في الأرض واتنطط وأزعق وأعيط وأنهار، بس مش قادرة أعمل كده، كسل تقريبًأ، وهأفضل ماشية بأتحرك وشايلة الشحنة دي جوايا، واللي عمالة تجذب ليا كل الأفكار الوحشة والسوداوية اللي في العالم.

ليه بقالي كتير مقرأتش روايات، ومشوفتش أفلام، مخرجتش مع أصحابي في حتة، ومتجمعناش في بيت حد فينا وعملنا بارتي صغيرة أكل ولعب ورقص ومكياج و"مرح"؟ ليه بقالي كتير متشيكتش ونزلت، ولا عملت شعري عند الكوافير، ولا حضرت فرح، ولا قعدت أتكلم مع حد واحكيله وارغي معاه لحد الصبح؟ ليه بقالي كتير أوي مفرحتش؟ ولا زعلت؟ بقالي كتير مبحسش.

-------------------------------------

أنا مش عايزة أبقى دكتورة أنا، مليش في العلم والدراسة خالص أولًا، مبعرفش أتعاطف مع حد ثانيًا، معنديش فكرة إزاي ممكن أستحمل أشوف عيانين طول الوقت طول حياتي، أنا أكيد هيجرالي حاجة من الموضوع ده.
أعتقد إن أكبر عقاب عملته في نفسي هو إني اخترت المجال ده والكلية دي.

الإمتحانات كمان أسبوعين تلاتة مثلًا، وأنا مش بأعمل أى حاجة ليترلي، مش عارفة أي حاجة ولا بأعمل حاجة علشان أعرف، والله العظيم أنا بأهرج.

------------------------------------

مخزون لا نهائي من بطاطس ماكدونالز، وميلك تشيك شيكولاتة، كريب شاورما فراخ،وبيبسي مبيوجعش البطن، وحاجات حلوة كتير يا رب .. آميــن.

الجمعة، 18 أبريل 2014

فيروزيات




"أنا عندي حنين .. ما بعرف لمين"

قالتها فيروز صباح يومًا ما، كنت أظن أنني لا أعرف ماهية الشىء الذي تحن إليه فيروز فقط، لكنني فوجئت بنفسي وأنا لا أعرف ماهية الشىء الذي أحن أنا إليه.

ربما هو عمل ما أثبت فيه قدراتي، تفوق في مجال أحب أن أتفوق فيه، تعلم مهارات جديدة، النجاح؟
ربما هي راحة البال؟
ربما هو شخص لم يأتي بعد؟

"انتي عيونك سود ومانك عارفة شو بيعملوا فيا العيون السود"

على قدر جمال العيون الملونة، تظل العيون السود ذات جاذبية خاصة ملفوفة بالغموض، العيون السود الواسعة المرسومة، العيون السود اللامعة من الحزن أو الفرح، العيون السود.

"وأنا بأيام الصحو ما حدا نطرني"

من أين يأتي كل هذا الحزن إذن؟ ألم يخلق الله كل شىء بحد؟ أأخذت أنا نصيب أكبر من الحزن، لكنني أتذكر فتاة بعيون مطفأة من الحزن رأيتها على بوابة ما تبيع المناديل والحلوى التي ربما هي لا تعرف طعمها من الأساس، فسكتُّ وعلمت أن الحزن يتكاثر بيننا.

"صارلي يجي ميت سنة عم ألف عناوين مش معروفة لمين ووديلن أخبار .. "
الكتابة هنا تمامًا هي كالكتابة للعنواين اللي مش معروفة لمين، أنا أكتب لك أنت، يا من لا توجد أصلًأ، إنسان -مش موجود في الوجود-.

"بيحكوا عنك يا حبيبي وأنا بأنتسى.."
لم أحب يومًا، ولم يهجرني أحد، ولم أعاني من سهر الليالي/ الإشتياق/ الإحتراق، فلم أنا أمتلك قلبًا مهشمًا إلى كل هذا الحد؟
لِم أشعر بكل هذا الخواء؟ وكأن شخصًا ما مر من هنا وأخذ قطعة من روحي ورحل.
هل أنا أتناسى شيء قد حدث وحدث، كما تقول السيكولوجيا الطبية؟
لا أعتقد، ولكن ربما، تركت أنا جزءً من روحي في قلب أحدهم ورحلت.

"أنده له ما يسمعني، ويبعد يبعد بالوادي ......... ضــاع شـادي"
وينك رايح يا شادي؟ متى راح تيجي يا شادي؟ وينك يا شادي؟
في محاولة البحث عن شادي، ولا أعلم متى سيرضى عني القدر ويظهره لي، ويمكننا من إيجاد بعضنا البعض، ومتى سيكتُب لي أن أعرف اسمه الحقيقي ذلك الشادي الجميل.

"شط اسكندريه .."

وتلك حكاية كاملة بذاتها، حكاية أخرى سطورها بحر ورياح وفُلك غريب، ومغيب ورمال، وأسرارٌ لا يعرفها سوى شط اسكندريه.

"وما عدت شفتك .. وهلا شفتك .. كيفك إنت؟ ملا أنت .."
....