الأحد، 3 أغسطس 2014

أن تكون مُحيطًا





بتبني أسوار حواليك في كل حتة، وتقعد جواها تدوّر على حبة أمان. بترجع تفتح شبابيك في الحيطان، تشوف منها ايه اللي بيحصل بره المُربَّع بتاعك
.
بتبعد مسافة مترين على الأقل عن كل اللي تعرفهم، واللي بيحاولوا يقربوا بتحرقهم بنفسك بدل ما يتحرقوا غصب عنك.
بتختار كل مرة نفس الطريق، وتقابل الوحش وتخسر، وجيم أوڨر، وتعيد من الاول، فتمشي في نفس الطريق، وهكذا.
تقابل حد يضحكلك لحد لما قلبك ينوَّر، تحسبه غير كل الناس، تفتحه له بيبان قلبك، فيدخل يكسَّر كل حاجة جواه ويمشي، فتقعد تلملم أشلاء اللي اتكسر جواك من غير ما ترميه، وتربط في شرايين قلبك من تاني، وتحط بلاستر من بره وتقفل الباب كويس. تقابل حد تاني يضحكلك لحد لما قلبك ينوَّر -رغم الكسور-، تحسبه غير، تفتحله قلبك، يطلع زي اللي عدوا من هنا قبله.
بتصحى الصُبح، أو بليل، تبدأ يومك -بتوقيتك الخاص- بآمال عظيمة، تو دو ليست بتاعت إمبارح أو الأسبوع اللي فات، تصحى مصدق نفسك جدًا إنك حد تاني، وإنك هتخلص كل اللي كنت ناوي تعمله -في الأربع شهور اللي فاتوا- النهارده. ويخلص اليوم وتُحبط جدًا إنك معلمتش أي حاجة، وتنام، وتصحى تاني يوم بنفس الليست، ونفس الآمال، ويخلص اليوم وتنام بنفس الإحباط، ونفس الإستغراب. أمنية عيد ميلادك السنة دي هي بتاعت السنة اللي فاتت، اللي متحققتش السنة اللي قبلها، واللي كنت عايزها السنة اللي قبل اللي قبلها. كل الناس حياتهم خط واحد، وأنت حياتك دايرة، بتدور حوالين مركز نقطة واحد، نقطة البداية.
بتعيد الفيلم عشر مرات وتضحك عند نفس الإفيه.
بتعجبك حاجة في حد، فتنبهر بيه، وتشوف منه حاجة مش عاجباك فتكرهه كله، وبعدين تشوف منه حاجة تعجبك فتنبهر بيه وتنسى اللي كرهته، وتشوف اللي كرهته منه تاني فتكرهه، وهكذا. فمتعرفش تجاوب على سؤال: إنت بتحب فُلان، إلا بإجابة: امتى بالظبط؟
بتحب المزيكا، وبتشتغل في دماغك طول الوقت. بتكره لما المزيكا تشتغل في دماغك طول الوقت من غير ما تختار ده.
بتحب الكتابة، بتعبر فيها عن نفسك، ولما بتقرأ كلامك بتكره الكتابة. بتقرأ مؤخرًا أول كلمتين في كل جملة، لأنك مبقيتش قادر تكمل أي حاجة للآخر، حتى الجُمل.
بتكره الروتين، ومتشعلق فيه.
بتبقى عامل زي الكتكوت المبلول اللي بيترعش لما حد يزقك بره الكومفورت زوون بتاعتك، وأول ما ترجعلها تسب وتلعن فيها.
نجاح الآخرين بيسببلك إرريتيشن، لأنه بيفكرك بورقة نجاحاتك الفاضية. بتشوف كل خطوة قُدام لحد تعرفه، هي خطوة لورا ليك.
متعرفش كتير عن نفسك، مع إنك مبتتغيرش، بتلاقي نفسك بتتغير بإستمرار. سألت نفسك كتير ومرسيتش يوم على بر. دايمًا بتنتهي من مطرح ما ابتديت. آخر الأسبوع بتبقى رومانسي وحالم، وأول الأسبوع بتبقى مُحبَط وواقعي.
مبتعرفش تستمع بالحاجات اللي فاكر إنك بتحبها، ومُقتنع إنك لسه مقابلتش شغفك الخاص.
مُتشكك دايمًا، بتخاف تغلط غلطات صغيرة من نوعية إستبدال الذال بالزاي، بس بتغلط غلطات كبيرة من النوعية اللي ممكن تضيع مُستقبلك.
كل حاجة وعكسها، وبرغم انك عايز تتغير، مبتتغيرش.
"لا تفقد إيمانك بالإنسانية، فهي كالمحيط، توجد به قطرات ملوثة، لكن ليس لها أن تلوث المحيط كله." ـــ غاندي.

نفسك كبيرة كالمحيط، كالإنسانية. وِحشَك كما نقط الزيت الطافية على وش المية، ملهاش إنها تلوثك. قلبك لسه عامر، عقلك لسه قادر ع المُعافرة.
وكل الفصول اللي فاتت من كتابك، صحيح مينفعش تعيد كتابتها، لكن لسه بإيدك باقي الرواية. وكام رواية بدايتها كانت دليل ع النهاية؟
**الصورة من Laura Ferreira Studios


الجمعة، 1 أغسطس 2014

سديم




كحبة الذرة القاسية، التي تلمع كالذهب، حتى إذا ما لمستها حرارة مـا، تصير حبة بوشار هشة، لا تحتمل ضغطة واحدة.
كغيمة تتنزه في سماء برفقة مثيلاتها، حتى إذا ما ازداد الضغط بمقدار وِحدة، تلاشت إلى قطرات مطر.


فتشت عنك، في جميع الطرقات فتشت. بحثت في جميع الوجوه عن ملامح تشبهك. سافرت في عيونٍ كثيرةٍ بحثًا عنك.
شيدت أسوارًا تخفي قلبي عن الظلمات، حتى يهتدي نورك إليّ. كتبت إليك، وعنك. دعوت بأن ألاقيك في أقرب وقت مُمكن.
حلمت بك.
نسجت من خيالي حكايات تجمعني بك. ضممت أضلعي بقدر ما استطعت، لتحضن قلبي ويُقاد شوقي إليك.
تركت نفسي كالصلصال الخام، حتى إذا ما اجتمعنا، تُشكِّلني أنت.
جمعت آمالي، وطموحاتي، وأحلامي، وجميع عرائسي ولعبي، وأوراقي، جمعتها في صناديق كبيرة، وحفظتها بعيدًا عن عوامل الزمن والإعتياد، لكي نفتحها سويًا، فنتعرف -أنا وأنت- عليّ.
زرعت يقينًا بنفسي أننا سنتعرف على العالم سويًا، وبأننا لن نبدأ حياتنا إلا معًا.
وإني كلما رأيت فعلًا استنكره، همست لذاتي بأنك لا تأتيه. وأني كلما رأيت فعلًا أحببت، همست بأنه من صفاتك.

قصتنا بدأت بالفعل، حينما ولدت أنت فكرةً في كياني، ترويها الرغبات، واشتياق المعشوق لما يكمله من قطعة -بازل-.
أخشى، وجل ما أخشاه، هو كونك كما السابق من الأحلام، كما البائد من الآمال.
أرجوك، صِرْ.


...

"وفي الإرادة البشرية قوة واشتياق يحولان السديم فينا إلى شموس ..."ـــ جبران خليل جبران
...


 فراغ متروك لأجل الرد، المكتوب فعلًا في مكان ما.


...




"وإزاي ننام من غير ما نحلم ببكره .. وبكره ده منين ييجي إلا بإيدينا؟"*


فيه حاجات لما بتتكسر، مبتترميش، ومبتتصلحش، وبنفضل عايشين بيها مكسورة -جوانا- ليوم الممات.

الاثنين، 28 يوليو 2014

ومضـات/ فِطر



يا النجمة الساكنة -بعيد جدًا- عن هنا، أقرب كتير للسما، لكن مش أقرب من اللي أقرب ليا من حبل الوريد، شاركيني همي واسمعيني، والمعي لما أقولك إني فرحانة، والمعي أكتر لما أشكيلك همي، بنورك -اللي أحسبه أحمر- الضعيف.

يا النجمة الساكنة فوق شباك الأوضة، وقريبة مني قدر مدة دراع واحد، نوريلي لما أحس الدُنيا عتمة، لأجل ما أشوف ولو حتى ضيك إنتي بس.

...

أخبيء عنهم شغفي بالكتابة، لسبب لا أعلم بيانه.

...

إعجاب المراهقة الصافي اللي بيخلي البسمة على وش القلب، وحكايات حواديت قبل النوم بتنط في الدماغ. ليه رجعتي دلوقتي؟
وليه جددتي الأمل فينا، وهو بعيد؟
بتحنسينا ليه لما المُراد قاعد قصادي، وبعيد قد السما، قد النجمة اللي ساكنة هناك. وما التقت العيون مرة، ولو صُدفة.
بس احنا عارفين أوي -قد اليقين- بإن الوصف هيفضل حدوتة، تتحكي قبل النوم، وقشاية أمل نتعلق بيها واحنا عارفين كويس أوي إنها مش هتنجينا.

...

كلمة تودينا وكلمة تجيبنا.
ولما بنقف قدام مفترق طرق بين سكة "يلا نفسي" وسكة "هم هيزعلوا" مبنعرفش نختار بسهولة.

...

إن كنت سبق وقلت إن إحساس "الرفض" هو أسوأ إحساس جربته، فأنا غلطانة وبأسحب كلامي.
إحساس "الفشل" أسوأ بكتير. أوي.

...

أما عن إحساس إنك مركز القعدة، ومحل الإهتمام، التركيز على إعطائك أكبر قدر من النصايح المُمكنة ..
"مبتذاكريش ليه؟"
"بتحبـي الكُلية ولا داخلاها غصب وإقتدار؟"
"بتعملي إيه في حياتك؟"
"فيه حـد شاغلك؟"

...

حقيقة كونية واحد: الصحيان بدري من مُسببات الحياة.
حقيقة كونية إتنين: التأجيل خسرنا كتير.

...

الساكت على طول، جوه وبره، الحالم على طول باللاشيء، المُهتم بنفسه -بس-، الكائن سرحان دايمًا، مش أحسن حد ممكن تتكلم معاه.

...

الخوف، الحيرة، الأمل.

السبت، 26 يوليو 2014

أُفضِّل وجهكِ من غير سكر



وإني أحبكِ
لكن

أخاف التورط فيكِ التعلق فيكِ التوحد فيكِ
.
.
.
مِرسالي الجاي من عند هناك -لأجلك- هنا شايل سلامات ومحبة كتير، أكتر ما يساعها جواب.
مِرسالي الطاير مسافات، من شرق الأرض لحد المركز .. ما هو إنتي المركز ..
بيقولك مستني وشاري ومنسيش، ولا عُمره هينفع يعيش، إلا أما الراسل يلقاكي .. وهيلقاكي.

...


- ع فكره بقى انا دمى كده هـ يتصفى .. دي تانى مرّة ياخدوا دم منّى عشانَك !
- انا عايز أغير كُل دمى .. و يبقى كُله من دمِك
علشان لمَّا احلف إنِّك بـ تجرى فـ دمى ، تصدقينى ..
* إمإم وعرنوس في السبع وصايا


...
مبعرفش أخفف على حد، ويمكن كمان مبعرفش أتعاطف بالقدر الكافي، ولا بأعرف أتكلف الإهتمام.
لو فيه فعل واحد بس بأعرف أعمله في الدُنيا، هيبقى إني أغلط.
مبعرفش أقول للناس اللي بيضايقوني قد ايه هم بيضايقوني، ولما بأمسك الموبايل وأطلبهم بأقعد نص ساعة بأرغي في أي حاجة، وفي آخر دقيقة وعلى استحياء بأقول اللي مضايقني، وبأطلب من الشخص بكل أدب إنه يا ريت ميعملش كده علشان أنا بأتضايق.
يمكن المرة الوحيدة اللي فاكراها اللي أخدت فيها موقف من حد ضايقني، الموقف كله اتقلب على دماغي، وخلاني متمسكة أكتر دلوقتي بإني أسيب الناس تضايقني عادي لأن العواقب مش هتكون لطيفة لما أصرح لهم إنهم بيضايقوني، لإني بأطلع في الآخر معقدة ومليش في الهزار.
بس فين الهزار ده؟ لو بيقول جملة لو كانت حقيقية كانت هتبقى شتيمة، لكنها مش كده لمجرد إن الشخص قرر إنه بيهزر، بأهزر يا رمضان مبتهزرش؟
التأويل التاني للي بيحصل هو إن الحساسية المُصاحبة للإكتئاب بتخليني أتوجع من أي مؤثر غير مؤلم، تمام زي الـ hyperplalgesia اللي بتحصل لحد لما يتحرق في مكان، فيكون المكان اللي حوالين الحرق في غاية الحساسية، بمجرد اللمس -المؤثر الغير مؤلم- هتلاقيه بيصرخ من الوجع.

...


الواقع والمنطقية بيكبسوا على نفس طموحاتنا أوي وبيوأدوا أحلامنا، لدرجة إن آمالنا بقت دليل على مدى البؤس.
في حين إننا المفروض نحلم ويكأن أي حاجة هنفكر فيها هتتحقق.
أصلًا أصلًا قلة الطموحات دي هي اللي مقصرة عُمرنا.

...

مكنتش محتاجة أكتر من طبطبة -مبعرفش أديها لحد- أو حتى حضن -مبعرفش أتعامل معاه إزاي-.
طبيعي جدًا أزعل، فـ آخد جنب وأعمل نفسي مأموصة، مش عارفة ده إشعار بطلب لإهتمام أكبر، ولا دي غلاسة وخلاص.

أنا فعلًا زعلانة من الدُنيا أوي يا فاطمة.
مفيش أي مجال للهروب من مواجهة حقيقة إن "أنا اللي جبت ده كله لنفسي".

...

مش لسه بدري خالص والله يا شهر الصيام.

...


.
.
.
دعيني أقول بكل اللغات التي تعرفين ولا تعرفين

أحبك أنتِ

دعيني أفتش عن مفردات تكون بحجم حنيني إليكِ
دعيني أفكر عنكِ
وأشتاق عنكِ
وأبكي
وأضحك عنكِ

الخميس، 24 يوليو 2014

ما لا طاقة لنا به



سأحدثك عن الوهن الذي يعتريني، فيصيب خلايا جسدي جميعها بالإعياء، أو ربما بالعدوان، فتعلن الحرب على بعضها البعض، وعليّ، تمامًا كالسرطان.
رب إني وَهَنَ القلب مني.
سأكمل حكاياتي عن الوجع، والخذلان، والوحشة، والنفي، والإنهاك، والفراغ، وأعراض الإنسحاب من الواقع.
أما آن لكل هذا الخواء أن يمتلئ؟
لقد ضللت الطريق فيما سبق، ولكني الآن لا أعرف حتى ما هو الطريق الذي ضيعته. تائهةٌ أنا في الفراغ -تمامًا كـ ساندرا بولوك حين انفصلت عن مركبتها الفضائية، سابحةً في الفضاء المُعتم دون جهة مُحددة- ولكن الفرق هنا أنني لا أعلم إن كانت الأرض هي وجهتي ومقصدي.

...

لا أستطيع التمييز بدقة بين ميكانيزمات الدفاع النفسية، أخلط بين الإسقاط والتعلل والتناسي والإنكار والـreaction-formation.
أستطيع أن أُعرِّف كل طريقة، لكنني لن أستطيع أن أُنسِب فعل ما -رأيته- لأيًا منهم.
وأكاد أقسم أنني أستخدمهم جميعهم -وليس كلهم-.

...

فاكرة طشاش إني زمان كنت مليانة طاقة إيجابية خليتني آخد كورسات تنمية بشرية وأقرا كتير في الموضوع، وأروح هنا وأروح هناك. حبة حبة الطاقة فضلت تقع مني في السكة قدام كل موقف احتاج مني تعامل حكيم، لحد ما خلصت كلها وبقيت ماشية شايلة فوق قلبي طاقات سلبية من تُقلها دلوقتي مبقيتش قادرة امشي خطوة واحدة.

...

كالنائم الذي لا يجد جنبًا مريحًا للنوم، يقضي ليلته في التقلب بين اليمين واليسار، والظهر والبطن، والتفكير بانه لن ينام أبدًا بعد اليوم.
كالطائر الذي ضيّع سربه، فقضى عُمرِه وحيدًا، يخفي جسده في الظل خوفًا من أن تأكله الكائنات الأعلى في تصنيف الكائنات الحية، وشوقًا للإنتماء والحماية.

...

كانت جدتي تحكي لي أيام المدرسة حكايات عن بنت جميلة اسمها هبة، سعيدة، تفعل ما يستحق أن يروى في حكاية لفتاة صغيرة.
كنت وهي نلعب الورق، وكانت -قبل أن يضعف نظرها- تكسب بسهولة، حتى إذا ما أخذ نظرها يضعف بالتدريج وبدأت تستعين بي -أنا خصمتها- في معرفة ورق اللعب الذي معها، كنت أنا من يكسب الدور كل مرة، ولا أتذكر أنها كانت تستاء، حتى إذا ضاع نظرها تمامًا، فلم نعد نلعب سويًا، وكفت جدتي عن الحكي أيضًا بعدما ضعف سمعها بالتدريج حتى انعزلت عنا تمامًا.

...

كمثل فتاة وقفت في ميدانٍ عام، وأخذت تصرخ بكل ما بها من قوة، فلم يلتفت إليها أحد.

...

قلبي: أنا تعبت، شوفيلك حل.
عقلي: أنا تعبت مش هأفكر في حاجة، اتصرفي انتي.
الدنيا: لأ مفيش حاجة اسمها بريك، هتفضلي تاخدي على دماغك كده.
أنا: ...

...

لم تعرف أمي عني شيئًا في الواحد وعشرين عامًا بأكملهم سوى ما يعرفه الجميع. أقصد أنك لو سألتها عن لوني المفضل، أكلتي المفضلة، إلى من أحب أن أستمع، ما الأفلام التي لا أمل من مشاهدتها ابدًا، ما آخر فيلم شاهدته في دور السينما، من هي صديقتي المفضلة، وهل أعشق شابًا ما، وما هو شغفي الخاص، لن تعرف. لن تعرف إجابة واحدة حتى. حتى وإن سالتها كم ساعة أنام في المُعتاد، لن تعرف.
أما عن أبي، فأنك لو سألته في أي عام دراسي أنا، لن يعرف.

...

الفرق بين العِشق والإنبهار، كمثل الفرق بين هواء النسيم البارد في الصباح، وهواء المُكيّف الُمزيّف.
العشق رزق، لا نتدخل فيه ولا نوجهه.
أما الإنبهار فهو إصطناع بشري تمامًا لا يخلو من زيف وتعظيم لا مُبرَر.

...

شعور المرحلة: السجن.
كنت حلمت من فترة إني مسجونة، وبررت ده بإن عقلي الباطن شايف -بشكل او بآخر- إني مُذنبة، وصاغ ده في حلم بإني أستحق العقاب بالحبس.
أما لى أرض الواقع، فالسجن بقى في كون مفيش حد موجود علشان ينزل يفطر معايا ونحلي بـ سينابون، مفيش حد موجود علشان أكلمه الساعة تسعة بليل وأنا بأعيط وبأتنطط 40 مرة ورا بعض وبسرعة علشان مُحبطة ومُكتئبة،فيقفل معايا وألاقي الباب بيخبط. ومفيش حد موجود علشان ياخدني السينما اول يوم العيد، ودي أسوأ حقيقة ممكن اواجهها في حياتي... بعد النتيجة على طول.

...

غيّرت رقم هاتفي منذ سبعة أشهر، أو ثمانية، لا أعرف. لكنني عرفت أن من يحرص أن يتواصل معي لا يزيدوا عن عدد أصابع اليد الواحدة.

...

على نقيض سلوك الفتيات المعتاد بحب النظر في المرآة، كانت تكرهها. وإن اضطرت للنظر فيها لدواعي تهذيب المظهر العام، تظهر عابسة الوجة، حتى إنها نسيت كيف كانت إبتسامتها وتعابير وجهها فيما سبق. ولأنها تخاف الكاميرات والتصوير، لا تعرف تطورات شكلها في العشر سنوات الأخيرة، غير أنها ليست جميلة بالقدر الكافي.

...

"يا صديقي الحياة بسيطة جدًا، هي صعبة فقط لأنك لا تصدق ذلك." #عمر_طاهر
وهذا بالضرورة ينقلنا لتساؤل: كل ده وهي بسيطة، أُمّال لو كانت صعبة يا برما؟

...

واعف عنا .. واغفر لنا .. وارحمنا ..

الأربعاء، 23 يوليو 2014

أسكن بيوت الفرح.. لا يُمكن



أسوأ فترات حياتي هي اللي بأمر بيها دلوقتي، واللي بأعيشها دلوقتي، واللي لما هيعدي الوقت شوية هأعيش أسوأ منها وأقول عليها الأسوأ وعلى دي ولا أي حاجة.
يا رمضان أنا قلتلك ليتك دومًا قريب، مقولتش تيجي، انا قلت تخليك قريب بس وخلاص.
منير بقاله كام ساعة بيحاول يطبطب عليا، صحيح الوضع كان ممكن يكون أسوأ من كده من غيره، بس أنا مش حاسة إني في موود منير، أنا بقيت تامر عاشور أوي في نفسي.
أنا متبسطتش بالرسالة، متبسطتش بالرد، متبسطش من الحالة، ولا متضايقتش من إنعدامها. أنا مردتش علشان مش عايزة أقولك إني مش عايزة. أنا متكلمتش علشان ملاقيتش كلام أقوله. أنا بأختار كل مرة الطريق الغلط، الإختيار الغلط، وأكثر الوسائل إحداثًا للضرر.
أنا عايزة ناس، محتاجة ناس أيوة. مش أي ناس وخلاص من اللي سهل نقابلهم ونلم منهم على قد ما نقدر ونقول عليهم معارفنا، ولا ناس يملوا الكونتاكت ليست في موبايلاتنا وخلاص. أنا عايزة ناس من اللي بيعرفوا يحبوا، ويهتموا، ويتفهموا، ويراعوا، يمكن يعلموني اعمل زيهم كده.
ليه مش عايزة آخد الخطوة وأروح وأواجه؟ علشان فيه مثل نط في دماغي النهارده بيقول اللي بيدور على ال*را هيلاقي، وأنا مش عايزة أدور على حاجة. كفاية اللي موجود أولريدي.
أنا بأكره أي جملة بتبدأ بأنا، وبمجرد ما بأكتبها بأمسحها كلها وأحاول صياغتها تاني من غير الكلمة دي، وهنا إستثناء بس للتوضيح.

-----

الحكاية طلعت سهلة وبسيطة محتاجة بس شوية تعب ومعافرة علشان نخلق دواير جديدة ونقتحم دواير حبينها، ونكسّر دايرة الروتين. إنما اللي مش سهل ومش بسيط هو تقبل النتيجة، والرضا بالأمر الواقع، وتحطيم التوقعات كلها فوق دماغنا.

والحيرة لما تزيد علينا حتى يضيق براح الكون، الحل أصله حبة مهاودة، حبة دلع، حبة عصير.


يمكن أصعب ما في الموضوع هو التعامل مع موود "لأ مش عايزة" .. ساعتها المنطقية بتنط من الشباك ومبيبقاش فيه أي داعي إننا نعمل أي حاجة.



-----


دعوة مش مترقمة: يا رب اجعل نصيبي من المحبة على قدر إحتياجي مش على قد قلبي، واحميني من الندم اللي مش بيفيد، والوجع اللي عمال بيزيد، والحيرة وسط الطُرق من غير دليل، واكتبلي -في أقرب وقت ممكن- لُقا الجميل.

الثلاثاء، 22 يوليو 2014

chronic depression

The depression symptoms can linger for a long period of time, often two years or longer. Those who suffer from dysthymia can also experience periods of major depression--sometimes called "double depression.".

The symptoms of dysthymia are the same as those of major depression but fewer in number and not as intense. They include the following:

    -Sadness or depressed mood most of the day or almost every day
    Loss of enjoyment in things that were once pleasurable
    Major change in weight (gain or loss of more than 5% of weight within a month) or appetite
    Insomnia or excessive sleep almost every day
    Being physically restless or rundown in a way that is noticeable by others
    Fatigue or loss of energy almost every day
    Feelings of hopelessness or worthlessness or excessive guilt almost every day
    Problems with concentration or making decisions almost every day
    Recurring thoughts of death or suicide, suicide plan, or suicide attempt

    As dysthymia is a chronic disorder, sufferers may experience symptoms for many years before it is diagnosed, if diagnosis occurs at all. As a result, they may believe that depression is a part of their character, so they may not even discuss their symptoms with doctors, family members, or friends

    reference.
    http://www.webmd.com/depression/guide/chronic-depression-dysthymia

الثلاثاء، 15 يوليو 2014

عشرة أسباب تمنع الوجع



لكـي لا تُلتهم الرُوح -بواسطـِة الوجـع-، أو تتآكل بفعِـل التوجُّـع ..
وحتـى لا يصيـر الحزن معتـادً، إلى الحـد الذي يمنـع التفريق بين وجوده .. وعدمه.

بداية:-

1. فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَن تَبِعَ هُدَايَ فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة : 38]

2. بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُون [ البقرة : 112]

3. الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ثُمَّ لاَ يُتْبِعُونَ مَا أَنفَقُواُ مَنًّا وَلاَ أَذًى لَّهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ [البقرة :262]

4. وَلاَ يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ فِي الْكُفْرِ إِنَّهُمْ لَن يَضُرُّواْ اللّهَ شَيْئاً يُرِيدُ اللّهُ أَلاَّ يَجْعَلَ لَهُمْ حَظًّا فِي الآخِرَةِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ [ آل عمران : 176 ]

5. قَدْ نَعْلَمُ إِنَّهُ لَيَحْزُنُكَ الَّذِي يَقُولُونَ فَإِنَّهُمْ لاَ يُكَذِّبُونَكَ وَلَكِنَّ الظَّالِمِينَ بِآيَاتِ اللّهِ يَجْحَدُونَ [الأنعام :33]

6. إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة : 40]

7. قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللّهِ  [ يوسف : 86 ]

8. وَاصْبِرْ وَمَا صَبْرُكَ إِلاَّ بِاللّهِ وَلاَ تَحْزَنْ عَلَيْهِمْ وَلاَ تَكُ فِي ضَيْقٍ مِّمَّا يَمْكُرُونَ [ النحل : 127 ]

9. وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ [ الزمر : 61 ]

10. إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ  [ المجادلة : 10 ]

...

تثنيـة:-

كُـل الـذي فـوقَ التُـراب .. تُـراب.

...

ثالثًا:-

أن تحتـَرِس، وبشـدِّة، مـِن أن تُغمَّى عينـاك -بأوجـاعـَك- عن جماليـاتٍ تستـَدعِي -على أقـلِ تقدِيـر- التقدِيـر.

...

رابعًا:-

ألا تُسِّلـم حالـك إلى الوِحـدَة، فـإنّ الوجـع كالبـرد، لابـد مـن الإحتمـاء بأيًـا شعَّ دفئًـا ما.

...

خامسًا:-

أن تستـَخدم حواسـَك، كاملةً، كما ينبغـِي لها أن تُستـَخدَم. فتشِّم رائحةَ الصباحِ، وترى جميع درجـات الألوان في فستـان الفتـاة الصغيـرة العابسـة، وتستمع إلى إختـلاف نغمات زقزقـة عصافير الشجـرة الكائنة أمـام نافذة غـرفتك، وتتـذوق نكهة النعنـاع في كوب شاي العصـاري وتحدد إلـى أي مـدى هو -النعناع- طـازج، وأخيرًا وليس آخرًا، أن تشعر بملمـس ملابسك فوق جـلدك، وبثـقل نظاراتـك الطبيـة فوق أنفـك.

...

سادسًا:-

انتبِه إلى ما يُحاول عقلِـك الباطن أن يُخبرك بِه بإستِمرَار من خلال أحـلامك.

...

سابعًا:-

لا تستسلم أبدًا للحـزن، فتكن كمثـل الذي رأى البحـر من بُعدٍ فغرق، وهو لم ينزل إليـه من الأساس.
ولا تكـن كمَثَـلِ الذي أضاع دهـرًا في البُكـاء على ضيـاع لحظـة.


...


ثامنًا:-

إن رزقك من الوجـع، هو نصيبك من الإختبار.
وإن اللهم إنِّا نعُوذ بِك مِن الهَم والحَزَن.

...

تاسعًا:-

تأمًّـل أوجَـاع الآخرِين.
...

أخيرًا:-

فـاستعيـنوا على أوجاعِـكُم بالصَبرِ، والصلاةِ، والمحبةِ، والحكمةِ.

انتبـه .. أنتَ بِه.

الأحد، 13 يوليو 2014

عَجَبًا لِغَزَالٍ .. قَتَّالٍ .. عَجَبًا

تنويه: الرسالة دي في حب غزالتي الصغيرة القصيرة ريم.


البنت اللي كبرت على أغاني فيروز وعبد الحليم، وبتحب سعاد حسني أكتر ما بتحب دباديبها اللي بتنيِّمهم معاها في الأوضة.
البنت اللي شبه البهجة، وعينيها بتلمع ومليانة شقاوة، وبغمازة أوضح في الشمال عن اليمين بتضحك في وش المخاطر.
البنت اللي بتطبطب على وجع الناس مهما كانت موجوعة، وبتلاقي أعذار ليهم كلهم وتيجي لحد عندها وتسكت، وتشيِّل نفسها الليلة كُلها.
براين القصير المكير اللي بيغينيلي "كوتوموتو يا حلوة يا بطة" لما أكون حزنان، وبتستحمل تقمصي المُستمر لـ "دوري" وهي بتنسى كل دقيقتين، اللي بترسملي بألوانها الخشب وقلمها الرصاص ميكي وبطوط ومدينة البط كلها علشان تفرَّحني، وتجيبلي شوكولاتة جالاكسي كل اليوم الصُبح في درس د.مدحت، وبتكتبلي مراسيل بالذكريات والأمل.

عرفتها امتى وإزاي؟ مش عارفة. بس عرفتها. أول مرة فاكراها وهي بتلقي قصيدة -مش فاكراها- في مكتبة الكلية، بعديها كلام وسلام ومحبة كتير، ورغي وفضفضة، وتفكير، وجدول مذاكرة ملوش أي تلاتين لازمة.
اللي فاكراه هو كل مرة كنت بآخد بعضي وأدي ضهري للعالم وأقعد على رصيف الكوكب مربعة إيدي ورجليا ومأموصة، كانت هي بتجيلي وتطبطب على كتفي وتناولني منديل وتقعد تربع جنبي شويتين تلاتة لحد ما أقوم أواجه العالم ده ولو حبة صُغيرين.
والطبطبة يا عزيزي لو تعلم ممكن تتمثل في رسالة موبايل، بوكية ورد، شوكولاتة، مِرسال مكتوب، أو رسالة طويلة عريضة على الفيسبوك، وكل ده كانت بتعمله ريم وأكتر.

كان ممكن أتجمل -لا أكذب- وأقول إننا بناخد بإيد بعض، وبنسند بعض وبنكمِّل.
كان ممكن أقول إن إحنا نجحنا وعدينا وعالجنا وجعنا وردمنا الحُفر اللي وقعنا فيها بالعشرين مرة.
كان ممكن أقول إن الصُحبة بتهوِّن، لكن الواقع بيقول إن الصُحبة فعل بيستدعي شوية قوة، أو جُرأة، أو قُدرة زي اللي عند ريم إنها تتفهَّم كلكعة واحدة جوزائية، مزاجها بيتغيَّر كل نُص دقيقة، وفيه قوة طاردة بتبعدها عن الحياة والناس بإستمرار، زيي.
بس اللي ممكن أقوله -بكل صراحة- إن الصُحبة هي الحبل اللي لسه رابطنا ببعض، وبالمكان. وبإن الصُحبة دي بتفضل أول أمل وآخر أمل، الملجأ، المكان الدافي اللي ممكن نجري نستخبى فيه في عز البرد، أو علشان كلامنا يناسب الجو ده خلينا نقول شوية تلج يرطبوا على قلوبنا في عز الحر.

المشكلة في أي علاقة إنسانية -مش بس الصُحبة- بتكون التوقعات، ومتطلبات كل طرف اللي الطرف التاني مبيقدرش يكملِّها، او حتى يتقبل فكرة وجودها. أو التأويل والظن، تفسير أي فعل حسب تفكير المستقبِل مش تفكير اللي بيقوم بالفعل. وعلشان المشكلتين دول مش عند ريم، وعلشان هي أكتر بني آدم مُتفهِّم شفته في حياتي، أي مشكلة تانية -لو وُجِدَت- بتهون.

الصُحبة اللي بتشارك فيها الأفلام الحلوة، والمزيكا الحلوة، والكتابة الحلوة، والأكل الحلو واللي مش حلو، وكُتر التجارب اللي بيفشل منها 99.9% بس مش بيكون مُهم لأن ساعتها الأهم هو فعل مشاركة التجربة، ومشاركة الأحلام والتوقعات الخرافية للعالم، ونقد الواقع بإستمرار، الصُحبة دي اتخلقت علشان تطمننا، وتنسينا.

أنا ممكن أكتب عن ريم عشرين صفحة، وميكفوش. الفكرة إن الكتابة كل ما كانت عن حد قُريِّب بتكون أصعب.
لكن مُهم جدُا أعترف بفضل البنت دي عليَّا، كفاية إني أقول إني عمري ما كنت هأعرف أكمِّل في المكان ده إلا وهي موجودة، وإن اليوم من غيرها بيكون ناقص كل حاجة، مش حاجة واحدة بس. وإنها بالرغم من إنها متعرفش عني كتير، لكن بتتفهم وبتهتم. وإني عمري ما حد عاملني حلو كده قبل كده.
أدامك الله لي يا صديقتي، وحماكي من شرور هذا العالم.


"الصديق الكويس هو اللى بيبقى عارف عيوبك ومع ذلك بيحبك." قالها عمر طاهر كما قال "الصديق الجيد هو الهدية الوحيدة اللى الواحد بيقدمها لنفسه بنفسه." أو كما أوجز "الصديق يشبه أزرار القميص..قد تكون من لون تاني لكن المهم أن تكون لايقه عليه."


** الصورة من بروفايل ريم

الأربعاء، 9 يوليو 2014

سرطان



مشهد 1 :-

بتغيب عن الأرض بالسبع سنين، بترجـع للأرض بالسبع أسابيـع.

آخر مـكالمة: "أنا تعبـانة أوي يا أخويـا."
-"أنا هأحجزلـك ترجعي في أقرب وقت يا شاديـة."

مشهد 2 :-

بتحس بوجع في الجنب اليمين من وسطها، بتتجاهله يومين أو تلاتة بيزيد. بتروح للدكتور علشان يريّحها، بيتعبها أكتر.

الماستر سيين في حياة أميرة.

-"الآشعة اللي حضرتك طلبتها يا دكتور." وبتناوله ظرف كبير أبيض
الدكتور بيحطها على جهاز الآشعة، بيبص فيها لرُبع دقيقة.
-"احنا محتاجين نحلل tumor marker، فيه ورم كبير -نسبيًا- في المفصل، ومحتاجين نتأكد من طبيعته. أنا مش عايزك تقلقي دلوقتي، كل حاجة هتبان في التحليل إن شاء الله."

مشهد 3 :-

كانت بتكرهه بقدر ما هي مش عارفة سبب الكره.

بتعيّط على الأرض ومُنهارة. بتصرخ "ربنا ياخدك، ربنا ياخدك، ربنا ينتقم منك."
بتفكر في قساوة الدعوة، بتفكر تتراجع، بتسكت.

مشهد 4 :-

-"سرطان في الفم، في مرحلة متأخرة احنا هنحاول نعالجه ونعمل اللي علينا وربنا كريم، احتمال نشيل جزء للأسف ومش هتقدري تتكلمي."
-"يا حبيبتي يا شادية متقلقيش، ربنا كريم. ربنا كريم."

مشهد 5 :-

-"العملية نتيجتها ضئيلة جدًا، الوضع بيسوء، حاولوا تسفروها بره الإمكانيات هناك ممكن تساعدكم، والعرجة هتختفي."
-"معندناش مشكلة نسًّفرها يا دكتور، المهم أميرة تبقى كويسة، وبتمشي كويس."
-"يا ريت في أسرع وقت."

مشهد 6 :-

قبل السحور بساعتين

-"عندي خبر وحش، عمتـك شادية .. الله يرحمـها."
- صوت داخلي " أنا مشوفتهاش ولا مرة، ولا مرة."

مشهد 7 :-

-"مفيش فايدة، السفر مفادش بحاجة بالعكس، مفيش فايدة."
-خلِّي أملك بربنا كبير يا أميـرة."

مشهد 8 :-

مكان أسود كبير، من الحزن صِغِر.

-"الله يرحمها، بنتها لسه مدخلتش ثانوية عامة."
-"أنهي فيهم بنت أميـرة؟"
-اللي بشعرها دي."

مشهد 9 :-

ليلـة إمتحان مادة من مواد كتير عندها.

-"ماما، هي الحاجات اللي عندك على اللاب توب دي بتاعت ايه؟"
-بتهز دماغها .. "أبـوكي عنده سرطان."

بتتلوى بين الإحساس بالذنب والإنكار، مش عارفة تحدد موقفها، غير إنها متأكدة من سخرية القدر.

مشهد 10 :-

بداية النهـاية.

10 مكالمات ومبتردش على التليفون.
بتبعد عنه أكتر من الاول، بكتير.

-"يوم السبـت هأبات في البيت علشان أروح مع أبـوكي الصُبح، هياخد الكيماوي."
- صوت داخلي "الغلطة بتتكرر بحذافيرها. مقدرش أشوفه ولا مرة."

الاثنين، 7 يوليو 2014

في حب الكائنات الأخرى



لنحتفل.
سندِّعي بأننا سننتهي من العام الثاني بالكلية بعد عدة ساعات. ولن نضع في الإعتبار ما أبليناه في إمتحاناتها، ولا الإمتحانات المتبقية بعد أقل من شهرين، ولا أننا لم نشعر بها وهي تمر وتأخذ منا ما أخذته من الجميع وأكثر.
سندِّعي بأننا فرحين بالشهر الكريم. لن نضع في الإعتبار ما يسببه لنا من حزن، ولا وحشة، ولا البُعد الذي يزيد بدون أسباب واضحة.
الإدّعاء فن.

***
امبارح كنت مستنية أحكي عني اللي عايشة في خيالي، وبعد محاولة واحدة اتأكدت إنها مش هينفع تطلع بره خيالي حتى لو على ورق. مفيش أي منطقية في حكاية أنا اللي في خيالي، هي بتعيش فترات زمنية مختلفة. ممكن النهارده يكون عندها عشرين سنة وبُكره تلاتين. ممكن تنط أسبوع بحاله في الأحداث، وممكن لما تزهق في النُص تخرج بره الحكاية خالص وتدخل حكاية تانية. الموضوع أشبه بالحلم بس الفرق إن أنا بأتحكم فيه، بكل التفاصيل الصُغيرة قبل الكبيرة. الناس اللي أعرفهم، العيلة، مين بيكمل ومين بيخرج، ومين بيدخل في الحكاية جديد، عايشين فين وبنعمل ايه، مفيش قوانين ثابتة، أي حاجة مش هتعجبني هأغيّرها فورًا بصفر مجهود.


الدوشة اللي سيطرت على كياني بتنتشر حواليا. بأشوفها في الأقلام المفتوحة المرمية على الارض، النوت بوك المفتوحة ومقلوبة على وشها، والفُستان الملوِّن الجديد اللي متشالش من الشنطة ومرمي على كرسي في الصالة، والموبايل اللي بأسيبه فاصل شحن وبأكسل أشحنه، والكتاب اللي المفروض يرجع المكتبة من شهرين وكمان متقراش، وفي زينة عيد ميلادي اللي مش راضية أشيلها بقالي شهر ونص.

مبقتش مقتنعة بأي حاجة ولا المنطق نفسه. في أي نقاش مع أي حد أيًا كان (مع أو ضد) بأعارضه وخلاص لمُجرد إني شايفة طريقة التفكير نفسها غلط. يعني أي ثوابت عندك مش هتضطرني أعتبرها ثوابت عندي، وأي كلام هتقوله أنا ممكن مصدقوش عادي جدًا. طيب يلا نرمي كل  التابوهات بتاعتكم على الأرض وندوس عليها ونقعد نطنطط فوقيها لحد ما نكسرها كلها. بعدين ممكن ندوّر بقى على الصح والغلط من الأول.

-حاسة بإيه؟
-بإني حاسة بكل حاجة ومش فاهمة حاجة.
-يعني ايه؟
-لو عندك زرع جرب تقعد قدامه رُبع ساعة وتحاول تفهم هو حاسس بإيه.



التناسي أو الـ repression هو إنك تمنع مخك من إستدعاء معلومة معينة وتتناساها لانها بتسببلك أذى نفسي بشكل أو بآخر. ده بيفكرني بتناسي مذاكرتي، أو بتناسى الخناقات مع اصحابي، أو بكلام الدكتور اللي مرة قالي كلام مش لطيف في إمتحان شفوي، أو بكلام أبويا كله، أو بحاجات وحشة كتير عملتها زمان، أو لسه بأعملها لحد دلوقتي.


في إنتظار الشخص الخارق اللي هيلعب دور الصديق في حكايتي. قابلت منهم كتير كانوا مجرد شكل داب بسرعة مكملش فصل واحد حتى. الشخص اللي هأكلمه علشان عايزة أسمعله، ويكلمني علشان عايز يسمعني. 

بعد تفكير، الكائنات الأخرى من سمك وزرع وعصافير وقطط، وكائنات خيالية عايشة في حلم يقظة ممتد بطول العُمر هم أطيب وأكثر ونسًا من إنسان إما مش موجود، وإما موجود وعامل زي إدوارد سيسزورهاند اللي بيجرح كل اللي حواليه بعفوية ومن غير قصد.


 ***
السابع من يوليو العام الرابع عشر بعد الألفين عامًا ميلاديًا وقد كنت هنا أكتب. بالضبط في الساعة الثالثة من عصر اليوم المشار إليه. قد مررت من هذا الجزء من العالم، بأماني وأحلام وتصورات. تُركت وحيدة ولم أقدر على الإقتراب من كائن بشري واحد. انسحبت من الواقع بشكل جزئي واعتدت أن أسرق ساعة أو ساعتين من الزمن كل فترة لأسافر إلى خيالي حيث أنا التي لا تخشى، أنا التي تحيا.
أكتب تلك الكلمات بعمر يساوي واحد وعشرين عامًا وشهر وأسبوع أرضي. ولم أتعلم سوى أنني لا أتعلم. ولم أعلم سوى أن البشر هم أكثر الكائنات ضررًا وإحداثًا للوجع.

الخميس، 3 يوليو 2014

إن سعيكم لشتى..



سأخبرك بما لم أخبر به نفسي حتى الآن، بأن الوضع ليس بالسوء الذي نظنه.
فقط هذا وحسب.
إن لم تكن تنتظر فهذا لا يعني شيئًا على الإطلاق، غير أننا -حين نلتقي يومًا بعيدًا عن دخان هذة المدينة- سألقى إليك بكل ما كتبته من رسائل، وسأخبرك بأنها لك -وحدك-. ربما ستكون أنت لم تكتب إليَّ بحرف وحيد، ولكن ماذا يعني ذلك في مقابل أن نعثر على بعضنا البعض؟ ستحمل إليَّ أحلامًا بسيطة، وربما حلم واحد وسيكون كافيًا، جدًا، إلى الحد الذي سيجعل من كل أحلامي المسطورة بين يديك حبرًا على أوراق لا يعني شيئًا.
في الوقت الذي سأكون فيه قوية بالقدر الكافي لأعلن عن قوتي، لا أبالي بالعالم وبؤسه، ستكون أنت تتمرس فن القوة.
سأخبرك بأن الوضع ليس بسيء على الإطلاق.
وهل يحمل السوء إلينا سوانا؟ وكأن كل الأقدار التي كُتبت علينا قد كتبناها نحن -بوعي كامل وإرادة منّا- بإيدينا.
ولأن اللقاء نصيب، ولكل إمرئ نصيب، سأعترف بأن الحياة أبسط كثيرًا مما صوّرت لك في رسائلي السابقة -أو التالية في حال بدأت بتلك التي أكتبها الآن-، وبأن النظرية القديمة في ميكانيزمية الرؤية صحيحة من وجهي نظري تمامًا، والتي تفسِّر الرؤية بإنعكاس الضوء من عينينا -نحن- على الأشياء، فنراها. وهل الرؤية غير ذلك عزيزي؟ إننا لا نرى إلا ما نُسقط عليه من أعيننا/ أنفسنا نورًا فيهتدي إلى أبصارنا ما نريد أن نراه، وما نريد أن نراه فقط.
لن أُسهب في وصف أقرب هو للتنمية الذاتية التي بِتٌّ أتفاداها مؤخرًا، ولكن دعني أقول إجمالًا بأن "
لا يرى الجمال إلا جميل النفس". وأن البؤس الذي نراه في العالم ما هو إلا إنعكاس بؤس أنفسنا على الأشياء. فسبحان الجميل الذي جعل من كل شيء جمالًا.
سأخبرك بأن الحلم ما هو إلا حياة أخرى، كالتي نقرأها في الروايات أو نشاهدها في الأفلام، تُضاف إلى حياتنا التي نحياها، وتؤثر فينا بالقدر نفسه الذي يُحدثه الواقع.
إذًا، يمكننا الآن أن نبدأ في ممارسة فعل الحياة، دون أن ننشغل عنها بما لا ينتمي إليها. أن نصنف الأشياء بحسب شعورنا نحوها لا بحسب ما أخبرونا به عنها. أن نُجرِّب مشاعرنا الخاصة، لا التي علَّمونا إياها. يُمكننا -حالًا- أن نُثبت لأنفسنا -وهي فقط التي تعنينا- أن رحلة الحياة على هذه الأرض لن تنتهي إلا وقد أخذنا منها ما أتينا لأجله، وأعطيناها ما يُساويه.
والحياة -لو تعلم- هي التي تُنسينا أي لحظة خارج حدود لحظتنا التي نحياها، وأي مكان خارج حدود مكاننا، وأي بشر سوى الذين نتدفأ بحرارة قلوبهم الآن.
سأخبرك بأن الوضع -أبدًا- لن يبقى كما هو عليه، لأننا يتشابه علينا الأمور، فنساوي بين ما كان وما يكون وما سوف يكون، وإذا تأملنا الوضع من بعيد، سنراه مُختلفًا كل مرة عن سابقتها، ونحن أبدُا لم نمر في الطريق بنفس ذات النقطة مرتين.
أما عن البشر، الذين نكتب دائمًا أنهم -وحدهم- أسباب وجعنا، ومن عرَّفونا على معنى الخُذلان، ومعاني أُخرى، فلا يسعني غير أن أخبرك بأن على تلك الأرض كائن بشري وحيد هو من يتحكم في مصائرنا وأقدارنا، وبالتالي مشاعرنا وتجاربنا، ألا وهو نحن -أنفسنا-.
ستمضي حتمًا، وأنه قد قال ربي "فسنيسره لليُسرى". وهذا قطعًا جدًا كافي.

الاثنين، 30 يونيو 2014

اتنين رمضان



حبل الوصال اللي بيني وبينك -سبحانك- مهوش واصل
وأنا -لأجل ما أعيد وصله- بأفكرني بكل حلاوة القٌرب
ومش بأفتكر.

دعوة واحد: اليقيـن
اللهم إني أسألك بكل ما سألك به عبدك ونبيك ومحمد، وأعوذ بك من كل ما استعاذ بك منه عبدك ونبيك محمد.
يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك.
يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك.
يا مقلب القلوب، ثبت قلبي على دينك.

دعوة إتنين: التوفيق.
كما إن أوله رحمة، وأنت -سبحانك- الرحمن الرحيم، وكما إنه لا يدخل الجنة أحدكم بعمله، بل برحمتك. اللهم برحمتك وفقنا إلى ما فيه الخير.

-----

شعور واحد: النفي.
عارف أنا بأكره المناسبات السعيدة ليه؟ وأتعس أيام السنة بالنسبة لي بيكون العيد .. ؟ علشان ده أكتر وقت في السنة بأحس فيه إني مقطوعة من شجرة والشجرة ماتت. وإن مفيش حد في المكان ده أو أي مكان تاني ممكن أتلم عليه ونونس بعض في مناسبة حلوة زي دي، مفيش حد هأقعد معاه كمان عشرين سنة ونفتكر ذكرياتنا السعيدة وقت الأعياد والشهر الكريم، ومفيش حد هيكون موجود هنا كمان عشرين سنة غيري على كل حال.
كان نفسي أطلق على الشعور ده الوحدة، لكن الحقيقة الوحدة تختلف عن شعورك وأنت بتعمل فطار طبق واحد، بتصلي التراويح لوحدك، نسيت رنة موبايلك لأنه مش بيرن، وفكرة عزومات رمضان دي أوبشن مش نازل في حياتك.
الوحدة إنك تستمع بكل ده وقت ما يكون إختيارك، في حين إن عكسه مُتاح وممكن تعمله، ببساطة.
أما النفي، هو إنك تتحط على هامش الحياة بحيث إن أي حاجة هتحصلك أو هتقابلها هتتصنف "مش مُهمة".
أحيانًا، هيكون إنك تتصنف أصلًا ده مش مُهم.

شعور إتنين: الإنهاك.
الهدّة اللي كياني كله مهدودها بدون مبرر دي واقفة بيني وبين أي محاولة لتغيير الوضع وما هو عليه. إنهاك معنوي بيمنع أي إحساس، وإنهاك جسدي بيمنع أي حركة. وحقيقة إن الإيه تيبهات اللي في جسمي اتطبعت بطبعي وبقت بتكسل تديني طاقة دي بقت حقيقة ثابتة في دماغي. أما إختياراتي السلبية أو قرار اللاقرار إما نتيجة للإنهاك ده أو سبب، وفي الآخر سلسلة السلوك دي بقت دايرة، والإنهاك بيؤدي لقرارات سلبية والسلبية بتؤدي للإنهاك، والشعور بيزيد مش بيقل.

شعور تلاتة: الفراغ.

-----

هل لي أن ألقى برأسي المُثقل بالهموم على كتفك الآن، لعلها تهدأ قليلًا، أو لعلها تزداد ثقلًا بالأفكار المتساقطة من عقلك إليَّ، على كلٍ، هل لي بأن أقترب لعلي أزداد دفئًا؟ فأنا لا ينقُص قلبي سوى الدفء.





"يا ناس يا عبط يا عشمانين
ف فرصه تانيه للقا
بطلوا اوهام بقي
وكفايه أحلام واسمعوا
عيشوا بذمه و ودعوا
كل حاجة بتعملوها
وكل حد بتشوفوه
وكل كلمه بتقولوها
وكل لحن بتسمعوه
عيشوا المشاهد ,, كل مشهد
زي مايكون الأخير
واشبعوا ساعة الوداع
واحضنوا الحاجه بـضمير
دا اللي فاضل مش كتير
اللي فاضل مش كتير"
ـــــ مصطفى ابراهيم



تزورني ذكراك كنوبة البرد السخيفة في فصل الصيف، أو كألم الرأس في الصباح، ولكن سُرعان ما تتلاشى بين ذكريات أخرى فتتوه أنت بينها، فما ألبث أن أفُتِّش عن ذكراك، وكأنني أهوى أن أحدق في عيني الوجع.
أما لكل هذا الخواء أن يختفي؟
هل تعلم -عزيزي- أنني بالأمس ضحكت؟ كنت قد نسيت كيف يُمكن للمرء أن يضحك، وأنني حتى ولو لم أكن متأكدة من إنعكاسها على أليافي العصبية، فأنا وبدموع الضحكة التي أستمرت لأقل من ستين ثانية مُمتنة لهذا العالم.





الثلاثاء، 17 يونيو 2014

حتى يأتيك اليقين



الهَوس هو المشي في طريق بيتك، والإنبساط بالمشي، بوقوع عيني ع الحاجات اللي عينك بتقع عليها، بتخيّل طيفك الحراري لسه موجود في المكان وبأعدي جنبه.
الهوَس هو إني لما أنام أحلم بيك برضه، وكأن مفيش حاجة تانية في العالم ممكن أفكر فيها غيرك.
الهَوس اللي بيخلينا نجري بأقصى سرعة في اتجاه الحاجات اللي بتسببلنا قدر من السعادة من غير ما نبص يمين وشمال، وممكن في أي لحظة تيجي حاجة تخبطنا.
احنا بنتشد، بنتشد زي الحشرات اللي بتطير ناحية صاعق الحشرات بكل قوتها لحد ما تتصعق وتموت.

مش عارفة ايه تحديدًا كان في دماغي وأنا بأسأل سؤال بيزن في دماغي من فترة، لكن كنت متأكدة من إن الإجابة أيًا كانت هتسعدني، هتفضل قانون من قوانين حياتي لفترة طويلة، وإن من بين كل النصايح اللي سمعتها في حياتي هتفضل محفورة في دماغي بشكل مُثير للبهجة.
"هو الواحد بيبدأ يدوّر على اليقين من عند فين؟"

مش عارفة راء هتفضل حلوة في عيني لحد امتى، بس اللي متأكدة منه إن حلاوتها بتزيد في عيني كُل يوم.
بأسأل نفسي كتير هي عايشة معانا على كوكب الأرض؟

الفكرة كلها إني مبسوطة جدا ومتضايقة جدا في نفس الوقت، لدرجة إن تعابير وشي مش عارفة تاخد أنهي أمر وتنفذه بالظبط، فبيحصل إن وشي يعلق وأفضل متنحة في السقف طول اليوم، أو أقفش نفسي وأنا بأخبي وشي بإيديا وسط الناس علشان بأضحك وعينيا بتعيط.
أنا مش مصدقة في أي حاجة دلوقتي، مش مصدقة حتى إني بأكتب الكلام ده، مش عارفة إزاي كل طموحاتي في العيشة إني أعدي مرحلة لمرحلة هتكون كل طموحاتي فيها إني أعديها. مش عارفة ممكن ألاقي أمان فين، ولفين ممكن أهرب من كل الأفكار السودا اللي في دماغي.
مش عارفة ايه بالظبط اللي ممكن أعمله من غير ما نفسي تأنبني عليه كل خمس دقايق.
ومش عارفة أي حاجة دلوقتي غير إني عايزة أهرب.
الفكرة إني خايفة، وبأحاول أقنعني من الصبح إن قوتنا كلها هتكون في إننا نتعامل مع خوفنا ده، مش إننا منخافش، ومش عارفة أقتنع.

الإعلان عن مشاعري، أو أفكاري الشخصية جدًا بقى بيستدعي مني قدر من الجرأة مش متأكدة إذا كنت أمتلكه ولا لأ.
كُل اللي عارفاه عن نفسي إني لما بأكتب حاجة في مكان متاح للناس تقرأني فيه بأحس نفس إحساسي لما بأطلع البلكونة خطف من غير إيشارب علشان أجيب حاجة بسرعة، عايزة أعمل حاجة بس من غير ما حد ياخد باله، وأنا عايزة أكتب من غير ما حد يركز معايا. ده بالظبط اللي بيخليني بعد كل مرة أكتب بوست أمسحه، أو بعد ما أدوس "بوست" أعمله برايفسي ليا لوحدي.

فكرة إنك كمان تكتب وناس متعرفكش تقرالك مُريحة.

أنا مش بأعرف أتكلم قدام الناس. مش بأعرف أتكلم مش قدام ناس.
فيه كلام لما بيحضر في دماغي بيربط لساني بقنواتي الدمعية ولو نطقت حرف بأدخل في حالة عياط لا مُبررة.

عارفة ايه مشكلتي معاكي؟ إني لما بأعتبرك قريبة أوي في كل مرة بأحس إن العالم مديني ضهره، بأرمي نفسي عليكي بكل إستسلام وبأسيب نفسي، فلما مبتكونيش موجودة بأتكفي على وشي. عارفة ده حصل كام مرة؟

فيه حاجات كتير حصلت كانت مستنية مني أعلّق عليها، أحكيها، أعلن إمتناني للعالم علشانها، بس الفكرة إني دلوقتي أضعف بكتير من إني أعمل ده. الواقع إني أضعف من "دوري"في العشر ثواني اللي وقعت فيهم على المكتب لما كنت بأغيّرلها مية الحوض بتاعها، فمسكتها بإيدي وحطيتها في المية بسرعة.العشر ثواني اللي كانت بتحرّك خياشيمها وديلها بكل قوتها، والدنيا بتضلِّم. أنا محتاجة حد يمسكني ويحطني في المية بسرعة.
...

-الفيل مات يا أوبرا.. مات..
-لأ الفيل عمره ما عمل حاجة من غير ما يقولي، هو مقاليش إنه هيموت.

...

كنت كمان 3 ثواني هأقوم أزّعق في وسط الناس بعلو صوتي إني زهقت. زهقت من إني مش بأعمل حاجة. زهقت من إني مش عايزة أعمل حاجة. وزهقت من إني كده وخلاص.


يا رب.

...


هي التي تمر على خاطري بطيب البلسم على الجرح فلا يبقى غير البسمة التي تبقى للمرة القادمة التي سأتذكرها فيها.
هي التي جمعت معها ذكريات الطفلة التي بداخلي في حقيبتها الكبيرة وأخذتها ورحلت.

*****

من البداية بقى، ورجوعًا للإمتحانات، ايه اللي خلى المُنحدر أسلوب حياة؟
ايه اللي خلى كل حاجة يبقى ليها علاقة ببعض، وكل حاجة تصب في مشكلة الإمتحانات اللي مش بتخلص؟
وخلينا نقول كمان إن الإمتحانات امتدت من سنتين ولحد دلوقتي عرض مستمر.
ولما بألبس النضارة وأبص في الأفق علشان أشوف، مبشوفش.
الحقيقة إن مفيش أي حاجة قدامي غير الإمتحانات.
طريقك مسدود مسدود يا ولدي.
وكالعادة، الأمل اللي بيعيِّشنا، بإن في مرحلة ما كل ده هيعدي وهنقفل ملفات الماضي وهنفتح ملفات -أصعب- جديدة.
المُهم إنها جديدة.

من الآخر بقى، وبعيدًا عن الإمتحانات.
اللي أقرب إلينا من حبل الوريد، ولما كل حاجة بتبوظ وبتتكربس فوق دماغنا ونكون محتاجين نطمن ومش عارفين، مفيش غيره نلجأله. مفيش غيره أصلًا ممكن يصلح كل العك اللي حاصل جوانا ده.
مفيش غيره ممكن يطيب خاطرنا وينسينا الكلام اللي قلوبنا بتتقطع منه ده.
مفيش غيره بإيده كل حاجة. بإيده قلوب العباد حتى.
مفيش غيره.
هو.

يا رب النفس اللي معانا مش كويسة، ممكن نبدلها؟
نصلحها طيب؟
نرميها ونمشي من غير نفس خالص؟
نعمل ايه طيب؟

مفيش فايدة؟
مفيش؟ فيه؟ فيه ومفيش؟

******

ولكنني حينما أنتظرك ها هنا وتنتظرني هناك، كيف سيجد أحدنا الآخر إذن؟
وحينما أستبقي كلماتك التي لم تصل ولكنني أعلم أنك حتمًا كتبتها، هل تفعل نفس الشيء إذن؟

******

احنا ممكن ندوّن إكتشاف المرحلة بإننا كويسين، فيه حتة كويسة، وإن بمبدأ "قضى أخف من قضى" زعلنا الساكت مبيدبحش حد، على قد ما احنا عندنا اسكيزوفرينيا وجوزائيين متعصبين وبنتصاحب على ناس في تلات دقايق وبنخسرهم في دقيقة، ومجانين، ومبنعرفش نعمل أي حاجة في الدُنيا غير النوم، وبعيدًا عن باقي العيوب التانية وعملًا بمبدأ الستر مش هنذكرهم، على قد ما احنا عمرنا ما قُلنا لحد كلمة تجرح في حقه مهما كان.....
احنا حلوين.
القدر كمان حلو جدًا، نفذلنا طلب بليل تاني يوم الصُبح، وجاوبلنا على سؤال سألناه المرة اللي فاتت بعدها بمفيش.
إكتشاف كمان بيقول إن فيه شعرة بين تقبل النفس وبين الشماعة اللي بنعلق عليها غلطاتنا بإن هو إحنا كده وخلاص.
وإن ربنا كريم وبيبعتلنا حد ممكن يفضل معانا ساعة ونص على التليفون بيسمعنا من غير ما يصدَّع.

******

فالذي برحمته جعل لنا شهرًا كريمًا لنرتقي بالقلب إليه،
والذي برحمته جعل لنا نورًا في كتابٍ كريم،
قادر على أن يجعل لنا من المحنة منحة.


******

اللهم إنك عفو كريم تحب العفو ..

رمضان .. يا حبيب .. ليتك دومًا قريب.

السبت، 14 يونيو 2014

الفلسفة الكونية


“يا خالق كل شئ ناقص .. كمالته معاك
يا شايل م الحاجات حتة .. بنترجاك
بحق المشهد الكامل
و اسمك اللى أنا عرفته
تسيب اللى يكفينا
و تكفينا بما سبته
ما تحوجناش
لجاى مجاش
و ترضينا بما جبته”
ـــــ مصطفى إبراهيم

***
أعراض الإنسحاب من الواقع بتبدأ باللامبالاة؛ الفترة اللي بتفقد فيها إهتمامك بأي حدث بداية من طرح شجرة الياسمين في الجنينة اللي قُدام البيت ولحد طربقة السما على الأرض. وبتجيلك تناحة وتكتسب مناعة ومفيش أي شعور إنساني واحد بيقدر يعدي بوابات قلبك ويخليك تحس بيه، كل حاجة بتتعامل مع عقلك وبتقف عند إدراكك للواقع مش أكتر.

بعد اللامبالاة -ودي المرحلة الشائعة-، بتبدأ مرحلة الإحباط، بتفتكر فيها إنك مُهتم، بس الحقيقة إن ده مش إهتمام، دي محاولة من جسمك إنه يخرجك بره حالة اللاشعور لحالة فيها أي شعور اللي غالبًا بيكون إحباط. ممكن في حالات إستثنائية الموضوع يقلب بإنبساط وسعادة لا مُبررة، أو بإهتمام متصنع ومشاعر مُزيفة.

المرحلة قبل الأخيرة بتكون الإستسلام، واللي بيختلف من حد للتاني. فيه حد بيستسلم نهائيًا، وحد بيستسلم في مرحلة مُعينة وبيرجع يقوم ويكمل. الهروب من الإلتزامات والواجبات والناس، الإنعزال، دخول الفقاعة. تكملة مرحلة الإستسلام هي المرحلة الأخيرة، صُنع الواقع الذاتي أو الشخصي. الشخص بيبدأ يحط قواعد للعالم خاصة بيه، تصنيفات مُختلفة ومعايير غير اللي موجودة حواليه. نظرته للأمور بتختلف وبيعمل جوه ذاته عالم خاص بيه هو المتحكم تمامًا في تفاصيله. وبكده يكون الشخص أتم الإنسحاب من الواقع زي الفُل.

...

الأسئلة الوجودية، اللي بتطرح نفسها بقوة وبتفرض نفسها على ساحة العقل في وقت هو مش مُستعد فيه إنه يدوّر على إجابات منطقية ومتسلسلة، بترهقنا. مش مستعدين لرحلة البحث عن إجابات دلوقتي. مش معانا زاد من القوة يكفينا لحد ما نوصل لبر الإجابة. أسئلة مُهم نعرف إجابتها علشان نعرف نشوف قدامنا مترين ونمشي في أي سكة.

ايه اللي جابني هنا
هأخرج من هنا إزاي
ليه ده بيحصل
وليا أنا بالذات
ليه مفيش رجوع
ليه مفيش باب خروج في نص السكة
أنا ليه أنا أصلا
ليه مفيش كائن على الكوكب ده فاهمني
ليه مفيش كائن على الكوكب ده بينقي كلامه معايا
ليه مينفعش أتحلل لكربون دلوقتي
وقعت في الحفرة دي إزاي
وقعت في الحفرة دي امتى
مطلعتش من الحفرة دي ليه
هأطلع من الحفرة دي إزاي
الحياة بسيطة وأنا اللي معقدة ولا العكس
ليه مش عارفة أكون مخلوق طبيعي
ليه أنا في الجزء ده من العالم بالذات
مين ماشي بيزقني وأنا واقفة
مين بيسرق مني وقتي
انتوا ليه بتاخدوا كل حاجة
انتوا مين أصلا
أنا إزاي وستين إزاي
لما الدماغ بتبوظ بيصلحوها فين
مين حط السيستم بتاعي
أغيّر السيستم ده إزاي
أروح فين وآجي منين
ايه اللي بيحصل ده
ايه اللي أنا شايفه ده
يا سلام يا سلام يا سلام


ثم إن إزاي بقى، كل مرة بنضحك على نفسنا بنفس الكدبة وبجد بنصدقها؟ ثم إن إزاي دايمًا بنقع في نفس الغلطة؟ ثم إن إزاي الكون مبيقفش علشانا، ومبيقفش علينا، ولا بيفرق معاه ببصلة إن كنا مبسوطين ولا عندنا إنهيار عصبي.
ثم إن أصلًا كل حاجة مش مُهمة.

...

ولحد ما ييجي اليوم ونداوي الوجع بتطييب الخاطر، ونطيّب الخاطر بعلاج الوجع، لحد ما ييجي اليوم اللي هنقدر نبص في عينينا في المراية، ونبص في عينيهم ونقولهم اللي حاسين بيه بالظبط، لحد ما ييجي اليوم اللي نصحى فيه حاسين بالخفة من إنزياح الهم عن قلوبنا، لحد ما ييجي اليوم ده، هأفضل معاكِ.

الخميس، 12 يونيو 2014

سنحاول السيطرة على .. العالم




بالقليل الذي نمتلكه من قدرة على رسم إبتسامات صغيرة
وببضع كلمات
وكُتب
بباقة زهر بيضاء تفوح منها رائحة الصباح
بعنقود الفُل
وبضحكات تتلاشى لحظيًا ويدوم أثرها
بكوب القهوة بصورة أم كلثوم مُزيَّن
الممتلىء لنصفه
وبصوت فيروز وهي تشدو "فيه أمل .. ايه فيه أمل"
سنواجه العالم.

بخطوات على استحياء بعيدًا عن ضعف أنفسنا
تجاه ما نتمنى أن نحظى به
تجاه ما نتمنى أن نكونه
بـ"سأصير يومًا ما أريد"
بالسهر
بالحكي
بالكتابة
بالسُكر والحلوى والشوكولا
بالليمون والشاي الأخضر
والنعناع
سنواجه العالم.

حتمًا بقصائد خبئناها بين ضلوعنا
بأوتار الكمان
وبفتحات الناي
بالتدوين عن الوجع
سنواجه العالم.

حتى
بالأكاذيب
بالخيال
باللاشيء
سنواجه
سننتصر.

الاثنين، 9 يونيو 2014

الهروب إلى الوجع لا منه



خلينا نقول إننا ممكن نعيط هنا بالكلام أريح ما نعيط بالدموع.
وإننا ممكن نشكي همنا وخيبتنا للي بجد هيسمعونا، ونقول لكل الناس اللي بيخذلونا وبيسيوبنا متفشفشين ويمشوا ويبعدوا عننا أوي لحد ما يبقوا جنبنا بالظبط ومش عارفين نشوفهم ومش مصدقين إنهم كانوا هنا في يوم من الأيام ونحتار ومنبقاش عارفين هو صحيح اللي حصل ولا احنا كنا بنحلم بس. خلينا نقولهم إنتوا مش عارفين إنتوا وجعتونا إزاي، يا ريته كان وجع ساعة وخلاص، إنما ده وجع بنفتكره كل ما نفتكر وجعنا الشخصي اللي مبيتعالجش وملوش مسكنات.

خلينا نتكلم عن كل الزعل اللي قلبي بيبصلي بيهم وهو مدمع ويقولي "إنتي إزاي بتعملي كده فيا" وأنا أتنح ومعرفش أرد عليه ونقعد نعيط سوا.
أو نحكي عن عيطانا على حدوتة قريناها أوي بحُرقة واحنا بنقنع نفسنا جامد إننا بنعيط على (أ) مش بنعيط على نفسنا.
خلينا نعلن إننا أخيرًا عرفنا شغفنا فين، فزعلنا أكتر علشان مش عارفين نروحله.
وإننا خلاص عرفنا ايه الحاجات اللي بتبسطنا في العالم، ومن كتر ما هي مش حقيقية اتقهرنا.
خلينا نقول إننا بنفشل كل ما نحاول نتكلم عن حاجة غير الخوف والوجع، وإن كلامنا بقى متعاد بزيادة بقى، بزيادة.
خلينا نعيط أوي بقى المرة دي علشان مش لاقيين ولد لطيف ييجي يقعد جنبنا واحنا قاعدين على الرصيف وبنعيط، حتى لو مكانتش عندنا الشجاعة اللي تخلينا نروح نقعد على الرصيف ونعيط فعلًا، بس هو شاف ده في عينيها، وهي كانت واقفة مستنياه ومجاش.
خلينا يكون عندنا الشجاعة نواجه نفسنا بأبشع الحقايق في حياتنا ونكررها كتير، ونطلع راسنا من الرملة ونبدأ نجري -من الحقايق دي- ونروح لحقايق تانية في الناحية التانية من الأرض، حقايق مستنيانا واحنا سايبنها وقاعدين هنا.
خلينا نبطل نعصر روحنا علشان تعيط، احنا أصلًا مش ناقصين.

خلينا نصدق -حتى لو مش حقيقي- إن الشيكولاتة والنسكافية بيسكِّنوا الحزن، والمشي بيطرد الأفكار المزعجة من دماغنا -علشان بنفكر في وجع رجلينا غالبًا-، وإن الأماكن اللي بنحارب علشان نعملها ذكريات جديدة تمحي الذكريات اللي بتوجعنا وكل اللي بننجح إننا نعمله هو إننا بنشوّه الذكريات كلها.
خلينا نصدق إننا مش موجوعين من دناءة العالم والقدر اللي خلانا يُتما وأهالينا عايشين، ونصدق إن أكتر بني آدم بنخاف على حياته في الكون هو الوحيد اللي لما بَص ف وشنا من واحد وعشرين سنة وأسبوع ضحك -واحنا قادرين نتخيل الضحكة بالظبط-.
خلينا نصدق إن مخاوفنا اللي بتمشي معانا في كل حتة مبتقدرش تدخل معانا المكتبة، زي ما الشياطين مبتعرفش تدخل رمضان.
خلينا نصدق إن الحاجة اللي كنا هنقولها هنا ونسيناها كان أحسن لها تتنسي.

خلينا نقول للبحر من هنا إنه واحشنا أوي وإننا مش هنعرف نروحله وإننا مش مكتوبلنا -دلوقتي- نكون مع بعض.
بس أمانة، لو شوفته متخليهوش يبطل يستنى، يا بحر، أصلًا هو هيقولك كده.

...

-" كلنا بلا استثناء بنلف في الدواير...والدنيا تلف بينا. كل الناس والنباتات والحيوانات بيلفوا في دواير...لأن الدايرة هي الأسلوب العبقري في ضمان الاستمرارية وعدم التجديد...المشكلة - أو العبقرية - أن ربنا خلق الدواير ديه أوسع من ما يمكن لعلقنا الصغير أنه يدركها...دايرة كبيرة قوي...ماينفعش تركز في تفاصيلها أو تلمها الا لو عشت في دواير كتير قوي وفضلت فاكر تفاصيلها...يمكن عشان كده ربنا خلقنا بننسى...عشان لو مانسيناش...ماحدش أصلا هايغلط."
ـــــــ محمد صادق
وأنا مش عايزة ألف في دواير "أنا ليه عملت في نفسي كده" طول عُمري.
ليه مينفعش بكل بساطة نقرر إننا هنتولد من جديد ونبدأ حياتنا من الأول؟
وهو الواحد بيسمع ايه وهو موجوع؟ = هو الواحد بياخد دوا ايه لما يكون عيان؟

خلينا نعترف إننا كان نفسنا نكون هي، بس حظنا طلع وحش أوي وبقينا احنا.

...

"-مالك؟
-تعبان.
-حاسس بإيه؟
-مش عارف."


...

مش هنعرف نعيش على الكرة الأرضية أكتر من خمس ساعات واحنا معندناش أكسجين الإرادة يا علي. خليني أتفلسف شوية كمان وأحكيلك عن القطة اللي طلعت فوق الشجرة ومعرفتش تنزل وفضلت مستنية حد ييجي ينزلها، وبتفكر نفسها كل شوية إنها هي اللي طلعت فوق بنفسها، والشجرة قعدت تكبر وتطول يا علي والمستحيل بقى بالنسبة لها مستحيل أكتر، لو فيه درجات من المستحيل، زي درجات الموت اللي مبتعترفش بيها قواعد النحو في العربي وبيستثنوها من قاعدة أفعل.
المُهم دلوقتي، هننزل إزاي؟

خلينا نكتب إننا بنقول أكتر بسُكاتنا، وإن اللي المفروض يكونوا هنا وبسمعونا هم اللي أغبيا واننا بنكره غبائهم ده.
أو خلينا نواجه نفسنا بأننا إحنا اللي أغبيا يا هناء، احنا عيشنا كتير ومعرفناش نتكعبل بالصدفة في واحد بس في البلد دي يعرف يطبطب علينا، أو يطمنا بكلمتين، بدل ما احنا قاعدين نكلم نفسنا ومش عارفين نهرب فين من بُعبُع الفشل وألزهايمر وصورتنا واحنا عواجيز قاعدين لوحدنا في دار مسنين مش عارفين عن العالم أكتر من اللي كنا عارفينه واحنا عندنا سنة واحدة.

...

مشهد "سبونج بوب" وهو بيقول "أستطيع أن أعُّد على الأقل ثلاثة أصدقاء" وبيعمل بإيديه تلت صوابع، ويسكت شوية، ويجيب قلم يرسم بيه وشوش على التلت صوابع ويقول "ها هم أصدقائي" ده مشهد في قمة البؤس اللي في العالم.
انتوا التلاتة فعلًا اصحابي، وانتوا مش موجودين كده.

"عيب كمان تقولي أي."


...
وإلى التلاتة اللي على أرض الواقع أصحابي فعلًا:

كوني طلبت منك متكلمنيش لحد نهاية العالم أو نهاية الإمتحانت أيهما أقرب، ده لأني شايفاكي سخيفة لأقصى درجة وانتي بتهزري وأنا هأنفجر ذاتيًا من الكآبة والحزن. ينفع تضحكي وانتي بتصلي طيب؟ متقوليش طريقتك كده. زي ما قدسية الصلاة ليها إحترامها، قدسية الحزن برضه ليها إحترامها.
وإن مكنتيش واخدة بالك، أنا رميت العالم كله ورا ضهري وعملت قوية، وجريت عليكي أكلمك علشان تواسيني وتهوني عليا، وعلشان نسرق ساعة من الزمن سوا وأحكيلك عن وجعي اللي حفظتيه، بس مبعرفش أحكي عن وجعي مع حد غيرك.

كوني مرديتش عليكي لما بعتيلي رسالتك الأخيرة، ديأحسن حاجة عملتها. أنا كنت كتبت بالفعل رد من أسخف الردود اللي ممكن يكتبها إنسان في الدُنيا. ومسحته ومبعتوش رفقًا بيكي.
وانتي كمان ليكي نفس الكلام.

...
هو أنا ليه مينفعش أموت دلوقتي؟