الثلاثاء، 22 أبريل 2014

صفر على اليمين






إهداء للبنت الجميلة حنان، اللي قررت إني أسميها كده في مذكراتي لعل وعسى يكون ليها نصيب من اسمها اللي اختارتهولها.
البنت اللي لابسة عباية وحجاب وهي بالظبط شبر ونص، البنت اللي بتبيع مناديل للناس الساعة 6 الصبح في الشارع.

اهداء تاني لرفيق التوكتوك النهارده، اللي صوته فكرني بصوت جميل، واللي قال جملتين بس خلوني أحب شخصيته من غير ما أعرفها، واللي مرضيتش أبصله أشوف وشه علشان معرفش شكله واحفظه وأقعد أدور عليه بين الخلق ويزورني في أحلامي، وأحب أقولك أيوة والله عندك حق يا باشمهندس البلد كلها ماشية عكس.

تقريبًا الأيام الكويسة هي اللي مش بننام قبلها كتير، بس بنكون فيها على أسوأ حال ممكن نكون عليه.
النوم في الدروس بقى عادة عندي خلاص، مش نايمة كويس بأروح أنام وأحلم في الدرس، وأهو اسمي حضرت وأحط صوابعي في عين ضميري علشان يبطل زن.
وشاكرة جدًا على الساعة اللي قعدتها مع سارة، اللي من غير ما أعرف سبب معين بألاقيني دايمًا بأشكيلها همومي، مع إني مش بأقتنع برأيها خالص ولا عمري لو فكرت هأحكيلها. لكن الموضوع مش بيتاخد كده، سارة تقريبًا هي البنت الوحيدة اللي قابلتها بتعرف تسمع، أو تحسس اللي بيتكلم انها سامعاه فعلًا. يمكن ده سر حبي ليها أصلًأ.

حكمة اليوم: إن المشرحة بتجيبلنا إكتئاب. أنا تيقنت إني أيام سيكشن الأناتومي بأكون مغمومة بطريقة غير مألوفة بالنسبة لي، أكتر من كل الأيام. يمكن لأن سيكشن الأناتومي كان عقدتي السنة اللي فاتت؟ يمكن لأني مبحبش الجثث والفورمالين وفكرة اننا عمالين نقلب في احشاء بني آدمين سابقين؟ يمكن ولا حاجة من دول بس لمجرد إني بأحس إني مش مذكرة ومش عارفة حاجة وبأحس بالفشل؟ مش عارفة. بس المهم إني بأكره المشرحة وعارفة إني بأكرهها ومش مستعدة أصلح علاقتي معاها، وياريت علاقتنا تنتهي تمامًا الشهر ده بعد إمتحان العملي، ده عشمي في ربنا.

أنا بتاعت جوابات، أنا مش بأعرف أتكلم، ولا عدت قادرة أسمع حد. علشان كده الوسيلة المثلى للتواصل معايا هي الجوابات، وده اللي بيحصل مع ريم في جزيرتها البعيدة، بنتكلم مع بعض في جوابات، وبالصدفة، بطلنا نكلم بعض.

الحكاية اني فعلًا بأرتاح جدًا وأنا بأعمل الحاجات اللي بتبسطني لوحدي، بس محتاجة أبقى عارفة إن الوضع ده أنا مختاراه بمزاجي مش مفروض عليا، يعني بمعنى أصح، أنا لوحدي علشان عايزة أكون لوحدي، مش علشان مش لاقية حد حواليا ومعايا فالوضع اتفرض عليا.

إزاي قدرت أمنع نفسي من التقليب في الكتب في معرض الساقية؟ مش عارفة.
إزاي بطلت أشتري كتب جديدة، زي 1919، مش عارفة.
إزاي أصلًا بطلت أقرأ ومبقاش عندي شغف مستمر، فترات قرائة متقطعة، مش عادة ثابتة، مش عارفة..

صوفي بوك ستور إز آ بيرفيكت بليس تو بي آلون، أو مع حد بتحبه أوي. أنا روحته تاني ومبسوطة إني روحته، وهأروحه تاني لوحدي أو مع حد بحبه. علشان الأماكن اللي بتلاقي فيها نفسك مش هينفع تعمل فيها حاجة غير اللي نفسك تقول لك عليها.
أنا بحب عصير المانجا.
أنا بحب البخور.
الحاجة المتاحة لينا على طول مهما كنا بنحبها بتدخل مننا في الكمفورت زون بتاعتنا وتبقى في نظرنا مضمونة وبنبدأ نفقد اهتمامنا بيها ونبطل نحبها زي الأول وبنهملها، متهيألي لازم من وقت للتاني نضيع حاجات مُهمة عندنا علشان ندرك قيمتها الحقيقية، وعلشان لما تيجي في ايدينا حاجة جديدة نحاول نقدر قيمتها قبل ما تضيع، ونحاول قدر الإمكان وبكل ما استطعنا من قوة إننا منخليهاش مضمونة.

هل فعلًا أنا مبقيتش بأشوف في الناس إلا جانب واحد بس؟ يا بأشوف بالعين السحرية للمميزات، بألاقي الحد اللي قدامي إنسان محصلش وبأكتشف فيه حاجات هو نفسه ميعرفهاش عن نفسه وأشوفه قد ايه تحفة ومُبهر. يا بأشوفه بالعين السحرية للعيوب، وده بيبقى يومه أسود معايا، لاني في كل حركة، في كل تصرف، في كل كلمة بيقولها بأكتشفله عيب، غلط، مشكلة. أنا معنديش الأوبشن اللي أشغل فيه العينين السحريتين مع بعض، ولا إني أبقى في النُص وأشوف الإتنين. غالبًا بأكون محتاجة رأي حد معايا دايمًا يقولي على اللي أنا مش قادرة أشوفه في الحاجة/ الحد اللي قدامي، وده بيفقدني الثقة في نظرتي بالتدريج، وبالتالي الثقة في نفسي. أنا الخسرانة في كل ده من الآخر.

انضمت لنوت بوكاتي "إنتي جاية إشتغلي إيه" ودي كانت من أكتر الحاجات الحلوة فألًا النهارده.

أينعم أنا ضيعت ساعتين من عمري مستنية ايفينت "صفر على اليمين" يبدأ، ومكنتش عارفة أركز المفروض أكلم مين علشان كنت متفقة معاه أشوفه، وده خلاني مكلمش سارة سيد، اللي بأعتبرها صديقة روحي اللي ما أعرفهاش، بس ده ميمنعش إني عايزة أعرفها.
بعد الساعتين، استمتعنا فعلًا بكلام ناس مش فاكرة اساميهم، ومش فاكرة كلامهم بالظبط، لكن فاكرة تأثيره عليا، فاكرة تأثير فيلم "مين حرك الجبنة بتاعتي" المدبلج، فاكرة إحساسي بكل كلمة بتتقال على لسان حد ربنا باعتهالي أنا علشان أسمعها، وبيقولي فتحي ودانك وعقلك بقى وشوفي انتي بتعملي ايه. كلام المقال كان بيتردد طول اليوم في عقلي، ولقيت الكلام بيتقال هو هو. شفت عمر طاهر -للمرة التاسعة على ما أظن-، كان معايا شروق وريم وناس تانية، وقال والله نفس الكلام اللي كنت كاتباه، مش قادرة أجمع الكلام بالظبط لأن مخي بيهنج دلوقتي من كتر التعب، لكن أنا مبسوطة باليوم عامةً، وبالإيفينت الحلو، وبمويك. الأجمل من كل اللي أنا كتبته النهارده، خروجي في اللحظة المناسبة ألاقي عمر طاهر وشوية شباب واقفين على باب الساقية، بيكلم البنت اللي سابت كليتها وقررت تكتب، وبيعرفها الفرق بين الكتابة والصحافة وبينصحها لو ناوية تكتب بلاش تدريب في المجلات والجرنال لأنها حاجة مش مُفيدة ليها، وبيقولها إن طرق النشر دلوقتي أسهل بكتير وإنها ممكن توصل. ومبسوطة بالجرأة اللي جاتلي خلتني أرفع ايدي وبصوت عالي معقول نسبيًا "أنا عايزة أسلّم بس" .. وقالي في أقل من ثانيتين "إزيك يا هبـ.." مع إبتسامة سريعة، والناس اتصورت معاه، مُقدرة تمامًا رغبته في البُعد عن كل البشر اللي مُعجبين بيه -ربما رغبةً في أن ينأى بنفسه عن الغرور-. ومُعجبة جدًا بالقدر اللي خلاني أقرر أروح في الوقت ده علشان أسلم عليه، ويكون ختام اليوم أحسن خاتمة ممكن تحصل.

أنا روحت البيت، ومعايا شوية دموع مستخبية في غددي الدمعية، وجوا قفصي الصدري قلب فيه خدوش صغيرة في كل حتة، وجسمي مكسّر ودماغي مصدعة، ووشي فيه حبوب شباب بترفض بكل وقاحة فكرة إني هأتم الواحد وعشرين سنة. وفيه جوايا ابتسامة كبيرة مدمّعة مش عارفة تطلع من كل اللي فات، بس هي موجودة.

شكر لكوباية الشاي بلبن اللي مرسوم عليها شمس وقوس قزح ومكتوب عليها "نوّر .. تنور الدنيا حواليك" اللي رافقتني في تدوينة النهارده، وشكرًا لربنا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق