الخميس، 27 مارس 2014

احتراقات ورق ودموع حبر




كعـروسة مـاريونت تمتـلك صفـرًا من الإرادة .. مزقّت كل خيـط يتحكـم فيهـا .. فوجـدت أنهـا لا تقوى علـى الحركـة .. سـاكنة .. تمتلـك صفرًا من الإرادة، وصفـرًا من الأمل.
أفتقدك كمـا لو أنك غائب، بالرغـم من أن الغياب شرطه سبق الحضور.
هم لا يدركون أن ما تبقى من إنسانيتك يبقيك بالكاد على قيد الحياة، يتوقعون منك الكثير، أو حتى القليل، لكن كل ما تستطيع أن تصدره للعالم هو الألم والحسرة .. والخذلان.

الهروب غير مفيـد على الإطلاق، إنه كما المسكنـات للألم. الألم مازال هناك، أنت فقط لا تشعر بـه الآن -على الأقل-.
وكمـا كثرة المسكـنات تضعفـك، كثرة الهروب تفعـل.


ربما أبتعد أنا، كي تقترب أنت.
قد تقطعت بيننا أواصر المحبة وإني لا أدري كيف تُعالج مثل تلك الحالات، لا أدري.
ها هي كُل تلك المشكلات، كل الضيق الذي يجتاحني حين تبدأ بالغياب، كل تلك الدموع التي تروي وسادتي ليلًا، أو نهارًا –فإنهما سواء في عُزلتي، حين أنزوي عن العالم في ركن صغير يسمى غرفتي- وها أنا أجمع كل ذلك وألقيه بعيدًا، بعيدًا جداً. فهل تعود؟

 كانت تصر السيدة أم كلثوم في سؤالها عليه "لسه فاكر؟" وأنا أتوه وأتوه ثم أعود لأجدها تلح عليه بالسؤال أكثر.
كانت أوراق حياتي بين يديّ، تمتلىء حبرًا سطر كلمات مرت على عقلي يومًا، وقررت أنا أن أحتفظ بها حبرًا على صفحات بيضاء، قد دنستها أحزاني، ولكن على سوء العادة وما تُسببه لي من ألم، لازلت أحتفظ بها، وأصر عليها إصرار السيدة أم كلثوم في سؤالها له، أستمر في تدوين أحزاني، والإسهاب في وصفها، فربما يأتي يومٌ، وتصبح الحكايات مجرد حكايات، عن زمن قد أُفنى، ولن يستحدث.

 أجمل الكُتب عزيزي هي تلك التي تُلهب عقلي بالكلمات، فلا أنتبه إلا وأنا أكتب ما لا أعرف من أين أتى، وهل كان يسكن بالي منذ حين؟ مثل تلك الكُتب أتمهل في قراءتها قدر إستطاعتي، فأعيش معها وتعيش فيّ، أو ربما تُحييني.

 كنت في كل كبوة دائمًا ما أفقد الأمل في العودة إلى كياني الصامد القادر على المواجهة من جديد، كنت دائمًا ما أفقد الأمل وتندثر صور الكون خلف حدود كآبتي فلا أرى سوى إنعكاس صورتي الضعيفة في مرآة غرفتي. ولكنني كنت أعود، فأقف، فأواجه، فأصمد، ثم أنكسر، فأنزوي، فأنعزل، فأكتئب، فأفقد الأمل في العودة إلى كياني الصامد القادر على المواجهة من جديد. هكذا تسير الامور في كل مرة.

 أعرف أنه حين يأتي، ذلك الجميل الذي لم يأتي بعد، سأكون أنا غير أنا التي تكتب تلك الكلمات. وبقدر ما انتظرته طويلًا سيكون جميلًا، جداً.

 هل ترى الناس يرقصون فوق أرض الخيال على أنغام أغنياتهم المفضلة كما أفعل أنا؟ أيشتركون معي في نفس الخطوات أو التحليق في مكان واسع وسع قلوب المحبين؟ لم أفهم يومًا معنى أن تُفهم الأنغام، لم تُخلق الأنغام لتُفهم، إنها تخاطب روحك وحسب، لترقص هي صعوداً وهبوطًا فوق السلم الموسيقي. لا تختزل الحياة في كونك جسدًا، فهناك .. في مكان ما بداخلك .. روحًا تتوق للحياة.

 أتعجب كيف وأنني أنا قد أوشكت على إتمام الربع قرن بعد قليل من السنوات، لا أزال لا أجد ما يدل على إنني قد مررت من هنا، وجل ما أخشى أن أرحل من هنا وقد ضاعت سنون عمري بغير رجعة دون أن أحياها حقًا. أترى ستسنح لنا الفُرصة أن نبني حياتنا على مرأى ومسمع من البشر؟

أسوأ ما في النوم أنه ينتهي، وأسوأ ما في الحياة أنها تبدأ.

لكنني لن أنتظر، أيًا كانت النتيجة فلتكن، الإنتظار يجعل الأمور أسوأ.
 ولازلت انا كلما أقرأ كلمات قد كُتبت على غير وعي مني، كُتبت بيداي، لكنني لم أعرف أنها هناك، بدداخل عقلي، كلما أعدت قرأتها علىّ أكتشف ذاتي وأقطع شوطًا لا بأس به في طريق فهمي لذاتي، أو ربما في الإتجاه المعاكس، لا أدري.

23-11-2013

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق