الجمعة، 17 أكتوبر 2014

متلازمة اللا شيء

تموت خلاياي ببطء، لا أشعر أنني بخير .. لأنني لا أشعر بشيء.
انا لست حزينة حتى.
لم أعد أشعر بالبؤس، ولا أشفِق على أحد، وأصبحت الجروح والدماء لا تعنيني في شيء.

لم أعد أنام كالسابق أيضًا.
لا أشتاقك، ولا أكرهه، ولا أحبها.
أنني أتقبل فكرة كون الأمور بهذا السوء، ولا أتطلع للمزيد مما أمتلك بالفعل.
أفكر بأنه قد فات الآوان، وأن هذا كل شيء.
بالتأكيد لست بخير.


الاثنين، 13 أكتوبر 2014

ما بعد الخط الفاصل



الخوف والقلق طبيعي يكونوا موجودين في مرحلة ما بعد الكسر، حتى لو الكسر اتصلَّح.
الحقيقة إن هشاشتك بتزيد مع كل مرة بتتكسر، مبترجعش زي الأول، بتعمل كل حاجة على طراطيف صوابعك، وبتغلط برضه بس مع زيادة في تأنيب ضميرك.
مفيش إجابة لسؤال ليه النوم بقى صعب أوي في المرحلة دي، مع إننا خلاص عدينا الخط الفاصل، إلا الخوف والقلق.

القطر عدى فوقينا بسلام، ومموتناش.
"مموتش مموتش .. مموتش مموتش"
والقدر إدالنا شوية أمل حلوين نقدر نكمل بيهم، كمان يعني.
وربنا أكدلنا إنه عايزنا هنا، في المكان ده، في الوقت ده، وكرمنا مرة، واتنين، وعشرين.

المش طبيعي هو إنك تبقى مش مبسوط. جايز علشان المشوار اللي بدأناه سوا مش كلنا هنكمله سوا، احنا صحيح دخلنا الشارع الجانبي، وأخدنا طريق تاني وحصلنا اللي المفروض نبقى معاهم، بس مش كلنا وصلنا.. النناس الحلوة -اللي كانوا بيصبرونا بالضحكة في عز همومنا- دخلوا شارع جانبي الناحية التانية وهيكملوا مشوار تاني، كل واحد بيكمل المشوار بتاعه، اللي جاي هنا علشان يمشيه .. بس فيه حتة مُعينة بتقف عندها عاجز عن إنك تهوِّن على اللي قدامك، لأنك مش قادر تهوِّن على نفسك الأول.

هوِّنها تهون.

يمكن النوم بقى صعب علشان الكلام تِقل على قلبي، والتدوينة مفتوحة بقالها 3 تيام وفاضية ..
أنا مبعرفش أعبَّر وأنا منبهرة، ولا وأنا مش مستوعبة..
وأنا دلوقتي مش مستوعبة.

كنت بأحكيلك قبل ما أنام بصوت عالي عن نظرية البيبان المقفولة اللي ربنا بيقفلها في وشنا علشان نروح ندوَّر على البيبان التانية فنلاقيها أحلى ضعفين ضِعف البيبان اللي اتقفلت. وإن حاجة زي دي هي من أحلى الحاجات اللي طلعت بيها السنة دي. حكيتلك بكل شجاعة أدبية عن الكَسرة الصغيرة اللي حسيت بيها لما اترفضت لأول مرة في أكتر مكان كنت عايزة أدخله، وبعديها بحبة كنت بأجرب أكتب إيميل وبعته للتحرير وتناسيت الموضوع، علشان شيماء تصحيني يوم من النوم تقولي إن مقالي نزل في التحرير -على إعتبار إن الكلام اللي كنت كاتباه ده مقال-، أكيد وصلتلك الفكرة، أنا لو كنت اتقبلت في المكان ده، ولا عمري كنت هأفكر أجرَّب أبعت لحاجة تانية. ذاتس إت.
كنت بأقولك إنك لسه صغير، أصغر من ناس كتير في نفس سنتك، وسنة من عُمرك مش ازمة .. مش أزمة إطلاقًا. وإن الدور اللي المفروض تعمله دلوقتي هو إنك تخبط على بيبان تانية علشان تلاقي الباب الأحلى ضعفين ضعف الباب اللي اتقفل.
علشان ربنا بيجيب كل حاجة حلوة بس.

ــــ

كنت بأتخيلك نايم دلوقتي في السرير ومتنح في السقف ومش شايف حاجة من الضلمة، وبتتخيلني بأكلمك، فكلمتك.
كنت بأقولك إنه أكيد لو معايا رقمك دلوقتي كنت هأكلمك أقولك إني مش عارفة أنام، وإن فيه في دماغي دوشة وكركبة، وإن مين هيعوضني عن الـ 21  سنة دول، طب بلاش، الـ 5 سنين اللي بعدتهم دول؟
قلتلك مش مشكلة، وإني واثقة من إنك سامعني/ حاسسني وإني أكيد هأتكعبل فيك في حتة ..
بس أنا تعبت من التدوير، فـ أنا مش هأدوَّر تاني، دورك أنت بقى.
دوَّر أنت شوية.

الوقت بيتأخر، العُمر بيجري، الأيام شبه بعض، الأيام بتسرق حتة من روحي كل ما واحد منها بيمشي، مش عارفة أعرفني.
ريم كانت بتسمعني بكل الودان اللي عندها لما كنت بأحكيلها عن إني مش عارفة.
عن إني مش فاهمة، ومتضايقة أوي دلوقتي لسبب معنديش أي فكرة عنه.
ريم بتعرف تسمع كويس، وأنا بأعرف أحكيلها كويس.

"وإن الصُدفة أحيانًا بتبقى بألف ألف ميعاد .."


أنا أمنيتي من الحياة إني أبُص في المراية مرة واحدة، وأقول زي ما بأقول كل ما بأشوف ريم "ايه البنت التُحفة دي!".

ـــــ

مبقيتش قادرة أسيب بصمتي على أي حاجة بتاعتي، لأنها ضاعت مني في الطريق .. مبقيتش قادرة أعرفني وسط الحاجات .. حتى وأنا بأوضب أوضتي المرة دي، مكنتش عارفة ايه اللي شايلاه في المكتب ده، كنت حاسة إني عايزة أكلمني أسألني.
مش عارفة الكتب اللي في المكتبة، ومش فاكرة حواديت العرايس الصُغيرة والدباديب والأرانب .. مفيش غير مج أصفر في أسود بقيت بأتحاشاه، وحتى بعد ما ترتيب الأوضة اتبدِّل، محستهاش أوضتي.
بالتأكيد أنا هبة، بس سكنت في جسم واحدة تانية.

عايزة أعبَّر كمان عن مدى إحباطي، للمرة التانية، في إني أستنى حاجة لمُدة شهر كامل، ومتحصلش.
العيب تقريبًا في إني بأستنى.

ـــــ

آي جيس ذيس واز إيناف أموِّنت أوف ديبرشن.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


كتب محمد كمال البارودي مرة
"الباب موارب ع الأمل ..
والسكة نور ..
المرة دي هتقفله ..
ولا هتقدر ع المرور .."

واحنا -بفضل ربنا- قدرنا ع المرور، وممكن نبدأ نسامح نفسنا، ونبقى فور إيفر براود أوف أور سيلفز زي ما قالت منار، ونفرح برسالة حسناء إن كلامنا عجبها ونفتخر بـ ده حبة حلوين، نتعافى فعلًا من آثار الذُل والبرد وحروق الشمس .. ونبدأ من الأول بضهر مفرود وكتاف حُرة مش شايلة حاجة، نرجع للاماكن اللي سيبنالها وعد بإننا هنرجعلها، ونوفي الدين، نعرف إحنا فعلًا عايزين ايه، ونعمله من غير ما نندم إننا سيبنا حاجات تانية إحنا مش عايزينها.

"عُمرك شُفت حد بيقعد يذل في نفسه .. ؟" ــ ..

نفس اللي أنا بأشوفه نقطة ضعف، هو نفس اللي هي بتشوفه نقطة قوة.
كانت دايمًا بتأكدلي إن حتى أنا عيوبي هي هي نفس مميزاتي بس لما بتزيد عن حدها.
فـ مثلًا، كنت بأقول إن أنا تايهة، وإن أنا اللي متوهاني .. كانت هي بترد "بس إنتي اللي متوهاكي، يعني ينفع تهديكي .."

"خايف على فرحة قلبي .. "

الفكرة كلها إننا نتعلم نتعامل مع اللخبطة مش إننا نحاول نسلكها من بعض، أو مش عارفة بقى ..
جايز بنحمِّل نفسنا فوق طاقتها، أو بنظلمها ..
بس احنا دلوقتي -أيًا كانت النتيجة- مُمكن نسمح للهوا يدخل رئتينا ونتنفس ..
ممكن ناخد نفس عميق، ونسمي بالله، ونبدأ من أول وجديد ..
الله المُستعان

الأربعاء، 8 أكتوبر 2014

ما قبل الخط الفاصل


أخبرني أحدهم يومًا -بكل وقاحة- بأن العالم لا يدور حولي.
كيف أتت له الجرأة ليقول ذلك؟ بل كيف يفكر في ذلك أصلًا؟
أنا العالم .. بالنسبة إلي على الأقل.


ـــــ
بقيت بأتفنن في إيجاد خمستاشر سبب لجعل الحاجات المُهمة في الدُنيا مش مُهمة إطلاقًا، وإقناعي بالأسباب دي، مما بيؤدي إلى تكملة اليوم في السرير.
بقيت شاطرة أوي في إني أقنع نفسي إن الحاجات اللي عايزاها دي انا مش عايزاها أوي، وإنها لو حصلت مش هتبسطني ولا حاجة، والحاجات الوحشة دي حاجات جميلة مش هتفرق في أي حاجة لو حصلت، والعالم كله مش واقف عليا وأنا ممكن أبوظ حياتي عادي، آخرتها ايه يعني؟ ولا حاجة. ولا أي حاجة.

الحقيقة إني كمان وصل بيا الحال إني أعمل كل حاجة بالعافية، بآكل بالعافية، وبأنام بالعافية، بأتفرج على التليفزيون بالعافية، بأقعد على النت بالعافية، وبأكتب الكلام ده بالعافية.
ـــــ
فيه حاجات كتير عايشاك....
خايفاك تبطلها ....
وحاجات كتير عايزاك....
لاكن معطلها...
أن إنتا مش عايز....
مصطفى ابراهيم


ـــــ
الحقيقة إن مفيش عصايات سحرية في البُعد الزمني ده، بالتالي مش هنلاقي العصاية السحرية اللي بندوَّر عليها وأول ما نقول بيها التعويذة الصح حياتنا هتتصلح من مجاميعه.
كمان مفيش فُرسان عندهم حصنة بيضا وبيدوروا علينا من شرق الأرض لغربها، غالبًا هيبقى امتياز عنده بالطو أبيض متمرمط بين كوريدورات القصر العيني.
الحياة مش فيري تيل ولا فيلم كيوت مدته ساعتين، الموضوع أكبر وأعقد وأسخف من كده بكتير.


هتعرفني إزاي؟ هتلاقي بنت طويلة بنظرة جد زيادة عن اللزوم على وشها، وتكشيرة مُعتبرة، ماشية مخبية مجلة ميكي ولفاها حوالين إزازة المية، وبتمشي بسرعة ورجليها داخلة لجوه، وباصة في الأرض على خطواتها الملخبطة.
غالبًا لابسة إيشارب كُحلي سادة، وخانقة نفسها بهدوم كتير.
ـــــ

إزاي تبوظ حياتك في 3 خطوات بس؟
شوف أكتر حاجة نفسك تعملها واكتبها في ورقة وعلقها ع الحيطة في أوضتك علشان كل ما تشوفها تفتكر قد ايه أنت فاشل.

ــــــ

مبحبش حاجة ومنفسيش أعمل حاجة ومش عايزة أبقى مبسوطة ولا زفت. بس عايزة أعرف انام مرتاحة وأصحى جسمي مبيوجعنيش ومش مصدعة، عايزة أعرف أشرب نسكافية من غير ما أتوجع بسبب دور برد سخيف جاي قبل أوانه، عايزة آكل الجاتوه بالشوكولاتة اللي في التلاجة من غير ما أتأذي لنفس السبب، عايزة أنزل أصوَّر شوية ورد ومناظر حلوة واقعد أتفرج عليهم كل شوية في بيتنا، عايزة يبقى فيه "بيتنا"، وعايزة أكتب اللي جوايا من غير تزويق ولا تجميل ولا قصقصة، عايزة أبطل أنام كل لما الدنيا تضيق في وشي، وعايزة أبطل أستنى حاجات مبتحصلش، وأستنى حاجات هتحصل بكل يقين.

زمان -من شهرين كده- كنت بأقول إن الكون عامل مؤامرة عليا، لحد ما اكتشفت إن الكون مش واخد باله مني أصلًا،، أنا مين أنا علشان الكون يحطني في حساباته ويعمل عليا مؤامرة كمان، انا وقعت من حساباته تمامًا.

ـــــ


مكالمات سكايب اللي بتجمع الصُحاب -اللي مش صُحاب-
حواديت متحكيتش
مكالمات مجمعتش ومجاتلناش الجرأة نكررها
حاجة استنيناها كتير أوي وقعدنا نصبّر نفسنا إن هييجي يوم ونعرفها، ومعرفنهاش
ناس فضلنا مستنيين فرصة تيجي علشان نكلمهم، الفرصة مجاتس ومشوفناهمش تاني
أكلة كان نفسنا فيها ومكلنهاش، ولما كلناها كانت نفسنا راحت منها
أغنية بتحبها علقت في دماغك لحد ما كرهتها وكرهت إنك كرهتها
إيميل/ كلام متبعتش في وقته، فمتبعتش خالص

الوقت اللي بتكتب فيه وأنت مش قادر تفتح عينيك من التعب
الوقت اللي بتحس فيه إن حد بيكسر أسوارك واحد ورا التاني وبيحاول يوصل لقلبك فعلًا، فبتسمحله
الوقت اللي بتتعامل فيه كناضج مبيهموش مشاكله التافهة اللي خلته يتقمص من حد
الوقت اللي تلازمك فيه أغنية بتحبها في طريق طويل
الوقت اللي باقي من يوم طويل حلو
الوقت الحلو اللي باقي من يوم طويل وحش

ـــــ

الفكرة بقى إن قعدتنا في الضلمة قدام شاشة اللابتوب والكتابة واحنا بنسمع اوبرا عايدة مع محاولات التغلب على الصداع وتخبيط دور البرد علينا، كل ده وأكتر مش هييجي بفايدة.

أنا زعلانة من الدُنيا أوي يا فاطمة، ومبقتش فارقة معايا إن أنا زعلانة وده مزعلني.






الاثنين، 6 أكتوبر 2014

مواساة، أو شيء من هذا القبيل.


إلى الحلوة اللي متضايقة
وزعلانة
وتعبانة
من كُتر اللف والمشاوير
عاملة ايه؟
حبة صبر كمان مش هتغلبي فيهم
وقلبي معاكي
جدًا يعني
يا ساكنة الأحزان بدل بيت
فيه كلام مكتوب لأجلك إنتِ بالذات
.
.
يا تعبانة من كُتر الهم والمواويل
يا سكة ضلمة معاندة وياكي
هتتفتح
وشاب حليوة هيستنى ويستنظر
وحلم السكن والسكة مهما تطول
مسيرها راح تقصر
.
.
يا حلوة ياللي زعلانة من الضلمة
وم التوهان
تعالي على نفسك
بس حبة كمان
راح توصلي
وتيجي تلقي أحلامك
وصبرك كله قدامك
مفيش ناقص
مفيش لكن
مفيش معلش
مفيش لأه
مفيش مقدرش
يا حلوة ياللي فِعلك نور
وقلبك نور
وسكة معاندة وياكي
كمقاومة سلك نحاس لنبضة نور
أنا اللي فاهمة -بس- شكوى طالعة من قلبك
مش م العقل
أنا اللي عارفة وحياتك ما طال الدهر
إلا ما ييجي الموعود
وقد الوجع
ويمكن أكتر
هتلقي جميل

...

شخبطة على ورق المُذاكرة بتاع سبتمبر.


الجمعة، 3 أكتوبر 2014

بين الغربة والإغتراب



المُنكسرة قلوبهم بحثًا عن ضمة تزيل ما خلَّفه الحُزن بهم.
الباحثين عن كتفٍ يتحمل وزن رؤوسهم المُثقلة بالهموم.
الآملين في صدرًا يتسع لشكواهم على الأرض، بعد شكواهم للسماء.
المحبين للبهجة، دون أن يعرفوها.
أولئك الذين لا يرجون عيدًا، ولا ينتظرون فرحة.

أولئك يخبئون كل ما بهم مما لا يُمكنهم وصفه، ويتحاملون على أنفسهم ليمروا بسلام.

ــــــ

عن المرارة التي تأبى أن تتركك، وتزداد بقُرب الأعياد.
عن الجزء الذي يتقبل المآسي، ولا تصدمه الأخبار السيئة، لأنه يتوقعها بإستمرار.

ــــــ

هلا أخبرك بأن اصطناع الفرحة بؤس، وبأن اصطناع البؤس ألعن وأضل سبيلًا؟
تخبرني بأنا سنعتاده بعد حين، وأنا لا أريد اعتياد الأحزان ..
لا أريد.


ــــــ

احتفظت بكل تفاصيل المرة الأولى، وحافظت عليها في ذاكرتي من النسيان، ولكنني نسيت أن أحتفظ بكل ما تلاها من المرات .. لم يبقى في ذاكرتي سوى المرة الأولى، الأولى فقط.
حتى أنني لا أذكر كيف رحلت.
"هيدا مش أول وداع علينا مرء."
ــــــ

يُعيينا الحزن فيسرق من وجوهنا الإشراق، ومن عيوننا اللمعة، وأحيانًا من قلوبنا النبض.
ذلك الداء الذي لا دواء له.
أنا حزينة جدًا لدرجة أنني لا أريد أن أفرح.
"من قسوة ها الدنيا علينا .. بكينا البكي."

الاثنين، 29 سبتمبر 2014

على ألا يزيد الحزن عن أربعين يومًا



القانون الكوني للتدوين بيقول إنك مينفعش تكتب حاجة قبل ما تُنشر التدوينة اللي بتكتب فيها بقالك أسبوع ومخلصتهاش، وعلشان إحنا طبعًا بنلتزم بكل القوانين الكونية والغير كونية، هنرمي الكلام ده في البحر -اللي مشوفناهوش السنة دي كمان- ونكتب، علشان نطلَّع لساننا للعالم، ونكتشف في الآخر إننا كنا بنطلع لساننا لشخص واقف مكان إنعكاس صورتنا في المراية.

طيب، مش أزمة. هنحكي. هنسيب صوابعنا على الكيبورد هي اللي تتكلم النهارده.
مراكز الإحساس في المُخ تم تخديرها بنجاح، مفيش أي إحساس هيعدي علينا تاني، لا فرحة ولا زعلة ولا خضة، هنحس بوخز خفيف فوق قلبنا، ويمكن نحس إننا عايزين نضحك بدون سبب أثناء ما حد بيحكيلنا عن مأساته العظيمة، وهنحس إننا مبقيناش قادرين نبذل قدر وِحدة إشفاق واحدة تجاه أي كائن، مهما كان وضعه مُذري. إحنا وصلنا لمرحلة "القلب الحجارة" بنجاح.

كنت بأزُّق نفسي علشان أخرج بره الفقاعة، هتقعدي معاهم، سيبي اللاب، سيبي الكتاب ده كمان إنتِ أصلًا مش مركزة فيه، إنزلي النهارده وتكلفي عناء التعامل الإنساني مع زمايلك في المجتمع، مش هتموتي يعني. إتفضلي روحي دلوقتي للراجل بتاع الكُشك قوليله إنك عايزة كيسين مناديل، مش هيتريأ عليكي ولا هيهزأك علشان موضبتيش أوضتك قبل ما تنزلي، ولا هيجيب سيرة الكُلية بحاجة، وهيديكي اللي إنتي عايزاه عادي ويحاسبك من سُكات وهينساكي تمامًا. مش هيفتكرك حتى لما تعدي عليه تاني يوم وتاخدي كمان كيسين مناديل، مش هيسألك حتى بتودي كل المناديل دي فين.

بس إحنا معيطناش واحنا بنتفرج على الفيلم المأساوي، وعيطنا على إشارة في فيلم شُفناه قبل كده عشروميت مرة.
إحنا أول ما زعلنا وقفنا على جنب في شارع ضلمة وفيه عربيات وربّعنا إيدينا ودبدبنا في الأرض وصممنا إننا مش هنروّح البيت إلا لما نلاقي إجابات، أي إجابات هتكون مُرضية دلوقتي علشان إحنا تعبانين جدًا وعايزين نروّح.
هنفضل ندوّر في السبع أجزاء كلهم عن إجابات، هنعرفها جايز في آخر نُص ساعة من آخر جُزء. غالبًا التصرف الطبيعي دلوقتي هو إننا نبطل ندوّر، غالبًا التصرف اللي هنعمله هو إننا هنحاول ندوَّر أكتر.

هنقنع نفسنا ببهجة عمل الشاي بلبن، ظبط السًكر فوق المعلقة علشان إحنا بنحب الشاي بلبن مسكَّر شوية، الشاي خفيف بس زايد حبتين علشان ميتغلبش من اللبن، واللبن زايد بالأوي علشان يطلع لون الشاي بلبن أقرب ما يكون للأبيض، هنغلي المية في البراد علشان الحاجات الحلوة بتتعمل ببُطء .. هنقلِّب كتير بالمعلقة ونتخيل كل حاجة وهي بتدوب جوه بعض.
هنروح كل المحلات الحلوة، نتفرج على الحاجة، ووقت ما نيجي نشتريها ونمتلكها هنسيبها، هنتراجع، هنعرف وقتها إن الحاجة حلوة، طول ما هي مش معانا.
هنفكر تاني، هنعرف إن الناس حلوة، طول ما هم مش معانا.

طول السكة هتفضل الثوابت اللي اتحامينا فيها ياما من صُغرنا تنهار، تقع وتتدشدش. هييجي اليوم اللي منلاقيش حاجة نتداري وراها، ونسأل عن سبب واحد خلانا منبنيش ثوابت جديدة.
الرُعب من كل الحالات، والمسافات الصغيّرة، والحميمية والدفا، الخوف من الأمان، الوَنس، أعراض جانبية طبيعية جدًا لحد اتعود كل ما تطبطب عليه يتوجع.
عامةً، التمويه مُفيد أحيانًا.

هنفضل نتكلم عن حاجات ملهاش أي علاقة ببعض غير إن إحنا كتبناها، هنفضل نتوِّه كل ما تيجي سيرة حاجة بتضايقنا، من غير ما ندرك حتى إننا بنتوِّه. هنفضل نتأثر وننسى، وننسى ونتأثر. نحلم ونتكعبل ونكتأب فنحلم.
هنقول كلام ملهوش لازمة، هنبصلهم ونبتسم إبتسامة المهزوم اللي مبقيناش نبتسم غيرها.

فترة التعافي: الفترة اللي مبتعملش فيها أي حاجة ومشغول على طول، مبتبذلش فيها مجهود وبتتعب، مبتكلمش حد وحاسس جواك بزحمة. الفترة اللي بعد مرض طويل، وقت أما جسمك يبطل يوجعك، بس تفضل حاسس بألم مش عارف تحدد مصدره بالظبط. وقت لما أبسط الحاجات تبقى محتاجة قرار علشان تعملها (مثال: أنا لازم أقوم أفطر دلوقتي.). الوقت اللي هتكسل فيه إنك تفرح، وهتكتفي بفكرة واحدة تدور في دماغك، علشان متكلفش نفسك عناء إنك تفكر.

فاكرة آخر مشهد من فيلم "أسرار البنات" لما البنت قعدت في أوضتها وحواليها كل الناس اللي قابلتهم في حياتها، كلهم بيتكلموا في وقت واحد مع بعض ومحدش حاسس بوجودها، أصوات جاية من كل حتة ومش قادرة تحدد ايه اللي بيحصل.
ممكن تطلعوا بره أوضتي دلوقتي لو سمحت لأني محتاجة أنام؟

على مدار أسبوع أو أكثر



-هو الواحد بيعمل ايه لما مبيعرفش يكتب وعنده كلام كتير قد كده؟

-بيحكي.

مقولتلكيش إن كلامك زي البلسم ع الجرح، أو نسمة هوا في شهر أغسطس، أو حتى بُق مية ساقعة بعد طول عطش.

لما قُلت لشروق بعد ما جابتلي الفُل اللي شبطت فيه زي العيال إني نفسي أزرع ورد في جنينة بيتنا وأصحى الفجر أعمله عناقيد وأنزل أوزعه ع الناس في الشارع، قالتلي إنهم برضه مش هيتبسطوا، بس أنا أصريت إنهم أكيد هيتبسطوا للحظة، قلتلها إني أكيد هأفرح لو حد إداني فُل الصُبح في الشارع، وبعدين الناس اللي هتبقى نازلة الشارع بعد الفجر دي أصلًا ناس حلوة، في حلاوة رشوان توفيق كده، اللي هناخدله ورد ونروح نزوره في بيته إن شاء الله وأحكيله قد ايه أنا بأحبه، فيه طيبة جدي اللي عيشت معاه أقل من 7 سنين، وريحة دفا البيوت العمرانة بالضحك والسَنَد.

أصلًا النوم في بيت ربنا ده أمان، مش هتلاقيه في سراير بيتك نفسه. بأفتكر أحمد زكي في معالي الوزير لما هرب من الكوابيس في مكانين، السجن وبيت ربنا. الناس اللي بتنام في بيوت ربنا دي بتهرب من كوابيس تانية بيشوفوها وهم صاحيين. الحماية اللي بتحس بيها في إنك هنا مفيش مخلوق هيقدر يأذيك، أنت في مكان له قدسية خاصة، وهنا مفيش كوابيس.

كنا بنحُط ليست للأماكن اللي نفسنا نروحها في الأجازة:-
الازهر بارك- متحف محمود مُختار- جامع الحاكم بأمر الله- دريم بارك- مقابر .. آه مقابر .. شروق أفحمتني وحطتها في آخر الليست، لما حكيت الموقف بتفاصيله لـ ريم أفحمتني بس بـ رد تاني، قالتلي احنا ممكن نبُص حوالينا هنشوف ميتين كتير أهُم.

حكمة اليوم: الحاجات الحلوة اللي بنستناها تحصل كتير ومبتحصلش، بتتحوشلنا علشان تيجي في وقتها المُناسب اللي هيبسطنا أكتر ساعتها.

- والواحد لما يفقد قُدرته ع الحكي ولسه عايز يتكلم بيعمل ايه؟
- بيحلم.

كنت بتتمشى أنت ع البحر، بسماعات فيها أغنية مخلياك مش شايف قُدامك أصلًا، ولما دُست على البيت اللي كانت سلمى بتبني فيه بقالها كتير أوي بحساباتها، رُحت قعدت تبنيه معاهان ولما خلص أخدتها عزمتها على آيس كريم وعلمتها إزاي تبني سور حوالين البيت علشان تحميه.
المفارقة إن انا عملت نفس الموقف تقريبًا، بس معرفتش أعلمها إزاي تبني أسوار بالرغم من إني أكتر واحدة بتعرف تبنيها.
لما سلمى حكيتلي عنك، ولما حكيتلك عني، عرفنا بشكل ما إننا أكيد هنعرف بعض. بس إحنا معرفناش بعض. أنا بأحلم.

صحيت الصُبح في يوم قلبي مبيوجعنيش، الهوا بيدخل صدري بسهولة، وبيخرج بسهولة، ومعنديش أي أعراض نوبة إكتئاب، ولا حاسة إن دوران الكرة الأرضية أسرع مني.
كلمتني في الموبايل وقلتلي إنك موجود في الدُنيا وإنك ظهرت، وأنا متغابيتش وقفلت في وشك، وبعدين عرفنا بعض.

---

كنت بأدوّر على اللينسيز .. راحت فين؟ كنت لابسة الفُستان الأبيض اللي كان حلو أوي بالمُناسبة، وبأدوّر على اللينسيز .. الميعاد بُكره، أنا سمعت صوتك المرة دي على التليفون .. دي إشارة أكيدة من القدر إنك موجود، بجد وحقيقي.

- الواحد لما يفقد قُدرته ع الحكي والحلم، وجواه حكاوي، بيعمل إيه؟
- بيهرب.

---

تعبت من شعور أنني يجب أن أشعر بشيء ما.

والحياة جدًا مُرهقة، جدًا مُملة. كل يوم أنام بفكرة واحدة: سأصحو لأجد كل شيء على ما يُرام. وأصحو في اليوم التالي على كل شيء، ولكن يبدو أن ما يُرام لن يظهر أبدًا.
أحلم بأشياء تافهة لا معنى لها، أستيقظ لأجد أشياءً اكثر تفاهة.

أبحث عنك، وأكمل عامي الثاني والعشرين دونك. أخبرني، ما فائدة وجودك إذن؟
برقية واحدة تصلني بكلمات تُعد على أصابع اليد الواحدة ستكون كافية.
على كُلٍ، أنا لا أشعر بشيء، وفي هذه الحالة، وفقط في هذة الحالة، يُصبح كل شيء على ما يُرام.


---


-هو الواحد بيعمل ايه لما بيتعب؟
-بيستسلم.

الأربعاء، 10 سبتمبر 2014

انتظري . قليلًا .



فقاقيع الصابون تملأ شاشة "اللابتوب" وأنا أحدق فيها في إنتظار الوحي الذي سيصِف ما أمُر به بدايةً من حرق اصبعي في تحليل المعمل مرورًا بالبُكاء صُبحًا ومساءً ونهايةً بمشهد جلوسي على أرض الغرفة بحثًا عن الثقب الأسود الذي يمكن ان يُخرجني من هنا.


انتظري . قليلًا .

بإنتظار الوحي يُمكن أن نقص المشاهد المُبهجة في محاولة للتشويش على الحزن:

نهار خارجي
العاشرة صباحًا
تجلس أربعة فتيات بالنور والأمل والندى، موليات ظهورهن للنافورة ووجوههن للإمتحان/ للحياة .. يضحكن على همومهن بصوت يحسبه السامع عن بُعد ضحك المبتهجين بالواقع، تقول أمل: "أصل هنستفيد ايه لو فضلنا مبسوطين على طول؟" .. اقول: "دي أسخف حاجة سمعتها في العشر سنين اللي فاتوا .. " ثم أفكر الآن بإنتظار الوحي بأنها مُحقِّة تمامًا .. يجب أن أخبرها فور ان أراها مُجددًا.
أضحك معهم، لأتذكر أنني لم أبتسم حتى في اليومين الماضيين.

نهار خارجي
السادسة والنصف صباحًا

أمر بجوار "عصفور"، الكلب الطيب ذو الثلاث أرجل المُقيم في الكُلية، أقول "صباح الخير" .. أجلس في المكان السابق ذكره وأحاول للمرة الأخيرة. بعد حوالي الساعة يقترب عصفور ليجلِس بجواري تمامًا، أقول "أنت كيوت أوي، بس ممكن متقربش أوي علشان بأخاف؟" .. ينام لأكمل محاولاتي وهو يُشعرني بوَنس ما.
ولكن قبل أن يرحل، قرأت في عينيه حُزنًا أعرفه جيدًا.

نهار داخلي/ مكتبة الكلية
الخامسة عصرًا
ترد " انا مبقيتش .. " لأقاطعها قائلة "حِمل جرح؟ مبقيتش أستنى فرح؟ مبقيتش يا حبيبي ع الليالي قادر؟"
لننفجر بالضحك وسط المذُاكرين .. ثم اطلب منها أن تُكمل فتقول " أقصد إني مبقيتش بأتضايق .." أقاطعها مُجددًا "علشان بأشوف في عينيك نظرة صعبان عليك وعليك ده مش لايق؟" لنستسلم للضحك تمامًا هذة المرة.


عودة للمشهد الأول
كالمُعتاد أتخيل انني أُلقي بكُتبي وحقيبتي الكبيرة في الهواء وأخلع حذائي وأرقص في ساحة الكُلية على أنغام تأتي من لا مصدر، أتخيل أنني واحدة ممن يظهرن في إعلانات تصدير السعادة، وأن الحافلة الـ"موڨ" أو الـ permanganate تأتي لتوزع الشيكولاتة على الجميع.

أكتفي بالضحك على سخافة المشهد، وأذهب لأحضر بعض الشيكولاتة لرِفاق البهجة.

بإنتظار الحكمة، التي بالضرورة تختلف من كل حكايةٍ وأخرى رغم توحد المصدر.
فقط أنتظر على حَرف جزيرة يبتلعها البحر بالتدريج، وأرى سفينة على امتداد بصري.. ولكن هل هي تراني؟
لا أهتم حتى بمحاولة لفت انتباهها، في إنتظار أن تشعر هي بوجودي في وقت ما.

انتظري . قليلًا .

الوحي:

تحتمل أوجه النسيان عشرة أسباب لا أذكر منها واحدًا، ولكنني لا أنسى أنني أنسى، وأنسى أنني سأنسى.

لا أحتمل ثِقل العالم أكثر من ذلك، لم أعد حتى أحتمل ثِقل نظاراتي الطبية فوق أنفي.
يُردد كيانٌ ما بداخلي " انتظري قليلًا.."

قال "لو علمتم الغيب لتمنيتم الواقع"، أفكر: وإن لنا أن نعلم الغيب فكيف لا يكون لنا أن نغيّره؟
أهمس بأنه "كفاية كده أنا تعبت." ليُرد الغيب عليَّ بعد أن يُصبح حاضرًا " أنتِ بحاجة للمزيد من الحزن، أنتِ بحاجة للمزيد من الحرارة والضغط لتتحولي من الفحم إلى الألماس."

أترك كل شيء الآن لمقادير الله، لم يكن بالإمكان أكثر مما كان.

فقط افهم الإشارات أو حاول قدر استطاعتك، ولا تتمسك بالطريق الذي تراه أنت مناسبًا أكثر من اللازم، اترك نفسك للتيار دون أن تبحث عن بوصلة بداخلك لن تجدها، أنت لا تمتلك الحاسة السادسة يا عزيزي للأسف، تعامل مع الامر كما هو. ولا تنس ان تتلقى ضربات القدر بصدر رحب، الأمر لا يستحق الرثاء حتى. سينتهي كل شيء، لتُقص يومًا كل ما حدث وأنت تضحك من قلبك لتقول كما قالت أمل "أصل هنستفيد ايه لو فضلنا مبسوطين على طول؟"

الثلاثاء، 9 سبتمبر 2014

وشوشة في وسط الزحمة



نبتدي منين؟
من الأول ..

أنا مش عايزة أعرف ناس، عايزة أعرف كتاباتهم الحلوة بس .. اللي تقريبًا كده مبقيتش بأعرف أعيش من غيرها
لما بطلت أقرا من حوالي كام شهر ودخلت في حالة اللا قراءة دي كنت فاكرة إنها حالة وقتية .. بعدها دخلت في حالة الإعتراف بإني ساعات بأحب القراية، دلوقتي عرفت إني مبحبش القراية ولا حاجة.. أنا بس بأحب الكلام الحلو، بأحب الحكي والجمال بصفة عامة إن كانوا في حتة مزيكا او مكتوبين في نوتبوك/ كتاب/ مدونة ..
دلوقتي أنا مبعرفش أعيش من غير ما أسند قلبي بكلام حلو من بتاعهم ..
بس أنا مش عايزة أعرفهم.

إن كان لازم يعني ولابد أعترف بمخاوفي، علشان أواجهها . طيب .. انا مُعترفة.
بس المواجهة طلع فعل حلو في الآخر يعني، بيطلع فعل حلو لما بتكتشف في قُرب آخر السكة "ايه ده، انا طلعت بأعرف أتصرف لما بأبطل عياط".. أو وأنت ماشي وبتبص على إنعكاس صورتك على إزاز محل بتكتشف فجأة إن الشخص اللي في الإنعكاس مش وحش أوي للدرجة، يعني فيه أمل يبقى حلو كمان، مع شوية مواجهة عصيبة من دول.

الحواديت اللي مستخبية في قصة كل حاجة، الكتاب اللي اشتريته في يوم حلو علشان يكمّله حتى لو مش هأقراه إلا بعد شهرين، أو الكتاب اللي اشتريته في يوم وحش علشان يعدِله، القلم اللي قعدت أنقي فيه نُص ساعة، المقلمة بتاعت ثانوي، علبة المناديل الملونة، أو حتى الجُمجمة -عزيز- اللي جبتها بس علشان تونسني، مش علشان اذاكر عليها.. الحواديت المستخبية ورا كل حاجة دي حياتي أصلًا.

مش هتفرق كتير لو حكيت دلوقتي -كمالة للفضفضة- إني قاعدة في أوضة مقفولة وداخلها نور الشمس غصب من ورا الشيش الأخضر اللي بأموت فيه، مش فاهمة إزاي مفيش شيش أخضر في الشُقق الجديدة. والعصفورتين نايمين جنبي، والسمكة كمان نايمة، والمفروض إني دلوقتي مش هنا، انا في التاب التاني اللي شغّال فيه المحاضرة .. بس بأتسحب كل شوية على مكان تاني أرمي فيه حبة الزهق والخوف اللي بيجروا ورايا، أكيد مكنتش هألاقي مكان أحسن من هنا.

أنا بأجامل وبأنافق أكتر مما كنت مُتخيلة، يعني مثلُا البنت اللي جت سلمت عليا وانا مبحبهاش، كان نفسي أقولها بكُل صراحة إني مبحبكيش ومتجيش تسلمي عليا تاني. بس أنا مقولتلهاش كده. ده نفاق أوي على فكرة.

الواقعية برضه كويسة، مش دايمًا صح إنك تيجي على حساب الأحداث بالتدوين التجميلي عنها ده. لأ احنا ممكن نذكر الواقع بكل حقايقه عادي.. مثلًا إن ريم كانت واحشاني فعلًا، وده مبيحصلش في العادي إن حد يوحشني، ودي علامة خطر. احنا بدأنا نتعلق بالناس لدرجة إنهم يوحشونا .. دي علامة خطر برضه على إن الدُنيا هتطلعلنا لسانها قُدام وهتخلينا نخسرهم .. بس احنا ممكن نبقى أرخم منها عامةً ومنخليش ده يحصل.

أو إن المكان اللي اترفضنا منه هو اللي كنا عايزينه، والمكان اللي اتقبلنا فيه ده اللي احنا مكناش عايزينه.
أو إن كوننا هنا ده أصلًا حدث مأساوي ممكن نقعد نحكي عنه باقي عُمرنا، كـ كبوة جواد طويلة أوي، أو هي مش كبوة واحدة يعني.

الحاجات اللي مينفعش نغيرها، والحاجات القدرية زي اسمك ونوعك وانتمائك، الحاجات اللي مينفعش تتمرد عليها علشان دي أنت بمُنتهى البساطة .. مفيش مفر من إنك تتقبلها وكمان تتعلم متتكسفش منها، تتعلم متتكسفش من نفسك.
أو زي ما ريم مرة قالتلي "مينفعش تضايقي من إنك حقيقية."


الخطة بتقول:
- نتعلم تبطل توحشنا حاجات مش موجودة في الواقع
 زي الأصحاب اللي مشيوا وجه بدالهم ناس تانية بنفس الاسم.
- نتعلم نقول deal لما الحياة تحطنا في وش تحدي من بتوعها.
- منرجعش كتير/ منرجعش أصلًأ.
- لما نعوز حاجة، وحد يسألنا إن كنا عايزينها، نقول أيوة عادي.
- نربع رجلينا ونحط السماعات على ودانا ونكتب، وبعدين نرجع نكمل شُغل.

الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

يا ليت قومي يعلمون



السنين بتُفرط مني زي حبات البسلة.
كل يوم فيه يوم بيسيبني ويمشي للأبد. مباخدش بالي انه مشي .. زي الحفلة الكبيرة اللي مليانة معازيم وكل شوية حد بيمشي .. مبناخدش بالنا إن القاعة بتفضى إلا لما العدد يوصل النُص مثلًا .. ساعتها بنبدأ ننتبه.
أو زي ما قانون ارنست ڤيبر بيقول إنك مش هتبدأ تحس بفرق أو تغيير في مؤثر مُعين إلا عند نسبة تغيُّر تقريبًا 1/10، وسماها العتبة الفارقة. فيه تجربة بتوضح معنى القانون ده بتتعمل، واحد بيقعد في أوضة منورة بـ 40 شمعة، وبيطفوا شمعة شمعة ويشوفوا هو هيحس امتى إن النور بدأ يقل .. لقوا إنه بيبدأ يحِس عند الشمعة الرابعة.
معنديش فكرة العتبة الفارقة بتاعت أيامنا هنا كام سنة بالظبط علشان نبدأ نحس إن العُمر جري.
احنا بنموت كل يوم. كل يوم فيه جزء صغير -قد اليوم اللي فات- بيموت مننا، لحد ما بتخلص أيامنا كلها وتموت مننا آخر حتة.
ده ممكن يفسَّر ليه بنتعب في آخر أيامنا، أو إزاي بنحس إننا قربنا نخلص خلاص.

بس الواحد بيخاف من الوجع أكتر ما بيخاف من الموت.
لو بإيدي أختار أموت إزاي .. مش هأتمنى أكتر من موتة دافية في سريري وسط عيلتي، زي روز، اللي قابلت چاك في الناحية التانية مستنيها قُدام الساعة بالظبط، وكل الناس اللي قابلتهم في رحلتها القُصيرة وسبقوها على هناك بيستقبلوها.

هأتبسط أكتر لو سيبتهم هنا من غير وجع، بيفتكروني كل يوم بدُعا يوصلني هناك .. وأنا أكلم ربنا علشانهم واطلب منه ميآخذهمش، هم بيغلطوا يا رب علشان لسه معندهمش يقين كفاية، هم بيغلطوا علشان في غفلة، زي اللي أنا كنت فيها.

معنديش مانع أفضل عايشة تلاتين سنة كمان، ولا عندي مانع أموت السنة دي.
المكان مش حلو أوي يعني علشان أتمسِّك بالرحلة.
بس دي مش رحلة .. ده طريق، ولازم نمشيه للآخر.

الأحد، 31 أغسطس 2014

أقترح أن نبقى غُرباء



يأتي يومٌ، ويرحل قُرابة الثمانية ألف غيره.
نعُّد الساعات حتى اقتراب موعد الفصل، يوم يُكرم المرء، أو لا يُكرم.
لا بحسب عمله فقط، ولكن بكرم الذي وسعت رحمته كل شيء.
قريبٌ هو، أقرب من حبل الوريد، يجيب دعوة الداع، ويدنو ذراعًا إلى من يدنو إليه شبرًا.

---

اقترب، سأخبرك بـ سر ثم تنساه إلى الأبد، سأحدثك بما تفيض به نفسي ثم اذهب وألقي به في بئر الأسرار وعُد من غيره لتسمع غيره.
الخوف درجات، خوف يُعيق وخوف يأخذ بيدك طوال الطريق.
أما الإطمئنان فـ هو درجة واحدة، نصل إليها فلا نعد ننتكس أو نتعثر.

---

أستمع بتركيز إلى كلمات تأتيني من على المسرح الصغير، من يتردد ومن ينطلق، من يضحك ويقول كلامًا لا وزن له.
ثم أجد كل ما بقى في عقلي بعدها بأيام هو "مقامك حيث أقامك".
لابد وأن تلك علامة اخرى على الطريق.

تمر ورقة بين الحضور بحكمة، موقف عابر مُعتاد ومُكرر، ولكن الحكمة الغير مُعتادة والغير مُكررة والتي وكأنها بُعثت إليّ أنا بالتحديد كانت "اختر وظيفة تحبها ولن تُضطر إلى العمل يوماً واحداً طيلة حياتك."
وأنا لم أختر واحدة، اخترت الإثنين، وإن استحالا سويًا .. فهذا اختياري.
وأظن بأننا قد اجتزنا نقطة اللارجوع مُذ زمن، وذلك شيء في صالحنا بالمُناسبة.

---

أقترح أن نحيا، معًا، دون أن تكلف أنفسنا عناء البحث عن غيرنا.
لن نكلف أنفسنا حتى عناء الهرب، سنبقى، ولن نواجه، سنحيا بقوانينا الخاصة، خارج العالم الذي يمتلكه الجميع، في عالمنا الخاص.

لم كل تلك الحسابات والخطط والأوراق والأقلام الملونة،، الجاف منها والرصاص، ومشابك الورق والملاحظات التي تلتصق بكل ركن في حائط الغرفة؟ لم كل تلك الفوضى؟
أقترح ان نجمع كل تلك التعقيدات، ونلقي بها حالًا في الجزء المُظلم من عقلي.

حياتنا هي. لا تخُص أحدًا سوانا -مادُمنا لسنا آباءً أو أمهات-، فلنُخطىء، ونتعلم، ونبذل جهدًا الآن قد يُبذل ضغفه تعويضًا عنه في المستقبل القريب، وضعفين ضعفه في المستقبل البعيد.

---

عالمكم لا يعنيني ولا أنا أعنيه.
قوانينكم لا تهمني، قوانينكم لا العدل.

إن كانت ضريبة الإختلاف أن نبقى غرباء، فـ لـ نبقى غرباء عن ديار الأخلاق التي لم نعهدها، عن التعقديات ولامنطقية تقاليد المستعمرة الحزينة التي نحيا بها. غرباء بـ هويتنا وأفكارنا، وأنفسنا التي لا نالها السوء مما نال بغيرها.
إن كنا سنُنبذ، أو نُحارب، أو نُقتًّل، ونموت ونحن نحن، فـ لنبقى غرباء.

"سنوات التيهِ في سيناءَ كانت أربعين
ثم عاد الآخرون
و رحلنا.. يوم عاد الآخرون
فإلى أين؟.. و حتامَ سنبقى تائهين
وسنبقى غربـاء*"

*وداعًا سميح القاسم











الأحد، 24 أغسطس 2014

آه من الفُراق .. آهين



الرابعة فجرًا

تخرج من حلم كان يطاردها لثلاث سنوات في الليلة الماضية، تخرج بتثاقل من تحت غطاء لا تستغنى عنه صيفًا أو شتاءً. تحتمل حرارة العالم وبرودة قلبها وتثاقل جفنيها وتقاوم تأثير الجهاز العصبي اللاودي (الـ parasympathetic) والذي هو غير ودود معها بالفعل، وتستيقظ.


الرابعة عصرًا

وكأن الشمس آثرت أن تترك العالم كله وتوفر آشعتها لتصبها مباشرةً فوق رأسها. تنظر إلى السيدة الجالسة أمام فحم الذرة المشوي تحت مظلة قد تقيها من الآشعة ولكنها لا تفعل شيئًا بالحرارة أكثر مما تفعله المصفاة بالماء. تتركها وتهرب إلى الظل حتى لا تحرق الحرارة ما تبقى لها من قوة.

...

يا صديقي، الحياة مشيت من غيرك، بس مش زي ما اتفقنا. كان الإتفاق إنك هتفضل موجود حتى لو كنت على بُعد 459 كيلومتر من هنا. كان الإتفاق إنك هتتحمل، ومش هتزعل مني أبدًا.
صحيح بعد ما مشيت مساحتي الشخصية زادت، وده شيء مريح جدًا بالنسبة لي، بس وجودك كان فارق. ومشيت مع إنك على بُعد كيلومتر ونُص.

...

تفكر:
أيهما أسوأ؟ وعد معروف يقينًا غير منطوق ولم يُنفّذ، أم وعد منطوق وخُذِل؟


...

ما لن يُذكر في الإنترڤيو:

عرِّفي نفسك.
بيقولوا بتكتب حلو، بس أنا بس بحب أكتب. ساعات بأحب القراية. معنديش أخوات، ولا أصحاب تقريبًا. أكتر حد الناس مش بتراعي مشاعره في الكون، وحساسة جدًا للدرجة اللي ممكن تخليني أقوم أسيب الإنترڤيو دلوقتي وأمشي.

قولي 3 مميزات فيكي و 3 عيوب.

مبجرحش حد، أسوأ رد فعل ممكن آخده إني أبعد أو متكلمش. بألتزم بالقوانين للحد اللي بيخنقني انا شخصيًا، وبأعرف أقف مع الحق كويس حتى لو كنت أنا الغلطانة وهأقف قدام نفسي. بيقولوا إني عاقلة، وإن جد -ساعات زيادة عن اللزوم-، وإني بأسمع صح.

بأخاف أفشل، فـ مش بأحاول كفاية، علشان يفضل عندي مساحة لكلمة "لو كنت عملت كنت نجحت". او يمكن بأخاف من النجاح أصلًا.
عصبية للحد اللي يخلي كل الناس تقول عليا هادية، ويخسروني أول ما يشوفوا عصبيتي، اللي غالبًا مش بتتشاف، لأن أنا نفسي مش بأتشاف.
متناقضة، للحد اللي يخليني محايدة. بيقولوا إني ساذجة، وتافهة، ومبستحملش اللي قدامي.

وانتي بتقولي ايه؟
أنا بأقول إن عندي إكتئاب.

ايه أولوياتك؟
الونس، الدفا، الأمل.
وأي حاجة عايزة أعملها ليها الأولوية على أي حاجة تانية في الدنيا.

ايه اللي ممكن يخليكي تسيبينا؟
لو صحيت في يوم الصُبح وحسيت إني مش قادرة أكمل في المكان ده.

تعملي ايه لو حصل قدامك موقف يُضر بشكلنا العام؟
مليش دعوة، مش هأعمل حاجة.

ايه طموحاتك في الحياة؟
أعدي الوقت ده، وأوصل للجزء من حياتي اللي هأبدأ أحس فيه إني فعلًا عايزة أعيش تاني.

...


كانت تتعامل مع مشاكلها بمبدأ الفتاة ذات الثلاث سنوات، التي تخبىء عينيها بين كفيها حين تريد الإختباء، وحين لا ترى العالم تحسب أن العالم لا يراها بالمثل.

...

بيفضل فيه أوبشن الكتابة، البوح، الحكي. أوبشن إننا نقعد على الكنبة ونربع رجلينا ونسمع مروان أنور أو نشوف مسلسل الضوء الشارد من غير ما نبُص على الساعة كل خمس دقايق، او نحسب ضيعنا قد ايه من ساعة ما فتحنا عنينا الصُبح، ونفضل نفتكر كل يوم قد ايه احنا مش قادرين نبطل زعل على فارس. هيفضل فيه أوبشن إننا نتعلم من كل كعبلة اتكعبلناها في السكة، ونتكعبلها هي هي تاني علشان نتعلمها أحسن شوية المرة دي. إننا نبطل نفكر في الكوابيس اللي بتجيلنا أكتر واحنا صاحيين، ونقعد نفتكر في الأغنية اللي سمعناها في محل عدينا من جنبيه وفضلنا واقفين عاملين نفسنا بنتفرج علشان نسمعها، هنفضل نقرا كلام بنحبه مهما بطلنا نحب اللي بيكتبوه، ونسمع أغاني بتوجعنا، ونخاف نكتب مخاوفنا على الورق لتطلع وتجري ورانا ومنعرفش نستخبى منها في حتة .. هيفضل فيه أوبشن إننا ناخد الزاوية اللي في آخر قاعة الكورس ونتدارى في الحيطة، ونجيب شوكولاتة ونسكافية أو عصير برتقان يمكن نصعب على هرمونات الإنبساط وتقرر تطلع النهارده شوية تشوف شغلها .. ونقعد سوا لحد ما القطر يعدي من فوقينا بسلام. هيفضل فيه أوبشن أخير، وهو إننا نحاول تاني.


هو احنا هنرجع نكتب سوا تاني امتى؟



الجمعة، 15 أغسطس 2014

مش مهم



"مش مهم .. كلمة جديدة اكتشفتها النهارده الصبح."
ــ عمر طاهر

فيه مشكلة كبيرة، وفيه حاجة غلط بتخليني كل ما أشتكي إن نفسيتي تعباني يترد عليا بإني السبب، وكأني انكرت ده من قريب أو من بعيد.
فيه مشكلة كبيرة بتخلي أي حد يعرفني يشوف إن من الطبيعي إني أكون متضايقة، فميهتمش يسألني عن اللي مضايقني، لأن ببساطة أنا متضايقة على طول.
فيه مشكلة كبيرة، مخلياني حاسة بإن كل الحاجات مش فارقة، عادية للدرجة اللي بتستوي عندها كل الإحتمالات.
فيه مشكلة كبيرة، وأنا مش عارفة أحلها لوحدي، ومفيش أي حد عنده إستعداد يفكر بس يحلها معايا. وأنا مش مستعدة أخلي حد يحلها معايا.

دلوقتي حالًا، أنا مش مسامحة اللي وعدني بإن كل حاجة هتبقى كويسة ومشي فجأة وسابني أتعامل مع الأمر الواقع -اللي مفيهوش حاجة واحدة بس كويسة- لوحدي. مش مسامحة اللي وجعني بأي كلمة مهما كانت واقعية أو عنده حق فيها، وبأدعي على اللي وجعني بكلام مش حقيقي.
أنا مش متسامحة مع العالم، ومع نصيبي وحظي القليل في أكتر حاجات اتمنيتها في العالم.
لأ ده مش تنشيف دماغ ياللي اتهمتيني بـ ده زور، أنا من حقي أتمنى حاجة تحصل، ولما متحصلش أتضايق. ده مش تنشيف دماغ.
مهما كانت الحاجة تافهة ومش مُهمة من وجهة نظرك، انا مش متضطرة أدافع عن حاجة نفسي فيها.
أنا كمان مش متضطرة أدافع عن أي إحساس بيعدي عليا، ولا عن أي تصرف ناتج عني في الفترة -الطويلة جداً- اللي نفسيتي مُعتلة فيها.
أنا مش متضطرة أواجه نفسياوياتكم السودواية ورغباتكم الدفينة في الحكم على الناس اللي أقل وأضعف منكم، وأقف أسمع لمحاضراتكم العظيمة اللي عنوانها إني بأتدلع ومشكلتي نابعة من جوايا.
انتوا ملكوش أي لازمة، ببساطة لإني لما بأقف قدام المراية وبأكلم نفسي بأقول الكلام اللي انتوا بتقولوه ده وزيادة عليه ضعفين ضعفه. يعني انتوا مقولتوش حاجة جديدة، ولا أفدتوني بل على العكس.

ببساطة أكتر، انا مش متضطرة أتعامل أصلًا مع حد شايف إني مُعقدة -وأنا معترفة بـ ده-، مش قادرة أحمِّل نفسي عبء -فوق العبء الموجود فعلًا- بإصطناع إني طايقاكم وقادرة أتعامل مع احكامكم.
مش طالبة تعاطف منكم، ولا مُهتمة بفكرتكم عن إنكم قادرين تفضلوا مبسوطين مهما كان عندكم مشاكل الدنيا، ببساطة -برضه- لأنكم مش انا، وأنا مش انتم.

مشكتي إني مش قادرة أتقبل وضعي في الحياة وكوني أنا بالذات. مش قادرة أتقبل إختياراتي وأتعامل على أساسها، ومش قابلة للإختيارات المُتاحة قدامي، ولا بغيرها. شايفة إني أستحق أكتر من كده، ولأني -وياللمُفاجأة- حساسة جدًا، بتأثر فيا فعلًا كلمة واحدة، وحتى السكوت ليه انطباع عندي، أنا بأتعب أيام من كلمة قولتوها مش واخدين بالكم منها، أنا مش هأتغيّر، وعارفة إن ده هيتعبني انا لوحدي، وإن مفيش حد هيتفهم كياني ومشاكلي، وهيعاملني على إني ذات إحتياجات خاصة، وعارفة إنكم مش هتصدقوا ولا هتفهموا علشان معيشتوش حاجة من اللي انا عيشتها.
شايفة إني أستحق على الأقل حد يسأل عليا كل يوم/ فترة بسيطة إن كنت عايشة ولا لأ، وإن كنت قادرة أتعايش ولا لأ، ويكون مُهتم بالإجابة وفارقة معاه.
شايفة إني استحق آخد أجازة على الأقل.
شايفة إني محتاجة دعم/ أهل/ أمان/ دفا/ نجاح/ تغيير جو/ .. حاجات زي اللي اسمها حقوق.
معتقدش فيه حاجة ممكن تغيّر فكرتي في حقي ده.
ولحد ما ألاقي حقي ده، أنا مش مُهتمة أعرف حكمك عليا.

الأربعاء، 13 أغسطس 2014

عصفورٌ في اليد خيرٌ من ثلاثمائةٍ وأربعةٌ وخمسون في السماء


بالأمسْ حَلِمْتُ بِأَنَّنِي ضَائِعَةٌ، أُفَتِّشُ عَنْ الطَّرِيقِ بَيْنَ حَبَّاتِ الرَّمْلِ فِي صَحْرَاءٍ لَا أَعْرِفُ اِسْمَهَا.. أَهْرَبُ مِنْ ثُعْبَانٍ رَابِضٍ فَوْقَ قَلْبِي تَمَامًا.
كُنْتُ أَبْحَثُ عَنْ المَاءِ دَاخِلَ الصُّخُورِ، بِالرَّغْمِ مِنْ أَنَّنِي لَسْتُ عَطْشَى. لَكِنَّنِي كُنْتُ أَخْشَى أَنْ أَصِيرَ فَلَا أَجِدُهُ.
هَجَمَ اللَيْلُ عَلَيَّ فَلَمْ أَحُرِّكْ سَاكِنًا. فَقَطْ اِسْتَلْقَيْتُ مَكَانِي، وَثَقُلَ الثُّعْبَانُ، وَاِزْدَادَ ثِقْلًا كُلَّمَا اِزْدَدْتُ، وَيَبْدُو أَنَّهُ اِسْتَرَاح.
لَمْ أَسْتَطِعْ النَّوْمَ فَبَقِيتُ أعُّد النُّجُومُ حَتَّى بُزُوغِ الشَّمْسِ، ثَلَاثُمِائَةٍ وَأَرْبَعَةٌ وَخَمْسُونَ نَجْمَةً هُوَ كُلُّ مَا اِسْتَطَعْتُ حَصْرُه.
حَتَّى إِذَا مَا جَاءَ الصُبح عَلَى اِسْتِحْيَاءٍ، رَأَيْتُ بَرَكَةَ مَاءٍ عَلَى بُعْدِ مَدَّةِ ذِرَاعٍ وَاحِدَةٍ، وَعَلَى اِمْتِدَادِ بَصَرِي رَأَيْتُ طَرِيقَ العَوْدَةِ.
فَرِحْتُ لِرُؤْيَةِ المَاءِ أَكْثَرَ، وَأَهْمَلْتُ الطَّرِيقَ.
فَكَّرَتْ: كَمْ أَسْتَطِيعُ أَنْ أَقْعَدْنَ هُنَا، بِجِوَارِ المَاءِ، وَلَا يَخْتَفِي طَرِيقُ العَوْدَةِ؟

الاثنين، 11 أغسطس 2014

تيـه مُستقر



صباح مناسب للكتابة ..

يا عزيزتي، كل الصباحات مناسبة للكتابة، وكل الأمسيات، وأوقات الفرح وأوقات الوجع والخُذلان.
الكتابة، وأن تُفضي بما يطوف بروحك، تناسبها كل الأوقات.


-----


امبارح حلمت إني ومجموعة صحابي رحنا حاربنا ناس وخدنا حقنا، الحلم كان طويل، مليان تفاصيل، مليان أكشن على غير العادة، وقصته كلها صاحية ناسياها .. بس فاكرة إني قتلت واحد، فضلت حاسة بالذنب في نهاية الحلم ولحد دلوقتي، وده بالمناسبة بيدمر نظرية إني هأبقى serial killer.

فيه حمامة بيضا بترفرف قريب من بلكونتي بقالها يومين، بتعلَّق عينيا بيها كل ما تبان في مجال رؤيتي. الطيور بصفة عامة بتبهجني، بس وهي طايرة وبتتصرف على طبيعتها، مش وهي محبوسة في قفص على ترابيزة مُهملة في أي مكان في البيت.

يمكن أكتر كلمتين بأقولهم اليومين دول هم "أعمل ايه؟"، ومبلاقيش إجابة غالبًا. سألت أمي مثلًا قبل ما أنام إني عايزة أتبسط ومش عارفة، فـ أعمل ايه؟ .. قالتلي إني بأتبسط وبأنكر، زي لما أتنطط لما شُفت موضوعي منشور في التحرير يوم الخميس في ضربة شمس.. قُلتلها إني اتبسطت خمس دقايق وبؤسي رجع لي تاني. مش عدل ده يا أمي، أنا من حقي أتبسط أكتر من كده شوية.

أنا فعلًا حاولت أتبسط ومعرفتش، حصلّي habituation تقريبًا، أو inhibition لمراكز الإحساس بالسعادة من أصله.
أخدتني سينما وشُفت "صُنع في مصر"، ووديتني ماكدونلدز وأكلتني الساندوتش اللي بأحبه، واتمشيت معايا لحد الكُلية علشان أذاكر هناك. كانت النتيجة إني انهرت من كلمتين طالعين من بني آدمين مبيفهموش في أي حاجة في الدُنيا غير الحفظ. وفضلت طول اليوم ألوم نفسي إني سمحتلها تتضايق من كلام طالع من الناس دي. وفهمت مرادف "دمي محروق".
مكانش عندي طاقة تخليني أمشي لحد الباب، سندت بضهري على عمود وفضلت واقفة مش عارفة أروح فين، وبأسمع صويت طالع من قدام المستشفى كالعادة. الست كانت بتقول بعلو صوتها "يـا رب" .. ولقيتني بأسأل نفسي إن كان سامعها، ايه حكمتك يا رب؟ شوية يقين من عندك، وشوية شغف، وشوية أي حاجة تخليني قادرة أكمل عمري بس.

أول مرة أزور فيها بيتنا القديم من خمس سنين، طلع لي شارعنا زي ما كنت بأشوفه في الحلم بالظبط، يمكن مضلِّم أكتر شوية. سلم العُمارة كمان ضاق شوية، ومفيش روح في البيت.
كان نفسي أكمِّل الشارع وأروح عند الراجل اللي كنت بأجيب منه آيس كريم "دهب" وأنا صغيرة، وكان بالنسبة لي بعيد جدًا، بس خُفت أروح علشان أشوفه، ملاقيهوش.

مفيش حاجة تانية مُهمة حصلت في حياتي الشهر ده، يمكن نمت في حفلة أم كلثوم، النور قطع في صوفي لما رحته في المرتين، وفيلم step up all in كان أوحش فيلم دخلته في حياتي، بعد The wolf of wall street، وكورس د. محمد منصور اللي تيبيكال شبه أسامة البُكل، وفيلم الفيل الأزرق كان لطيف جدًا، لدرجة إني ندمت إني دخلته مع ناس مش لطيفة.


-----


أنا : عاملة ايه وكده؟
ريم : مُحبطة شوية وكده، بأحاول مبقاش كده .. هنبقى كويسين إن شاء الله.
أنا : لأ، يلا نموت كفاية كده.
ريم : ده على إعتبار إننا عايشين؟
أنا : عارفة الأعراف؟
ريم : لأ. ايه الأعراف؟ سورة الأعراف؟
أنا : الأعراف ده سور بين الجنة والنار، بيقعدوا عليه الناس اللي عندهم حسناتهم قد سيئاتهم بالظبط، بيقعدوا بين الجنة وبين النار، لا هم في الجنة ولا هم في النار. بس أنا اعرف إن ربنا بيدخلهم الجنة في الآخر برحمته.
ريم : آه كده عرفته كويس.. احنا دلوقتي في الأعراف.
أنا : بالظبط .. فهمتيني.
ريم : للأسف.

"الدنيا كلها تيه.. ولو رسيتي في حتة هتتوهي في غيرها .. الفكرة إننا هنرتاح لو بطلنا ندور على الإستقرار اللي مش هنلاقيه ده .. نفهم إنه تيه هنستقر." ـــــ م.ف


ريم : والعمل يا بينكي؟
أنا : مش عارفة يا براين، انت اللي المفروض تفكر يا قصير يا مكير.
ريم : مخي زهق مني وسابني لوحدي ولم هدومه ومشي يروح عند أمه.
أنا : وإنتي إزاي تسمحيله يعمل كده؟
ريم :
صحيت لقيت دولابه مفتوح وفاضى وملقتلوش اى آثر، غير جواب مكتوب فيه 3 كلمات' الوداع جتك القرف'.

-----

مكانش محتاج أكتر من إن حد ياخد باله منه، يمكن مكانش فاهم حتى ايه اللي محتاجه بالظبط لحد وقت قريب جدًا. كان بيقول إنه محتاج حد يطبطب عليه، أو يفرحه، أو حتى بس يسمعه وهو بيتكلم بإهتمام. بس بعدين فهم إنه محتاج يحس إن فيه حد واقف في ضهره بيسنده طول الوقت، ومُهتم يعرف كل حاجة عنه مهما كانت تافهة وملهاش قيمة. كان محتاج حد ياخد باله منه بمعنى الكلمة.
وهي كانت بس محتاجة تعرف ده.

متكلمتش عن الناس اللي بيكونوا عارفين معلومة واحدة بس بيعرفوا يتكلموا عنها كويس أوي، والناس اللي بيبقوا عارفين معلومات كتير ومبيعرفوش يتكلموا عن ولا واحدة.

خّد بالك من الناس اللي تحس وسطهم إنك مش حاسس بقيمتك، أو مش شايف بينهم إنك لاقي مكانتك، أو تميزك، سيبهم فورًا.
ومتندمش على حاجة مروحتهاش طالما محدش عزمك.
ومتدورش على شقيق روحك، هتلاقوا بعض لوحدكوا والدنيا هتجمعكوا، يمكن بس علشان تفرقكوا تاني -علشان هي شريرة-، بس خليك واثق إنكوا هتتجمعوا، وهتعرفوا بعض كمان.

وافتكر "إنك تعيش يوم واحد بتعمل الحاجة اللي بتحبها، أحسن من إنك تعيش 100 سنة بتعمل حاجة مبتحبهاش." زي ما قال أحمد حلمي في صُنع في مصر.

-----

كمثل ورقة شجر نحاسية اللون، مجعدة، وهشة تمامًا، منفية عن الأصل، مُلقاة على الأرض، تتحطم بفعل ضغطة قدم واحدة.
كمثل فتاة وقفت في النور، تغمرها آشعة الشمس بلُطف، أغمضت عيناها حتى تنساب الآشعة خلالها، فربما تغسل قلبها من ظلماته، كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدنس.