الأحد، 20 أبريل 2014

البؤساء وأنا



في اللي حواليا دايمًا بأشوف البؤس، في كل حاجة، في كل حتة، لحد ما بقيت حاسة إن الدنيا كُلها بؤس ومعاناة، ناس غلبانة، بسيطة جدًا لدرجة تحزّن، معندهمش أي حاجة في الدنيا، بأشوف حيوانات مكسورة أو بتموت من الجوع، قطة متعورة في رقبتها جامد، كلب رجله مقطوعه، تراب في كل حتة، وزبالة، وناس بتتخانق علشن جنية، أو ربع جنية!

أنا تعبت، أيوة أنا نفسيتي تعبت من كمية البؤس اللي بأشوفها في حياتي كل يوم، البؤس اللي في عينين الناس، اللي في الجو، اللي في أحوالهم قبل ما يبقى في حالي، أنا أعصابي معادتش مستحملة ولا قادرة أتأقلم مع الوضع وأسلم بيه، وحاشا لله إني ألوم ربنا على اللي بيحصل للناس ده، لكن رؤية البؤس في كل شيء أصبح هواية، أو خلينا نقول خاصية عندي، بتشتغل أول ما أصحى من النوم وبأشوف في كل الحاجات النواقص، بأشوف في كل الناس العجز والخيبة والألم والمعاناة والمرض وافلفقر والجوع والخجل والخذلان والحيرة وكل الحاجات الوحشة اللي ممكن تكون عند الناس.

أنا محتاجة علاج نفسي، بعيدًا عن أمراضي النفسية الخاصة، محتاجة أبعد شوية عن كل الجو العام الكئيب المخزي المذري ده، وأروح مصحة، أو اسكندرية مثلًا، وأقعد في مكان مفيهوش أي بشر، مفيهوش أي حد، أنا وأنا فقط، والحاجات اللي ممكن أحتاجها علشان أكون كويسة، وممكن أقضي بقية عمري كده علشان أرتاح نفسيًا فعلًا. أكيد الحلو في الجنة إنها مفيهاش بؤس.

أنا محتاجة أشوف حاجات حلوة يا جدعان، محتاجة أشوف حاجات حلوة حواليا، من غير ما يضايقني منظر طفل بيشتغل في محل مفيهوش غير شواية وبيبع كفتة، أو بيبيع لعب في اشارات المرور والزحمة، أو واحد عاجز اييديه مقطوعة بيبع مناديل في الاتوبيسات العامة وبيطلع من واحد وينزل ويطلع في التاني علشان كام جنية، ولا ست كبيرة بتهين نفسها لعيال قد احفادها علشان تاخد منهم أي حاجة، الشحاتة دي أصلًا أكبر إهانة ممكن حد يتهانها. عايزة أمشي من غير ما أشوف ناس لابسة وحش علشان رخيص، ولا بنات بتضحك على نفسها وترضى تصاحب ولد علشان تقاوم قدرها وتنبسط شوية، وهي عارفة من جواها مدى الغلط اللي بتعمله في نفسها، مش عايزة أشوف الناس العاجزة، مش عايزة أشوف أي حاجة في مستشفى القصر العيني اللي المفترض هأقضي فيها فترة كبيرة أوي من حياتي، مش عايزة أشوف عيانين، مش عايزة أشوف عيوب الدنيا، ولا الخلق، ولا قادرة أتعامل مع فكرة وجود كمية العذاب اللي في العالم دي.

قاتل الله البؤس.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق